الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 23

أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 23

فتبيّن في هذه الصلة أمور :
الأوّل : أنّ لفعل الصلاة كذكرها ، سرّا ، وأنّ الإنسان كون جامع للحضرات بأسرها ، وأنّ تأويل القيام حال الصلاة هو الإعلام بالاستقامة تجاه أيّ عدوّ .

الثاني : أنّ من أحيا كلمة اللَّه فهو قائم وإن كان قاعدا ، ومن قصّر في إحيائها فهو قاعد وإن كان قائماً .
الثالث : أنّ القيام إنّما هو تمثّل للحالة الَّتي بها يقدر المؤمن على الذبّ عن الوليّ ، أو الصول على العدوّ .
الرابع : أنّ القائم بأمر اللَّه تتنزّل عليه الملائكة المبشّرة الَّتي قد يمكن أن يشاهدها السالك على صراط الاستقامة .
الخامس : أنّ سرّ القيام منزّه عن الحالة الجسميّة ، كما أنّ القيام بمعنى : تحمّل أعباء الامتثال منزّه عنها وإن لم يخل من حالة ما بدنيّة .

السادس : أنّ خشوع القلب يتجلَّى في الجوارح ، لأنّها أمته ، وهو – أي : القلب – إمامها .
السابع : أنّ رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله – إذا كثرت همومه فإنّه يمسّ لحيته في الصلاة .
الثامن : أنّ الركوع وكذا السجود تمثّل للانقياد للَّه تعالى ، وأنّ ما كان قياما لمحاربة عدوّ اللَّه فهو بعينه قعود وانخفاض لدى اللَّه سبحانه ، إذ كلّ قوّة بالقياس إليه تعالى ضعف ، كما أنّ القعود للَّه قيام على عدوّه .
التاسع : أنّ الاهتمام بالركوع وكذا السجود قد أوجب أن يؤمر بهما كما يؤمر بالصلاة ، وأنّ ذكر الركوع وكذا السجود مناسب لفعلهما .

العاشر : أنّ السجود وتعدّده تمثّل للبدء من التراب ، والعود فيه ، والنشور منه .
الحادي عشر : أنّ المناجي ربّه لا ينساه في حال من الأحوال ، فلذا يذكره قائماً وقاعدا ومضطجعا .
الثاني عشر : كما أنّ مدّ العنق واعتدال الظهر في الركوع تمثّل للانقياد التامّ كذلك الذكر الندبيّ المأثور في الركوع شاهد له .
الثالث عشر : أنّ ميز السجود عن الركوع بعد اشتراكهما في أصل التذلَّل هو : أنّ السجود لكونه أخفض فهو معدّ لأن يكون العبد أقرب من مولاه .

الرابع عشر : أنّ الاهتمام بالسجود قد أورث أن يسمّى مكان الصلاة بالمسجد دون غيره من الأجزاء ، وأنّ المسجد هو المبدأ للإسراء أوّلا ، وللمعراج ثانيا .
الخامس عشر : أنّ للسجود أثرا يهمّه الشرع بالتعرّض له دون غيره من أحوال الصلاة ، وأنّ اللَّه سبحانه كرّم آدم بأمر الملائكة بالسجود له ، كما أنّه نهى عن السجود لغيره تعالى ، وأنّ السجود – كما تقدّم – تمثّل للمعاد قبال الاستدلال له ، والاستشهاد عليه .

السادس عشر : أنّ لطول السجود إعانة للشفيع ، وأثرا في دخول الجنّة ، كما أنّ
لكثرته أثرا هامّا في حطَّ الوزر ، وهكذا له أثر في الحشر مع الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله .
السابع عشر : أنّ آثار السجدة الطويلة والكثيرة كانت مشهودة بين عيني السجّاد عليه السّلام .
الثامن عشر : أنّ اللَّه سبحانه قد اتّخذ إبراهيم خليلا له لطول السجود وكثرته .
التاسع عشر : أنّ الصادق – عليه السّلام – قد طال في سجوده ، وأنّ السجود منتهى العبادة ، وأنّ المؤمن ينبغي أن يتّسم بالسجود ، ويكره أن تكون جبهته جلحاء ، وأنّ الشيعة هم الَّذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود .
الموفي عشرين : أنّ مسجد المصلَّي يضيء لأهل السماء ، وأنّ الساجد قد جعل له نور يمشي به في الناس .
الصلة الخامسة في سرّ القنوت والتشهّد والتسليم و .

لا ريب في أنّ النظام التكوينيّ إنّما هو على الطاعة والهداية ، ولا مجال للعصيان والضلالة فيه ؛ لأنّ زمام كلّ موجود تكوينيّ إنّما هو بيد اللَّه سبحانه ، وهو تعالى على صراط مستقيم ، وكلّ ما كان زمامه بيد من هو على الصراط السويّ فهو مهتد البتّة ، ويستفاد ذلك من قوله تعالى * ( « ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » ) * « 1 » لدلالته على الأصلين المذكورين ، وحيث إنّه لا مجال للتمرّد في التكوين يكون كلّ موجود ممكنا فهو يأتي ربّه طائعا ، كما يدلّ عليه قوله تعالى * ( « فَقالَ لَها وَلِلأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ » ) * « 2 » . والذي يشاهد من الضلالة والغواية فإنّما هو في التشريع ، حيث إنّ المكلَّف مختار في طيّ السبيل السويّ أو الغويّ ، وإنّما العبادة – سيّما الصلاة – قد شرّعت لتطابق النظامين ، وقد شرّع في الصلاة أحوال تمثّل النظام التكوينيّ من الطاعة والهداية .

شاهد أيضاً

الجهاد – طريقة العمل

طريقة العمل                                  * العمل  طبق التكليف والأحكام الشرعية                                * كسب محبة الشعب ...