الرئيسية / شخصيات اسلامية / أنساب الأشراف 14

أنساب الأشراف 14

115 – قالوا : واقترع بنو عبد مناف على الرفادة والسقاية ، فصارتا لهاشم بن عبد مناف . ثم صارتا بعده للمطلب بن عبد مناف بوصية . ثم لعبد المطلب ، ثم للزبير بن عبد المطلب ، ثم لأبى طالب . ولم يكن له مال ، فادّان من أخيه العباس بن عبد المطلب عشرة آلاف درهم . فأنفقها . فلما كان العام المقبل ، سأله سلف خمسة عشر ( ألف ) درهم ، ويقال أربعة عشر ألف درهم . فقال له : إنك لم تقضني ما لي عليك / 25 / وأنا أعطيك ما سألت على أنك إن لم تدفع إليّ جميع ما لي في قابل فأمر الرفادة والسقاية إليّ دونك . فأجابه إلى ذلك . فلما كان الموسم الثالث ، ازداد أبو طالب عجزا وضعفا ، ولم تمكنه النفقة ، وأعدم حتى أخذ كل رجل من بني هاشم ولدا من أولاده يحمل عنه مؤنته . فصارت الرفادة والسقاية إلى العباس ، وأبرأ أبا طالب مما له عليه . وكان يأتيه الزبيب من كرم له بالطائف ، فينبذ في السقاية . ثم جعل الخلفاء الرفادة من بيت المال . فقام بالرفادة والسقاية ، بعد العباس ، عبد الله بن عباس ، ثم علي بن عبد الله ، ثم محمد بن علي ، ثم داود بن علي ، ثم سليمان بن علي ، ثم عيسى بن علي . ثم لما استخلف المنصور ، قال : إنكم لا تلون هذا الأمر بأبدانكم ، وإنما تقلدونه مواليكم ، فأمير المؤمنين أحق بتوليته مواليه . فولَّى أمر السقاية ، ونفقة البيت ، وإطعام الحاجّ مولى له يقال له زريق .
116 – وحدثني الحسن بن علي الحرمازي ، عن رجل من قريش ، أنه قال :
كان مما لحقنا من كلام قصى قوله : « العيّ عيان ، عيّ الإفحام ، وعيّ المنطق بغير سدر » . وقوله : « الحسود عدوّ خفى المكان » . وقوله :
« من سأل قوما فوق قدره استحق الحرمان » . وكان بنات قصى : برة تزوّجها عمر بن مخزوم ، وتخمر تزوجها عمران بن مخزوم . وأمهما حبّى بنت حليل .
117 – وقال الواقدي : أنزل قصى قريشا منازلها ، وكان بالبلد عضاه .
فقطعها ، وأذن في قطعها . فاستوحشوا من ذلك فقال : إنكم ليس تريدون الفساد ، إنما تريدون التوسعة وتستعينون على منازلكم . قال الواقدي : ويقال إنهم استأذنوه في قطع الشجر ، فأباه ، فبنوا والشجر في منازلهم . هذا أحسن عندنا من إذن قصى في قطع الشجر ، وأشبه بالحق . قال : ثم اضطروا إلى قطعه ، فقطعوه بعده . وكان عبد الله بن الزبير قطع شجرا في دوره ، أضيقها عليه .
118 – وولد عبد مناف بن قصي
– وتكنى أبا عبد شمس – عمرو بن عبد مناف [ 1 ] وهو هاشم . وأمه عاتكة بنت مرّة بن هلال بن فالج بن ذكوان ، من بنى سليم . وأمها ماوية بنت حوزة بن سلول [ 2 ] . وإنما سمى هاشما ، لأنه هشم لهم الخبز .
حدثني عباس بن هشام بن الكلبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس [ 3 ] ، قال :
أصابت قريشا سنة ذهبت بأموالهم وأقحطوا فيها . وبلغ هاشما ذلك وهو بالشأم . وكان متجره بغزّة وناحيتها . فأمر بالكعك والخبز ، فاستكثر منهما .
ثم حملا في الغرائر على الإبل ، حتى وافى مكة . فأمر بهشم ذلك الخبز والكعك ، ونحرت الإبل التي حملت . فأشبع أهل مكة وقد كانوا جهدوا .
فقال عبد الله بن الزبعرى ( وقال بعضهم الزبعرى ، والأول أصح [ 4 ] :
عمرو العلى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف
وهو الذي سنّ الرحيل لقومه * رحل الشتاء ورحلة الأصياف
وقال وهب بن عبد قصى [ 5 ] :
تحمل هاشم ما ضاق عنا * وأعيا أن يقوم به ابن بيض
فأوسع أهل مكة من هشيم * وشاب الخبز باللحم الغريض
قال ابن الكلبي : ابن بيض رجل من قوم عاد ، كان يقال له ثوب بن بيض ، نزل به قوم فنحر لهم جزورا سدّت طريقا كانت تسلكه إليه في واد .
فقيل : سد ابن بيض السبيل . فذهبت مثلا . ويقال إنّ ابن بيض هذا كان موسرا مكثرا ، وكان قد صولح على خرج ، وجعل على نفسه شيئا لقوم يعطيهم إياه لوقت . فكان يخرج ذلك الشيء ، ويجعله في فم شعب كان يدخل إليه منه . فإذا جاء من يقبض ذلك ، قالوا : سدّ ابن بيض السبيل ، أي قضى ما عليه . وروى عن يونس النحوي البصري أنه قال : يقال للرجل الشريف الواضح النسب / 26 / ابن بيض » ، كما يقال « ابن جلاء » .
119 – وكان هاشم بن عبد مناف صاحب إيلاف قريش الرحلتين ، وأول من سنها . وذلك أنه أخذ لهم عصما من ملوك الشأم ، فتجروا آمنين . ثم إنّ أخاه عبد شمس أخذ لهم عصما من صاحب الحبشة ، وإليه كان متجره [ 1 ] . وأخذ لهم المطلب بن عبد مناف عصما من ملوك اليمن . وأخذ لهم نوفل بن عبد مناف عصما من ملوك العراق . فألفوا [ 2 ] الرحلتين في الشتاء إلى اليمن والحبشة والعراق ، وفي الصيف إلى الشام . فقال الحارث بن حنش السلمى ، وهو أخو هاشم لأمه عاتكة بن مرة السلمية [ 3 ] : ( 1 / 67 )
إنّ أخي هاشما ليس أخا واحد * والله ما هاشم بالناقص الكاسد
والخير في ثوبه وحفرة اللاحد * الآخذ الألف والوافد للقاعد
وقال العجير السّلولى :
نحن ولدنا هاشما والمطلَّب * وعبد شمس نعم صنو المنتجب
وقال مطرود بن كعب الخزاعي [ 1 ] :
يا أيها الرجل المحوّل رحله * هلَّا نزلت بآل عبد مناف
هبلتك أمك لو نزلت عليهم * ضمنوك من جوع ومن أقراف
الآخذون العهد من آفاقها * والراحلون لرحلة الإيلاف
والمطعمون إذا الرياح تناوحت * حتى تغيب الشمس في الرجّاف
والمفضلون إذا المحول ترادفت * والقائلون هلم للأضياف
والخالطون غنيهم بفقيرهم * حتى يكون فقيرهم كالكافي
120 – حدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن جده وابن خربوذ وغيرهما ، قالوا :
لما صارت الرفادة والسقاية لهاشم ، كان يخرج من ماله كل سنة للرفادة ما لا عظيما ، وكان أيسر قريش ، ثم يقف في أيام الحج فيقول : « يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في موسمكم هذا زوّار الله تبارك ذكره يعظمون حرمة بيته ، وهم أضيافه وأحق الناس بالكرامة . فأكرموا أضيافه وزوّار كعبته ، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح قد أزحفوا [ 2 ] ، وتفلوا ، وقملوا ، وأرملوا . فأقروهم ، وأغنوهم ، وأعينوهم » . فكانت قريش تترادف على ذلك ، حتى إن كان أهل البيت ليرسلون إليه بالشيء على
قدرهم فيضمه إلى ما أخرج من ماله وما جمع مما يأتيه به الناس . فإن عجز ذلك ، أكمله .
121 – حدثني عباس بن هشام ، عن أبيه هشام بن محمد ، قال :
كان أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ذا مال . فتكلف أن يفعل كما
فعل هاشم في إطعام قريش ، فعجز عن ذلك . فشمت به ناس من قريش وعابوه لتقصيره . فغضب ، ونافر هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة ، وعلى الجلاء عشر سنين . وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي ، وهو جدّ عمرو بن الحمق ، وكان منزله عسفان . وكان مع أمية أبو همهمة بن عبد العزى الفهري ، وكانت ابنته عند أمية . فقال الكاهن : « والقمر الباهر ، والكوكب الزاهر ، والغمام الماطر [ 1 ] ، وما بالجوّ من طائر ، وما اهتدى بعلم مسافر ، في منجد وغائر ، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر ، أول منها وآخر ، وأبو همهمة بذلك خابر » . فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعم لحمها من حضر . وخرج أمية إلى الشأم فأقام ( بها ) عشر سنين . فتلك أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية . وقال الأرقم بن نضلة يذكر هذه المنافرة ويذكر تنافر عبد المطلب وحرب بن أمية :
لما تنافر ذو الفضائل هاشم * وأمية الخيرات نفر هاشم
وقال أيضا [ 2 ] :
/ 27 / وقبلك ما أردى أمية هاشم * فأورده عمرو إلى شر مورد
122 – وولد عبد مناف ، سوى هاشم ، عبد شمس بن عبد مناف ، والمطلب ويدعى الفيض . وفيه يقول مطرود الخزاعي حين مات [ 3 ] :
قد سغب الحجيج بعد المطلب * بعد الجفان والشراب المنثعب
وأم هاشم وعبد شمس والمطلب : عاتكة بنت مرّة بن هلال بن فالج بن
ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور . ونوفل بن عبد مناف ، وأبا عمرو واسمه عبيد درج ، وأمهما واقدة بنت أبي عدى ، من بنى مازن بن صعصعة ابن معاوية . وكان يقال لهاشم والمطلب « البدران » . وكان لعبد مناف من
البنات ، من عاتكة : تماضر ، تزوجها عبد مناف بن عبد الدار ، وحيّة ، تزوّجها عمرو بن ظويلم ، أحد بنى دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر ، وقلابة ، تزوّجها عبد العزى بن عامر الفهري ، وهالة ، وهي أم الأخثم ، وفي الأخثم يقول الشاعر :
أبشر بخير حين تلقى عامرا * نشوان يبرق وجهه كالدرهم
لما رآني عاريا ذا خلة * ألقى عليّ رداءه ابن الأخثم
تزوّجها عمرو بن خالد بن أمية بن ظرب الفهري ، ويقال تزوّجها خالد ابن عامر بن أمية بن ظرب ، وبرّة ، تزوّجها سبع بن الحارث الثقفي ، وريطة بنت عبد مناف ، وأمها النافذة ، تزوّجها هلال [ 1 ] بن معيط بن عامر الكناني .
وقال مطرود بن كعب الخزاعي في ولد عبد مناف [ 2 ] :
يا ليلة هيّجت ليلاتي * إحدى ليالي القسيّات
إنّ المغيرات وأبناءهم * لخير أحياء وأموات
أخلصهم عبد مناف فهم * من لوم من لام بمنجاة
قبر بردمان وقبر بسل * يمان وقبر عند غزّات
وميت مات قريبا من ال‍ * حجون عن شرق البنيّات
يعنى بالمغيرات ولد المغيرة ، وهو عبد مناف ، كما قال النابغة [ 3 ] :
شاق الرفيدات من عودي ومن عمم * وماش من رهط ربعي وحجاز
يريد ولد رفيدة بن ثور بن كلب ، وعودي وعمم ابنا نمارة بن لخم ، وربعي وحجاز من ولد الحارث أخي عذرة بن سعد : ربعي بن عامر ، وحجاز بن
مالك . وأما ردمان ففي ناحية اليمن ، وسلمان في طريق العراق ، وغزّة بالشأم .
فالذي بردمان ، المطلب ، والذي بسلمان ، نوفل ، والذي بغزّة ، هاشم ، والذي مات بمكة ودفن بقرب الحجون ، عبد شمس . وقال مطرود أيضا [ 1 ] :
كانت قريش بيضة فتفلَّقت * فالمحّ خالصة لعبد مناف
فحدثني الوليد بن صالح ، عن الواقدي ، عن يزيد بن عياض ، عن يزيد بن أسلم ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع جارية تنشد :
كانت قريش بيضة فتفلقت * فالمحّ خالصه لعبد الدار
فقال صلى الله عليه وسلم لأبى بكر : يا أبا بكر أهكذا [ 2 ] قال الشاعر ؟
قال أبو بكر : لا ، إنما قال : « لعبد مناف » . قال : كذلك قال .
123 – ومات هاشم بغزّة من بلاد الشأم ، فقبره بها . وقدم بتركته ومتاعه أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس ، من بنى عامر بن لؤي . وكان لهاشم يوم مات خمس وعشرون سنة . وذلك الثبت . ويقال عشرون سنة . وقال مطرود يرثيه [ 3 ] :
مات الندى بالشأم لما أن ثوى * فيه بغزّة هاشم لا يبعد
لا يبعدن ربّ الفناء نعوده * عود السقيم يجود بين العوّد
/ 28 / فجفانه رذم لمن ينتابه * والنصر منه باللسان وباليد
وقال أبو عبيدة : أم هاشم والمطلب وعبد شمس بنى عبد مناف : عاتكة
بنت مرّة ، وأمها سلولية . وأم نوفل بن عبد مناف : واقدة بنت أبي عدى ، من بنى مازن بن صعصعة . وهي أم أبى عمرو ، واسمه عبيد بن عبد مناف ، درج .
نسب بني هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب : :
124 – فولد هاشم بن عبد مناف ( ويكنى أبا نضلة ) شيبة الحمد . وهو عبد المطلب . وكان سيد قريش حتى هلك . وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد ابن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، من الأنصار .

شاهد أيضاً

20-21-22-23-24 صلوات الليالي ودعوات الايّام في شهر رمضان

صلوات اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه ...