الرئيسية / بحوث اسلامية / شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين5

شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين5

قال رسول الله ( ص ) : ( إن الله تبارك وتعالى أمر يحيى بن زكريا
بخمس كلمات ، أن يعمل بها ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها . وأنه
كأنه كاد أن يبطئ بها . فقال له عيسى عليه السلام : إن الله أمرك بخمس كلمات
أن تعمل بها ، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ، فأما أن تأمرهم بها
وإما أن آمرهم أنا بها . فقال يحيى : أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي
أو أعذب . . فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجد وقصدوا على الشرف
فقال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وأن آمركم أن تعملوا
بهن ، أو لهن أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، فإن مثل من أشرك بالله
كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ، وقال : هذه داري
وهذا عملي فاعمل وأد إلي . فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده ! فأيكم يرضى
أن يكون عبده كذلك ؟ .

وإن الله تعالى أمركم بالصلاة ، فإذا صليتم فلا تلتفتوا ، فإن الله ينصب
وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت .
وأمركم بالصيام ، فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها
مسك كلهم يعجبه ريحها ، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
وأمركم بالصدقة ، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يديه
إلى عنقه ، وقدموه ليضربوا عنقه ، فقال : أنا أفدي نفسي منكم بالقليل
والكثير ، ففدى نفسه منهم .

وأمركم أن تذكروا الله ، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في
أثره سراعا ، حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم . وكذلك العبد
لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى .
* * *

( الله والطبيعة )
( قال لي أحدهم وهو يجادلني : أنت لست حر الفكر .
قلت : لماذا ؟
قال : هل تؤمن بوجود إله ؟
قلت : نعم . قال : وتصلي له وتصوم ؟ قلت : نعم . قال : إذن
فلست حر الفكر . .
قلت مرة أخرى : ولماذا ؟ قال : لأنك تؤمن بخرافة لا وجود لها .
قلت : وأنتم بماذا تؤمنون ؟ من الذي خلق الكون والحياة ؟ قال :
الطبيعة .

قلت : وما الطبيعة ؟ قال : قوة خفية ليس لها حدود ، ولكن لها
مظاهر يمكن أن تدركها الحواس .
قلت : أنا أفهم أن تمنعني من الإيمان بقوة خفية لتعطيني بدلا منها
قوة معلومة . ولكن إذا كانت المسألة قوة خفية بقوة خفية ، فلماذا تأخذ
مني إلهي الذي أجد الأمن والراحة والسلام في الإيمان به لتعطيني بدلا منه
إلها آخر لا يستجيب لي ولا يسمع مني الدعاء .
تلك هي قضية حرية الفكر لدى التقدميين . حرية الفكر تعني الإلحاد
وإذ كان الإسلام لا يبيح الإلحاد ، فهو إذن لا يبيح حرية الفكر ) . ( 1 )
فلنتبسط في المسألة وغايتنا في هذا الكتاب أن نختصر حيث أسهبوا ،
ونسهب حيث أوجزوا أو أهملوا .

فنقول :
يلزم على من ينكر وجود الباري جل شأنه أن يكون له إلمام بنواميس
العلم وقوانين الحجة وموازين الاستدلال ، لا من الجديديين ، الذين غاية
حجتهم كتب السر فلان ، وخطب المسيو فلان ، وقال الدكتور فلان وذكرت
جريدة المقتطف ، ونقلت مجلة الهلال .
ولا يعرف من مقابلة الحجة الواضحة إلا أن يقول : هذه حجة من العقل
العتيق ، شعوري المتنور لا يقبلها هذا عصر الرقي والتنور ، لا أعرف الإمكان
والامتناع والواجب ، ولا الدور والتسلسل . هذه خرافات قديمة ، الشعور
الراقي لا يحتاج في حجته إلى موازين الاستدلال . فاللازم على المنكر أن
يكون من أهل العلم يراعي في كلامه شرف فضيلته .
إن حجة المنكرين لواجب الوجود ( جلت عظمته ) أن قالوا :
( إن العلم العصري لا يسمح لنا بأن نؤمن بوجود غير منظور ) .
فليسمح لي أصحابي بأن أقول كلمتي الذهبية ، وليسمح السادات
بالالتفات إلى إحساسي في نظريتي .

ها هي كلمتي ونظريتي ، تهتف بها إحساساتي المتنورة ، وحرية وجداني
إن هذه الكلمة مما يتبرأ منها العلم العصري ، وشرف الإنسانية .
كيف يقول ذلك إنسان ، أوليس جميع العالم مذعنا بوجود القوة
الكهربائية ، فهل هي منظورة ؟ أو ليست مشاهدة أعمالها وآثارها في
الجذب والدفع والتحريك كافية في الإذعان بوجودها ، مع أن العلم لم يأخذ
قراره في ماهيتها ، ففي القديم أنها كائن مقابل للمادة ، كامن فيها يهيج
بأحد الهيجات المقررة ، وفي الجديد أنها مرتبطة في المبدأ بالمادة ، تتولد من
انحلال المادة إليها بأحد الأسباب المقررة ، كما أنها تتكاثف وتكون مادة .
هل ينكر أحد وجود النفس للحيوان ، فهل هي منظورة ، أو ليست
أعمالها الحيوية الشعورية تجبر الإنسان على الإذعان بوجودها ، بعد أن يرى
أن الجسم الذي تفارقه لا تأتي منه هذه الأعمال ، بل يكون كسائر الجمادات
وإن خفي على العلم كنه النفس فتشعبت فيها الأقوال .

 

https://t.me/wilayahinfo

شاهد أيضاً

 كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وآخر التطورات والمستجدات

 كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وآخر التطورات والمستجدات 13 جمادى ...