الرئيسية / الاسلام والحياة / الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني11

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني11

11

….. كلها ، وأنت الضعيف الحقير ، ومن يؤويك وقد بارزته وحاربته ، فلا مفرّ لك منه إلا إليه { ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين } . الذاريات/50
وكلّ من خاف من أحد هرب منه إلا الخائف من الله فإنه يهرب إليه ، فإن أنت هربت إليه عزّ وجلّ فاستمع لما رواه الصادق (ع) عن جده رسول (ص) عن الله عزّ وجلّ أنه يقول:
لا أطلع على قلب عبدٍ ، فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي ، وابتغاء وجهي ، إلا تولّيت تقويمه وسياسته . الجواهر السنية : 133

وعن النبي (ص) عن الله عزّ وجلّ قال:
إذا علمت أن الغالب على عبدي الاشتغال بي ، نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي ، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو ، أولئك أوليائي حقاً ، أولئك الأبطال حقا ً، أولئك الذين إذا أردت أن أهلك أهل الأرض بعقوبة زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال . البحار : 90/162

انتهى هذا الحديث الشريف ، أنظر إليه كيف اشتمل آخره على أن الله كيف يدفع العقوبة والهلكة عن أهل الأرض بوجود أولئك الأولياء ، فنفس وجودهم صدقة عن العالم ، حيث كان باعثاً على حفظهم من الهلكة.

وبالجملة فهذا العالم مرتبط بعضه ببعض ، وهو بمنزلة الشخص الواحد إذا دخل ألم في عضو من أعضائه سرى إلى الكل ، فإذا نزل ذلك الألم عن ذلك العضو فقد أراح الكل من ذلك الألم.

وورد في الحديث أن العبد إذا حمد الله شمله ذلك الدعاء من كل المصلين ، لأن المصلين يقولون: ( سمع الله لمن حمده ). الوسائل : 4/2
فانظر إلى العبد كيف ارتبط بكل المصلين في العالم ، ودخل تحت دعائهم بكلمة واحدة.
كذلك من عمل عملاً باتقان ، دخل تحت دعاء النبي صلى الله عليه وآله بقوله: رحم الله من عمل عملاً فأتقنه . كنز العمال : 9128

ولا ريب أنّ دعاء النبي (ص) مستجابٌ ، ومن أدركته الرحمة من الله نجى من الهلكة.
ومن في هذا العصر يتمنون ويشتاقون أن يكونوا في عصر النبي (ص) حتى تدركهم منه دعوة ، ويتخيلون أن هذا أمر قد فات ، ولا تدارك له ، وهو اشتباه ، فإنّ تعرضهم لدعاء النبي (ص) ووصوله إليهم ممكن في هذا العصر بأيسر وجه كالذي قلنا:
من عمل عملاً بإتقان ، فيدخل تحت دعاء النبي صلى الله عليه وآله بالرحمة.
ومن كان يصوم يوما من شعبان مثلاً ، فيدخل تحت دعاء النبي (ص) بقولـه: شعبان شـهري ، رحـم الله من أعـانني على شـهري . الوســائل : 10/492

وحاشا النبي صلى الله عليه وآله أن يحرم أهل هذا الوقت من بركات دعائه الشريف ، بل وقد وضع أدعية شريفة لأهل عناوين عامة ، فمن شاء أدخل نفسه تحت عنوان من تلك العناوين الشريفة ، فيشمله ذلك الدعاء المستجاب.

أنظر إلى نفسك يا أخي كيف عرّضك لرحمته بالدخول تحت هذه العناوين الشريفة ، التي هيأت لك لأن تدخل نفسك فيها ، وأنت بغفلتك وتغافلك تريد أن تدخل نفسك تحت عناوين خبيثة ، يتوجّه إليك كل من في العالم بالدعاء عليك.
فإنه من كدّر مؤمناً من المؤمنين كدّر رسول الله (ص) لذلك ، ثم عليا (ع) ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم الأئمة (ع) ، ثم من في العالم كلّه ، فيضجّ عليـك العالم ضجة واحـدة: كـدّرك الله كما كدّرتنا . الكافي : 1/90..

فيا أخي !.. شأنك عظيم ، وخطرك جسيم ، وأنت بين حالتين في كل أطوارك وأحوالك : إما أن تُقبل على الله ، أو تعرض عنه (3) …..

(3) إنّ هذا المعنى من المعاني التي لو استوعبها العبد على حقيقته ، لأحدث تغييراً جوهرياً في حياته ، إذ أنّ النفس قد تحدّث صاحبها بالتسويف ، لكون العذاب الإلهي في الآخرة أمراً مؤجّلاً ..ولكن كيف يهمل الإعراض الإلهي المعجّل عند المعصية .. فهذا إمامنا السجاد (ع) يقول لأهله بعد أن سقط ولدها في البئر والإمام (ع) مقبلٌ على صلاته : لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني ، فمن ترين أرحم بعبده منه ؟.. ( دلائل الإمامة ص198 ) .. وهذه حقيقةٌ واضحةٌ عند الخواص وهي أنّ الإعراض الإلهي أشدّ إيلاماً للعبد من عقوبة البدن ..( المحقق )

…..فإن أقبلت عليه أقبل هو عليك ، وإن أعرضت عنه أعرض عنك ، وأعرض لأعراضه عنك كل شيء ، وأنت بينهما لا تنفك عنهما.
فيا من هو على المقبلين عليه مقبل ، وبالعطف عليهم عائد متفضّل ، أرزقنا اللهم التوفيق لما يوجب دوام الإقبال عليك ، ودوام إقبالك علينا ، وحسن أدبنا بين يديك ، إنك أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد خير خلقه وآله الطيبين الطاهرين.

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...