الرئيسية / من / الشعر والادب / الشواء الكوفي الحلي

الشواء الكوفي الحلي

(58)
الشواء الكوفي الحلي
ولد: 562 تقريبا
توفي: 635

ضمنت لمن يخاف من العقاب * إذا والى الوصي أبا تراب
يرى في حشره ربا غفورا * ومولى شافعا يوم الحساب
فتى فاق الورى كرما وبأسا * عزيز الجار مخضر الجناب
يرى في السلم منه غيث جود * وفي يوم الكريهة ليث غاب
إذا ما سل صارمه لحرب * أراك البرق في متن السحاب
وصي المصطفى وأبو بنيه * وزوج الطهر من بين الصحاب
أخو النص الجلي بيوم خم * وذو الفضل المرتل في الكتاب (1)
* (الشاعر) *
أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن الحسين بن إبراهيم المعروف بالشواء الملقب بشهاب الدين الكوفي الحلبي مولدا ومنشئا ووفاتا.
هو من بواقع الشعر والأدب، ولقد أتته الفضيلة من هنا وهناك، فرأي مسدد، وهوى محبوب، ونزعة شريفة، وقريض رائق، وأدب فائق، وقواف ذهبية، وعروض متقن، فأي أخي فضل يتسنم ذروة مجده؟ وتلك نزعته وهذه صنعته، ترجمه زميله ابن خلكان في تاريخه 2 ص 597، وله ذكره الجميل في شذرات الذهب 5 ص 178، و تاريخ حلب 4: 397، وتتميم أمل الآمل للسيد ابن شبانة، ونسمة السحر فيمن تشيع
____________
(1) الطليعة في شعراء الشيعة ج 2 مخطوط للعلامة السماوي: وتوجد منها ثلاثة أبيات في تاريخ ابن خلكان.

وشعر، والكنى والألقاب 1: 146، والطليعة في شعراء الشيعة، ونحن نذكر ما في تاريخ ابن خلكان ملخصا قال:
كان أديبا فاضلا متقنا لعلم العروض والقوافي، شاعرا يقع له في النظم معان بديعة في البيتين والثلاثة، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وكان زيه زي الحلبيين الأوائل في اللباس والعمامة المشقوقة، وكان كثير الملازمة لحلقة الشيخ تاج الدين أبي القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد بن سعيد بن المقلد المعروف بابن الجبراني النحوي اللغوي، وأكثر ما أخذ الأدب منه وبصحبته انتفع. كان بيني وبين الشهاب الشواء مودة أكيدة وموانسة كثيرة ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر فيها الأدب، و أنشدني كثيرا من شعره، وما زال صاحبي منذ أواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة إلى حين وفاته، وقبل ذلك كنت أراه قاعدا عند ابن الجبراني المذكور في موضع تصدره في جامع حلب، وكان يكثر التمشي في الجامع أيضا على جري عادتهم في ذلك كما يعملون في جامع دمشق، وكان حسن المحاورة مليح الايراد مع السكون والتأني، وأول شئ أنشدني من شعره قوله:
هاتيك يا صاح ربا لعلع * ناشدتك الله فعرج معي
وانزل بنا بين بيوت النقا * فقد غدت آهلة المربع
حتى نطيل اليوم وقفا على * الساكن أو عطفا على الموضع
وكان كثيرا ما يستعمل العربية في شعره فمن ذلك قوله:
وكنا خمس عشرة في التئام * على رغم الحسود بغير آفه
فقد أصبحت تنوينا وأضحى * حبيبي لا تفارقه الإضافه
وله في غلام أرسل أحد صدغيه وعقد الآخر:
أرسل صدغا ولوى قاتلي * صدغا فأعيا بهما واصفه
فخلت ذا في خده حية * تسعى وهذا عقربا واقفه
ذا ألف ليست لوصل وذا * واو ولكن ليست العاطفة
وله في شخص لا يكتم السر:
لي صديق غدا وإن كان لا * ينطق إلا بغيبة أو محال
الصفحة 16
أشبه الناس بالصدى إن تحدثه * حديثا أعاده في الحال (1)
وله قوله:
قالوا حبيبك قد تضوع نشره * حتى غدا منه الفضاء معطرا
فأجبتهم والخال يعلو خده * أو ما ترون النار تحرق عنبرا؟
وله قوله:
هواك يا من له اختيال * مالي على مثله احتيال
قسمة أفعاله لحيني * ثلاثة. مالها انتقال
وعدك مستقبل وصبري * ماض وشوقي إليك حال
وله أيضا:
إن كان قد حجبوه عني غيرة * منهم عليه فقد قنعت بذكره
كالمسك ضاع لنا وضاع مكانه * عنا فأغنى نشره عن نشره
وله أيضا في غلام قد ختن:
هنأت من أهواه عند ختانه * فرحا وقلبي قد عراه وجوم
يفديك من ألم ألم بك امرؤ * يخشى عليك إذا ثناك نسيم
أمعذبي كيف استطعت على الأذى * جلدا وأجزع ما يكون الريم؟
لو لم تكن هذي الطهارة سنة * قد سنها من قبل إبراهيم
لفتكت جهدي بالمزين إذ غدا * في كفه موسى وأنت كليم
ومعظم شعره على هذا الأسلوب. وكان من المغالين في التشيع وأكثر أهل حلب ما كانوا يعرفونه إلا بمحاسن الشواء والصواب فيه هو الذي ذكرته هاهنا وأن اسمه يوسف وكنيته أبو المحاسن. ورأيت ترجمته في كتاب (عقود الجمان) الذي وضعه صاحبنا الكمال ابن الشعار الموصلي، وكان صاحبه وأخذ عنه كثيرا من شعره وهو من أخبر الناس بحاله، كان مولده تقريبا في سنة اثنين وستين وخمسمائة فإنه كان لا يتحقق مولده، وتوفي يوم الجمعة تاسع عشر المحرم سنة خمس وثلاثين وستمائة بحلب، ودفن ظاهرها بمقبرة باب أنطاكية غربي البلد، ولم أحضر الصلاة عليه لعذر
____________
(1) الصدى: طير معروف. ما يرده الجبل أو غيره إلى المصوت مثل صوته.
الصفحة 17
عرض لي في ذلك الوقت – رحمه الله تعالى – فلقد كان نعم الصاحب.
وأما شيخه ابن الجبراني المذكور فهو طاءي بحتري من قرية جبرين من أعمال عزاز، وكان متضلعا من علم الأدب خصوصا اللغة فإنها كانت غالبة عليه وكان متبحرا فيها، وكان له تصدر في جامع حلب في المقصورة الشرقية المشرفة على صحن الجامع، وكان مولده يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شوال سنة إحدى وستين وخمسمائة، وتوفي يوم الاثنين سابع رجب من سنة ثمان وعشرين وستمائة بحلب، ودفن في سفح جبل جوشن رحمه الله تعالى. هـ.
قال الأميني: في معجم البلدان 3: 172 نقلا عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي في ديوانه عند أبيات في جوشن قال: جوشن جبل في غربي حلب ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي رضي الله عنه ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزا أو ماء فشتموها ومنعوها، فدعت عليهم فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط، ويسمى مشهد الدكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين رضي الله عنه. هـ.

شاهد أيضاً

رسائل ومقالات – الشيخ جعفر السبحاني

الرسالة الأولى الشيعة الإمامية الاثنا عشرية رسالة موجزة تتناول تاريخ الشيعة الإمامية الاثني عشرية، نشأتهم، عقائدهم، ومنهجهم الفقهي الحمد ...