فارس الحسون
( 1 ) إبراهيم تِمبو
( شافعي / مالاوي )
ولد عام 1977 م بمنطقة ” مانغاش ” في مالاوي ( 1 ) ، نشأ في أسرة مسلمة شافعية المذهب ، وتلقى دراسته الابتدائية في مسقط رأسه .
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) عام 1997 م في عاصمة بلده .
البحث عن الحقيقة في المتاهات :
يقول الأخ إبراهيم : ” كنت منذ طفولتي باحثاً عن الحق ، وكنت أتطلع لاكتشاف الحقيقة ، فكان هذا الأمر قد فتح أمامي آفاقاً رحبة في دنيا النقاش والحوار مع الآخرين ، ولم ينغلق ذهني على الأفكار الجامدة المحدّدة بعينها ، بل كنت أتشوق لمعرفة كل جديد ، وألتقط كل حكمة ظريفة .
كان يطرق سمعي في الأثناء أنّ الحقّ مع المسيحيين ، وأنّ المسيح ( عليه السلام ) هو
المخلص والمنجي ، وأنّه صُلبَ لينقذ البشرية من الخطايا والأوزار ، فقررت أن أبحث في الديانة المسيحية ، فذهبت إلى كنائسهم واستمعت إلى عظات قساوستهم ، ودخلت في مناقشات مستعصية معهم ، لكن كانت النتيجة أنّني لم أقتنع بكثير من عقائدهم وخاصة قولهم بأنّ المسيح هو الله أو هو إبن الله ! ولم يتقبلها عقلي أبداً ، حتى قرّرت الابتعاد عنهم فإنّي لم أجد بغيتي عندهم ولم أجد لنهجهم العقائدي قابلية لا يصالي إلى بارئي .
البحث في دائرة الإسلام والتشيع بالخصوص :
بعد هذا المشوار قلت في سريرة نفسي : لماذا لا أتحقق في دائرة الإسلام وأبحث عن ضالتي فيه الذي هو ديني ؟
ولماذا أبحث عن الحقيقة في متاهات بعيدة ، وأنا بعدُ لم أعرف حقيقة ديني وجوهر عقيدتي ؟ !
فشمرت عن ساعد الجد لدراسة الإسلام ، وخلفت ورائي ما ضاع من عمري وأنا مسلم بالاسم فقط ، تهزني أبسط دعايات المبشرين .
وكانت البداية بأن شرعت بتعلّم اللغة العربية حتى أحسنت قراءة القرآن ، هذا الينبوع الصافي الذي لا بد لكل مسلم أن يقرأه ويتعلمه ويهتدي بهديه .
بعد ذلك سمعت بمذهب إسلامي يدعى بالتشيع ، فاستفسرت عنهم ؟
فقالوا لي : إنّهم كفار ومشركون يعبدون الإمام عليّ ( عليه السلام ) ، ويعبدون القبور ومن فيها ! ، وقال لي آخرون : إنّهم إحدى الفرق الإسلامية التي لها تاريخ طويل وماض عريق !
فتحيرت في أمرهم ودفعني حبّ الاستطلاع لأتعرف عليهم ، فواصلت البحث في هذا المجال ، ولفت انتباهي بأن رأيت مجموعة كبيرة من الشباب تخشى الالتحاق بالمدرسة الشيعية الموجودة في العاصمة خوفاً على أنفسهم من
الضلال والانحراف ! وذلك لتأثرهم بالكلام الذي كان يقال عن الشيعة ، لكنّني توكلت على الله سبحانه وعزمت على الجدّ لأكتشف حقيقة الأمر بنفسي .
وبعد مضي فترة من الدراسة في المدرسة الشيعية تبيّنت لي الكثير من الأمور التي كانت خافية عليّ ، وبدا لي الحقّ الذي كنت أبحث عنه ، وابتسم لي ثغر الحقيقة الذي كنت أتلهف للثمة والارتشاف من رحيقه .
فعرفت أنّ الحقّ مع أهل البيت ( عليه السلام ) ، وأنّ معظم ما كان يقال عن الشيعة لم يكن له صحة في الواقع ، وأنّ ما يتهمونهم به من اشراك غير الله في عبادتهم لا واقع له ، وإنّا لو نظرنا إليهم بعين الإنصاف لوجدناهم من أهل التوحيد الحقيقي والعبادة الخالصة لوجه الله دون غيره ” .
التوحيد والشرك :
إنّ العبادة لا تكون إلاّ لله وحده لا شريك له ، وهذا الأمر هو من ضروريات الدين والمجمع عليه بين كل المسلمين ، فمن عبد غير الله فهو كافر مشرك سواء عبد حجارة الأصنام أو عبد صالح الأنام ، والقرآن الكريم صريح في ذلك .
فالمسلم يقرأ كل يوم في صلاته عشر مرات : ( إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) ( 1 ) ، ويقرأ في سورة التوبة : ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ ) ( 2 ) ، ويقرأ في سورة يوسف : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) ( 3 ) ، ويقرأ في سورة الزمر : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا
يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ
كَفّارٌ ) ( 1 ) ، ويقرأ فيها أيضاً : ( قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي ) ( 2 ) ، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة .
معنى العبادة :
لقد عرّف أهل اللغة العبادة بتعاريف متقاربة ، فقد قال إبن منظور في لسان العرب : ” أصل العبودية : الخضوع والتذلل ” ( 3 ) .
وقال الراغب في المفردات : ” العبودية إظهار التذلل ، والعبادة أبلغ منها ; لأنّها غاية التذلل ، ولا يستحق إلاّ من له غاية الأفضال وهو الله تعالى ، ولهذا قال : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) ( 4 ) ” ( 5 ) .
وقال الفيروز آبادي في القاموس المحيط : ” العبادة : الطاعة ” ( 6 ) .
وتعريف العبادة بالطاعة والخضوع ، أو غاية الخضوع والتذلّل هو تعريف بالمعنى الأعم ; لأنّ احترام الولد لوالده وطاعته له واحترام التلميذ لأستاذه وخضوعه أمامه ، بل تذلّل الجندي أمام قائده كل ذلك لا يعد عبادة مطلقاً مهما بولغ في الخضوع والتذلّل ، فلو قبّل الولد أقدام والديه فلا يدعي أحد أنّ عمله هذا عبادة منه لوالديه ، بل على العكس نجد القرآن يقول : ( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) ( 7 ) .
ومن الأدلّة الواضحة على أنّ الخضوع المطلق لا يعد عبادة ، هو أمر الله سبحانه للملائكة بالسجود لآدم ، وقد قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ ) ( 1 ) فسجدوا لآدم ولم يكن سجودهم عبادة ، لأنّ الله قد نهى جميع الأنبياء من آدم ( عليه السلام ) إلى الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الشرك ،
فقال سبحانه : ( وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّة رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ ) ( 2 ) ، وقال سبحانه : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ) ( 3 ) ، إذن لا بد أن يكون للعبادة مقوّم آخر غير موجود في مثل سجود الملائكة لآدم ، أو سجود يعقوب وولده ليوسف كما في قوله تعالى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ) ( 4 ) .
وكذا أمره سبحانه وتعالى للمسلمين بالطواف بالبيت الذي بُني من الطين والحجارة ، فقال سبحانه : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ( 5 ) ، والسعي بين الصفا والمروة ، بقوله : ( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ) ( 6 ) ، فهل الطواف حول الطين والحجارة والسعي بين الجبال عبادة لها ؟ ! .
أضف إلى ذلك أنّ الله سبحانه أمر باتخاذ مقام إبراهيم مصلى ، فقال : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ( 7 ) ، ولا شك أنّ الصلاة إنّما تكون لله ، لكنّ
إقامتها في مقام إبراهيم – الذي يرى فيه آثار قدميه – هو تكريم لأبي الأنبياء وليس عبادة للمقام .
ومن مجموع ما تقدم يتبيّن أنّ ليس كلّ تكريم وخضوع واحترام هو عبادة ، وإلاّ للزم أن نعتبر جميع البشر بما فيهم الأنبياء ( سلام الله عليهم ) مشركين لأنّهم كانوا يحترمون من يجب احترامه ! .
تعريف العبادة :
قد ذكرت عدّة تعريفات للعبادة ، ويمكن القول بأنّ أفضل هذه التعاريف وأجمعها هو التعريف الآتي : ” هي الخضوع عن اعتقاد بألوهية المعبود وربوبيته واستقلاله في فعله ” ( 1 ) .
ويستفاد من هذا التعريف أنّ للعبادة عنصران مقومان :
1 – خضوع لفظي أو عملي .
2 – عقيدة خاصة تدفع إلى الخضوع .
فالخضوع اللفظي يكون بالكلام الدال على التذلل للمعبود ، والخضوع العملي يكون بعمل خارجي كالركوع والسجود مما يدل على ذلته وخضوعه لمعبوده ، أمّا العقيدة فهي عبارة عن اعتقاد بألوهية المخضوع له واعتقاد بربوبيته واعتقاد باستقلاله في فعله .
الاعتقاد بالإلوهية :
إنّ الاعتقاد بالألوهية لا يكون إلاّ لله ، فإذا كان لغيره يكون شرك ، ويتضح هذا الكلام عندما نعرف أنّ الموحدين والوثنيين جميعاً يعتقدون بألوهية
معبوداتهم سواء كان إلهاً صادقاً أم كاذباً ، كبيراً أم صغيراً ، وهذا المعنى هو المقوّم لصدق العبادة ، وحيث أنّ العبادة لا يستحقها إلاّ من كان إلهاً ، نرى القرآن يؤكد بأنّه لا إله إلاّ الله حتى تتخصص العبادة به سبحانه دون غيره ، فيقول جلّ وعلا : ( الَّذِينَ يَجعَلونَ مَعَ اللهِ إلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلمُونَ ) ( 1 ) ، ويقول تعالى : ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ ) ( 2 ) ، ويقول تعالى : ( وَاتَّخذُوا مِن دُونِ اللهِ ءَالِهَةً لِّيَكوُنُواْ لَهُمْ عِزّاً ) ( 3 ) ، ويقول تعالى : ( أئِنّكُم لَتَشْهَدُونَ أنَّ مَعَ اللهِ ءالِهةً أُخْرَى ) ( 4 ) ، إذن فغير الله لا يستحق العبادة لأنّها من شؤون الإلوهية ومن خصائصه سبحانه لا غير .
ولذا نرى خضوع المحب لمحبوبه لا يعد خضوعاً عن عبادة ، لأنّه لم يصدر عن الاعتقاد بالإلوهية .
معنى الإله في القرآن :
إنّ الآيات الدالة على وحدة الإله صريحة في أنّ المراد من الإله ، هو الخالق المتصرف المدبر الذي بيده أزمّة أمور الكون ، كما في قوله تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَد وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَه إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إلَه بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعضُهُم عَلَى بَعْض ) ( 5 ) ، وقوله تعالى : ( لَو كَانَ فِيهِمَا ءالِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا ) ( 6 ) ، وقوله تعالى : ( قُل لَّوْ كَانَ مَعهُ ءالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابتَغَوْاْ إِلى ذِي الْعَرشِ سَبِيلا ) ( 7 ) .
الاعتقاد بالربوبية :
الربوبية – من الرب – وهي الإصلاح والتدبير والتربية ، والله سبحانه ربّ العالمين ( رَبُ السَّمَواتِ وَالأَرِض ) ( 1 ) ، والعبادة من شؤون الله وحده دون غيره لأنّه سبحانه حصر الربوبية به دون غيره ( إنَّ اللهَ رَبِي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( 2 ) ، و ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) ( 3 ) ، وقول المسيح ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( يبَنيِ إِسرَائيلَ اعْبُدُواْ اللهَ رَبّيِ وَرَبَّكُمْ ) ( 4 ) ، وعليه فالربّ هو من بيده مصير الخاضعين له وشؤونهم الدنيوية والأخروية من وجود وحياة وآجل وعاجل ، والخضوع المقرون بهذا الاعتقاد يضفي عليه عنوان العبادة .
أمّا الاعتقاد باستقلال المخضوع له في فعله ، فيعني كونه قائماً بنفسه لا يفتقر ولا يحتاج إلى غيره ، ومن هذا المنطلق إذا خضع الإنسان لموجود وهو لا يرى الاستقلالية في وجوده وفعله ، فلا يكون خضوعه عبادة لذلك الموجود ، فالعبادة هي الخضوع أمام موجود مع الاعتقاد بأنّه مستقل في ذاته .
الفرق بين التكريم والعبودية :
يستنتج مما تقدم : إنّ الشعائر والطقوس التي يقوم بها شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) ومعظم المسلمين من تعظيم قبور الأئمة والأولياء والصلحاء ليست عبادة لغير الله ، وإنّما هي من مصاديق التكريم والاحترام ، لأنّها لم تنطلق من اعتقادهم بألوهية
عباد الله الصالحين ولا ربوبيتهم على نحو الاستقلال ، بل تنطلق عن الاعتقاد
بكونهم عباد مكرّمون يجب احترامهم .
فالتبرك وتقبيل الأضرحة وأبواب المشاهد التي تضم أجساد الأنبياء والأولياء لا يعد عبادة لصاحب القبر والمشهد لفقدان مقومها ، وإنّ إقامة الصلاة في مشاهد الأولياء تبركاً بالأرض التي تضمنت جسد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمام ( عليه السلام ) ، في الحقيقة هو كالتبرك بالصلاة عند مقام إبراهيم اتباعاً لقوله تعالى : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ( 1 ) .
وكذا التوسل والاستغاثة والتشفع بالأولياء لا يعد عبادة ، لعدم الاعتقاد بألوهيتهم وربوبيتهم ، بل يعدّ من التوسل بالأسباب ، لأنّ الله سبحانه جرت حكمته أن يقضي حوائج عباده ببركتهم وشفاعتهم ، وذلك لأنّهم مقربون لديه مكرمون عنده ، قد أذن الله لهم بالشفاعة بإذنه ، فقال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ ) ( 2 ) .
درء شبهة الشرك بالعبادة :
من هنا يتبين أنّ تشبيه القائمين بهذه الأعمال من المسلمين بالوثنيين تشبيه في غير محله ، وقياس مع الفارق ، لأنّ الوثنيين كانوا يعبدون الأصنام على أنّها أرباب مستقلة لها التصرف في الكون ، فهي التي تمطر الناس إذا استغاثوا بها وتدفع البلايا عنهم إذا دعوها واستنجدوا بها ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : ( مِنْ دُونِهِ ) في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا
إِلَى اللهِ زُلْفى . . . ) ( 1 ) .
فكان اعتقادهم أنّ هؤلاء الأرباب يقربونهم إلى الله ، وهو الإله الكبير عندهم الذي خلق الكون وأوجده ثم فوض أمر التدبير فيه إلى هذه الأرباب المزعومة ، وأين هذا مما يفعله المسلمون من عبادة الله وحده لا شريك له عند مقامات الأولياء وأضرحتهم ! .
والقياس الصحيح والتشبيه الوجيه ، هو أن يقاس زائري الأضرحة والطائفين حولها بالطائفين حول الكعبة والبيت الحرام والساعين بين الصفا والمروة ، فالطائف حول البيت العتيق والساعي بين الصفا والمروة لم يعبد الأحجار وإنّما عبد الجبّار الذي اصطفى هذه الأماكن ودعا إلى عبادته فيها ، وهكذا حال زائر قبر الولي وإن افترى من افترى بتشبيه عبّاد الرحمن بعبّاد الأوثان .
الاهتداء بنور معارف أهل البيت ( عليهم السلام ) :
يقول الأخ إبراهيم : ” بمرور الأيام ازدادت بصيرتي وارتقى مستواي المعرفي بعلوم ومعارف أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فلهذا قرّرت بعد إكمال دراستي الأكادميّة في عاصمة بلدي أن أنتقل إلى إحدى الحوزات العلمية الشيعيّة ، لأرتشف من علوم آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فاستطعت بعد ذلك – بحمد الله – أن أشيّد خزين معرفي واسع في قلبي من علوم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد أعانني هذا الرصيد العلمي كثيراً لأعبر أشواط الحياة ، متخطياً كل الصعاب بعزم راسخ وإرادة لا تلين ” .