الرئيسية / من / طرائف الحكم / سنن النبي (صلى الله عليه وآله) العلامة الطباطبائي

سنن النبي (صلى الله عليه وآله) العلامة الطباطبائي

[14]

الفريقين – الشيعة والسنة – كتابا جامعا لجميع روايات سننه وآدابه، بل لم يقدم أحد منهم حتى اليوم على تأليف كتاب هكذا، بهذه الخصوصيات. ومن الواضح المعلوم: أن جمع هذه الأخبار التي تتعلق بسنن وآداب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهو خدمة مهمة للحفاظ على روح الإسلام المعنوية، وحيث إن كتابا هكذا يصير مصدرا جامعا للاطلاع على سيرة حياة رجل من أكمل الرجال يكون في غاية الأهمية. والشخصية الوحيدة التي فكرت في عصرنا هذا في هذا الموضوع هي شخصية العلامة المؤلف لأصل هذا الكتاب، فإنه جمع الروايات التي تتضمن سيرته العملية وتنطق عن آدابه وسننه (صلى الله عليه وآله) في كتاب سماه ” سنن النبي ” وبهذا فتح السبيل إلى السيرة الصحيحة في الحياة على من يريد ذلك، ومن الإنصاف أن نقول: إن هذا الكتاب قد ملأ فراغا في الثقافة الاسلامية في عصرنا الحاضر، ولنا أن نقول بصراحة: إنه كتاب قل نظيره في موضوعه، بل هو عمل علمي وحديثي مبتكر، صدر اقتراحا من المؤلف الكريم. إن هذا الكتاب القيم كتبه مؤلفه العلامة قبل أربعين سنة في حدود الخمسينات من الهجرة ” 1350 ه‍ ” أي حينما كان مشتغلا بطلب العلوم الدينية في النجف الأشرف، إلى جانب مؤلفاته الاخرى حتى كان في أواخر شهر شعبان المعظم من سنة 1391 ه‍ أن توفقت للتشرف بزيارته في مدينة قم المقدسة، فعرضت عليه لو يفوض ترجمة هذا الكتاب ” سنن النبي ” باللغة الفارسية إلى كاتب هذه الحروف، وقبل السيد العلامة هذا العرض والاقتراح وأذن لي في إنجاح هذا المأمول بخطه الشريف. [سطور في حياة العلامة الطباطبائي] وفي خلال المدة التي كنت فيها مشتغلا بترجمة الروايات وتطبيقها على المصادر صادفت روايات اخرى في موضوع ” السنن ” قد فاتت المؤلف الكريم، فجمعتها في كراس مستقل، وتوفقت مرة اخرى للتشرف بزيارته في مشهد الرضا (عليه السلام)، فقدمت هذا الشطر من الروايات إلى حضرة الاستاذ العلامة، وبعد ملاحظتها أمرني بضم هذا القسم إلى أصل الكتاب تحت عنوان ” الملحقات “.

[15]

فامتثالا لأمره ضممت بعد ذكر كل باب من الأصل إليه بابا آخر بترتيب الأصل، إلا أني جعلت ملحقات باب ” شمائل الرسول ” في آخر الكتاب، وأضفت إلى الأصل بابين آخرين، هما: باب الحج وباب النوادر. والجدير بالذكر أن مصادر هذا الكتاب إنما هي من مؤلفات علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولم ينقل فيه عن كتب العامة سوى عدة أحاديث من ” إحياء العلوم ” للغزالي و ” الدر المنثور ” للسيوطي. وينقسم هذا الكتاب بصورة عامة إلى ثلاثة أقسام من برامج حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هي: 1 – سننه وآدابه مع ربه، أي آداب عباداته وأدعيته وأذكاره. 2 – سننه وآدابه مع مختلف طبقات الناس، أي آداب العشرة. 3 – سائر سننه وآدابه، كآدابه في أسفاره، وتناوله للطعام، وملابسه، ونحو ذلك، مما نسميه بالآداب الفردية والشخصية. وندعو الله رب العالمين أن يمن علينا جميعا بتوفيق العمل والاستنان بسنته وآدابه. اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) وافسح له مفسحا في ظلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، واتمم له نوره، واعل بناءه، واجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة وتحف الكرامة. اللهم أعنا على الاستنان بسنته ونيل الشفاعة لديه، آمين رب العالمين. وإليك سطورا من تاريخ حياة العلامة المؤلف: إن شخصية العلامة المؤلف في غنى عن التعريف، فإنه معروف ليس في حوزة

[16]

العلوم الدينية والروحانية في إيران فقط، بل حتى في خارج ثغور البلاد الإسلامية، وقد تعرف عليه من كان له أن يتعرف على ما له من المقام العلمي والروحاني، ولا حاجة أن نكون في ذلك كناقل التمر إلى هجر والكمونة إلى كرمان. ولكن من الممكن أن يكون هناك من سيتعرف على آثار المؤلف ومستواه العلمي لأول مرة عن طريق هذا الكتاب، ولهذا فمن المناسب أن نشير بصورة إجمالية إلى الآثار العلمية للاستاذ الكريم وحياته فيما يلي: فتح العلامة الجليل السيد محمد حسين الطباطبائي عينه على هذه الحياة الدنيا في إحدى الأسر العلمية الكبرى في مدينة تبريز في 29 من شهر ذي الحجة الحرام عام 1321 ه‍ ق الموافق لعام 1282 ه‍ ش، وبعد دراسته لمقدمات العلوم في مسقط رأسه وفي سنة 1344 ه‍ ق عزم على الرحيل إلى حوزة النجف الأشرف في العراق للاستمرار في تحصيل العلوم الإسلامية. واستمر في تكامله العلمي مدة عشر سنين في جوار جده أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ودرس الفقه والاصول والتفسير والفلسفة والرياضيات والأخلاق لدى أساتذة كبار كالسيد أبي الحسن الاصفهاني، والمرحوم النائيني، والمحقق الاصفهاني ” الكمپاني “، والسيد حسين البادكوبي، والسيد أبي القاسم الخوانساري، والمرحوم الحاج ميرزا علي آقا القاضي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وفي سنة 1354 ه‍ ق رجع السيد المؤلف إلى إيران وأقام في تبريز، واشتغل فيها بالتدريس والتأليف عشر سنين، وكتب في هذه المدة عدة من الكتب مثل ” الرسائل السبع ” و ” رسالة الولاية ” وقسما مهما من تفسيره الكبير ” الميزان “. وبعد عشر سنين من الإقامة في تبريز رحل في سنة 1365 ه‍ ق وعلى أثر الحوادث السياسية في الحرب العالمية الثانية إلى مدينة قم المقدسة فأقام فيها، وبدأ فيها بالتدريس، ولازال العلماء والفضلاء في حوزة قم المقدسة يفيدون من

[17]

محضره الشريف (1). اهتمامه بالفلسفة والتفسير والأخلاق: أحس العلامة الطباطبائي في بداية مجيئه إلى مدينة قم المقدسة حسن سير الدراسة في عمدة أقسام الدراسة في هذه الحوزة، سوى شئ من الغفلة في قسم دراسات العلوم العقلية والفلسفة والتفسير، وكأنه لم يحسب لهذين القسمين المهمين في البرامج الدراسية للحوزة العلمية أي حساب، ولذلك فقد وجه اهتمامه في حوزته الدراسية إلى هذه النقطة، ولا يطول الانتظار كثيرا حتى تربى على يديه عدد من ذوي القابليات والكفاءات البارزين في الفلسفة والتفسير، وهكذا تجلى السيد الاستاذ العلامة في الحوزة العلمية في قم المقدسة، ورفع ما كان يشاهد فيها من نقص علمي في الفلسفة والتفسير. ومن ناحية اخرى، فقد كان السيد الاستاذ العلامة ذا اهتمام بالغ بالامور الأخلاقية وتزكية النفوس، ولذلك فقد اهتم كثيرا بتربية الطلاب، حتى بلغ بعض ذوي الكفاءات منهم في الامور الأخلاقية والروحانية والمعنوية، وتحت برامجه التربوية، إلى درجات عالية معنوية وروحانية سامية. وكأنه نفخ بهذه الروح المعنوية نفخة حياة جديدة في الحوزة العلمية بقم المقدسة. آثاره العلمية: وأما الآثار العلمية للسيد المؤلف فهي – بالاضافة إلى مقالاته الكثيرة في مجلات ” آستان قدس ” و ” راهنماى كتاب ” و ” مكتب اسلام ” و ” مكتب تشيع ” – كما يلي: 1 – تفسير ” الميزان ” دورة تفسيرية كاملة في عشرين مجلدا، تم المجلد الأخير منه في عام 1392 ه‍ ق بيد المؤلف. 2 – اصول الفلسفة الواقعية (روش رئاليسم).

(1) كتبت هذه المقدمة على عهد حياة السيد المؤلف العلامة (قدس سره).

شاهد أيضاً

20-21-22-23-24 صلوات الليالي ودعوات الايّام في شهر رمضان

صلوات اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه ...