كثرة التساؤلات حول الحاكمية لله بعد أن أساء إليها الفكر التكفيري السلفي وخاصة بعد التطبيق العملي لها من جماعات داعش والقاعدة بالقتل والحرق والسبي ..بل بعد تجربةحكم الاخوان والتيار السلفي في مصر والتي خرج عليها الشعب المصري و اسقطها …..
ومن جانب أخر توجد التجربة الإسلامية الإيرانية لتطبيق الحاكمية الإلهية عن طريق ولاية الفقيه ..وهى تجربة ناجحة تماما ..ولقد تحدث سماحة السيد حسن نصر الله عنها في خطابه الأخير بمناسبة مرور أربعة عقود على الثورة الإسلامية ..
وفي هذا المقال سوف نتحدث عن الأدلة القرآنية والروائية على قضية الحاكمية بين السنة والشيعة ..ولماذا فشلت كل التجارب السنية لإقامة حكومة إسلامية ولماذا نجحت الثورة الإسلامية …؟ وكيف تخطى المذهب الشيعي هذه الإشكاليةالكبيرة خاصة في زمن غيبة الامام المعصوم ..؟
نقول :
ان الأيات القرأنية التي تدعوا لوجوب خضوع الخلق لحكم الله كثيرة ، منها قوله تعالى :
( إن الحكم إلا لله )
وقوله تعالى :
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون )
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )
وقوله تعالى :
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاَ مما قضيت ويسلموا تسليماَ )
ولكن ماهو السبيل لتطبيق الحكم الألهى ، ومن هو المنوط به هذا التكليف ؟
في المدرسة السنية كل من يسيطر على الحكم بالقوة او بالشورى او بالحكم الملكي الوراثي هو ولي أمر شرعي يجب البيعة له وطاعته ..وهذا جر على الأمة فساد وحروب على مدار التاريخ الإسلامي
اما في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
لاسبيل للوصول للحكم الألهى الذى يطابق الواقع إلا عن طريق المعصوم الذى يجعله الله هادياَ للخلق ، كماهو الحال فى الرسول الأكرم سيدنا محمد صلوات الله عليه وأله ، الذى طاعته هى طاعة لله عز وجل ، يقول تعالى :
( من يطع الرسول فقد أطاع الله )
وقوله تعالى :
( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم )
فطاعة الله هى : طاعة الرسول فىيما بلغه عن ربه من ( قرأن وسنة ) .. اى المنهج الألهى للتكامل البشرى ..
( من يطع الرسول فقد أطاع الله )
إذن فما هى (طاعة الرسول وأولى الأمر )… ؟
هى التحاكم إليهما ـ أى إلى الرسول وأولى الأمر ـ فى الحوادث الواقعة بينهم ، ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) … وفي حالة غيبة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله كما فى حالة وفاته وإنتقاله لجوار الله عز وجل ، يكون الحكم ( لأولى الأمر ) الذين يجب أن يكونوا معصومين ، لوجوب طاعتهم كطاعة الله ورسوله تماماَ …. وهذا ماتقول به مدرسة أهل البيت عليهم السلام فى وجود إثنا عشر إماماَ معصوما من أهل بيت النبى صلوات الله عليهم بعد مرحلة النبوة ، وهذا العدد أجمعت عليه روايات الفريقين السنة والشيعة .. وهذا معنى الحاكمية في مدرسة اهل البيت عليهم السلام ..
والسؤال هنا :
إذا كان المعصوم سواءَ نبياَ كان أو إماماَ هو الوحيد القادرعلى معرفة حكم الله المطابق للواقع ، فما هو الحال فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، حيث أن الأئمة لم يمكنوا من الحكم على مدار التاريخ ، بل هم الأن يعيشون فى عصر غيبة الإمام المهدى الكبرى، فكيف السبيل إلى تحقيق حاكمية الله فى الحوادث الواقعة فى حياة الناس فى هذا العصر ، تطبيقاَ لقوله تعالى : ( حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) أى الاحداث المعاصرة ؟ أى ( الولاية العامة ) … ؟
لقد ظل هذا الجزء المتعلق بالولاية العامة على المسلمين معطلا على مدار 14 قرناَ حتى جاء الإمام الخمينى بثورته المباركة ، ليدعوا إلى الحكومة الإسلامية ، أى حكومة ولاية الفقيه العادل العالم بالحكم الألهي ، ليعيد تطبيق النص القرأني : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاَ مما قضيت ويسلموا تسليما ) …..
ويبقى السؤال هنا :
ولكننا قلنا أنه لا يستطيع معرفة حكم الله المطابق للواقع إلا معصوم ، والإمام الخمينى أو الولى الفقيه ليس معصوما ، والخطأ فى معرفة الحكم الألهى فى الحوادث الواقعة وارد ؟
للإجابة على هذا السؤال نقول :
1 ـ أن المرحلة التى جاء فيها الإمام الخمينى بالثورة الإسلامية وولاية الفقيه ، يجب أن تكون مرحلة ( إنتقالية ) للتمهيد للعودة لحكم المعصوم ، وهو الإمام الثانى عشر المهدى عليه السلام ، فيظهر الحكم الألهى المطابق للواقع تماماَ ..!! … فإن صح هذا التحليل فهو يدل على أننا فى عصر التمهيد للظهور …والاحداث العالمية المتلاحقة تجعل هذا الإحتمال قوياَ ..
2 ـ ومع ذلك كان لا بد من نصوص ترجح هذا الإحتمال لطفاَ باهل هذا الزمن …. وهذا ماورد فى نصوص متعدده قرأنية ونبوية ، أشير إليها على وجه الإجمال لأنها اصبحت معروفة ويمكن الرجوع إليها ، أو ان نفرد لها مقالا خاصا ، ومن هذه النصوص :
أولا : قوله تعالى فى سورة الجمعة :
( واخرين منهم لما يلحقوا بهم ) وفى الروايات أنهم اهل فارس أو رجل من فارس يقيم الدين حتى لو كان عند الثريا … راجع صحيح مسلم والبخارى وكتب التفسير المختلفة
وقوله تعالى فى اخر سورة محمد :
( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) … فى الروايات أنهم هم أهل فارس ، لا حظ إعلان السادات زعيم أكبر دولة عربية إتفاقية السلام مع العدو الصهيونى ، وإعلانه أن حرب 73 هى اخر الحروب وذلك فى عام 1978 بعدها تماما فى عام 1979 قامت الثورة الإسلامية فى إيران ، ( وتم الإستبدال ) واعلنت إيران ان القدس هى القضية المركزية للمسلمين .
ثانيا : فى السنة النبوية عن طريق مدرسة أهل البيت عليهم السلام :
ــ أحاديث رايات قادمة من المشرق
ـ ثم تم التحديد أكثر ( برايات قادمة من خراسان )
ــ ثم رجال من قم .
ــ ثم رجل من قم .
ـ ثم حديث إنتقال العلم من النجف إلى قم . ويقوم العلماء فى قم مقام الحجة على الناس
يمكن الرجوع لهذه الروايات فى مصادرها وهى مشهورة
الخلاصة
إن الإمام الخمينى بمشروعه ( ولاية الفقيه ) أو ( الحكومة الإسلامية ) هو فى مرحلة ( إنتقالية ) تمهيدا للعودة لحكم الله الحكم العدل فى عصر الإمام المهدى عليه السلام ، وان هذه الثورة العظيمة ونجاحها وإستمرارها لدليل على ذلك …
واخيراَ هذا المقال يعبر عن وجهة نظرى ، وهذا التحليل قد يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ ، فإن كان صواباَ فمن الله ، وإن كان خطأَ فمن نفسي ،،، والله أعلم …. ونسعد ونستفيد من تعليقاتكم وأرائكم .