تتهافت الدعوات الحقوقية للسعودية بغية وقف عدوانها على اليمن. فلم تكن الدعوة الإخيرة لمنظمة “العفو الدولية” إلى الوقف الفوري عن بيع الأسلحة الفتاكة للسعودية هي الأولى من نوعها، بل تأتي بعد سلسلة من الدعوات والمطالبات بوقف “جرائم الحرب” والـ”جرائم ضد الإنسانية” التي ترتكبها الرياض في عدوانها على اليمن.
الخطوة الأخيرة الداعية الى وقف بيع السلاح تأتي بعد فترة من الخطوة الأوروبية المماثلة، وتتزامن ودعوة المنظمة نفسها للسلطات السعودية بوقف عمليات إعدام مخطط لتنفيذها في الفترة الجارية. فقد نقلت صحيفة “عكاظ” السعودية عن منظمة العفو الدولية قولها: إنّ عائلات ثلاث فتية من المعتقلين الذين جرى اعتقالهم وهم تحت سن الثامنة عشر على خلفية مشاركتهم في تظاهرات معارضة للحكومة السعودية، يشعرون بالخوف من أن يكون أبناؤهم من بين 4 سيجري إعدامهم قريباً.
المنظمة الدولية أكّدت أن هناك أدلة دامغة تبين أن السعودية تستخدم الأسلحة لاستهداف المناطق السكنية والبنية التحتية، واستهداف المدنيين حيث رجحت أن نحو 35000 شخص قتلوا أو أصيبوا في أقل من سنة، وأن أكثر من 2 مليون ونصف مليون شخص فقدوا منازلهم.
الدعوة الجديدة تأتي أيضاً بعد تأكيد كل من “العفو الدولية” في 16 من يناير الماضي أن لديها أدلة على أن تحالف العدوان السعودي ألقى مجددا قنابل عنقودية على العاصمة صنعاء، وإتهام منظمة “هيومن رايتس ووتش” في7 يناير الماضي تحالف العدوان بإرتكاب لجرائم حرب، من بينها إسقاطه لقنابل عنقودية على مدن آهلة بالسكان في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، واصفة استهدافه لأحياء في العاصمة بالجريمة الشنيعة .
كذلك، تأتي هذه الدعوة الأممية يوم واحد من إتهام الرئيس الامريكي في مقابلته المطوّلة مع مجلة “ذي أتلانتك” السعودية بشكل مباشر بنشر التطرف والارهاب في المنطقة والعالم بنشرها للمذهب الوهابي، وضرب مثلا بكيفية استخدام المال السعودي والخليجي في تغيير طبيعة الاسلام المعتدل في اندونيسيا.
لم يعد الوضع الشرق أوسطي يحتمل دموية أكثر مما نشاهد اليوم، لذلك لا بد من البحث عن الأسباب الكامنة خلف هذا المشهد الدموي، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى االتالي:
أولاً: فاقت السعودية دمويّة كافّة التنظيمات الإرهابية سوى التنظيم الأبرز “داعش”، حتى أن البعض يجد أن “آل سعود” قد تفوّقوا على “داعش” الإرهابي ففي اليمن وحده تسبّبت السعودية بقتل وجرح أكثر من 30 ألف مواطن. كل هذا يأتي في سياق دعم وتسليح أمريكي وأوروبي يعيد إلى الأذهان التعاطي الغربي مع الكيان الإسرائيلي إبان جروبها على العرب، وفي مقدّمتهم الشعبين الفلسطيني واللبناني.
ثانياً: لو أن الدول الغربية، وفي مقدّمتهم أمريكا وبريطانياً، أوقفوا إرسال السلاح إلى الرياض، دون أن يلجؤا لأي خطوة سياسية في مجلس الأمن والأمم المتحدة، لأُجبرت الرياض على وقف عدوانها منذ أشهر، فلماذا لم تستخدم هذه الورقة حتّى كتابة هذه السطور؟
ثالثاً: نقل مسؤول أميركي كبيرعن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قوله بعد أن التقى الملك سلمان وولي ولي العهد ووزير الخارجية في قاعدة عسكرية بالسعودية مؤخراً “أن الوقت قد حان الآن لمواصلة المضي قدما لإنهاء الصراعات في سوريا واليمن“، فهل ستأخذ هذه الدعوة طابعها العملي أم أنها ستبقى محصورةً بالشاشات الإعلامية؟
رابعاً: من نكد الدهر أن السعودية، رأس الفتنة والإرهاب في المنطقة، وضعت حزب الله في مجلس التعاون والجامعة العربية على لائحة الإرهاب في خطوة غير آبهة بسيل الإتهامات الرسمية والشعبية لـ”مملكة الإرهاب”.
خامساً: لطالما أظهرت السعودية إزدراءها الكامل للقانون الدولي حيث ضربت كافة الدعوات الحقوقية السابقة لوقف جرائمها في اليمن ودعمها للجماعات الإرهابية في سوريا عرض الحائط، وهذا ما يؤكد مسؤوليتها عن كافّة الجرائم في سوريا واليمن وليبيا أليست السعودية من أنشأ القاعدة التي ولد من رحمها كافّة التنظيمات الإرهابية؟ أليست المدارس الوهابية السعودية المتطرّفة التي إنتشرت كالنار في الهشيم في تسعينيات القرن الماضي مسؤولة عن كافّة الإرهابيين الذين إستقام عودهم اليوم؟
لم يعد وقف العدوان على اليمن كافياً حيث يتوجّب على المنطمات الدولية تشكيل لجان متابعة تفرض على السعودية “غرامات حربية” بسبب العدوان على اليمن، إضافةً إلى سوق المسؤولين عن هذه الحرب الدموية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا.