قبل البدء بالموضوع لابد من تعريف للشخصية الانسانية فی عالم المعاني والا فعال .
بعد استقراء سريع لاكثر من ثلاين اصلا ً وثلاثين فرعا ً لتعريف الشخصية الانسانية في- علم النفس-
عثرنا في موقع (وكيبيديا – الموسوعة الحرة ) على هذا التعريف الشامل والمختصر للشخصية وهو: الشخصية :
( سلوك متأصّل في نفس الفرد مستمد من موروثه الجيني والتربوي يتميز به كل فرد عن من سواه).
أي أن من أهم العوامل التي تبني شخصية الأنسان ..! عاملا الوراثة والمجتمع المحيط بالفرد. إذن فالموروثين الجيني والتربوي هما الاساس الرئسي في رسم معالم الشخصية الانسانية ، وتصنيفها الى اصناف عدة ..! ومن اهم هذه الاصناف :-
/ شخصية إيجابية قوية :
وصاحبها إنسان ذو صفات متميّزة واضحة ، وإرادة قوية صلبة ، وكيان مستقل ومتما سك . بحيث تستمرهذه الشخصية في النمو والتطويرطيلة وجودها .
/ شخصية سلبية ضعيفة :
وصاحبها انسان ضعيف يمتلك عقلية متحجرة .. ، لا يستفيد من وقته ولا من صحته ولا حتى من إمكانياته .. ولا يعدِل من سلوكه ويقلع عن أخطائه كي ينتقل الى الصنف الاول الايجابي .. فهو شخصا مرفوضا أو لا يستحسن وجوده في المجتمع .
وحينما نشير الى قوّة الشخصية فهذا لايعني أن صاحب الشخصية القوية يفرض رأيه على الآخرين .. أو أن يسيطر عليهم بالقوّة والتخويف والإرهاب .. أو أن يستطيع كسب الارباح المالية اكثرمن غيره ويصل بذلك الى مكانة اجتماعية متميزة فيتسلط على الاخرين ..!
انما المقصود من الشخصية القوية هي الشخصية التي تستطيع ان تتصرف بنجاح في جميع المواقف والمواطن المختلفة ، الادارية ، او المالية ، اوالثقافية ..! شخصية تتمتع بالقدرة على الاختيار السليم .. والتمييز بين الخير والشر والصواب والخطأ .. وإدراك الواقع الحاضر والتصرف بعقلانية وحنكة في جميع الامور .. وتوقع المستقبل واعداد كل ما يحتاج وكل مايستلزم لنمووتطوير شخصيته للخروج بنجاح من المصاعب والمشاكل المستقبلية .
كما اثبت علماءالنفس ذلك بان ( النمو والتطويرشرطان اساسيان لكي تكون الشخصية قوية ومثمرة في نفس الوقت) .
ولو امعنّا النظر في الموروثين الجيني والتربوي ووقفنا على الموروث الجيني المتمثل بالاصلاب والارحام وإن ابتعدت .
وتحققنا من اصالة هذا الموروث وارتباط اصحابه بالقرآن الكريم – بدءً من تكوين النطفة ومرورا ً بإستقرارها في الارحام وانتهاءً بالولادة..! لراينا بوضوح دور القران الكريم في صناعة وتقوية النصف الاول من هذه الشخصية القوية .
ثم وقفنا وقفة تحقيقية أخرى على الموروث الثاني وهو التربوي
لوجدناه ايضا ً هو الاخر قد اكمل النصف الثاني من هذه الشخصية القوية.
باعتبار ان رعاية الابوين القرآنييَّن ، وحمايتهم له ، وتثبيت القران في قلب وروح هذه الشخصية ومن ثم إيداعها في احضان المجتمع القراني ليقوم هو الاخر بدوره الفاعل بسقل وبلورة وصناعة هذه الشخصية ، بعدها ياتي دورالاعلام السليم المبلغ لرسالات الله سبحانه وتالى هذا الاعلام المتصف باوصاف الرسول الامين بنقل المعاني الحقة التي من شأنها ايضا هي الاخرى أن تساهم في صناعة موجود مفيد ونافع للمجتمع البشري..!
ومن هنا يبرز الدور الاساس والفاعل للقرآن الكريم باعتباره العامل المهم في صناعة الشخصية الانسانية وتقويتها والارتقاء بها الى الصنف الايجابي-الشخصية الايجابية- التي ذكرناها وهي الشخصية القوية .
يقول العلماء المتخصصين في هذا العلم بإنّ( الشخصية كائن حي يقبل التغيير) والقرآن الكريم أول من أشار الى هذا التغيير وحث عليه بقوله < إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم >
حيث أن القران المجيد دعانا للتلاوة بالتدبروالتأمّل فيه فقال :(افلا يتدبرون القران ) وامَرَنا بالعمل به على طريق الهداية والطريق القويم فقال : ( ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم ).
فالمتدبر في قراءة القرآن يقوم – وعلى الدوام – بتغيير شخصيته نحوالافضل والاحسن وباتجاه الطريق الاقوم من بين الطرق المتشابكة والمتشابهة .
ان قوّة الشخصية للإنسان القارئ المتدبر للقران العامل به .. مستمدة ومستوحاة من آيات الله البينات ومافيها من عِبَر تاريخية ومكارم اخلاقية ولطائف واشارات وحقائق متعددة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز( من كان يريد العزة فللّه العزة جميعا ) والعزة هي القوة أي ان الشخصية القوية المؤمنة تأخذ قوتها وعزّتها من قوة الله وعزّته جل شأنه .
وكذلك الشخصية القوية الصابرة تاخذ صبرها من معيّة الله تعالى ( ان الله مع الصابرين ) والمتّقية تاخذ تقواها من الله جل جلاله ( ان الله مع المتقين )، وهكذا المؤمنة المحسنة ( ان الله مع الذين ءامنوا وهم محسنون )وغير ذلك من الايات المباركات التي تُنبؤ عن مصدر القوة لهذه الشخصية بحيث ترفدها بمستلزمات القوة والقدرة والعزة حتى ترقي بها الى أرفع مستوى ومقام بين الناس ألا وهو مقام ( الوليّ ) فإذا وصل صاحب هذه الشخصية الى هذا المقام والدرجة الرفيعة فلايخاف دركاً ولاأحدا في عملية التطوير والتغيير لشخصيته باتجاه الافضل ، ولايخشى الا الله سبحانه وتعالى في رسم المعالم لها ، ولايفرح بما اُوتي من خير ولايحزن على فقدان شئ اُخذ منه لانه وليّ من اولياء الله الذين بشرهم سبحانه وتعالى في كتابه العزيز فقال ( ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون )وهؤلاء هم اصحاب الشخصيات القويّة من الانبياء والاوصياء والامثل فالامثل من المؤمنين والمؤمنات .