الرئيسية / تقاريـــر / التعايش في الرؤية الاسلامية بقلم سالم الصباغ

التعايش في الرؤية الاسلامية بقلم سالم الصباغ

إن غياب العقل هو الذي جعلنا في هذا الزمن ـ الذي يشهد مرحلة تحول مصيرية لم يشهدها التاريخ من قبل ـ جعلنا نحتاج لإقامة البرهان وعقد المؤتمرات والندوات لإثبات بديهية وهي أهمية التعايش السلمي ، ولعل مايكابده العالم العربي والإسلامي في هذه الأيام من فتن عمياء صماء بكماء تعصف بالأخضر واليابس ولا تفرق بين طفل وشيخ وامرأة في توزيع القتل والدمار والتهجير على الجميع بالعدل والتساوي ، فلو كان الله أمرهم بذلك ما فعلوا مثل ما فعلوا ، أقول أن هذا المشهد الذي نعيشه كفيل بالبرهان والإيمان والعلم اليقيني بأن التعايش السلمي هو من الأهداف الإلهية في الشرع المقدس .

ومن المهم في زمن الحيرة والإلتباس من تحديد معاني المصطلحات ، وإن كان التعايش السلمي مما يدرك بالوجدان وليس بالبرهان ..!

معنى التعايش في الرؤية الإسلامية :

يقول سماحة الشيخ التسخيرى في كتابه القيم ( الحوار مع الذات والأخر ) :

( في أجواء الاختلاف يكون التعايش على أساس التعددية التي يرتضيها الإسلام ، هو الحل الكفيل بتجنب مشاكل الصراع والتضارب في الرؤى والأفكار والمعتقدات بشتى ألوانها .

ولا يعني التعايش بقبول نسق واحد في التفكير والسلوك ، وصهر الجميع في بوتقته كما لا يعني التنازل عن الحق أو توزيعه على المتعايشين بنسب متساوية ، وفقاَ لمفهوم التعددية ( بلوراليزم ) الذي يفهمه الغرب .. بل يعني أن يحتفظ كل طرف بوضعه الخاص ، ويمارس نشاطه الديني أو المذهبي أو الفكري أو السياسي في إطار الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الإسلام بمضامينها المتوازنة والمرشدة التي لا تسمح لأى طرف بسلب حقوق الأخرين أو الإخلال بأمن المجتمع مهما بلغت قوة هذا الطرف )

المبادئ التي تحكم التعامل مع الأخر :
ثم يستطرد سماحته ويلخص كيفية التعامل مع الأخر في المجتمع الإسلامي على أساسين 

الأول : المصلحة الإسلامية العليا في ضوء الواقع المقام .

الثاني : الصلات والرحمة الإنسانية والعلاقات الأخلاقية .

ثم يورد سماحته بعض العناصر الرئيسية التي تحدد نوعية العلاقة بين المسلمين وغيرهم كألية للتعايش فأهمها :

1 ـ الأمة النموذج : حيث يصف القرأن هذه الامة بالوسطية ، والشاهدة ، والخيرية ، أقول : ( وهذه في الحقيقة الصفات العليا لأئمة هذه الأمة التي يجب أن التخلق بها ) .
2 ـ المبدأية ( أي المبادئ الأخلاقية الإسلامية ) 
3 ـ التوعية والدعوة
4 ـ العدالة .
5 ـ تأليف القلوب .
6 ـ الوفاء بالعهد .
7 ـ التعامل بالمثل . ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )

تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران :

ثم يختم سماحته هذا المقال بطرح نموذج تطبيقي عصرى للتعايش ، فيقول :

( ولعل تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال التعايش من التجارب المهمة على صعيد التطبيق ، لما تمثله إيران من دولة تتميز بالتعددية في كثير من المجالات ، فمع المسلمين يعيش أتباع ثلاث ديانات : النصرانية ـ اليهودية ـ الزرادشتية ….. وكذلك بها ست قوميات : الفارسية ـ التركية ـ العربية ـ الكردية ـ التركمانية ـ البلوشية 

وخمسة مذاهب إسلامية ـ فضلاَ عن الجماعات والتيارات الفكرية والسياسية التي أذعنت جميعاَ لمعادلات الشورى وألية الممارسة الديمقراطية )

ثم يعلق سماحته على التجربة الإيرانية قائلاَ :
( هذه التجربة الفذة التي أبرزت الوجه المشرق للرؤية الإسلامية في مجالي الحوار والتعايش جديرة بالدراسة والمراجعة المستمرة )

وأنا أقول   وهل أن الأوان لذلك ….؟

شاهد أيضاً

ميزان الحكمة أخلاقي، عقائدي، اجتماعي سياسي، اقتصادي، أدبي – محمد الري شهري

المصلين (1). وقد عرف حقها من طرقها (2) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم ...