الرئيسية / تقاريـــر / القرآن بين النهي عن التفسير بالرأي والأمر بالتفكر فيه بقلم سالم الصباغ

القرآن بين النهي عن التفسير بالرأي والأمر بالتفكر فيه بقلم سالم الصباغ

القرآن بين النهي عن التفسير بالرأي والأمر بالتفكر فيه هو معجزة الإسلام الخالدة ، وهو كلام الله إلى خلقه ، وكان الأئمة عليهم السلام حينما يتحدثون عن القرآن الكريم يقولون : ( سمعت الله عز وجل يقول .. ثم يقرأ الآية الكريمة ) . 

وأحيانا يصلى بآية ويظل يكررها حتى يغمى عليه وعندما يُسأل عن ذلك يقول :

( ظللت أرددها حتى سمعتها من قائلها …. !!)

وفى رواية أخرى أن القرآن نزل على أربعة أوجه:

عبارات
إشارات
لطائف
حقائق

العبارات للعوام
الإشارات للخواص
اللطائف للأولياء
الحقائق للأنبياء

ولقد ورد الكثير من النصوص القرآنية والروايات الشريفة في الحث على التدبر والتفكر والتعقل ..ومع ذلك يقوم البعض بتخويف الناس من التفكر والتدبر في القران حتى لا يقعوا في محذور التفسير بالرأي المنهي عنه ، وتحت هذا العنوان والتفسير الخاطئ لمعنى التفسير بالرأي تم هجران القران وتم عزله عن حياة الناس ، وتفريغه من محتواه كمعجزة خالدة على مر العصور ..

ومما ورد في فضل التفكر والتدبر فى القرآن الكريم :

1- القرآن عهد الله إلى خلقه ..
الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام قالَ : ( القرآن عَهْدُ اللَّهِ إِلَى خَلْقِهِ فَقَدْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ المُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي عَهْدِهِ وَأَنْ يَقْرَأَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِينَ آيَةً”

2- آيات القرآن خزائن ، فهل حاولنا فتحها ؟!
وفى الكافي بإسناده عن الزُّهريِّ قالَ : سَمِعْتُ عَلَيَّ بنَ الحسينِ عليهما السّلام يَقولُ :
( آياتُ القرآن خَزَائِنُ فَكُلَّمَا فُتِحَتْ خَزِينَةٌ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْظُرَ فِيهَا )
فهل حاولنا فتح هذه الخزائن ؟!!!

يقول الإمام الخمينى تعليقاَ على ذلك :

(والمستفاد من هذين الحديثين أنه حريّ بقارئ القرآن التدبّر في آياته والتفكّر في معانيه، وأن التمعّن والتأمل في الآيات الكريمة الإلهية، واستيعاب المعارف والحِكَم والتوحيد من القرآن العظيم، لا يكون من التفسير بالرأي المنهي عنه الذي يلتجأ إليه أصحاب الرأي والأهواء الفاسدة، الذين لا يتمسكون برأي أهل بيت الوحي، المخاطبين بالكلام الإلهي، كما ثبت ذلك في محلّه، ولا داعي للولوج في هذا الموضوع والإسهاب فيه. ويكفينا قوله تعالى: (أفـَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلَى قُلوبٍ أَقْفَالها) 
( انتهى كلام الإمام )

معنى التفسير بالرأي :

وعلى ذلك يكون تفسير القرآن بالرأى المنهي عنه : هو تفسير الذين لا يتمسكون برأي أهل بيت الوحى عليهم السلام كما نلاحظ فى تفسيرات المخالفين والتى امتلأت بالإسرائيليات ، وخلت من روايات أهل البيت عليهم السلام .

معنى التدبر والتفكر :

ويكون التدبر والتفكر هو فهم القرآن فى ضوء الرؤية الكونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام المأخوذة من صحيح رواياتهم ، فهم أهل بيت الوحي ، وأهل الذكر ، وعندهم علم الكتاب ويكفي اقترانهم بالقرآن في حديث التمسك بالثقلين الوارد في صحاح المسلمين ومنها :

تركت فيكم الثقلين : كتاب الله .. وأهل بيتي

ولكن للأسف حاول البعض تفريغ القرآن الكريم من محتواه كمعجزة خالدة تعطى أُُكلها كل حين بإذن ربها، واكتفى الصالحون منهم بقراءة القرآن وتجويده وحفظه، ومعرفة بعض معاني كلماته وأحكامه الظاهرة دون تدبر ودون تفكر، خوفاَ من أن يقعوا فى معصية تفسير القرآن بالرأي، وأخافوا الناس من الاقتراب من شواطئه، فعاشوا الاغتراب عن لطائفه وحقائقه ، فحرموا أنفسهم من أن ينعموا بالغوص في البحر الذي يمده من بعده سبعة أبحر ، ومع ذلك لا تنفد كلمات الله ، واكتفوا بالقشور ، وتركوا اللؤلؤ والمرجان ، وأخذوا بعضاَ من عباراته ، وتركوا لطائفه وحقائقه وإشاراته .

وكانت النتيجة هجران القرآن واستبداله بأحاديث معظمها مكذوب على الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله ، وبذلك هجروا معجزة الإسلام الخالدة وهي القرآن ، ويخشى عليهم من أن يكونوا ممن يشكوهم الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله يوم القيامة ، ويقول :

( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا القرآن مَهْجُورًا)

أين حكم ما بيننا ؟ وخبر ما بعدنا ؟!

عن أمير المؤمنين على عليه السلام : 
(وفي القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم )

فهل ما يمر بنا من أحداث ومشكلات على مدار الساعة عرفنا حلولها من القرآن ؟

فهل استفدنا من هذه الكنوز الموجودة بين أيدينا ؟!!

وما فائدة حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام ؟

القرآن فيه كل شيء .. يقول تعالى : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)

فلماذا لا نستطيع أن نقرأه حق قراءته ، ونتلوه حق تلاوته ، فنكتشف فيه حلا لمشاكلنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، كما نكتشف فيه أيضا َ أنفسنا . 
يقول تعالى : ( لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )

بل أن القران أنزل بهدف تدبر اَياته ، يقول الله تعالى :

(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )

29 ص 

 

فهل آن الأوان أن نعقل كتاب ربنا ومعجزة نبينا ؟

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...