الوقت- جدّدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عهدها مع الإمام الراحل روح الله الخميني في دعمها الكامل للقضية الفلسطينة وشعب الأقصى الذي تفتك به آلة القتل الإسرائيلية بعد الإنتفاضة الأخيرة التي قضّت مضاجع الكيان الإسرائيلي ومستوطنية في ظل ثُبات عميق للحكومات العربية التي لم تحرك ساكناً لقضية كانت ذات يوم “قضية العرب”.
أعلنها محمد فتح علي، السفير الإيراني في بيروت، العاصمة التي تشهد حالياً هجوماً سعودياً شرساً على مقاومتها التي قدّمت الغالي والنفيس على طريق فلسطين بدءاً من الشهيد غالب عوالي مروراً بالقائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية وصولاً إلى عاشق فلسطين الشهيد سمير القنطار، مؤكداً ان طهران قررت تقديم 30 الف دولار لكل اسرة فلسطينية قام الاحتلال وهدم منزلها خلال انتفاضة القدس.
رسائل الشكر إنهالت على طهران التي لم تنتظرها في يوم من الأيام، بإعتبار أن مواقفها واجباً إسلامياً ومبدأً أساسياً في هذه الثورة التي تسعى لإستئصال “الغدّة السرطانية”. السفير الإيراني يضيف: ان الجمهورية الاسلامية في ايران لن تترك الشعب الفلسطيني عرضة للقتل والنهب والتشريد، وان امة الامام الخميني العظيم ستبقى سندا للثورة الفلسطينية.. ودماء الشهداء ستحرر كل فلسطين من البحر الى النهر.
يأتي الدعم الإيراني اليوم في ظل جملة من المتغيرات الإقليمية التي بدأت مع “الإتفاق النووي” بين طهران والدول الست (5+1)، حينها روّج البعض لمقولة تنازل طهران عن أعضاء محور المقاومة مقابل رفع العقوبات، ولم تنتهي بثورة السكاكين التي حصدت أكثر من 180 شهيداً منذ مطلع تشرين أول الماضي، إضافةً إلى حملة شرسة تقودها السعودية وعدد من الدول العربية تحت عنوان “إيران فويبا”، هدفها تشويه صورة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمام الشعوب العربية.
الدعم الإقتصادي أول الغيث
سارع الكيان الإسرائيلي لإدانة قرارات طهران حيث قال المتحدث الرسمي باسم رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي اوفير غندلمان ” إسرائيل تدين تصريحات السفير الإيراني في بيروت وقرار إيران دعم الإرهابيين الفلسطينيين وعائلاتهم مادياً”، وأضاف: “بعد الاتفاق (النووي) مع الدول العظمى، تسمح إیران لنفسها بأن تواصل لعب دور أساسي في الإرهاب الدولی» ، حسب زعمه . لم تقتصر الردود الإسرائيلية على المتحدّث باسم الحكومة حيث شاطره كل من وزير الحرب موشيه يعلون ووزارة الخارجية الإسرائيلية التي وجدت في هذه الخطوة تشجيعاً لـ”الإرهاب الفلسطيني” متجاهلةً الجرائم التي يرتكبها المستوطنون وقوات الإحتلال في مختلف مناطق الضفّة المحتلّة.
تحمل رسائل الدعم الإقتصادي جملة من الدلالات التي تتلخص بإسترتيجية القضية الفلسطينية في الإستراتيجية الإيرانية، خاصّةً أن هذا الدعم يأتي بعد فترة من تجديد قائد الثورة الاسلامية في ايران، آية الله السيد علي الخامنئي موقفه حيال أهمية تسليح الضفة الغربية، وإعدادها للدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، وهنا لا بد من الإشارة إلى الآتي:
أولاً: لم تقع الجمهورية الاسلامية الايرانية في اسر القيود والخلافات الطائفية فهي مثلما تدعم حزب الله الشيعي في لبنان، فانها تدعم ايضا حركات حماس والجهاد الاسلامي وسائر الفصائل من اهل السنة في فلسطين. كما ساهمت طهران في إعادة إعمار الجنوب اللبناني إبان العدوان في العام 2006، ها هي تقدّم “أقل الواجب”، كما يصرح المسؤولون الإيرانيون، للقضية الفلسطينية وشعب الضفّة المقاوم.
ثانياً: إن المساعدات الإقتصادية لسكان الضفّة الغربية، هي ما ظهر فقط من الدعم الإيراني الأخير للقضية الفلسطينية، خاصّة أن قائد الثورة قد شدّد مراراً على تسليح الضفة قائلاً: انه وكما تم الاعلان سابقا يجب تسليح الضفة الغربية واعدادها للدفاع وسيتم هذا الامر بالتاكيد.
ثالثاً: إن وقوف الشعب الإيراني إلى جانب الشعب الفلسطيني يأتي في ظل ظروف إقتصادية صعبة سواءً بسبب إنخفاض أسعار النفط أو بسبب الحظر الإقتصادي الذي إرتفع مؤخراً، مما يؤكد ان الشعب والشباب الايراني يدعمون الشعب الفلسطيني بكامل الرغبة، ولم ينحرفوا عن المسار الذي رسمه الامام الراحل (رض).
رابعاً: ينسف هذا الدعم ما تسعى العديد من الدول الإقليمية لتروجيه، زوراً وبهتاناً، سواءً فيما يخص عداء ايران لشعوب المنطقة أو إلصاق تهم الإرهاب بها. عندما تشاطر بعض الدول العربية الكيان الإسرائيلي في إتهام طهران بإحتلال عدّة عواصم عربية، بغداد ودمشق وبیروت وصنعاء، فهذا يعزّز من موقف إيران أمام الشعوب العربية والإسلامية، لاسيّما في ظل بيع الحكومات العربية “للقضية الفلسطينية”.