البحث عن الحقيقة العلوية بين الصلاة والإمامة الإبراهيمية بقلم سالم الصباغ
بسم الله الرحمن الرحيم
البحث عن الحقيقة العلوية بين الصلاة والإمامة الإبراهيمية
ما أصعب الكتابة عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) وعن مقاماته المعنوية في زمن طغيان المادة ، وسيطرة الدنيا ، وإظلام الفطرة ، من كثرة الحُجب المتراكمة عليها ، حُجب الثقافات الضالة في عصر العولمة ، والبيئة الفاسدة ، وتكالب الأعداء علي الأمة وعلى عقلها بما أوحي لهم شيطانهم من أفكار مدمرة ، تحت عناوين مضللة ، كالعولمة ، والشرق الأوسط الجديد ، والفوضي الخلاقة ، وصناعة الوهم ، وإدارة التوحش ، وحروب الجيل الرابع ، وحروب الجيال الخامس … والحروب الناعمة .. وما خفي من أنواع الحروب ..وفي زمن الفضائيات والإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.
وفي زمن الهرج الذي أخبرنا عنه الرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله ، حيث يَقتل القاتل وهو لا يدري لماذا قَتل ..؟! ويُقتل المقتول وهو لا يدري لماذا قُتل ..؟! وهي في النهاية خطوات الشيطان علي الأرض ، ظلمات بعضها فوق بعض ، كما يقول الله عز وجل :
في سورة النور الآية 40 ” أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ“
نعم ومن منطلق قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)
نحاول أن نحوم حول هذا النور ( العلوي ) أو نحوم حومه نقتبس منه قبساَ ، أو نجد على نار عشقه هدى للقلوب الحائرة ، طالما أنه مازالت في الحجب التي تحجب فطرة الإنسان ثقب يستطيع أن ينفذ منه شعاع من أشعة الهدى ، فتحرق هذه الحجب ، وتعيد الفطرة كما كانت عندما فطر الله عز وجل الناس عليها ، هذه الفطرة التي لا تبديل لها ، التي هي الدين القيم كما وصفها القرأن الكريم ,,
ذكرى مولد علي عليه السلام
ولنبدأ هذه الكلمة من لحظة بداية حياة علي ( عليه السلام ) في هذه النشأة الدنيوية ، أي من لحظة المولد المباركة .
مولود الكعبة
وكما أن حياة علي عليه السلام كلها أسرار وعجائب حيث اختلفت الأمة فيه كما اختلفت في المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، فبهته البعض وأبغضه وحكموا بكفره وهم يعلمون أنه الإيمان كله ، وأنه العلامة الفاصلة بين الإيمان والنفاق بعد انتقال الرسول الأعظم إلى جوار ربه ، ورغم قول النبي صلوات الله عليه وأله :
( يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق )
ورغم قوله صلوات الله عليه لعلي عليه السلام يوم الخندق لما برز لقتال عمر بن ود :
( برز الإيمان كله للشرك كله )
رغم ذلك بغضه قوم حتى دخلوا النار في بغضه …!
وفي المقابل أحبه البعض الأخر وغالوا في محبتهم حتى جعلوه إلها .. فدخلوا النار في محبته ،رغم تحذير الرسول صلوات الله عليه وأله ..
ومن عجائب هذا الإمام العظيم ما حدث عند ولادته .. ولنتأمل ونتدبر ونتفكر ..
تأملات في أسرار الولادة
الكعبة هي أول بيت وضع للناس ، وهي قبلة المسلمين وهي رمز التوحيد والوحدة ، وفيها اَيات بينات ، مقام إبراهيم ، ومن دخله كان أمنا … ويتحدث كتاب الله عز وجل عن الكعبة في كتابه الكريم :
﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِّلْعَـالَمِينَ *فِيهِ ءَايَـاتُ بَيِّنَـاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَـالَمِينَ﴾ أل عمران ( 96 ، 97 )
من المعروف أن علي ( عليه السلام ) ولد في الكعبة المشرفة عندما إنشق لأمه السيدة فاطمة بنت أسد عليه السلام جدار الكعبة عندما جاءها المخاض ، فدخلت في جوف الكعبة ، وبعد أيام اتت به قومها تحمله ، ولقد نص بعض علماء أهل السنة علي تواتر هذا الخبر :
يقول الحاكم في كتابه المستدرك : فقد تواترت الأخبار: أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة“. (المستدرك 3/482،483.
على عليه السلام من الولادة للشهادة والعلاقة بين الولاية والصلاة
رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ
أول صفة من صفات الأئمة من ذرية إبراهيم عليه السلام هي إقامة الصلاة ، وفي الصلاة التوجه للكعبة ، وعليُ ولد في الكعبة ، وكانت اَخر كلماته عند طعنه : ( فزت ورب الكعبة ) حيث كان في محرابه لحظة طعنه …
يقول الله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام :
( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )
ولد ( على ) عليه السلام فى الكعبة المشرفة ولم يولد أحد قبله ولا أحد بعده نال هذا الشرف ، بل أن الكعبة المشرفة تشرفت بمولده عليه السلام ، وكما ولد فى الكعبة وإستقبل الحياة من قلبها ، فإنه ودع الحياة شهيداَ ذاكراَ الكعبة على لسانه وهو يتمتم :
( فزت ورب الكعبة ) …
وبين الولادة والشهادة رحلة طويلة ، ومحطات كثيرة ، نحاول أن نقرأ فيها بين السطور مغزى هذه الولادة فى بيت الله الحرام …
ونحاول الإجابة على السؤال التالى :
ما هى العلاقة بين الصلاة وبين إمامة أهل البيت ( ع ) …؟
المعروف أن الصلاة هي معراج المؤمن ، وهي الصلة الروحية بين العبد وربه ، حيث يسبح الله ويحمده ويدعوه ويتقرب إليه ، وهي أهم العبادات على الإطلاق ، وهي كما يقول أحد العارفين أن الصلاة بالنسبة للعبادات مثل اسم الله الجامع ( الله ) في الأسماء الإلهية الحسني
كذلك الإمامة فى مفهوم مدرسة أهل البيت ( ع ) هي السبب المتصل بين الارض والسماء ،
كما ورد في دعاء الندبة الشريف حيث خطاب الإمام المهدي عليه السلام :
( أين السبب المتصل بين الأرض والسماء )
يقول الله تعالى عن الإمامة : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا )
ومذهب أهل البيت عليهم السلام هو المذهب الوحيد من بين كل الأديان والمذاهب الذى يعتقد بإمام منصوب من الله وبلاغ من النبي صلوات الله عليه وأله ، وأن هذا الإمام مازال حياَ يعيش بيننا علي صلة بالهداية الإلهية ، أي أن الهداية الإلهية تصل إلينا بتوسطه وهو المهدي عليه السلام ، فهو واسطة الفيض الإلهي علي العالم ، وهو الشاهد علي أعمال الخلائق ، هذه الشهادة التي هي ظل للشهادة الإلهية ،
يقول تعالي :
( وكذلك جعلناكم أمة وسطاَ لتكونوا شهداء علي الناس) …
فالأمة الوسط هم الأئمة من اهل البيت (ع ).. وهم الشهداء على الناس ، فهم وسطاء الهداية بين الله وبين الخلق ، وذلك مايقتضيه مقام الشهادة علي الأعمال ،وليس كل الأمة الإسلامية هم الشهود وحالها كما نري من صدر الإسلام إلي الأن
وهم خير أمة أخرجت للناس .
أي خير أئمة …
كما أن إبراهيم ( ع ) كان أمة … أي كان إماما ، حيث يقول الله عز وجل له : إني جاعلك للناس إماما ، قال : ومن ذريتي …
وذريته التي أسكنها عند البيت المحرم ، عند الكعبة ، هي محمد وأل محمد صلوات الله عليهم جميعا ..
و الأئمة هم من يدعى بهم الناس يوم القيامة :
( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ) وهم خلفاء الله في أرضه :
( إني جاعل في الأرض خليفة )
كان أدم عليه السلام أول الخلفاء الإلهيين في الأرض ، ثم في كل عصر حجة لله شاهدا على خلقه نبياَ كان أو رسولاَ أو أماما .
العلاقة بين الإمام وبين الكعبة وبين الصلاة
لقد أشار القرأن الكريم لهذه العلاقة في قوله تعالي :
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
من هنا بداية القصة لهذه العلاقة بين الثلاثة :
ذرية إبراهيم / الكعبة بيت الله المحرم / إقامة الصلاة
1 ـ أما ذرية إبراهيم (ع ) فنقرأها فى قوله تعالى :
( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي )
وذرية إبراهيم عليه السلام هم محمد صلوات الله عليه وأله وألأئمة من ذريته ، أي محمد وأل محمد ..
2 ـ أما الكعبة البيت الحرام وهي التي تمثل (القبلة ) … فنقرأها فى قوله تعالى :
( عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ )
والمعروف أن ذرية إبراهيم (ع ) المرتبطة بالوادى غير ذى زرع عند بيت الله المحرم هم ( محمد وأل محمد ) صلوات الله عليه وأله ، وهم ذرية السيدة هاجر عليها السلام من سيدنا إسماعيل ( عليه السلام )، ولأن هاجر كانت ( اَمة ) فأطلق بني إسرائيل على ذريتها (الأميين ) ، وقالوا : ليس علينا في الاميين سبيل .. ولكن الله عز وجل قال : الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل
وقال : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم .. وذلك عندما إمتثل إبراهيم ( ع ) للأمر الألهى ، وترك هاجر فى هذا الوادى الذى يخلوا من الزرع وبالتالى يخلوا من الماء ، أى يخلوا من أسباب الحياة ..!!
3 ـ أما علاقة هذه الكعبة ( بالإمامة ) وبذرية بذرية إبراهيم ( ع )…
فنقرأها فى قوله تعالى :
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ(124). سورة البقره
فهذه الأية توضح العلاقة بين ( ذرية إبراهيم ( ع ) وبين ( الإمامة ) …وهذه العلاقة هى أن الإمامة التي نالها إبراهيم ( عليه السلام ) بعد الإبتلاءات العديدة هى مستمرة فى ذريته أو فى عقبه كما فى قوله تعالى :
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ
أى فى عقب إبراهيم عليه السلام ، فكلمة التوحيد باقية فى عقب إبرهيم عليه السلام بصفتهم الورثة للكتاب ، وبصفتهم الأئمة في هذه الأمة ..
وعقب إبراهيم عليه السلام في هذه الأمة هم محمد وأل محمد صلوات الله عليهم ، ونحن نقول في التشهد في الصلاة على النبي وأله :
( اللهم صل على محمد وأل محمد كما صليت على إبراهيم وأل إبراهيم )
والسؤال هنا :
ماهى العلاقة بين ( الإمام ) من أهل البيت عليهم السلام ، وبين إقامة الصلاة ؟ وذلك فى قوله تعالى :
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )
ولنتدبر في هذه الأية الكريمة
فالأية الشريفة توضح أن الهدف من إسكان ذرية إبراهيم عليه السلام عند البيت الحرام هو
( إقامتهم الصلاة ) …والأية الشريفة تتحدث عن المفردات الأتية :
ذريتى ـ البيت الحرام ـ إقامة الصلاة
والمعروف أنه رغم أن الكعبة البيت الحرام هى قبلة المسلمين فى صلاتهم ، وهى مركز طوافهم فى حجهم ، وهى مذكورة فى الأية الكريمة مع ذرية إبراهيم (ع ) ومع ذلك قالت الأية الكريمة : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ )…
أى إلى ( ذرية إبراهيم وإسماعيل )…
أى إلى ( محمد وأل محمد ) صلوات الله عليهم …
ولم يقل تهوى ( إليه ) أى إلى البيت الحرام …
فلنتأمل ، ونتفكر ، ونتدبر ، ونعقل إذا فالمقصود بالتوجه إليهم ، والحوم حولهم ، أو الحوم حومهم ، هم أهل البيت عليهم السلام وعظيمهم ( على ) عليه السلام … |
بصفتهم أئمة هذه الأمة ، والكلمة الباقية فى عقب إبراهيم عليه السلام ، وورثة الكتاب ، وأنه كما أنه لا صلاة دون توجه للكعبة المشرفه ، فلا إقامة كاملة للصلاة بحدودها ، وأدابها الباطنية الكاملة ، وبالخشوع والحضور والاطمئنان والعروج إلى الله إلا من إمام معصوم عصمة تامة ظاهرة وباطنة ، وبالتالى لا تكون الصلاة كاملة وتامة من المسلمين إلا بولاية الإمام المعصوم من أهل البيت ( ع ) ، وبالإئتمام به ومعرفته ، وبيعته ، وركوب سفينتهم ، والإهتداء بهديهم …
وهنا نستطيع أن نفهم قول الرسول صلوات الله عليه وأله :
( من مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) صحيح مسلم
وهنا وجه أخر للشبه بين الإمام والصلاة ، فعدم معرفة الإمام تؤدي إلي الميتة الجاهلية أي إلى احباط ثواب باقي الأعمال ، وكذلك عدم قبول الصلاة تؤدي إلي عدم قبول باقي الأعمال ، كما ورد في الحيث الشريف ( أول ما يُسأل عنه العبد الصلاة ، فإن صلحت قُبلت وسائر العمل ، وإن فسدت رفضت وباقي العمل ) ..
هذا هو الإمام المعصوم والمصطفى من أهل بيت النبوة هو الذى ينطبق عليه هذا الحديث الشريف ،، إمام مثل علي والحسن والحسين عليهم السلام ..
وليس كما فهمه الأخرون بأنه الذى يختاره الناس بالشورى ، أو بالتغلب بالقوة ، أو بالوراثة الملكية ، والذى وصل الحال أن يدعيها أمثال داعش والنصرة والقاعدة ، ومن قبلهم العثمانية ، والعباسية ، والأموية ، والتى كانت نتيجتها أنهار من الدماء تسيل على مدار العصور والشهور … وتشويه لصورة الإسلام ، وتقديمه فى صورة لا تليق بالرسالة الخاتمة ، ومنذ صدر الإسلام حتى الأن ..!!
بل الأن ، كما نرى بأعيننا ، تم لصق الإسلام ونبي الإسلام صلوات الله عليه بالإرهاب والتطرف والقتل والتمثيل بالجثث والدماء والعصبية ، والجاهلية ، والتخلف ….
وكذلك أستطيع أن أفهم الأن معنا قولنا فى زيارة المعصومين عليهم السلام :
(أشهد أنكم أقمتم الصلاة) وإرتباطها بقوله تعالى : (ربنا ليقيموا الصلاة)
وكنت أتساءل عندما كنت أقرأ فى الزيارة الشريفة عبارة ( وأقمتم الصلاة ) فكنت أقول في نفسي : لماذا مدحهم الله عز وجل بإقامة الصلاة ؟
مع أن ملايين المسلمين يقيمون الصلاة … الحقيقة أنهم ـ أى الناس ـ لا يقيمون الصلاة بل يؤدون شكلها ، كما قال الرسول صلوات الله عليه وأله :
( صلوا كما رأيتمونى أصلى )
أى الصورة ، أما الصلاة الحقيقية ، بخشوعها وأدابها الباطنية ، والعروج بها ، فهى لاتكون بكامل مراتبها ودرجاتها وأدابها الظاهرية والباطنية ، إلا من المعصوم أو من يقترب منه ، وحسب المعرفة والقرب والإتباع من الأمة للمعصوم تكون الصلاة صلة ، تامة ، كاملة .. وهذه أكبر نعمة من نعم الولاية لمحمد وأل محمد عليه السلام ، ولا تتعجب فحتى النجاة فى يوم القيامة لا تكون إلا بإتباعهم عند المرور على الصراط ،
يقول تعالى : ( يوم ندعوا كل إناس بإمامهم )
هذه هى الإمامة التى أرادها الله للأمة ، هى هداية ورحمة ونجاة من النار .. هى إقامة حقيقية وكاملة وتامة للصلاة هى عبور على الصراط ، هى الوسيلة فى الدنيا ، هي صلة ، كما الصلاة وهى الشفاعة فى الأخرة …
وللتأكد نستطيع أن نصارح أنفسنا : هل نحن نخشع في صلاتنا حقاَ ؟!
وهل ينطبق علينا قوله تعالي :
(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) ….؟
ولذلك فلا ولاية حقة بدون صلاة ،، ولا صلاة حقيقية بدون ولاية
فمن مات ولم يعرف أمامه مات ميتة جاهلية
وقوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67 المائدة )
والتي نزلت عندما أخذ الرسول صلوات الله عليه وأله البيعة لعلي عليه السلام في غدير خم ، ومعنى فما بلغت رسالته كأنما الأمة عادة إلى زمن الجاهلية مرة أخرى …
فزت ورب الكعبة
ولذلك عندما يستشهد أمير المؤمنين على عليه السلام مقتولاَ بالسيف وهو واقف فى المحراب يصلى ، طاعة للأمر الألهى فى حق الذرية الطاهرة : ( ربنا ليقيموا الصلاة ) …تحقق يقينه بأن يلقى الله وهو فى حالة عروج ملكوتى ، منفذا للأمر الألهى :
( ربنا ليقيموا الصلاة ) فقال قولته الخالدة ( فزت ورب الكعبة )
فجعل الله أفئدة من الناس تهوى إليه وإلى الأئمة من ذريته عليهم السلام
والسلام على علي يوم ولد ، ويوم استشهد ، ويوم يبعث حياَ