الرئيسية / من / هكذا اتلُ القرآن – 7 آداب لقارئ الكتاب العزيز

هكذا اتلُ القرآن – 7 آداب لقارئ الكتاب العزيز

الأدب السادس: التطبيق

 

من الآداب المهمة لقراءة القرآن التي تنيل الإنسان النتائج الكثيرة والاستفادات غير المعدودة هو التطبيق.

 

وكيفيّته أنه حينما يتفكر في كل آية من الآيات الشريفة يطبق مفادها في حاله ويرفع نقصانه بواسطة هذا التطبيق ويشفي أمراضه به، مثلاً في قصة آدم عليه السلام الشريفة يتفكر أنّ مطرودية الشّيطان عن جناب القدس مع تلك السّجدات والعبادات الطويلة لماذا؟ فيطهّر نفسه منه لأن مقام القرب الإلهي مقام المطهّرين، فمع الأوصاف والأخلاق الشيطانية لا يمكن القدوم إلى ذلك الجناب الرفيع. ويستفاد من الآيات الشريفة أن مبدأ عدم سجود إبليس هو رؤية النفس والعجب فطبّل أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.. فهذا العجب صار سبباً لحب النفس والاستكبار، وصار سبباً للاستقلال والاستكبار وعصيان الأمر فصار مطروداً عن الجناب.

 

ونحن خطبنا الشيطان من أول عمرنا ملعوناً ومطروداً واتصفنا بأوصافه الخبيثة ولم نتفكر في أن ما هو سبب المطرودية عن جناب القدس إذا كان موجوداً في أي شخص، فهو مطرود وليس للشيطان خصوصية، فما كان سبباً لطرده عن جناب القدس يكون مانعاً من أن نتطرّق إليه، وأنا أخاف من أن نكون شركاء ابليس في اللعن الذي نلعنه.

 

وبالجملة، من أراد أن يأخذ من القرآن الشريف الحظ الوافر والنصيب الكافي فلا بد له أن يطبّق كل آية شريفة من الآيات على حالات نفسه حتى يستفيد استفادة كاملة، مثلاً يقول الله تعالى في سورة الأنفال في الآية الشريفة: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾1 .

 فلا بد للسالك من أن يلاحظ هل هذه الأوصاف الثلاثة منطبقة عليه، وهل قلبه يجِلُ إذا ذكر الله ويخاف؟

وإذا تليت عليه الآيات الشريفة الإلهية يزداد نور الإيمان في قلبه؟ وهل اعتماده وتوكله على الحق تعالى؟ أو أنه في كل من هذه المراحل راحل

ومن كل هذه الخواص محروم؟ فإن أراد أن يفهم أنه من الحق تعالى خائف وقلبه من خوفه وجل فلينظر

 

إلى أعماله.

 

الإنسان الخائف لا يتجاسر في محضر الكبرياء إلى مقامه المقدس ولا يهتك الحرمات الإلهية في حضور الحق، وإذا قوي الإيمان بتلاوة الآيات الإلهية يسري نور الإيمان إلى المملكة الظاهرية أيضاً، فغير ممكن أن يكون القلب نورانياً ولا يكون اللسان والكلام والعين والنظر والسمع والاستماع نورانياً. كما أنه إذا توكل أحد على الله تعالى واعتمد عليه فيقطع الطمع عمّا في أيدي سائر الخلق، ويحط رحل حاجته وفقره إلى باب الغنيّ المطلق، ولا يرى سائر الذين هم مثله فقراء ومساكين حلاّلين لمشاكله. فوظيفة السالك إلى الله هي أن يعرض نفسه على القرآن الشريف، فكما أن الميزان في صحة الحديث وعدم صحته واعتباره وعدم اعتباره أن يعرض على كتاب الله فما خالف كتاب الله فهو باطل وزخرف. كذلك الميزان في الاستقامة والاعوجاج والشقاوة والسعادة هو أن يكون مستقيماً وصحيحاً في ميزان كتاب الله، وكما أن خلق رسول الله هو القرآن فاللّازم له أن يجعل خلقه موافقاً للقرآن حتى يكون مطابقاً لخلق الوليّ الكامل أيضاً، والخلق الذي يكون مخالفاً لكتاب الله فهو زخرف وباطل.

 

وكذلك جميع المعارف وأحوال قلبه وأعمال الباطن والظاهر له لا بد أن يطبّقها على كتاب الله ويعرضها عليه حتى يتحقق بحقيقة القرآن ويكون القرآن له صورة باطنية.

 

وأنت الكتاب المبين الذي     بأحرفه يظهر المضمر

 

ففي الكافي الشريف بإسناده إلى سعد الخفّاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: “يا سعد، تعلّموا القرآن، فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف ثمانون ألف صفّ أمّة محمد وأربعون ألف صف من سائر الأمم، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلّم فينظرون إليه ثم يقولون لا إله إلا الله الحليم الكريم، إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته غير أنه كان أشدّ اجتهاداً منا في القرآن فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نُعطَه، ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم إن هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته وصفته غير أنه من شهداء البحر فمن هناك أعطي من البهاء والفضل

ما لم نُعطه. قال: فيتجاوز حتى يأتي صف شهداء البحر في صورة شهيد..

 

 ثم ذكر الحديث اتيانه صفوف النبيين والمرسلين إلى أن يعرّفه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ” الحديث بطوله.

 

وقال أبو عبد الله عليه السلام:

 “إذا جمع الله عزَّ وجلَّ الأولين والآخرين إذا هم بشخص قد أقبل لم ير قطّ أحسن صورة منه فإذا نظر إليه المؤمنون ـ وهو القرآن ـ قالوا هذا منّا هذا أحسن شيء رأينا، فإذا انتهى إليهم جازهم ” إلى آخر الحديث.

 

والأحاديث بهذا المضمون كثيرة وهي دليل واضح على ما يقوله أهل المعرفة بأن الموجودات في هذا العالم لها صور أخروية، ومن أحاديث هذا الباب يستفاد أن للأعمال أيضاً صوراً أخروية.

 

وفي الكافي الشريف بإسناده إلى باقر العلوم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم:

 

 “أنا أول وافد على العزيز الجبّار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمّتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي “.

 

 

 

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...