الرئيسية / بحوث اسلامية / الحسين في الفكر المسيحي – انطوان بارا

الحسين في الفكر المسيحي – انطوان بارا

الصفحة (165)

وهل بمَكنَتِك وأنت خارج للتوّ من معمعة تخاذلك ؟

يا نفسي ارحميني ، كنتُ ضالاًّ فاهتديتُ ، وكنتُ طمّاعاً فشفيت .

لثورة الحسين شعارات لا يحتملها إلاّ المؤمن .

أنا مؤمن ، أنا مؤمن .

وكيف ستبرهن على إيمانك ؟

بكَوني مسلماً ، وبعملي بمبادئ الحسين منذ التوّ .

لا يكفي هذا ، فقد كنت مسلماً حينما خذلت الحسين .

يا نفسي ، رحماك ، أشيري بما يتوجّب عليَّ فعله وسأفعله .

أولاً : أن تلزم نفسك بكلّ كلمة نطق بها سيّد الشهداء .

سأفعل ، سأفعل .

وأن تعمل بكلّ مبادئه مهما لحقك من أذى .

لم تعد تهمّني حياتي ، بل راحة ضميري كمسلم .

وأن تبدأ منذ الآن بهدم أصنام مجتمعك وأخلاقك .

سأهدمها ، واُفتّتها .

وأن تنصر الحسين .

تقصدين مبادئه التي أعلنها ؟

أجل ، وقصدي أن ترعى بنفسك ما زرعه في داخلك ، وتُتمّم ما بدأه فيك .

هلاّ أخبرتِني بما زرعه لأكون على بيّنة ؟

زرع فيك حبّ الخير ، وعشق الحقّ ، وسلامة العقيدة ، والثورة على الظلم ، والتصدّي لمحرّفيّ السنن ، وزارعي الفتنة ، ومحقّري الرسالات السماويّة .

يا ويلي ، يا ويلي من لقاء وجه ربّي ! كلّ هذا كان ونحن عنه غافلون؟

الصفحة (166)

أجل ، ولهذا ثار الحسين ، ولهذا قُتل مع ذريّة الرسول .

كفى يا نفسي ، كفى ، أكاد أذوب حسرة .

وأنت ساكت عن كلّ ذلك .

آه ، إنّي حزين ونادم ، ليتني أفقت قبل ذلك ، كنت نائما مخدّراً قبل أن رأيت رأس سبط الرسول

لى سنّ رمح كرأس قاطع طريق أو مجرم .

أتعرف مَن فعل ذلك ؟

أعرف ، أعرف ، يا ويلك يا يزيد من انتقامي !

لقد قُتل ابن فاطمة الزهراء وابن علي وحفيد محمّد وشقيق زينب ووالد سكينة والسجّاد . هؤلاء

أخيار الله من عترة نبيّك الذي هداك إلى رسالته .
سحقاً لك يا يزيد وسحقاً لي ولكلّ مَن سكت عنك ! ولكن صبراً ، فلن تفلت من انتقامنا .
لو قلت هذا مع حسين لما تحمّلت وزر دمه الطاهر .

ليتني قلته معه .

كنت خنوعاً وقتها ، ذليلاً ، مساوماً على إنسانيّتك لشيطان أطماعك ، مؤثّراً السلامة على سلامة دينك ، فقبحاً لك !

  • صوت بكاء ونشيج ولطم على الخدود .

  • عشرون عاماً بعد مقتل أمير المؤمنين علي ، وأنت صامت حيال التّقتيل والظلم وسرقة الأموال واستباحة الأعراض ، وتحريف السنّة .

  • * صوت البكاء يعلو ويزداد لطم الخدود

الصفحة (167)

كنت مغرماً بعشق ذاتك حتّى بَلا الله خيارك ، فوجدت نفسك كاذباً في موطن ابن بنت نبيّك ، فبخلت عنه بنفسك حتّى قُتل أمام عينَيك ، وأنت لا تمدّ لنصرته يداً ، ولا تجادل عنه بلسانك ، ولا تقوّيه بمالك ، فما عذرك عند ربّك ساعة لقاء نبيّك ؟

  • عويل وصراخ كصراخ الذبيح وقرع على الصدور .

  • لقد وَنيتَ ، وتربّصت ، وانتظرت حتّى قُتل فيك ولد نبيّك وسلالته وبضعة لحمه ودمه ، وريحانته ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، فحقّ عليك سخط ربّك .

  • كفى يا نفسي ، فأنا راغب في الموت تكفيراً عن إثمي ، فأرشديني .

    لا عذر لك أمام نبيّك يوم القيامة ، إلاّ عندما تقتل قاتلي ابن نبيّك ، فلا ترجع إلى أهلك وأطماعك الدنيويّة حتّى ترضي الله ونبيّه بالانتقام من قاتلي شهيد كربلاء .

    لن يهدأ ضميري حتّى أقضي بما تَشْرِين .

  • إذاً هيّا أصلح مجتمعك وأخلاقك وطهّرهما .

  • وهل سأكون وحدي ؟

  • عندما تخطو وحدك ستلتقي خطواتك بخطوات مسلم آخر على الدرب .

  • وإلى أين يقودنا الدرب ؟

  • إلى عرش يزيد ، وإلى صرح كلّ طاغية وظالم

  • وإذا سقط يزيد . هل يصلح الإسلام .

  • ثورة الحسين لم تقم لإسقاط عرش يزيد . بل لدكّ عروش البغي في كلّ زمان ومكان .

الصفحة (168)

لم أفقه شيئاً .

ستفقه كلّ ذلك بعد أن تؤدّي ضريبة دينك وعقيدتك . وتكفّر عن إثمك ، وتبرهن عن ندمك بخذلانك الحقّ والسكوت عن الباطل ، عندها ستفتّح بصيرتك وتفهم كلّ شيء .
ومبادئ ابن النبي الأكرم لن تستعصي على ضميري اللهوف إلى تشرّبها ؟
أجل ، لن تستعصي بعد أن تفعل ما أمرتك به .

وهذا المفترق ، بأيّ طريق أسلك منه لأصل إلى خلاص نفسي ؟ .
اسلك هذا الطريق الذي قلّ السالكون به ؛ لأنّه طريق الحقّ الذي عناه أمير المؤمنين علي .
وهذا الطريق سيمكّنني من إراحة ضميري والتكفير عن تقصيري وإعادتي إلى حظيرة نبيّي محمّد ، والانتقام من قاتلي سبطه وذريّة بيته ؟

أجل ، وسيستردّني من الشيطان الذي بعتني له…. أنا نفسك .

وما اسم هذا الطريق ؟

طريق الحسين .

الصفحة (169)

معجزات الشهادة الزمنية

فـيا لك حسرةً ما دمتُ iiحيّاً      تَـردّد بين حلقي iiوالتراقي
فـلو فلق التلهف قلبَ iiحيٍّ      لـهمّ الـيوم قلبي iiبانفلاقِ
فقد فاز الاُلى نصروا حسيناً      وخاب الآخرون إلى النفاق(1)

هكذا كان يقول لسان حال مسلم ما بعد الثورة ، فهو بعد خذلانه لبطل الطفّ صار يحسّ نقيصة تفري ضعفه الباطني ، جعلته يتفرّس طويلاً في خيالات اُولئك الأشاوس الذين قضوا فوق ثرى كربلاء دون الحقّ الذي رفع رايته أسد الحقّ وسار بها إلى حيث المصارع والحمام وهو عالِم بما ستؤول إليه حركته .

ــــــــــــ
(1) أبيات قالها عبيد الله بن الحر الجعفي ندماً على قعوده عن نصرة الحسين (عليه السّلام) .

الصفحة (170)

وحركة الحسين (عليه السّلام) كان لها هدفان لا ثالث لهما :

الأول : إحداث رجّة عنيفة في كيان الاُمّة الإسلاميّة ، وهذا هدف مبدئي وليس مرحلي أو نهائي .
الثاني : وضع الاُسس النهائيّة والمبادئ الضروريّة لحفظ كيان العقيدة إلى الأبد ، محاذراً بها أن تزل أو تضعف أو تضمحل على يد أفراد أو سلاطين ، وهذا هو هدفها الجوهري والرئيس والأساسي .

وليس في سدى الحركة أو لحمتها ما ينبئ عن هدفٍ ثالث ، وكلّ الذين وضعوا لهذه الحركة هدفاً ثالثاً إنّما كانوا يرتدّون بها من حيث لا يدرون ، ويقصدون إلى مسار آني مرحلي لا يملك من مبرّرات وجوده إلاّ الوقت الزائل بزوال أسبابه .

فما ذهب إليه إذاً مؤرّخو الحركة من إسناد هدف إسقاط عرش يزيد أو حكم بني اُميّة لثورة الحسين كهدف بحدّ ذاته قامت الثورة لأجله ، كان في معظمه إسناد لا يتكّئ على الحقيقة الجوهريّة للثورة .

فسقوط عرش يزيد كان واحدة من معجزات الثورة الزمنيّة أي تلك المتعلّقة بأشكال الحكم القائمة ، أو بالأفراد الذين يسوسون الاُمّة في تلك المرحلة ، وإذا كان لهذه المعجزة من سبب وهدف فليس إلاّ لأنّها متمّمة للمعجزتين ( الروحيّة والاجتماعيّة ) اللتَين كانتا الهدف الأسمى لثورة الشهيد .

وبتحديد أدقّ كانت المعجزة على مستوى ضمير اُمّة الإسلام هي الهدف الأوحد لثورة الحسين الذي به قوّمت الاُمّة وعقيدتها ، والتي شكّلت أساس كلّ المعجزات الاُخرى التي لا بدّ وأن تتحقّق من أجل استكمال صورة المعجزة الروحيّة بتمامها ، فتصبح لها سنداً وعضداً وعاملاً مكمّلاً .

فإذا نظرنا إلى ما ذهب إليه البعض في إسناد هدف إسقاط عرش يزيد بالذات إلى حركة الحسين ، وإذا قمنا بدراسة متعمّقة لأفكار ومبادئ ومواقف هذه الثورة

الصفحة (171)

منذ انبعاثها شرارة صغيرة حتّى اكتمالها حريقاً هائلاً يأكل هيكل الاُمّة الإسلاميّة المنخور ليشيّد على أنقاضه هيكلاً سليماً ، لَما وجدنا أيّة إشارة لكون الحركة تضع مشكلة إسقاط عرش يزيد كهدف ، سواء كمرحلي أو مبدئي أو نهائي ضمن أهدافها .

فالثورة لم تكن ثورة لفرديّة مجتمع أو لشريعة حكم ، بل كانت ثورة الإنسان وشرائع الفطرة الدينيّة السليمة ، ما دام الإنسان هو المستفيد منها ، فلا يحيد عن سنّته مهما تبدّلت وتنوّعت شرائع الحكم والمجتمعات ، وله في هذا الناموس مرشداً : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )(1) .

إنّ الرمز العميق في ثورة الحسين لآية تنحت في الفطرة الإلهيّة الأزليّة التي لا زمان ومكان وأحكام تقيّدها ، فإذا كانت ثمّة من تبدّل أو إكمال لهذا الرمز في بعض مواقع وظروف ، فليس معنى ذلك صيرورته رمزاً ظرفيّاً أو زمنيّاً صرفاً ، بل إنّ الظرفيّة والزمنيّة تنجرفان أمامه أو تلتصقان به بحكم مروره فيهما أو فوقهما .

وعندما جاءت هذه الثورة لم تطلب من الإنسان أن يأخذ بجزئيّاتها وتفاصيلها ، بل دعته للنظر إليها بمنظور شمولي ، وأن يقف بعيداً عنها مسافة كافية ليتبيّنها جيّداً ، فهي شكّلت الإطار والصورة معاً ، ومن الإغماط لها كثورة قدسيّة أن ننظر إليها كصورة فحسب أو كإطار وحده .

فلو نظرنا إليها بهذه السطحيّة لكنّا كمَن يخضب الفطرة الإلهيّة بالصنعة البشريّة ، ولوجب علينا أن ننظر على مقياسها إلى موقعة كربلاء ، نظرة مادّية صرفة

ــــــــــــــ
(1) سورة الروم / 30 .

الصفحة (172)

تقودنا إلى اعتبارها موقعة عسكريّة ليست إلاّ .

فهي في شكلها المادّي الصرف موقعة عسكريّة صرفة ، هزمت فيها الكثرةُ القلّة ، وفي مضمونها لا تحتوي على أدنى شَبه بالمعارك العسكريّة .

وكرمز روحي ، وكعبرة زمنيّة موحى بها من السرّ الإلهيّ كانت معركة كربلاء من جانب الحسين رمزاً لوقفة الحقّ على ضعف وسائله لا لحمته ، ومن جانب يزيد كانت رمزاً لجَولة الباطل الذي يفوز بوسائله على بطلانها .

فمن هذه النقطة بالذات يتاح لنا النظر إلى إكمال المعجزة الروحيّة الأساسيّة للثورة بمعجزة زمنيّة ، تتجلّى في سقوط عرش يزيد بواسطة ذلك الحقّ ضعيف الوسائل، ذاته الذي كانت له الغلبة عليه في كربلاء بأنّها عكس لدورة الحقّ والباطل ، وتبيان للقوّة الحقيقيّة لكلّ منهما . وفي هذا سرّ فوق بشري تقدّمه العناية الإلهيّة لمَن شكّكت نفوسهم ، وتهاوت عزائمهم أمام نجاح جولة الباطل ، كما حدث للضحّاك بن عبد الله المشرقي الذي لازَمَ الحسين منذ بدء ثورته ، ولمّا لَم يبقَ فوق أرض المعركة إلاّ اثنان كان هو ثالثهما . استأذن الحسين بالذهاب تاركاً إيّاه أمام قوّة الباطل ، نافذاً بجلده مستشعراً ضعف وسائل الحقّ التي يحارب بها .

وفي موقف الضحّاك عكس لموقف الحرّ بن يزيد الرياحي ، الذي انضمّ إلى الحسين عن وعيٍ تامّ بغلبة الباطل على الحقّ ، فترك صفّ الباطل المنتصر ، وانضمّ إلى صفّ الحقّ المتهيّئ للهزيمة .

وفي مقولة الرسول الأعظم : (( أنا وأهل بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا ، فمَن تمسّك بنا اتّخذ إلى ربّه سبيلاً )) ، دلالة كافية على حتميّة التمسّك بالشريعة التي هي سبيل إلى الربّ ، لا لغاية زمنيّة اُخرى .

إلاّ أنّ معجزة الشهادة الزمنيّة فرضتها حتميّة الشهادة بذاتها ، فالحسين عندما ثار

الصفحة (173)

لم يقل : إنّي خرجت لإسقاط يزيد أو دكّ عروش بني اُميّة ، بل قال : (( وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي )) .

خرج لطلب الإصلاح في اُمّة محمّد ، ولإحقاق الحقّ في المجتمع الإسلامي(1) ، ولرفع الظلم والضنك عن كاهل الفرد المسلم ، ولإحلال مناقبيّة أخلاقيّة جديدة تحلّ محلّ تلك المناقبيّة المدجّنة التي ربضت في النفوس ، ولذبّ أذى المنتهكين عن العقيدة الوليدة ، كان هذا هدفه ، وكان ضمير الاُمّة مرمى كرته .

لم يكن عرش يزيد إذاً كهدف بحدّ ذاته سعى الحسين بثورته إليه ، بل كان هدفاً مكمّلاً لهدفٍ أسمى لا دخل له بالعروش الزمنيّة بقدر ما كان دخله بأنماط الحُكم في كلّ زمان ومكان ، وبأنماط الشخصيّة الإسلاميّة ، وبأساليب أخذها للسنّة والعمل بها ، كما لم تكن موقعة كربلاء معركة عسكريّة انتهت في العاشر من محرّم بانتصار وانكسار ، بل كانت رمزاً لموقف أسمى لا دخل له بالصراع بين القوّة والضعف ، بين العضلات والرماح ، بقدر ما كان ذا صلة بالصراع الحقيقي بين قوّة وضعف النفوس ، بين الشكّ والإيمان ، بين المسلم وعوامل إبعاده عن عقيدته .

وهو رمز يصلح لكلّ موطن وجِدَ فيه حاكم ظالم ، ولكلّ زمن اهتزّت فيه العقيدة ، ولعلّ أفضل ما يصوّر كون هذا الرمز ناموساً لكلّ العصور والأكوان هذا البيت من الشعر :

كأنّ كلَّ مكانٍ كربلاء لدى        عيني وكلَّ زمانٍ يومُ عاشورا

ـــــــــــــــ
(1) راجع نصوص الآيات الكريمة التالية : سورة الأعراف / 181 ، سورة آل عمران / 110 ، سورة الأعراف / 156 ـ 157 .

الصفحة (174)

ولكن القوّة لا تعمل إلاّ في حدود القوّة ، ولا تجد فرصتها إلاّ في مسالكها ، أمّا الشعور فبمكمن لا يتصّل به طغيان طاغية ، ولا تحامل باطل ، وفي هذا المكمن زرعت بذرة ثورة الحسين ، وامتدّت فروعها فصارت فيئاً يستظلّه المضطهدون والمظلومون ، فيجدون في فيئه الراحة والسكينة .

والثورة قدّمت طوق النجاة للمسلم الذي يريد الفوز بمرضاة الله ، فصار واحداً من اُولئك الذين عناهم الرسول الأعظم بقوله : (( مَثَل أهل بيتي كسفينة نوح ؛ مَن ركبها نجا ، ومَن تخلّف عنها غرق )) .

وليس المقصود في هذا القول الكريم ( مَن ركبها ) ركوباً مادّياً في حينها ، أو ( تخلّف عنها ) تخلّفاً مادّياً في ساعتها ، بل يشمل هذا المغزى كلّ الأجيال التي تُولد مؤمنة تستلهم سيرة أهل البيت وتسير على هَديها ؛ فتكون كمَن تركب سفينتها لتنجو في أيّ وقت صحّت عزيمتها .

وثورة الحسين (عليه السّلام) هي السفينة التي مخرت عباب الباطل ، ولم تزل في اليمّ حتّى الآن في رحلة بدأت أزليّة وتنتهي سرمديّة بانتهاء الدهور . وعجباً أن تكون هذه السفينة في العباب كلّ هذه القرون ، لم تزدها حمولتها التي تثقل يوماً بعد آخر وسنة بعد اُخرى إلاّ خفّة ومضاء .

وفي رغبة الإنسان ـ أيّ إنسان كان ـ أن يركب هذه السفينة ، معناه حمل لراية الكفاح التي رفعها الحسين ، وهي راية للمسلم كما لغيره . فالرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) لم يحدّد هويّة مَن يركب السفينة بالمسلم فحسب , بل بـ (( مَن ركبها نجا , ومَن تخلف عنها غرق )) . وفي هذا التعميم شموليّة لبني الإنسان عامّة .

والمعنى المجازي في قولة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ينفي الحرفيّة الكيفيّة عن القولة ، فركوب سفينة آل البيت يتجلّى في رغبة العمل بمبادئ ثورة الحسين ، والغرق بعيداً عن السفينة معناه

شاهد أيضاً

آخر تطورات معركة طوفان الأقصى في اليوم الـ 166

آخر تطورات معركة طوفان الأقصى في اليوم الـ 166 (تحديث مستمر) متابعات | 19 مارس ...