الحسين في الفكر المسيحي – انطوان بارا
1 مارس,2023
بحوث اسلامية
214 زيارة
الصفحة (175)
السكوت عن الظلم وتحريف العقيدة والعمل بروح بعيدة عن روح ثورة الشهيد ، أمّا السفينة فهي المبادئ ذاتها التي نادى بها الحسين ، فكان لها وَقْعَاً صارخاً في الضمائر جعلها تهبّ دفعة واحدة من سباتها العميق .
وعلى الرغم من تقادم العهد منذ قيام الثورة فإنّ الإنسان يسترجعها حارّة أمامه إذا ما نزعت نفسه إلى أخلاقيّاتها ، متى دعته الحاجة وحلّت به المصائب وأناخت على خلقه مظالم حكّامه ، فتعود إليه كما لو كانت متفجّرة لتوّها ، فيشارك فيها مكافحاً بصبره على بلائه ، ووقوفه في وجه الظالمين ، وبرفضه لمنطق الهدم ، فيكون بمقياس المعنى النبوي المقصود مشاركاً ثائراً كالقاسم وأخيه ، والعباس وإخوته ، وآل عقيل وعابس ، والحَجّاج والسويد ، وبرير والحرّ ، وكلّ الذين جاهدوا جهاداً مادّياً إلى جانب الحسين وسقوا غرسة الشهادة في صحراء كربلاء بدمائهم الزكيّة .
وقد أخرج ابن ماجة وأبو يعلى عن الحسين (عليه السّلام) قال : (( سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ما من مسلم تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها , فيحدث لها استرجاعاً إلاّ أعطاه الله ثواب ذلك )) .
وفي عصر الضنك والظلم والتحريف هذا الذي نعيشه ما أحرانا لأن نتشرّف بالأخذ بالمبادئ الحسينيّة ، ونجعلها لنا قانوناً حياتيّاً وأخلاقيّاً ؛ فكم من يزيد الآن فوق سطح هذه الكرة الأرضيّة ؟ وما أدرانا أن يكن أحدنا ابن زياد ، أو ابن سعد ، أو الشمر من حيث لا يدري إذا كان في ممارساته العصريّة ما يقرّبه من بعيد أو قريب لهؤلاء الشياطين المردة(1) ، فيكون كابن زياد عصره بعزوفه عن مبادئ
ـــــــــــــــ
(1) في كثير من الأحيان نواجه نوعيّات شيطانيّة متلبّسة هيئات بشريّة . نتأكّد معها بأن يزيد وشمر وابن زياد وغيرهم يتكرّرون مجدّداً في كلّ عصر وزمن ، ينتهكون الحقّ ويحلّون الحرام ويحرّمون الحلال . بينما ليس ثمّة حسين واحد فلنتأمّل في هذا .
الصفحة (176)
الحسين ، وكابن سعد زمانه بتهاونه مع الظالمين ، وكشمر مكانه في عمله ضدّ مبادئ الحقّ والعدل ، فيقتل الحسين من جديد في كلّ مرّة يقف فيها مع الباطل والزائف ؟
فمبادئ الثورة الحسينيّة ليست شكلاً للحفظ فقط ، تأخذ شاكلتها كأنّها مذهب صوفي أو تعليم نظري ، بل هي شيء كالاستحواذ تتمدّد في القلب وتختلط في الفكر ، فيغدو صاحبها قلباً وفكراً ؛ لذا فإنّ أوّل ما مسّت هذه المبادئ من نفس الإنسان مسّت شعوره الإنساني وقلبه وفكره ، فأيقظت هذه المكامن ، فأحسّ بشعوره بالندم . وبقلبه بالتوبة وبفكره بضرورة التغيير .
وإذا كنت قد أسهبت في هذه المقدّمة قبل الخوض في معنى معجزات الثورات الزمنيّة التي اجترحتها شهادة الحسين ؛ فذلك لاُبيّن مدى ما تفعله طفرة الإيمان الصادق في قرارة النفس البشرية ، ولأوضّح على أنّ من معجزات الشهادة الاُخرى أنّها لا تقنع من أمرها بما حقّقته على مستوى ضمير الاُمّة وروحيّتها ومجتمعها ، بل هي تكمل ذلك كلّه بتغيير الإطار الذي غيّرت في داخله هذه الصور الثلاث ، ووجهتها الكمال تبغي من ورائه رفع الحقيقة بكامل جوانبها أمام الأعين ، فلا تترك مجالاً لمشكّك ولا فرصة لمتخرّص .
وفي كمال الشهادة لحظة جلوة العقول والأنفس والضمائر آخر مرحلة من مراحل معجزاتها ، حينما ترفع آخر غلالة شفافة فتبدو الحقائق أشدّ وضوحاً ، فتنيل القائمين على أخذها شعوراً بالرضى عن ذواتهم .
ونِعْمَ الرضى إذا كان فيه ما يستوجب الشهادة مجدداً ، فمعجزة الشهادة قد تتطلّب شهادة اُخرى ، أو شهادات متواترة تفعل فعل النار فوق الحديد لا تنفكّ
الصفحة (177)
تتأجّج حتّى يحمى الحديد ويصير قابلاً للمعالجة .
وكما بدأت الاستجابات الفوريّة لثورة الحسين على مستوى الشعور بالهزّة المبدئي ، ثمّ تلتها مرحلة التبصّر في النفس والظروف والدوّامات ، إلى أن وصلت إلى فترة الانفجار بعد أن مرّت بمرحلة كمون نفسي وضميري ، فإنّ شكل الاستجابات للتغيير الزمني اتّخذ نفس مسار أصداء الثورة الاُولى .
وهكذا خفّ المتنادون من كلّ مكان وفي أحداقهم بقايا الكابوس الذي رانَ ثمّ عَبَر ، وتوافدوا إلى مصدر النداء يذوبون في مجهوله دون معرفتهم بكُنهه إلى حيث يعالجون فيه داء ضمائرهم في انتفاضة تعيد لها العافية ، وإلى حيث يجدّدون ثوابهم مع الله على نُصرة حُسينه في مبادئه ، بعد أن خذلوه في خروجه المادّي للثورة .
وكان أوّل الملبّين لنداء المجهول جماعة أطلقت على نفسها ( حركة التوّابين ) حيث تلاقت وتشاورت وخرجت بنتيجة : أنّها قد أخطأت بترك الحسين دون نصرة ، ورأى أنصار هذه الحركة أنّه لا مندوحة لهم من التكفير عن مقتل سبط النبي وذلك لا يحقّقه إلاّ قتل قتلته ، وفزعوا لهذه الغاية إلى خمسة من وجهاء الشيعة بالكوفة وهم : سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيب بن نجبة الغزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي .
وقد تداول الفزعون والمفزوع لهم بأمر ما كان من غرامهم بتزكية أنفسهم حتّى بَلا الله خيارهم ، فوجدوا أنفسهم كاذبين في موطنين من مَواطن ابن بنت نبيّهم (صلّى الله عليه وآله) بعد أن بلغتهم كتبه ، وقَدِمت عليهم رسله ، وأعذر إليهم يسألهم نصرته عوداً وبدءاً ، وعلانية وسرّاً ، وما كان من موقفهم حيث بخلوا عنه بأنفسهم حتّى قُتل إلى جانبهم ، فلا هم نصروه بأيديهم ، ولا جادلوا عنه بألسنتهم ، ولا قوّوه بأموالهم .
وفي جلسة المقارعة هذه مع الضمائر ، صاح في الجمع سليمان بن صرد الخزاعي
الصفحة (178)
الذي تولّى منصب الزعامة ، قائلاً : ألا انهضوا ، فقد سخط ربّكم ، ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتّى يرضى الله ، وما أظنّه راضياً حتّى تناجزوا مَن قتله أو تبيروا ، ألا لا تهابوا الموت فوالله ما هابه امرؤ إلاّ ذل ، كونوا كالأُوَل من بني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم : إنّكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ، فتوبوا إلى بارئكم ، فاقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم عند بارئكم .
وكانت صيحة سليمان بن صرد بمثابة إشارة البدء لانتفاضات لم تكن لتهدأ أو تخمد بالقوّة حتّى تتأجّج في مكان آخر .
وكانت ( ثورة التوّابين ) أوّل ردّة فعل لاستيقاظ الضمائر في اُمّة الإسلام ، تَنادى لها شيعة المدائن والبصرة ، وجمعت أنصاراً لها نفراً بعد آخر ، ولم تكد تمضي باستدعائها فترة وجيزة حتّى مات يزيد ، فاتّخذت الدعوة شكل الجهر بعد أن كانت سرّية .
حتّى إذا ما انقضت أربع سنين على تنادي التوابين للثورة , وخمس على استشهاد الحسين (عليه السّلام) ، حتّى هبّوا هبّة ضمير واحد ورجل واحد يتناوحون ويبكون ندماً في ليلة جمعة على قبر الحسين (عليه السّلام) ، ليندفعوا بعدها نحو الشام حيث أعملوا التقتيل في جيوش الاُمويّين حتى أُبيدوا عن آخرهم(1) .
والتهبت نار الثورات بعد حركة التوّابين التي اعتبرت حركة فجّرها الشعور بالتقصير والندم والرغبة الصادقة في التكفير ، فلم تكن لتهدف وهي بهذا المنطلق إلاّ للانتقام ، وقد شاركهم نفر من غير الشيعة آملين في تغيير الحكم الاُموي البغيض .
ــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري 4 / 426 ـ 436 .
الصفحة (179)
وإذا كان لهذه الانتفاضة من تأثير فإنّها أفلحت في شحن جماهير الكوفة وإيغار الصدور ضدّ الحكم الاُموي ، وهذا ما ترجم بعد تفشّي خبر موت يزيد إلى ثورة على العامل الاُموي في الكوفة عمرو بن حريث وإخراجه من قصر الإمارة ، وتنصيب عامر بن مسعود الذي بايع لابن الزبير ، وفي تنصيبه انحسر سلطان الاُمويين لفترة من الزمن عن أرض العراق .
وبانحسار ثورة التوّابين بدا أنّ جرائر يوم عاشوراء بدأت في تصفية حساباتها والأخذ بحقّها وثاراتها .
ثورةُ المدينة
دأبت العقيلة زينب (عليها السّلام) منذ وصلت إلى المدينة بعد مقتل أخيها الحسين (عليه السّلام) على إلهاب الخواطر وشحن النفوس للثورة والتأليب على حُكم يزيد ، ممّا دفع بعمرو بن سعيد الأشدق والي يزيد على المدينة لأن يكتب لسيّده عن نشاط زينب معتبراً وجودها بين أهل المدينة مدعاة لتهيّج الخواطر ، ووصفها له بأنّها فصيحة عاقلة لبيبة(1) .
كان وجود العقيلة زينب في المدينة أحد الأسباب الرئيسة ، ولكنّه لم يكن السبب المباشر للثورة ، فقد تولّد هذا السبب بعد أن وَفَدَ إلى دمشق وفدٌ من أهل المدينة وأشرافها بأمر من عثمان بن محمّد بن أبي سفيان والي يزيد ، وقد أكرمهم يزيد أيّما إكرام ، ولكنّهم ما أن عادوا من لدنه حتّى أعلنوا استنكارهم لحكم يزيد وجاهروا بشتمه ولعنه وقالوا : قَدِمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب
ــــــــــــــ
(1) هذه الرواية ذكرت في ( أخبار الزينبيّات ) وأوردتها بنت الشاطئ في ( بطلة كربلاء ) .
الصفحة (180)
الخمر ، ويضرب بالطنابير ، ويعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسمر عنده الخرّاب ، وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه .
وقام عبد الله بن حنظلة الأنصاري وكان زعيمهم وقال : جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم ، وقد أعطاني وأكرمني ، وما قبلتُ عطاءه إلاّ لأتقوّى به .
وهبّت المدينة واشتعلت ثورتها ، فسلّط يزيد على الثوّار رجلاً اشتهر بحبّه للدماء وهو مسلم بن عقبة المري ، وطلب منه أن يسوم الثائرين البيعة سوماً ، فاستباح المدينة ثلاثة أيّام وهتك الأعراض وقتل الاُلوف من الأنصار والمهاجرين وافتضّ أكثر من ألف عذراء . كلّ ذلك من أجل أخذ البيعة التي أعلنها ، إنّهم يبايعون أمير المؤمنين على أنّهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم ما شاء(1) .
وقد وصف ابن كثير المفاسد التي أنزلها مسلم بن عقبة بأهل المدينة بقوله : من المفاسد العظيمة في المدينة النبويّة ما لا يحدّ ويوصف ، ولم يكتفِ بالقتل بل عمد إلى التنكيل وإثارة مخاوف قتلاه قبل قطع رؤوسهم بالسيف . ويُحكى : أنّه لمّا جاؤوه بمعقل بن سنان أحد أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هشّ له وأطعمه ثمّ سأله : أعطشت يا معقل ؟ حوّصوا له شربة من سويق اللوز الذي زوّدنا به أمير المؤمنين . فلمّا شربها قال له بلؤم : أمَا والله لا تبولها من مثانتك أبداً ، وضرب عنقه .
وقد مات هذا الجزّار وهو في طريقه إلى مكّة ليكمل ما بدأه من وحشيّة وإجرام في المدينة ، فدفن في الطريق . ولكن بعض الغاضبين من أهل المدينة تعقّبوه واستدلّوا على قبره حيث نبشوه وأحرقوا جثّته .
ـــــــــــــــ
(1) الطبري ، ثورة المدينة 4 / 366 ـ 381 .
الصفحة (181)
ثورةُ المختار الثقفي
ولعلّها أقوى الثورات وأعنفها وأمضاها نتائج ، إذ استطاعت أن تطيح بمعظم الرؤوس التي شاركت فعليّاً في قتل الحسين ، ولقد جعل لها شعاراً بهذا المعنى ( يا لثارات الحسين ) وربطها بمحمّد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب ، وهذا ما جعل الثائرين يلتفّون حوله ، وقد اطمأنّوا إلى عدل ثورته وتمامها .
ولقد وقع عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة في خطأ قاتل حينما أقدم على محاربة الثائرين مع المختار بنفس الرجال الذين تولّوا قتل الحسين ، بعمر بن الحَجّاج ، وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي وغيرهم ، ممّا أثار في نفوس الثائرين كوامن الانتقام ، وذكّرهم بالجريمة النكراء التي اقترفها هؤلاء في كربلاء ، فكان هذا كافياً لإثارة عنفهم الذي تبدّى فيما بعد .
وكما وقع ابن مطيع بمقتل ، أنصف المختار بتوليه الحكم في طبقة ( الموالي ) وهم المسلمون غير العرب الذين كان عليهم واجبات المسلمين ولم تكن لهم حقوقهم ، وكان الاُمويّون يضطهدونهم . وقد أثار إنصاف المختار لهم حفيظة الأشراف وسادة القبائل فتكتّلوا ضدّه وأجمعوا على حربه(1) .
وكان تكتّلهم سبباً حفّز المختار للتعجيل في تتبّع قتلة الحسين وآله في كربلاء ، فتعقّبهم وأعمل فيهم القتل ، ولم يترك منهم مَن أحصى عليه ضربة أو كلمة في كربلاء وما قبلها وما بعدها(2) .
وكان عنيفاً مع اُولئك الذين شاركوا في مجزرة كربلاء ، فلم يترك ضارباً أو متكلّماً أو
ــــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري 4 / 517 .
(2) ذكرت عدّة مصادر ومنها الطبري : أنّ المختار قتل في يوم واحد مئتين وثمانين رجلاً .
الصفحة (182)
ناهباً إلاّ وأوقع عليه عنفه ، فقتل عبيد الله وأحرقه ، وقتل شمر بن ذي الجوشن وألقى أشلاءه للكلاب ، وطارد المئات والاُلوف من جندهم وأتباعهم ، فأغرقهم بالنهر ، ولم ينجَ من غضبه عمرو بن الحجّاج وشبث بن ربعي وغيرهم .
وكانت هذه القسوة التي تبدّت في ثأر المختار إحدى حكم معجزات الشهادة التي أدّاها سيّد الشهداء ، فكانت العدل الكامل في ثوب الإبادة ، وكانت قصاصاً بآثمي العاشر من محرّم استحقّت الثناء والمباركة .
وكان قصاصاً اتّخذ له من اُولئك الآثمين في محرّم وقوداً ، وجعل من جوف الكلاب قبراً للكلب الأبقع شمر الذي رآه الحسين في منامه يشدّ عليه أكثر من غيره . فسبحان القادر مسيّر الأحوال ، وموحي القصاص ، ومدبّر العدل .
ثورةُ مطرف بن المغيرة
ولم تنقضِ سنوات معدودة على ثورة المختار حتّى كان مطرف بن المغيرة بن شعبة يثور على الحَجّاج بن يوسف ويخلع عبد الملك بن مروان والي الحَجّاج على المدائن .
وقد كتب إلى أنصاره يدعوهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى جهاد مَن عَنَدَ عن الحقّ ، واستأثر بالفيء ، وترك حُكم الكتاب ؛ وذلك ليظهر الحقّ ويمنع الباطل . ولا بدّ للمتبصّر في دعوة مطرف من ملاحظة استمدادها روح كربلاء .
ثورةُ ابن الأشعث
وتستمرّ روح كربلاء في التفاعل بين المجتمعات ، وتمتدّ نارها إلى تحت
الصفحة (183)
العروش ، فلا تستكين الجماعات حيث تصلها هذه الروح ، ولا تبقى عروش حيث تصلها النار .
فبعد أن قمعت المدينة وانتفاضة الكوفة ، تأجّجت في سنة 81 للهجرة ثورة بقيادة ابن الأشعث هزّت الحكم الاُموي الذي كان على رأسه الحَجّاج ، ودامت حتّى عام 83 بعد أن أحرزت انتصارات ضخمة قبل أن يقضي عليها الحَجّاج بجيوش سوريّة(1) .
ثورةُ زيد بن علي بن الحسين
وقد بدأها في سنة 122 هـ على هَدي ثورة جدّه ، مقتبساً روحها في كربلاء ، وقد رفع لها شعاراً ( يا أهل الكوفة , اخرجوا من الذلّ إلى العزّ ، ومن الدنيا إلى الدِّين )(2) .
وقد استجابت لدعوة حفيد الشهيد الحسين جماهير عريضة في طول البلاد الإسلاميّة وعرضها ، فبويع على الثورة في الكوفة والبصرة وواسط والموصل وخراسان والرَي وجرجان ، وكان مقدّراً لهذه الثورة أن تكون أكبر الثورات المتفجّرة من شرارات كربلاء لولا أن تمّ إعلانها قبل موعد استكمال تجهيزها ، وفي توقيت مختلف عن التوقيت المتّفق عليه بين زيد وبين أهل الأمصار التي لبّت دعوته .
وقد تعرّضت هذه الثورة لأخطار عدّة ؛ بسبب الجيش الاُموي السوريّ الذي كانت قواعده في العراق ، إذ ما لبث هذا الجيش أن قضى عليها قبل أن تبدأ فاعليتها .
ــــــــــــــــ
(1) حلّل هذه الثورة المؤرّخ ولها وزن في كتابه ( الدولة العربيّة ) / 189 ـ 203 وذكرها الطبري في ( ثورة ابن الأشعث ) .
(2) مقاتل الطالبيّين / 139 والدولة العربيّة / 271 .
2023-03-01