الرئيسية / زاد الاخرة / فيما يتعلق بالغداة مابين الفجر وطلوع الشمس

فيما يتعلق بالغداة مابين الفجر وطلوع الشمس

(الفصل الأول)

فيما يتعلق بالغداة مابين الفجر وطلوع الشمس

إعلم أن هذه الساعة من الساعات الشريفة ولنا في فضلها وفي الحثّ على الذكر والتسبيح والعباده فيها روايات كثيرة مأثورة عن أهل البيت (عليه السلام)، وقد عبّر عنها في بعض الروايات بساعة الغفلة، كما روي عن الباقر (عليه السلام) قال: إنّ ابليس عليه لعائن الله يبثُّ جنوده من حين تغيب الشمس وتطلع، فأكثروا ذكر الله عزَّ وجلَّ في هاتين الساعتين وتعوذوا بالله من شر إبليس وجنوده وعوّذوا صغاركم في هاتين السّاعتين فإنهما ساعتا غفلة، واعلم أنّه يكره النوم في هذه الساعة.

 وعن الباقر (عليه السلام) أيضاً قال: نومة الغداة مشومة تطرد الرزق وتصفر اللّون وتغيّره وهو نومُ كلّ مشومٍ إن الله تعالى يقسم الأرزاق مابين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس، فإيّاكم وتلك النّومة وهذا الدعاء كما قال الطوسي في المصباح يدعى به عند طلوع الفجر الصادق:

[ اللَّهُمَّ أَنْتَ صاحِبُنا فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلهِ، اللَّهُمَّ بِنِعْمَتِكَ تَتِمُّ الصّالِحاتُ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَتْمِمْهَا عَلَيْنا، عائِذا بِالله مِنَ النّارِ، عائِذا بِالله مِنَ النّارِ، عائِذا بِالله مِنَ النّارِ].

ثم تقول: [ يافالِقَهُ مِنْ حَيثُ لاأَرى، وَمُخْرِجَهُ مِنْ حَيْثُ أَرى، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمِنا هذا صَلاحا وَأَوْسَطَهُ فَلاحا وَاَّخِرَهُ نَجاحاً]. انتهى.

ثم تقول “عشر مرات”: [ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ ما أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ عافِيَةٍ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيا فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُكْرُ بِها عَلَيَّ حَتّى تَرْضا وَبَعْدَ الرِّضا].

والأذكار المأثورة في هذه الساعة سوى مامرّ كثير وأفضلها ذكر: [ سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَاللهُ أَكْبَرُ]. الذي عبّر عنه في الحديث (الباقيات الصالحات).

وأيضاً أن يقول: [ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُميتُ وَيُميتُ وَيُحْيي وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ].

وقل إذا سمعت صوت الآذان عند الفجر: [ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإقْبالِ نَهارِكَ وَإِدْبارِ لَيْلِكَ وَحُضورِ صَلَواتِكَ وَأَصْواتِ دُعائِكَ وَتَسْبيحِ مَلائِكَتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنَ تَتُوبَ عَليَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَوّابُ الرَّحيمُ ].

وإذا شئت أن تصلّي واحتجت إلى التخلي لقضاء الحاجة فابدأ به، والمأثور من آداب التخلّي كثير نذكر منه ملخصاً: أن تقدّم رجلك اليسرى عند الدخول وتقول: [ بِسْمِ الله وَبالله ، أَعُوذُ بِالله مِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ الخَبيثِ المُخَبِّثِ الشَيطانِ الرَّجيمِ ]، وتنطق بالتسمية إذا كشفت ويجب عندئذ بل يجب وفي جميع الأحوال ستر العورة عن الناظر المحترم، ويحرم إذا قعد المرء للحاجة أن يستقبل القبلة أو يستدبرها، ويستحب أن يقول عند قضاء الحاجة: [ اللَّهُمَّ أَطْعِمْنِي طَيِّباً فِي عافِيَةٍ وَأَخْرِجْهُ مِنّي خَبيثاً فِي عافِيَةٍ ].

وقل إذا وقع نظرك على البراز: [ اللَّهُمَّ ارْزِقْنِي الحَلالَ وَجَنِّبْنِي الحَرامَ ].

وإذا أردت أن تستنجي، فاستبري أولاً ثم اقرأ دعاء رؤية الماء: [ الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ الماءَ طَهُوراً وَلَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً ].

وتقول عند الاستنجاء: [ اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَأَعْفِهِ وَاسْتُرْ عَوْرَتي وَحَرِّمنِي عَلى النّارِ ].

وتمسح بطنك إذا فرغت وقمت بيدك اليمنى وتقول: الحَمْدُ لله الَّذِي أَماطَ عَنِّي الأذى وَهَنّأَني طَعامي وَشَرابي وَعافاني مِنَ البَلوى.

ثم تخرح وتقدّم رجلك اليمنى وتقول: [ الحَمْدُ لله الَّذِي عَرَّفَني لَذَّتَه وَأَبْقى في جَسَدي قُوَّتَه وَأخْرَجَ عَنِّي أَذاهُ، يالَها نِعمَةً يالَها نِعمَةً يالَها نِعمَةً لا يَقْدِرُ الْقادِرُونَ قَدْرَها ].

وتبدأ بالإستياك إذا أردت الوضوء فإنّه يطهر الفم ويزيل البلغم ويقوي الذّاكرة ويزيد في الحسنات ويرضي الرب تعالى، والصلاة مع الإستياك ركعتين أفضل من سبعين ركعة بدونه، ويجزي الإصبع إذا لم يتيسّر المسواك، وينبغي أن يجلس عند الوضوء مستقبلاً القبلة ويضع الإناء على يمينه ويقول إذا نظر إلى الماء: [ الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ لماء طَهُوراً وَلَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً ].

ثم تغسل يدك قبلما تدخلها في الإناء وتقول إذا أدخلت يدك فيه: [ بِسْمِ الله وَبِالله اللَّهُمَّ اِجْعَلْني مِنَ التَوّابينَ وَاجْعَلني مِنَ المُتَطَهِّرينَ ].

ثم تمضمض “ثلاث مرات” بثلاث أكف من الماء وتقول: [ اللَّهُمَّ لَقّنِي حُجَّتِي يَوْمَ ألْقاكَ وَأطْلِقْ لِساني بِذِكْراكَ ].

ثم تستنشق “ثلاث مرات” وتقول: [ اللَّهُمَّ لاتُحَرِّمْ عَليَّ ريحَ الجَنَةَ وَاجْعَلْني مِمَّنْ يَشَمُّ ريحَها وَرَوْحَها

وَطَيبَها ].

ثم تبدأ بغسل الوجه وتقول: [ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهي يَوْمَ تَسْوَدُّ الوُجُوهُ وَلاتُسوّدْ وَجْهي يَوْمَ تَبْيَضّ الوجُوهُ].

ثم تأخذ كفا من الماء لغسل اليد اليمنى وتقول عند الغسل: [ اللَّهُمَّ أعطِني كِتابِي بِيَمِيني وَالخُلْدَ في الجِنانِ بيَسارِي وَحاسِبْني حِسابا يَسيراً ].

ثم تغسل اليسرى وتقول: [ اللَّهُمَّ لاتُعْطِني كِتابي بِشمالي وَلا مِنْ وَراءِ ظَهْري وَلاتَجْعَلْها مَغْلُولَةً إِلى عُنِقي وَأعُوُذ بِكَ مِنْ مُقَطِّعاتِ النِّيرانِ ].

ثم تمسح مقدّم رأسك ببلّة يمناك وتقول: اللَّهُمَّ غَشّنِي رَحْمَتَكَ وَبَرَكاتِكَ.

ثم امسح برجليك وقل وأنت تمسح: [ اللَّهُمَّ ثَبّتْنِي عَلى الصِّراطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الاقْدامُ وَاجْعَلْ سَعْيي فِيما يُرْضِيكَ عَنِّي ياذَا الجَلالِ وَالإكْرامِ ].

وقل إذا فرغت من الوضوء: [ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمامَ الوُضُؤِ وَتَمامَ الصَّلاةِ وَتَمامَ رِضْوانِكْ وَالجَنَّةَ ].

وتقول أيضاً: [ الحَمْدُ لله رَبِّ العالَمينَ ].

واقرأ سورة القدر “ثلاث مرات” واستعمل طيباً إذا فرغت من الوضوء، ثم سر إلى المسجد وعليك السّكينة والوقار وقل عند خروجك من الدار للذهاب إلى المسجد: [ بِسْمِ الله الَّذِي خَلَقَني فَهْوَ يَهْدِيني وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُني وَيَسْقِيني وَإذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتَني ثُمَّ يُحْيينِ وَالَّذِي أطمَعُ أنْ يَغْفَرَ لِي خَطِيئَتي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْما وَالحِقْنِي بالصّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الاخَرِينَ وَاجْعَلْ لِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَعِيمِ وَاغْفِرْ لأبِي ].

وإذا أردت أن تدخل المسجد فلاحظ كعب حذائك واحذر أن تكون نجاسة عالقة به، ثم قدّم رجلك اليمنى وقل: [ بِسْمِ الله وَبِالله وَمِنَ الله وإِلى الله وَخَيرُ الاسَّماء كُلِّها للّهِ، تَوَكَلْتُ عَلى الله وَلاحَوْلَ وَلاقُوَةَ إِلاّ بِالله ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَافْتَحْ لِي أبوابَ رَحْمَتِكَ وَتَوْبَتِكَ وَاغْلِقْ عَنِي أبْوابَ مَعْصِيَتِكَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ زُوارِكَ وَعُمّارِ مَساجِدِكَ وَمِمَّنْ يُناجِيكَ في اللَّيلِ وَالنَهارِ وَمِنَ الَّذينَ هُمْ فِي صَلَواتِهِمْ خاشِعُونَ، وَادْحَرْ عَنِّي الشَيْطانَ الرَّجيمَ وَجُنُودَ ابْليسَ أجْمَعينَ ].

وقل إذا أردت أن تُصلي: [ اللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُ إِلَيكَ مُحَمَّداً صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ بَيْنَ يَدَيْ حاجَتي، وَأتَوَجَهُ بِهِ إِلَيْكَ فَاجْعَلْني بِه وَجيها عِنْدَكَ في الدُّنيا وَالاخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَبينَ، واجْعَلْ صَلاتي بِهِ مَقْبولَةً وَذَنْبي بِهِ مَغْفُوراً وَدُعائي بِهِ مُسْتَجابا، إِنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمَ ].

ثم تؤذن للصلاة وتقيم، وتفصل بينهما بسجدة أو جلسة وتقول: [ اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَلْبي بارّاً وَعَيْشي قارّاً وَرِزْقي دارّاً، واجْعَلْ لي عِنْدَ قَبْرِ رَسولِكِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآله مُسْتَقَرّا وَقَراراً ].

وتدعو بما شئت وتسأل الله عزَّ وجلَّ ما تريد فإنه لا يرد بين الآذان والإقامة دعاء وتقول بعدما أقمت: [ اللَّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَهْتُ وَمَرْضاتَكَ طَلَبْتُ وَثَوابَكَ ابْتَغَيتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَلْتُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَافْتَحْ مَسامِعَ قَلْبي لِذِكْرِكَ وَثَبِّتْنِي عَلى دِينِكَ وَلاتُزِغْ قَلْبي بَعْدَ إذْ هَدَيْتَني وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الوَهّابُ ].

ثم استعدّ للصلاة وأقبل عليها بقلبك واعطف انتباهك إلى ذلة مقامك وإلى عظمة مولاك الذي تناجيه وجلاله، وكن كأنك تراه واستحي من أن تكلّمه بلسانك وأنت تتجه بقلبك إلى غيره، ثم قف بوقار وخشوع واضعا يديك على فخذيك قبال ركبتيك وافصل بين قدميك قدر ثلاث أصابع منفرجات إلى شبر، وألق نظرك إلى موضع سجودك، ثم إنو فريضة الفجر قربة إلى الله تعالى وكبّر تكبيرة الإحرام.

ويستحبّ أن تضيف إليها ست تكبيرات أُخر ترفع يديك في كل تكبيرة إلى حيال شحمة أذنيك موجّها باطن كفّيك إلى القبلة ولتكن أصابعك متصلة غير منفرجة سوى الابهام وادع بأدعية التكبيرات وهي أن تقول بعد التكبيرة الثالثة:

[ اللَّهُمَّ أنْتَ المَلِكُ الحَقْ المُبينُ لا إلهَ إِلاّ أنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسي فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، إنَّهُ لايَغْفِرُ الذُّنوبَ إِلاّ أنْتَ، وتقول بعد الخامسة: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ في يَدَيْكَ وَالشَّرُ لَيْسَ إلَيْكَ وَالمَهْدِيُّ مِنْ هَدَيْتَ عَبْدُكَ وَإبْنُ عَبْدَيْكَ ذَليلٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْكَ وَبِكَ وَلَكَ وَإليكَ لا مَلْجَأ وَلا مَنْجاً وَلا مَفَرَّ مِنْكَ إِلاّ إِلَيْكَ، سُبْحانَكَ وَحَنانَيْكَ تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ سُبْحانَكَ رَبَّ البَيْتِ الحَرام، وتقول بعد السابعة: وَجَّهْتُ وَجْهيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرضِ عالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ حَنيفا مُسْلِما وَما أنا مِنَ المُشْركين إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لله رَبِّ العالَمينَ لا شَريكَ لَه وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأنا مِنَ المُسْلِمينَ ]. ثم خافت بالاستعاذة قبل القراءة ثم أقرأ سورة الحمد متأدباً بجميع الآداب مقبلاً بقلبك متدبراً في معانيه واصمت إذا فرغت منها مقدار النَّفَس ثم اقرأ سورة من القرآن الكريم وينبغي أن تكون من أمثال سورة عمّ وهل أتى ولا أقسم، ثم تسكت أيضاً قدر النفس، ثم ترفع يديك بالتكبير إلى شحمة أذنيك على ما مضي.

ثم تركع وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى ثم تضع اليسرى على اليسرى وتفرج أصابع يديك وتملاهما بركبتيك وتحني ظهرك وتمد عنقك في مستوى ظهرك وتلقي بنظرك إلى مابين قدميك وقل:  [سُبْحانَ رَبِّيَ العَظيمِ وَبِحَمْدِهِ ].

وينبغي أن تكرر هذا الذكر “سبعاً ” أو “خمساً ” أو “ثلاثاً ” وأن تقول قبل الذكر: [ اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَلَكَ أسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَلْتُ وَأنْتَ رَبِّي خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَري وَشَعْري وَبَشَري وَلَحْمي وَدَمي وَمُخّي وَعَصَبي وَعِظامي وَما أقْلَمَتْهُ قَدَمايَ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ وَلا مُسْتَحْسِرٍ ]، ثم ارفع رأسك من الركوع وقف وقل: [ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ ]. ثم كبّر وأهو إلى السجود وأنت خاضع خاشع غاية الخضوع والخشوع وابسط كفّيك وضعهما على الأرض قبل وضع ركبتيك واسجد على تربة الحسين (عليه السلام) واذكر ذكر السجود والأفضل أن تكرر “سبعاً ” أو “خمساً ” أو “ثلاثاً ” وقل قبل الذكر: [ اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَلْتُ وَأنْتَ رَبّي، سَجَدَ وَجْهي لِلَّذي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ الحَمْدُ لله رَبِّ العالَمينَ تَبارَكَ الله أحْسَنَ الخالِقينَ. ثم أئت بالذّكر وارفع رأسك من السجود واجلس ويستحب التكبير حينئذ والجلوس متوركا وقل: أسْتَغْفِرُ الله رَبّي وَأتُوبُ إلَيْهِ. وتقول أيضا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْني وَأجِرْني وَادْفَعْ عَنِّي وَعافِني، إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِليَ مِنْ خْيرٍ فَقيرٌ تَبارَكَ الله رَبُّ العالَمينَ ].

ثم كبّر واهو إلى السجدة الثانية واعمل مثل ما عملت في الأولى، ثم ارفع رأسك واجلس جلسة الاستراحة، ثم قم وقل وأنت تقوم: [ بِحَوْلِ الله وَقوَتِهِ أَقُومُ وَأَقْعُدْ ].

فإذا استقررت قائماً فاقرأ الحمد وسورة غيرها والأفضل اختيار سورة التوحيد، ويستحب أن تقول بعد التوحيد: [ كَذلِكَ الله رَبّي ] “ثلاث مرات”.

ثم تكبّر وترفع يديك للقنوت إلى حيال وجهك وتوجّه باطن راحتيك نحو السماء وتضم أصابعك ولا تفرجها سوى الابهام، وينبغي أن تختار للقنوت كلمات الفرج، وتقول بعد ذلك: [ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَعافِنا وَأعْفُ عَنّا في الدُّنْيا وَالاخِرَةَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ ].

ثم تقول: [ اللَّهُمَّ مَنْ كانَ أصْبَحَ وَلَهُ ثِقَةٌ أو رَجاءٌ غَيْرُكَ فَأَنْتَ ثِقَتي وَرَجائي. ياأَجْوَدَ مَنْ سُئِلْ وَياأرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمْ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ ضُعْفي وَمَسْكَنَتي وَقِلَّةَ حيلَتي وَامْنُنْ عَليَّ بالْجَنَّةِ طَوْلاً مِنْكَ وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ وَعافِني في نَفْسي وَفي جَميعِ اموري بِرَحْمَتِكَ ياأرْحَمَ الرّاحِمينَ ].

وينبغي إطالة القنوت وأدعية القنوت كثيرة. ثم تكبّر وتركع وتسجد كما مضي، وإذا فرغت من السّجدتين فتجلس للتشهّد والتسليم، ويستحب أن تجلس متوركا وأن تقول قبل التشهد: بِسْمِ الله وَبالله وَالحَمْدُ لله وَخَيْرُ الاَسَّماء لله أشْهَدُ أنْ لا إلهَ ألا اللّهُ. وإذا فرغت من الصلاة فابدأ في التعقيب فالأمر به في الاحاديث كثير ومؤكد وقال الله تعالى: فَاذا فَرَغْتَ فانْصَبْ وإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ. وروي في تفسير الآية: إذا فرعت من الصلاة فأتعب نفسك بالدعاء وارغب إلى ربك وسله حاجتك واقطع رجاءك عمّن سواه.

وعن أمير المؤ منين (عليه السلام) قال: إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء وليتعب نفسه بالدعاء، والمستفاد من الروايات أنّ التعقيب يوجب الزّيادة في الرزق وأنّ المؤمن يعدّ مصلِّيا وكتب له ثواب الصلاة ماكان مشتغلاً بذكر الله بعد الصلاة، والدعاء بعد الفريضة أفضل مما بعد النافلة وبعده : وَالحَمْدُ لله رَبِّ العالَمينَ.

قال العلامة المجلسي رض: إنّ التعقيب على مايظهر من لفظه هو القرآن والدّعاء والذكر المتّصلة بالصلاة عرفا والافضل أن يكون المعقّب على وضؤ مستقبلاً القبلة، والاحسن أن يجلس على هيئة المتشهد، وأن لايتكلم في أثناء التعقيب لاسيّما في تعقيب فريضة العشاء، وذهب البعض إلى لزوم مراعاة جميع شرائط الصلاة في التعقيب، ولكن الظاهر أن المر يثاب ثواب التعقيب في الجملة إذا اشتغل بعد الصلاة بالقرآن والذكر والدّعاء ولو ماشيا.

أقول: قد ورد عن الأئمة الاطهار (عليهم السلام) للتعقيب أدعية كثيرة للدنيا والاخرة. والصلاة هي أشرف العبادات الجوارحية ولتعقيباتها المأثورة أثر بالغ في تكميلها وتتميمها، كما أنها تورث رفع الدرجات والحطّ من السيّئات وحصول المطالب والحاجات، وهذا ماحملني على أن أورد نبذا منها هنا في هذه الرسالة اقتباسا في الاغلب من كتابي (البحار) و(المقباس) للعلامة المجلسي عطر الله مرقده الشريف.

فأقول: إنّ التعقيبات المأثورة نوعان عامّة وخاصّة:

فالتعقيبات العامة

وهي مايعقب بها عامّة الصلوات فلاتخص صلاة خاصّة، وهي كثيرة ونكتفي بإيراد جملة منها:

الأول: تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والاحاديث المأثورة في فضل هذا التسبيح تفوق حد الاحصاء.

وعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة الزهراء (عليه السلام) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي.

وقد أتى في الروايات المعتبرة أنّ الذكر الكثير المأمور به في الكتاب العزيز هو هذا التسبيح ومن واظب عليه بعد الصلوات فقد ذكر الله ذكراً كَثِيراً وعمل بهذه الآية الكريمة: واذْكُروا الله ذِكْراً كَثِيراً.

وبسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: من سبّح تسبيح فاطمة سلام الله عليها ثم استغفر الله غفر الله له وهو مائة على اللّسان وألف في الميزان ويطرد الشيطان ويرضي الرب.

وبأسناد صحاح عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: من سبح بتسبيح فاطمة (عليها السلام) قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ووجبت له الجنة.

وفي سندٍ معتبر آخر عنه (عليه السلام) أنّه قال: تسبيح الزهراء فاطمة (عليها السلام) في دبر كل فريضة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم.

وفي رواية معتبرة عن الباقر (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشي من التسبيح والتمجيد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شي افضل منه لاعطاه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام) والاحاديث في فضل ذلك أكثر من أن تستوعبها هذه الرسالة.

وفي وصف هذا التسبيح: فقد اختلفت الروايات وهو على الاشهر والاظهر: أربع وثلاثون مرة: الله أكْبَرُ، وثلاث وثلاثون مرة: الحَمْدُ لله ، وثلاث وثلاثون مرة: سُبْحانَ اللّهِ. وذكر سبحان الله قد أتى في بعض الاحاديث مقدما على الحمد للّه. وقد جمع بين هذه الرويات بعض العلماء فراي أن يؤتى بالتسبيحات على الطريقة الأولى في أعقاب الصلوات وعلى الطريقة الثانية عند النوم، والعمل على الطريقة الأولى المشهورة هو الأولي على الظاهر سواء عند النوم، أو عقيب الصلوات.

ومن المسنون أن يهلل بعد التسبيحات قائلاً: لا إِلهَ إِلاّ اللّه. فعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: من سبح بعد كل فريضة بتسبيح فاطمة (عليها سلام اللّه) وعقبه بلا اله إِلاّ الله غفر الله له. والافضل أن يحصي عدد التسبيحات بسبحة مصنوعة من تربة الحسين (عليه السلام) وهو سنّة في جميع الاذكار.

ويستحب للمرء أيضاً أن يحمل معه سبحة من تراب الحسين (عليه السلام) وهي حرز من البلايا ومورثة لمثوبات غير متناهية.

وروي أن فاطمة (عليها السلام) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه، فكانت تديرها بيدها تكبّر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب (رضي الله تعالى عنه) فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلما قتل الحسين سيّد الشهداء (عليه السلام) عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته. وعن الإمام المنتظر (عليه السلام) قال: من نسي الذكر وفي يده سبحة من تربة الحسين (عليه السلام) كتب له أجره.

وعن الصادق (عليه السلام): السبحة التي من قبر الحسين (عليه السلام) تسبح بيد الرجل من غير أن يُسبّح. وقال: من أدار الحجر من تربة الحسين (عليه السلام) فاستغفر به مرّة واحدة كتب الله له سبعين مرة، وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة منها سبع مرات.

وعلى رواية أخرى: إن أدارها مع الذكر كتب له بكل حبّة أربعون حسنة. وروي أن الحور العين إذا أبصرن بواحد من الاملاك يهبط إلى الارض لأمر ما، يستهدين منه السبح والترب من طين قبر الحسين (عليه السلام).

وفي الصحيح عن الإمام موسى (عليه السلام) قال: لايخلو المؤمن من خمسة: سواك، ومشط، وسجّادة، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبّة وخاتم عقيق.

والظاهر أن للسبحة من الخزف أيضاً فضل، ولكنّها من الطين الذي لايمسّه النار أحسن. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من سبح بسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبيحة كتب الله له أربعمائة حسنة ومحا عنه أربعمائة سيئة وقضيت له أربعمائة حاجة ورفعت له أربعمائة درجة. وروي استحباب أن يكون لون خيطها أزرق. ويستفاد من بعض الروايات

أن الافضل للنساء أن يعقدن بالانامل، ولكن الاحاديث الدّاله على استحباب العقد بالتربة مطلقا هي الاكثر والاقوى.

الثاني: يستحب أن يكبر بعد الفريضة ثلاثا يرفع عند كل تكبيرة يديه إلى حيال وجهه ثم ينزلهما إلى ركبتيه أو

قريبا منهما. كما روى علي بن طاووس وابن بابويه بأسناد معتبرة عن المفضّل بن عمر قال: قلت للصادق (عليه السلام) لاي علة يكبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثاً يرفع بها يديه ؟ فقال (عليه السلام): لان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لمّا فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الاسود فلما سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثا وقال: لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ أنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَأعَزَّ جُنْدَهُ وَغَلَبَ الاَحزابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ المُلْكَ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيي وَيُميتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ.

ثم أقبل على أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة فإن من فعل ذلك بعد

التسليم وقال هذا القول كان قد أدّى مايجب عليه من شكر الله تعالى ذكره على تقوية الاسلام وجنده. وفي الصحيح

عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) أنه كان إذا فرغ من الصلاة يرفع يديه فوق رأسه ويدعو. وعن الإمام محمّد الباقر

(صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال: إذا رفع العبد كفّه إلى الله تعالى استحى الله أن يردّها خالية فإذا دعوتم فلا تضعوا

أيديكم إلا وتمسحون بها وجوهكم.

الثالث: روى الكليني بسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: من دعا بهذا الدعاء ثلاث مرات بعد الفريضة قبل أن

يحوّل رجليه غفر الله ذنوبه وإن كانت كزبد البحار: أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ذُوالجَلالِ

وَالاكْرامِ وَأتُوبُ إلَيْهِ. وعلى رواية أخرى أن من استغفر الله في كل يوم بهذا الاستغفار غفر الله له أربعين كبيرة من

سيئاته.

الرابع: روى الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: لاتدع أن تقول بعد كل صلاة: أعيذُ نَفْسي وَما رَزَقَني رَبِّي بِالله الواحِدِ الصَمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أحَدٌ، وَأعِيذُ نَفْسي وَمارَزَقَني رَبِّي بِرَبِّ الفَلَقِ مِنْ شَرِّ ماخَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَفّاثاتِ في العُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدْ،

وَأعِيذُ نَفْسي وَمارَزَقَني رَبِّي بِرَبِّ النّاسِ مَلِكِ النّاسِ إلهِ النّاس مِنْ شَرِّ الوِسْواسِ الخَنّاسَ الَّذِي

يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النّاسِ مِنَ الجِنّةِ وَالنّاسِ.

الخامس: روى الكليني في حديث معتبر عن عليّ بن مهزيار قال: كتب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن النقي

ع: إن رأيت ياسيّدي أن تعلّمني دعاء أدعو به في دبر صلاتي يجمع الله لي به خير الدنيا والاخرة فكتب (عليه السلام) تقول:

أعُوذ بِوَجْهِكَ الكَريمُ وَعِزَّتِكَ الَّتي لاتُرامُ وَقُدْرَتِكَ الَّتي لايَمْتَنِعُ مِنْها شَيٌ مِنْ شَرِّ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَمِنْ

شَرِّ الاوْجاعِ كُلِّها. وزاد في اَّخره في بعض الروايات: وَلا حَوْلَ وَلاقُوَةَ إِلاّ بِالله العَليّ العَظيمِ.

السادس: روى الكليني وابن بابويه بأسناد صحاح وغير صحاح عن الباقر والصادق (عليه السلام): إن أدنى مايجزي من

الدعاء بعد المكتوبة أن تقول:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أحاطَ بِهِ عِلْمُكْ وَأعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي

أَسْأَلُكَ عافِيَتِكَ في أُموري كُلِّها وَأعوذُ بِكَ مِنْ خِزْي الدُّنْيا وَعَذابِ الاخِرَةِ. وعلى رواية ابن بابويه: اللَّهُمَّ

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ… إلى اَّخر الدعاء.

السابع: من المسنون أن يقول إذا فرغ من الصلاة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأجِرْني مِنَ النّارِ

وَأدْخِلْني الجَنَّةَ وَزَوجْني الحُورَ العينَ. كما في الحديث المعتبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لايفتل العبد من

صلاته حتى يسأل الله الجنة ويستجير به من النار ويسأله أن يزوّجه من الحور العين.

الثامن: بسند موثق عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لما أمر الله عزَّ وجلَّ هذه الايات أن يهبطن إلى الارض تعلّقن بالعرش

وقلن أي رب إلى أين تهبطنا إلى اهل الخطايا والذنوب ؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليهنّ أن اهبطن، فوعزتي وجلالي

لايتلوكنَّ أحد من آل محمد وشيعتهم إِلاّ نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة أقضي له في كل نظرة

سبعين حاجة وقبلته على مافيه من المعاصي. وقال على رواية أخرى من تلاها عقيب كل صلاة اسكنته حظيرة

قدسي على مافيه من المعاصي، وإن لم أصنع ذلك نظرت إليه نظرتي الخاصة في كل يوم سبعين نظرة، وإن لم أصنع

قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها غفران الذنوب، وإن لم أصنع عوّذته من الشيطان ومن كل عدو ونصرته

عليهم ولم يمنعه من دخول الجنة مانع سوى الموت. وهذه الايات هي: سورة الفاتحة إلى اَّخرها، وآية الكرسي

وقراءتها إلى: هم فيها خالدون أحسن، وآية الشهادة وهي: شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأولوا العِلْمِ

قائِما بِالقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ إنَّ الدّينَ عِنْدَ الله الاسْلامُ وَمااخْتَلَفَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ إِلاّ

مِنْ بَعْدِ ماجأَهُمْ العِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ الله فِإنَ الله سَريعُ الحِسابِ. وآية الملك وهي: قُلْ

اللَّهُمَّ مالِكَ المُلْكِ تؤتي المُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمّنْ تَشاءُ وَتُعِزّ مِنْ تَشاءُ وَتُذِلّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ

الخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ تُولِجُ اللّيْلَ في النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ

وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيّ وَتَرْزِقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

وبسند معتبر عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يضره ذو حمة. وقال (عليه السلام) في رواية معتبرة أخرى قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): ياعلي عليك بتلاوة آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة فإنّه لايتحافظ عليها إِلاّ نبي أو صدّيق أو شهيد.

وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: من تلا آية الكرسي دبر كل صلاة فليس له مانع من دخول الجنّة سوى الموت.

وعلى رواية أخرى: من تلاها بعد كل فريضة قبلت صلاته وكان في أمان الله وصانه الله من البلايا والذنوب.

التاسع: روى الكليني وابن بابويه وغيرهما بأسناد معتبرة عن محمّد الباقر (عليه السلام) قال: أتى رجل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقال له شيبة الهذلي فقال: يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إني شيخ قد كبرت سنّي وضعفتْ قوتي عن عمل كنت قد عوّدته نفسي من صلاة وصيام وحجّ وجهاد. فعلّمني يارسول الله كلاما ينفعني الله به وخفّف عليّ يارسول اللّه. فقال: أعدها فأعادها ثلاث مرات فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): ماحولك شجرة ولامدرة إِلاّ وقد بكت من رحمتك فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات:

سُبْحانَ العَظيمِ وَبِحَمْدِهِ وَلاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلي العَظيمِ فإن الله عزَّ وجلَّ يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم. فقال: يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هذا للدنيا فما للاخرة. فقال: تقول في دبر كل صلاة:

اللَّهُمَّ اهْدِني مِنْ عِنْدِكَ وَأفِضِ عَليّ مِنْ فَضْلِكَ وَأنْشُرْ عَليَّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَأنْزِلْ عَليَّ مِنْ بَرَكاتِكَ. فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): أما أنّه إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمداً فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يدخلها من أيها شاء. والدعاء يختلف عن هذا الدعاء على رواية أخرى مروية أيضاً بأسناد معتبرة.

العاشر: أن يسبّح بالتسبيحات الاربعة كما روى الطوسي وابن بابويه والحميري بأسناد صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لاصحابه ذات يوم: أترون لو جمعتم ماعندكم من الانية والمتاع، أكنتم ترونه يبلغ السماء قالوا: لا يارسول الله ، قال: أفلا أدلّكم على شي أصله في الارض وفرعه في السماء. قالوا: بلى يارسول اللّه.

قال: يقول أحدكم إذا فرغ من الصلاة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أكْبَرُ. ثلاثين مرة فإن أصلهنَّ في الارض وفرعهن في السماء، وهنّ يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردي في البئر وافتراس السباع وميتة السوء وما ينزل في ذلك اليوم من السماء، وهنّ الباقيات الصالحات المذكورة في القرآن. وبأسناد أُخر صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: مَنْ سبّح بهذه التسبيحات عقيب كل فريضة أربعين مرة قبل أن يتحول من مصلاه قضي له ماسأل.

وفي صحيح آخر عن الصادق (عليه السلام): أنّ من قال دبر الفريضة: سُبْحانَ الله ثلاثين مرة مابقي عليه ذنب إِلاّ وتساقط. وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) في صحيح اَّخر قال: الذكر الكثير الذي مدحه الله تعالى في كلامه المجيد هو أن تقول: سُبْحانَ الله بعد كل فريضة ثلاثين مرة. روى القطب الراوندي أنه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) للبراء بن عازب: ألا أدلّك على أمر إذا فعلته كنت ولي الله حقا ؟ قلت بلى. قال: تسبّح الله في دبر كل صلاة عشراً بالتسبيحات الاربعة. يصرف ذلك عنك ألف بليّة في الدنيا أحدها الردّة عن دينك، ويدخر لك في الاخرة ألف منزلة أحدها مجاورة نبيّك محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم).

الحادي عشر: عن الكليني عن الصادق (عليه السلام) قال: من قال في دبر الفريضة: يامَنْ يَفْعَلُ مايَشاءُ ولايَفْعَلُ

مايَشاءُ أحَدٌ غَيْرَهُ ثلاثا ثم سأل، أعطي ماسأل.

الثاني عشر: روى البرقي في الموثق عن الصادق (عليه السلام) قال: من هلّل بعد فراغه من الصلاة قبل أن يزوّل ركبتيه بهذا التهليل عشر مرّات محا الله عنه أربعين ألف ألف سيئة وكتب له أربعين ألف ألف حسنة وكان مثل من قرأ القرآن اثنتي

عشرة مرة. ثم التفت إليّ فقال: أما أنا فلا أزوّل ركبتي حتى أقولها مائة مرة وأما أنتم فقولوها عشر مرات: أشْهَدُ أنْ

لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ إِلها وَاحِداً أحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةٍ وَلا وَلَداً. وقد روي لهذا التهليل فضل كثير لاسيّما إذا عقب به صلاة الصبح وصلاة العشاء، وإذا قري عند طلوع الشمس وغروبها.

الثالث عشر: روى الكليني وابن بابويه وغيرهما بأسناد صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء جبرائيل إلى يوسف (عليهما السلام) في السجن وقال: قل في دبر كل صلاة: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَارْزُقْني مِنْ حَيْثُ أحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أحْتَسِبُ.

الرابع عشر: في كتاب (البلد الامين) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: من أراد أن لايوقفه الله يوم القيامة على قبيح أعماله ولاينشر له ديوان، فليقرأ هذا الدعاء في دبر كل صلاة وهو: اللَّهُمَّ إِنَّ مَغْفِرَتَكَ أرْجى مِنْ عَمَلي وَإِنَّ رَحْمَتَكَ أوْسَعُ مِنْ ذَنْبِي، اللَّهُمَّ إنْ كانَ ذَنْبي عِنْدَكَ عَظِيما فَعَفوُكَ أعْظَمُ مِنْ ذَنْبِي، اللَّهُمَّ إنْ لَمْ أكُنْ أهْلاً أنْ تَرْحَمَني فَرَحْمَتُكَ أهْلٌ أنْ تَبْلُغَني وَتَسَعَني لاَنَّها وَسِعَتْ كُلَّ شَيٍ بِرَحْمتِكَ ياأَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

الخامس عشر: روى الكفعمي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنّ رجلاً شكا إليه العلة والفقر فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): قل في دبر الفرائض:

تَوَكَّلْتُ عَلى الحَيُّ الَّذِي لايَموتُ وَالحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.

وعلى رواية أخرى قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): ماعرضت لي شده إِلاّ وتمثل لي جبرائيل وقال: قل هذه الكلمات. وعلى روايات معتبرة يكرر هذا الدعاء لوساوس الصدور والدين والفاقة، وصُدّر الدعاء في بعض الروايات ب‍‍(لا حول ولا قوة إلاّ باللّه).

السادس عشر: أورد المفيد في المقنعة هذا الدعاء لتعقيب كل صلاة:

اللَّهُمَّ انْفَعْنا بِالعِلْمِ وَزَيِّنَّا بِالحِلْمِ وجَمِّلْنا بِالعافيةِ وَكَرِّمْنا بِالتَقْوى إنَّ وَليّيَ الله الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وَهُو يَتَولّى الصّالِحينَ.

السابع عشر: عن الطوسي وابن بابويه وغيرهما بأسناد معتبرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من أحبّ أن يخرج من الدنيا وقد خلص من الذنوب كما يخلص الذهب لا كدر فيه، وليس احد يطالبه بمظلمة فليقرأ في دبر الصلوات الخمس نسبة الله عزَّ وجلَّ قُلْ هُوَ الله أَحَد اثنتي عشرة مرة، ثم يبسط يده ويدعو بهذا الدعاء ثم قال (عليه السلام): هذا من المنجيات مما علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأمرني أن أعلمه الحسن والحسين (عليهما السلام) وهو هذا الدعاء:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخْزونِ الطّاهِرِ الطُّهْرِ المُبارَكِ وَأسأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظيمُ وَسُلْطانِكَ القَديمُ، ياواهِبَ العَطايا يامُطْلِقَ الاُسارى يافَكّاكَ الرِّقابِ مِنَ النّارِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّار وَاخْرِجْني مِنَ الدُّنْيا آمِنا وَأدْخِلْني الجَنَّةَ سالِما، وَاجْعَلْ دُعائي أوَّلَهُ فَلاحا وَأوسَطَهُ نَجاحا وَآخِرَهُ صَلاحا إنَّكَ أنْتَ عَلاّ مُ الغُيوبِ.

والدعاء في بعض النسخ المعتبرة هكذا: يافَكّاكَ الرّقابِ مِنَ النّارِ أسأَلُكَ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأنْ تَعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ وَأنْ تُخْرِجَني مِنَ الدُّنيا سالِما وَتُدْخِلَني الجَنَّةَ آمِنا وَأنْ تَجْعَلْ دُعائي أوَّلَهُ فَلاحا وَأوسَطَهُ نَجاحا وَآخِرَهُ صَلاحا إنَّكَ أنْتَ عَلاّ مُ الغُيوبِ.

وروى الكليني بسند معتبر عن الصادق (عليه السلام) أن من اَّمن بالله واليوم الاخر فلايدع تلاوة قل هو الله أحد بعد كل فريضة فان من تلاها جمع الله له خير الدنيا والاخرة وغفر الله له ولوالديه ولمن انحدر عنهما. وفي رواية أخرى: من قرأ التوحيد دبر كل فريضة عشراً، زوّجه الله من الحور العين.

وروى السيد ابن طاووس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): أن من تلا سورة التوحيد بعد كل صلاة أمطرت عليه الرحمة من السماء وأنزلت عليه السكينة ونظر الله تعالى إليه نظر الرحمة وغفر له

ذنوبه وقضى له ماسأل وكان في أمان اللّه.

الثامن عشر: روى الكليني رض وغيره بسند معتبر عن أهل البيت (عليهم السلام): إنّ من قال بعد كل صلاة وهو آخذ بلحيته بيده اليمنى ويده اليسرى مرفوعة بطنها إلى مايلي السماء: ياذا الجَلالِ وَالاكْرامِ ارْحَمْني مِنَ النّار ثلاثا ثم يقول ثلاثا: أجِرْني مِنْ العَذابِ الاليمِ.

ثم يؤخر اليمنى عن لحيته ويجعل بطنها ممايلي السماء ثم يقول: ياعَزيزُ ياكَريمُ يارَحْمنُ ياغَفورُ يارَحيمُ، ثلاثا ويقلب يديه ويجعل ظهورهما مما يلي السماء ثم يقول ثلاثا: أجِرْني مِنْ العَذابِ الاليمِ، ثم يقول: وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآله وَالمَلائِكَةُ وَالرّوحُ ؛ من فعل ذلك غفر الله له ورضي عنه، ووصله جميع الخلائق بالاستغفار حتّي يموت إِلاّ الثقلين الجِنَّ والانس.

التاسع عشر: روى المفيد في المجالس عن محمد بن الحنفية قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يطوف بالبيت إذا رجل متعلق بالاستار وهو يدعو بهذا الدعاء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا دعاؤك ؟ قال له الرجل: وهل سمعته ؟ قال: نعم.

قال: فادع به في دبر كل صلاة فوالله مايدعو به أحد من المؤمنين في أدبار الصلاة إِلاّ غفر الله له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء وقطرها وحصى الارض وثراها. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّ علم ذلك عندي والله واسع كريم. فقال له الرجل وهو الخضر (عليه السلام): صدقت والله ياأمير المؤمنين وفوق كل ذي علم عليم. ورواه أيضاً الكفعمي في كتاب (البلد الامين) وهو هذا الدعاء: يامَنْ لايَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ يامَنْ لايُغَلِّطُهُ السّائِلونَ ويامَنْ لايُبْرِمُهُ إلحاحُ المُلحّينَ أذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ وَحَلاوَةَ رَحْمَتَكَ.

العشرون: روى الديلمي في كتاب (أعلام الدين) عن ابن عبّاس أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: من قرأ هذه الثلاث آيات ثلاث مرات دبر صلاة المغرب أدرك مافات في يومه ذلك وقبل صلاته، فإن قرأها دبر كل صلاة من فريضة أو تطوع

كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء وقطر المطر وعدد ورق الشجر وعدد تراب الارض فإذا مات أجرى له بكل

حسنة عشر حسنات في قبره، وهي هذه الايات: فَسُبْحانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصبِحُونَ وَلَهُ الحَمْدُ فِي

السَّماواتِ وَالارضِ وَعَشِيَّا وَحينَ تُظْهِرُونَ. يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيي

الارضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ. سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلى المُرسَلينَ وَالحَمْدُ

لله رَبِّ العالَمينَ.

الحادي والعشرون: روى السيد ابن طاووس بسند معتبر عن جميل ابن دارج قال: دخل رجل على الصادق (عليه السلام) فقال له: ياسيدي علت سني ومات أقاربي وأنا خائف أن يدركني الموت وليس لي من اَّنس به وأرجع إليه. فقال له:

إن من إخوانك المؤمنين من هو أقرب نسبا أو سببا وأنسك به خير من أنسك بقريب، وإذا أردت أن يطول عمرك

وعمر أقاربك، فعليك بأن تقول عقب كل صلاة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ إنَّ رَسُولَكَ

الصّادِقَ المُصَدَّقَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ قالَ: إِنَّكَ قُلْتَ: ماتَرَدَّدْتُ في شَيٍ أنا فاعِلُهُ كَتَردُّدي في قَبْضِ

روحِ عَبْديَ المؤمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأكْرَهُ مُسائَتَهُ، اللَّهُمَّ فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ لِوَليّكَ الفَرَجَ والعافِيةَ وَالنَصْرَ وَلاتَسؤْني في نَفْسي وَلا في أحَدٍ من أحِبَّتي.

وان شئت فسمّ أحبّتك واحداً واحداً فقل: وَلا في فُلانٍ وَلا في فُلانٍ. قال الرجل: والله لقد عشت حتى سئمت الحياة وهذا دعاء في غاية الاعتبار مرويّ في جميع كتب الدّعوات .

التعقيبات الخاصّة بفريضة الصبح

إعلم أنّ ماورد من الاذكار والدعوات لتعقيب صلاة الصبح أكثر مما ورد لغيرها والاحاديث في فضل هذا التعقيب خاصّة كثيرة.

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): إن ذكر الله بعد صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أسرع في طلب الرزق من الضرب في الارض.

وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) من جلس في مصلاه يعقب من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ستره الله من النار. وعن الباقر (عليه السلام): إنّ إبليس إنّما يبث جنوده، جنود النهار، من حين طلوع الفجر إلى مطلع الشمس، ويبث جنوده، جنود الليل، من حين غروب الشمس إلى ذهاب الحمرة المغربيّة. فاذكروا الله تعالى في هاتين الساعتين ذكراً كَثِيراً فإن إبليس يبذل جهده في هاتين الساعتين حتى يجعل المر غافلاً عن ذكر اللّه.

وروي بسند صحيح عن الرضا (عليه السلام) أنّه كان في خراسان إذا صلّى فريضة الصبح قعد في مصلاه يعقب إلى طلوع الشمس، ثم يؤتى إليه بخريطة فيها المساويك فيسوك بها واحداً واحداً ثم يمضغ شَيْئاً من الكندر، ثم يأخذ في تلاوة الكتاب المجيد. وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): من قعد في مصلاه الذي صلّى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له حج بيت اللّه. وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: ياابن ادم اذكرني بعد الصباح بساعة وبعد العصر بساعة لكي اكفيك جميع ماأهمك.

وأما التعقيبات الخاصة بفريضة الصبح فهي كمايلي:

الأول: روى ابن بابويه بسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) قال: من استغفر الله تعالى بعد صلاة الفجر سبعين مرة غفر الله له ولو عمل ذلك اليوم سبعين ذنبا. وعلى رواية أخرى سبعمائة ذنب.

الثاني: روى ابن بابويه أيضاً بسند صحيح وأسناد معتبرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من صلى صلاة الفجر ثم قرأ:

قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب وإن رغم أنف الشيطان. وفي (البلد الامين) عن النبي

ص قال: من قرأ التوحيد كل يوم عشر مرات لم يدركه في ذلك اليوم ذنب وإن جهد الشيطان.

الثالث: روى الكليني بسند صحيح عن الصادق (عليه السلام): إن من قال بعد فريضة الفجر مائة مرة:

ماشاءَ الله كانَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلي العَظيمِ لم ير مكروها في ذلك اليوم. ورواها أيضاً الطوسي وغيره في كتب الدّعوات.

الرابع: روى الكفعمي وغيره عن الباقر (عليه السلام) قال: من قرأ القدر بعد الصبح عشراً، وحين تزول الشمس عشراً، وبعد العصر عشراً، أتعب ألفي كاتب ثلاثين سنة.

وعنه أيضاً قال: ماقرأها عبد سبع مرّات بعد طلوع الفجر إِلاّ صلّى عليه صفُّ من الملائكة سبعين صلاة، وترحموا عليه سبعين رحمة. وقد روي عن محمد التقي (عليه السلام) ثواب جزيل لمن قرأ سورة القدر في كل يوم وليلة ستا وسبعين مرة يقرؤها بعد طلوع الفجر قبل صلاة الغداة سبعا، وبعدها عشراً، وإذا زالت الشمس قبل النافلة عشراً، وبعد نوافل الزوال إحدى وعشرين، وبعد صلاة العصر عشراً، وبعد العشاء الاخرة سبعاً، وحين يأوي إلى فراشه إحدى عشرة، ومن ثوابها أنّه يخلق الله تعالى له ألف ملك يكتبون ثوابها ستة وثلاثين ألف عام.

الخامس: روى ابن بابويه وغيره من العلماء رضوان الله عليهم بأسناد معتبرة عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذا صليت الصبح فقل عشر مرات: سُبْحانَ الله العَظيمِ وَبِحَمْدِهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَليّ العَظيمِ فإنّ الله عزَّ وجلَّ يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهدم أو الهرم .

السادس: في (البلد الامين) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام) من أراد أن يؤخر الله تعالى أجله ويظفره بأعدائه ويصونه من ميتة السوء فليتحافظ على هذا الدعاء في كل صباح ومساء يقول ثلاثا: سُبْحانَ الله مِلأ الميزانِ وَمُنْتَهى العِلْمِ وَمَبْلَغِ الرِّضا وَزِنَةَ العَرْشِ وَسَعَةَ الكُرْسي وثلاثا الحَمْدُ لله مِلأ الميزانِ وَمُنْتَهى العِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ العَرْشِ وَسَعَةَ الكُرْسي وثلاثا: لا إِلهَ إِلاّ الله مِلا الميزانِ وَمُنْتَهى العِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ العَرْشِ وَسَعَةَ الكُرْسي وثلاثا: الله أكْبَرُ مِلا الميزانِ وَمُنْتَهى العِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ العَرْشِ

وَسَعَةَ الكُرْسي.

السابع: روى السيد بن طاووس بسند معتبر عن الرضا (عليه السلام) قال: من قال بعد صلاة الفجر مائة مرة: بِسْمِ اللّهِ

الرَّحْمنِ الرَّحيمِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَليّ العَظيمِ. كان اقرب إلى اسم الله الاعظم من سواد العين إلى بياضها

. وبأسناد معتبرة عن الصادق والكاظم (عليه السلام): إنّ من دعا بهذا الدعاء في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يتكلم أو يتحول من مكانه سبع مرات دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص وكيد الشيطان وشرّ

السلطان. وعلى بعض الروايات المعتبرة يقوله ثلاث مرات، وفي بعضها يقوله عشر مرّات، وأقله ثلاث مرّات،

وأكثره مائة مرة، وإن زاد زيد له في ثوابه.

الثامن: روى احمد بن فهد وغيره أنّه أتى رجل أبا الحسن الكاظم (عليه السلام) فشكا إليه حرفته وأنّه لايتوجه في حاجاته

فتقضى له، فقال أبو الحسن (عليه السلام): قل بعد صلاة الفجر عشرا: سُبْحانَ الله العَظيمِ وبِحَمْدِهِ اسْتَغْفِرُ الله وَأسْئَلُهُ مِنْ

فَضْلِهِ. قال الراوي: فلزمت ذلك فوالله مالبثت إِلاّ قليلاً حتى ورد عليّ قوم من البادية فأخبروني أنّ رجلاً من قومي

مات ولم يعرف له وارث غيري فانطلقت وقبضت ميراثه ولم أزل مستغنيا. وفي كتابي (الكافي) و(المكارم): أن

رجلاً يدعى حلقام قال له (عليه السلام) جعلت فداك علمني دعاءً جامعاً للدنيا والاخرة وأوجز، فعلّمه هذا الدعاء ليدعو به في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس، فواظب عليه وحسن حاله.

التاسع: روى العياشي عن عبد الله بن سنان قال: ذهبت إلى الصادق (عليه السلام) فقال: ألا أعلمك شَيْئاً إذا قلته قضى اللّه

دينك وأنعش حالك. فقلت: ماأحوجني إلى ذلك، فقال: قل في دبر صلاة الفجر: تَوَكَلْتُ عَلى الحَيّ القَيّومِ

الَّذِي لايَمُوتُ وَالحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليُّ مِنَ الذِّلِ

وَكَبِرْهُ تَكْبيراً، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِنَ البؤسِ وَالفَقْرِ وَمِنْ غَلَبَةِ الدَّينِ وَالسَقْمِ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعينَني عَلى

أداءِ حَقِّكَ إلَيْكَ وإِلى النّاسِ.

وعلى رواية الطوسي وغيره: ومِنْ غَلَبَةِ الدَّينِ فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأَعِنّي عَلى أداءِ حَقِّكَ

إلَيْكَ وإِلى النّاسِ.

العاشر: روى الكفعمي أنّ رجلاً شكا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الفقر والبؤس والمرض فوصاه بأن يدعو بهذا الدعاء في كل صباح ومساء عشر مرات. فواظب عليه ثلاثة أيام ونفي عنه الفقر والسقم.

وأتى الطوسي وغيره بهذا الدعاء لتعقيب فريضة الصبح وهو هذا الدعاء: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله تَوَكَلْتُ عَلى الحَيّ القَيّومِ الَّذِي لايَمُوتُ وَالحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليُّ مِنَ الذِّلِ وَكَبِرْهُ تَكْبيراً.

الحادي عشر: روى الطوسي والكفعمي وغيرهما عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال لاصحابه: أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عهداً عند الله تعالى، قالوا: وكيف ذلك ؟ قال: يدعو بهذا الدعاء فإذا دعا به طبع عليه بطابع، ووضع

تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الذين لهم عند الرحمن عهداً فيعطون ذلك العهد ويدخلون الجنة.

وقد ذكر الطوسي هذا الدعاء لتعقيب فريضة الصبح: اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالارضِ عالِمَ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ

الرَّحْمنِ الرَّحيمِ أعْهَدُ إلَيْكَ في هِذِهِ الدُّنْيا أنَّكَ انْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكْ وَأنَّ مُحَمَّدا

صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، اللَّهُمَّ فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ولاتَكِلْني إِلى نَفْسي طُرْفَةَ عَيْنٍ أبَدا

وَلا إِلى أحَدٍ مَنْ خَلْقِكَ فإِنَّكَ إنْ وَكَلْتَني إلَيْها تُباعِدْنِي مِنَ الخَيْرِ وَتُقَرِّبْني مِنَ الشَّرِّ. رَبِّ لا أثِقُ إِلاّ

بِرَحْمَتِكَ فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ وَاجْعَلْ لي عِنْدَكَ عَهْداً تؤدِّيهِ إِلى يَوْمِ القيامَةِ إنَّكَ لاتُخْلِفُ

الميعادَ.

الثاني عشر: في كتاب (عدة الداعي) عن الصادق (عليه السلام) قال: إنّ من دعا بهذا الدعاء في دبر صلاة الفجر قبل أن

يتكلم بشيٍ : رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ وقى الله وجهه من نار جهنم. وروى ابن بابويه في كتاب (ثواب

الاعمال) بسند معتبر: قل بعد فريضة الفجر مائة مرة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ. لكي يقي الله تعالى

وجهك من نار جهنم. وعلى رواية أخرى قل مائة مرة قبل أن تتكلم بشي: يارَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ

وَاعْتِقْ رَقَبَتي مِنَ النّار.

في سجدة الشكر فإذا فرغت من التعقيب فاسجد سجدة الشكر، وهي بإجماع من علماء الشيعة سنّة عند تجدد نعمة أو دفع بلا.

والافضل من هذه السجدة ماكانت بعد الصلاة شكراً لتوفيق الله تعالى لادائهما. وبسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) قال: إن علي بن الحسين (عليهما السلام) ماذكر لله عزَّ وجلَّ نعمة عليه إِلاّ سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عزَّ وجلَّ فيها سجود إِلاّ سجد، ولا دفع الله عزَّ وجلَّ عنه سوءاً يخشاه إِلاّ سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إِلاّ سجد، ولا وفق لاصلاح بين اثنين إِلاّ سجد.

وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمّي السّجاد لذلك. وأيضاً بسند صحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: أيّما مؤمن سجد لله سجدة لشكر نعمة في غير صلاة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات في الجنان. وبأسناد معتبرة عنه (عليه السلام) قال: أقرب مايكون العبد إلى الله وهو ساجد باكِ. وقال (عليه السلام) في صحيح اَّخر: سجدة

الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلواتك وترضي بها ربّك وتعجب بها الملائكة منك، وإنّ العبد إذا صلّى ثم

سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة. فيقول: ياملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى

فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شكراً على ما أنعمت به عليه. ملائكتي ماذا له ؟ قال: فتقول الملائكة: ياربنا

رحمتك. ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ماذا له ؟ فتقول الملائكة: ياربنا جنّتك. فيقول الرب تبارك وتعالى: ماذا ؟

فتقول الملائكة: ياربنا كفاية مهمة. فيقول الرب تبارك وتعالى: ماذا له ؟ قال: فلايبقى شي من الخير إِلاّ قالته

الملائكة. فيقول الله تبارك وتعالى: ياملائكتي ثم ماذا ؟ فتقول الملائكة: ياربنا لا علم لنا. قال: فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر لي وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي العظيمة في يوم القيامة.

وبسند صحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلاً، لكثرة سجوده على الارض. وقال فى حديث معتبر آخر: إذا ذكرت نعمة من نعم الله تعالى وكنت حيث لايراك من المخالفين أحد فضع خدّك على الارض وإن كنت تتقي منهم وكنت بمرأى منهم فاركع تواضعا لله تعالى واضعا يدك حدر بطنك تفعل ذلك لكي يظن المخالف إنك امتعضت. وفي روايات عديدة: أنّه أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى موسى (عليه السلام): أتدري لم اصطفيتك لكلامي دون خلقي ؟ فقال موسى (عليه السلام): لا يارب. فقال:

ياموسى إني قلّبت عبادي ظهراً لبطن، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي منك ياموسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب.

وبسند موثق عن الرضا (عليه السلام) قال: السجدة بعد الصلاة المكتوبة شكر لله على توفيقه عبده لاداء فرضه، وأدنى مايقال في هذه السجدة: شكراً لله ثلاثاً. فسأل الراوي مامعنى شكراً لله ؟ فأجاب (عليه السلام): إنّ معناه أنّ هذه السجدة هي شكر منّي لله تعالى على أن وفقني لان قمت بخدمته وأدّيت فرضه، وشكر الله يوجب زيادة النعمة وتوفيق الطاعة، وإذا كان قد بقي في الصلاة تقصير ولم تتم بالنوافل أتمّتها هذه السجدة.

وصفة هذه السجدة: إنّها لايشترط فيها شرط فتصح كيفما أتي بها والاحوط أن تكون السجدة على الارض وأن تسجد على المواضع السبعة كما تفعل في الصلاة وأن تضع جبهتك على ما يصحّ السجود عليه في الصلاة والافضل أن تلصق ساعديك وبطنك بالارض عكس ماتعمل في الصلاة وسنة فيها أن تضع جبهتك أولاً على الارض ثم خدّك الايمن ثم الايسر ثم تعود إلى السجود فتضع جبهتك على الارض ثانيا ولاجل ذلك يقال سجدتا الشكر، وتصح السجدة على الظاهر إذا خلت من أي دعاء او ذكر ولكن المسنون أن لاتخلو من شي منهما.

والاحسن ان يختار مايقوله فيها مما سيأتي من الاذكار والادعية. ويستحب إطالة هذا السجود كما روي عن الكاظم (عليه السلام) أنّه كان يظلّ ساجداً من بعد طلوع الفجر إلى الزوال ومن بعد العصر إلى المساء. وفي حديث آخر: إنه كانت له (عليه السلام) بضع عشرة سنة كل يوم يسجد بعد ابيضاض الشمس إلى وقت الزوال. وروي بسند صحيح أن الرضا (عليه السلام) كان يطيل سجوده حتى يبتل حصى

المسجد من عرقه، وكان يلصق خديه بالمسجد. وفي كتاب (الرجال) للكشّي: إن الفضل بن شاذان قال: دخلت

على محمد بن أبي عمير وهو ساجد فأطال السجود فلما رفع رأسه وذكر له طول سجوده قال: كيف لو رأيت سجود

جميل بن درّاج. ثم حدّث أنّه دخل على جميل بن درّاج فوجده ساجداً فأطال السجود جداً فلما رفع راسه قال له

محمد بن أبي عمير: أطلت السجود فقال: فكيف لو رأيت سجود معروف بن خرّبوذ ؟ وروي أيضاً عن الفضل بن

شاذان قال: إن حسن بن علي بن فضال كان يخرج إلى الصحراء للعبادة فيسجد السجدة فتجي الطير فتقع عليه فما يظنّ إِلاّ أنّه ثوب أو خرقة وإنّ الوحوش لترعى حوله فلاتنفر منه لما قد اَّنست به. وروي أيضاً أن علي بن مهرياز كان إذا طلعت الشمس أهوى إلى السجود فلا يرفع راسه إِلاّ إذا دعا لالف من إخوانه المؤمنين بمثل ما يدعو به لنفسه، وكان على جبينه ثفنة كثفنة البعير من طول السجود. وروي أيضاً أن ابن أبي عمير يسجد بعد صلاة الصبح فلا يرفع رأسه إِلاّ عند الظهر.

والافضل أن تكون سجدة الشكر عقيب التعقيبات وقبل النوافل. وأما لصلاة المغرب فمذهب الاكثر تأخيرها عن النوافل أيضا، ومذهب البعض تقديمها عليها، والعمل بأيهما كان فهو حسن، ولكن تقديمها على النوافل أفضل كما رواه الحميري عن الحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه، ولعل العمل بهما معا هو الاحسن.

وما يدعى به في هذه السجدة كثير وأيسره مايلي:

الأول: روي بسند معتبر عن الرضا (عليه السلام): أنك إذا شئت فقل مائة مرة: شُكراً شُكراً، وإن شئت فقل مائة مرة:

عَفْوا عَفْوا. وفي كتاب (عيون أخبار الرضا ع) عن رجاء بن أبي الضحّاك: إنّ الرضا (عليه السلام) في طريقه إلى خراسان كان

يسجد بعد الفراغ من تعقيب العصر سجدة يقول فيها مائة مرة: حَمْداً لله .

الثاني: روى الكليني بسند معتبر عن الصادق (عليه السلام): أن أقرب مايكون العبد إلى الله هو ما إذا كان ساجداً يدعو ربه

فإذا سجدت فقل:

يارَبَّ الارْبابِ وَيامَلِكَ المُلُوكِ وَياسَيِّدَ السّاداتِ وَياجَبّارِ الجَبابِرَةِ وياإلهِ الالِهَةِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ

وَآل مُحَمَّدٍ. ثم سل حاجتك.

ثم قل: فَإنّي عَبْدُكَ ناصِيَتي في قَبْضَتِكَ.

ثم ادعُ الله فإنَّه غفار للذنوب ولايستعصي عليه مسألة.

الثالث: روى الكليني بسند موثوق عن الصادق (عليه السلام) قال: رأيت أبي ذات ليلة في المسجد ساجداً فسمعت حنينه

وهو يقول: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ أنْتَ رَبّي حَقّا حَقّا سَجَدْتُ لَكَ يارَبِّ تَعَبُّداً وَرِقَّا، اللَّهُمَّ إنَّ عَمَلي ضَعيفٌ

فَضاعِفْهُ لي، اللَّهُمَّ قِني عَذابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبادَكَ وَتُبْ عَليّ إنَّكَ أنْتَ التَوّابُ الرَّحيمُ.

الرابع: روى الكليني أيضاً بسند معتبر: أن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) كان يقول في سجوده: أعُوذُ بِكَ مِنَ نارٍ

حَرُّها لايُطْفى وَأعوذُ بِكَ مِنْ نارٍ جَديدُها لايُبْلى وَأعوذُ بِكَ مِنْ نارٍ عَطْشانُها لايُرْوى وأعُوذُ بِكَ مِنْ نارٍ

مَسْلُوبُها لايُكْسى.

الخامس: روى الكليني أيضاً بسند معتبر أنّه شكا رجل إلى الصادق (عليه السلام) علّة كانت بأمّ ولدٍ يملكها فقال (عليه السلام): قل في

سجدة الشكر بعد كل فريضة: يارَؤوفُ يارَحيمُ يارَبِّ ياسَيّدي. ثم سل حاجتك.

السادس: روي بأسناد عديدة معتبرة: إن الصادق والكاظم (عليهما السلام) كانا يكثران في سجدة الشكر من قول: أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المُوتِ وَالعَفْوَ عِنْدَ الحِسابِ.

السابع: روي بسند صحيح: أن الصادق (عليه السلام) كان يقول في سجوده: سَجَدَ وَجْهي اللَّئيمُ لِوَجْهِ رَبّي الكَريمِ.

الثامن: في بعض الكتب المعتبرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أحب الكلام إلى الله تعالى أن يقول العبد وهو ساجد: إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسي فَاغْفِرْ لي ثلاثاً.

 التاسع: روي في (الجعفريات) بسند صحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يقول إذا وضع وجهه

للسجود: اللَّهُمَّ مَغْفِرَتُكَ أوْسَعُ مِنْ ذَنُوبي وَرَحْمَتُكَ أرْجى عِنْدي مِنْ عَمَلي فَاغْفِرْ لي ذَنُوبِي ياحَيّا لايَموتُ.

العاشر: روى القطب الراوندي عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا عرضتك شدة أو غم وتفاقمت فاسجد على الارض وقل: يامُذِلَّ كَلِّ جَبّارٍ يامُعِزَّ كُلِّ ذَليلٍ قَدْ وَحَقِّكَ بَلَغَ مَجْهودي فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَفَرّجْ عَنِّي. وفي عدة الداعي عنه (عليه السلام) قال: إذا نزل برجل نازلة أو شديدة أو كرب فليكشف عن ركبتيه وذراعيه إلى مرفقيه ويلصقها بالارض وليلصق جؤجؤه بالارض ثم ليدع بحاجته.

الحادي عشر: روى ابن بابويه بسند معتبر عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا قال العبد وهو ساجد: ياالله يارَبَّاهُ ياسيِّداهُ ثلاث مرات، أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي سل حاجتك. وفي كتاب (مكارم الاخلاق): إن العبد إذا سجد فقال: يارَبّاهُ ياسَيّداهُ حتى ينقطع نفسه، قال له الرب تبارك وتعالى: لبيك ماحاجتك.

الثاني عشر: في (مكارم الاخلاق) عن الصادق (عليه السلام): إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) مر برجل ساجد وهو يقول في سجوده: يارَبِّ ماذا عَلَيكَ أنْ تُرْضيَ عَنِّي كُلَّ مَنْ كانَ لَهُ عِنْدي تَبِعَةٌ وَأنْ تَغْفِرَ لي ذُنُوبي وَأنْ تُدْخِلَني الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ؟ فإنَّما عَفْوُكَ عَنْ الظّالِمينَ وَأنا مِنَ الظّالِمينَ فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ ياأرْحَمَ الرّاحِمينَ.

فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إرفع راسك فقد استجيب لك فإنّك قد دعوت بدعاء نبي عاش في قوم عاد.

أقول: قد أوردنا دعوات يدعى بها في السجود في ضمن أعمال جامع الكوفة ومسجد زيد من كتاب (مفاتيح الجنان).

وقال الطوسي في كتاب (مصباح المتهجد) عند ذكر سجدة الشكر: ويستحب أن يدعو لاخوانه المؤمنين في السجود فيقول: اللَّهُمَّ رَبَّ الفَجْرِ وَاللّيالي العَشْرِ وَالشَفْعِ وَالوَتْرِ وَاللّيلِ إذا يَسْرِ وَرَبِّ كُلَّ شَيٍ وَمَلِكَ كُلِّ شَيٍ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وافْعَلْ بي وَبِفُلانٍ وَفُلانٍ ماأنْتَ أهْلُهُ وَلاتَفْعَلْ بِنا مانَحْنُ أهْلَهُ فإنَّكَ أهْلُ التَّقْوى وَأهْلِ المَغْفِرَةِ. فإذا رفعت رأسك من السجود مسحت بيدك على موضع السجود فمررت بها على وجهك تمسح بها جانب وجهك الايمن ثم جبهتك ثم جانب وجهك الايسر ثلاث مرات وتقول في كل مرة: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ لا إلهَ إِلاّ أنْتَ عالِمُ الغَيبِ والشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحيمِ، اللَّهُمَّ أذْهِبْ عَنّي الهَمَّ وَالحُزْنَ وَالغِيَرَ وَالفِتَنَ ماظَهَرَ مِنْها وَمابَطِنَ.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...