الـشَّريف الـرّضي
وللسيد الرضي رضي الله عنه في رثاء جده الحسين عليه السلام في عاشوراء سنة 377 :
صاحـت بـذودي بغـداد فـانسنـي | تقـلّـبي في ظهـور الخيـل والـعيـرِ | |
وكلما هجهجـت بي عن مبـاركهـا | عـارضـتهـا بجنـان غيـر مذعـور | |
أطغى على قـاطنيهـا غير مكتـرث | وافعـل الفعـل فيهـا غيـر مـأمـور | |
خطب يهـددني بالـبعد عن وطنـي | ومـا خـلقـت لغيـر الـسرج والكـورِ | |
إني وإن سـامنـي ما لا أقـاومـه | فقـد نجـوت وقـد حـي غير مقمـور | |
عجـلان ألـبس وجهي كل داجيـة | والـبر عَريـان من ظبـي ويـعفـور | |
ورب قـائـلة والهـمُّ يتـحفـنـي | بنـاظـر من نطـاف الـدمع ممطـور | |
خفضّ عليـك فلـلاحـزان آونــة | ومـا الـمقيـم عـلى حـزن بمعـذور | |
فقـلت هيهـات فات السمع لائمـه | لا يعـرف الحـزن إلا يوم عـاشـور | |
يوم حدى الظعن فيه لابن فـاطمـة | سنـان مطـرّد الـكـعبيـن مطـرور | |
وخـرّ لـلمـوت لا كـفٌ تقـلبـه | إلا بـوطىءٍ من الجـرد المحـاضيـر | |
ظمآن سلّى نجيـع الطعـن غـلتّـه | عن بـارد من عبـاب المـاء مقـرور | |
كأن بيض الـمواضي وهي تنـهبـه | نـار تحـكّـم فـي جسـم من الـنـورِ | |
لله ملقى على الرمضـاء غص بـه | فـم الـردى بـعد إقـدام وتـشـميـر | |
تحنو علـيه الـربى ظلاً وتستـره | عـن الـنـواظـر أذيـال الاعـاصيـر | |
تهابه الوحش ان تـدنـو لمـصرعه | وقـد أقـام ثـلاثـاً غـيـر مقـبـورِ | |
ومورد غمرات الـضـرب غرّتـه | جـرت عليه المنـايا بـالمـصـاديـر | |
ومستـطيـل على الأيـام يقدرهـا | جَـنـى الـزمان عليه بـالـمقـاديـر | |
أغرى به ابن زياد لـؤم عنـصـره | وسعيـه لـيـزيـد غـيـر مشـكـور | |
وودّ أن يتـلافـى ماجـنـت يـده | وكـان ذلك كـسـراً غيـر مجـبـورِ | |
تسبى بنـات رسـول الله بـينـهـم | والـدين غـض المبـادى غير مستـور | |
إن يظفـر المـوت منه بابن منجـبة | فطـالـمـا عـاد ريّان الاظـافـيــر | |
يلـقى الـقنا بجبـين شـان صفحته | وقع الـقنـا بيـن تضمـيـخٍ وتعـفيـر | |
من بعد ما ردّ أطـراف الـرمـاح به | قـلب فسـيـحٌ ورأيٌ غير محصـور | |
والـنقـع يسـحب من اذيـاله ولـه | على الغـزالة جـيب غـيـر مـزرور | |
في فيـلـق شـرق بالـبيض تحسبه | بـرق تـدلىَّ علـى الآكـام والـقـور | |
بني اميـة مـا الأسـيـاف نـائـمة | عن ساهـر في أقاصـي الارض موتـور | |
والبارقـات تـلـوّى في مغـامدهـا | والسـابقـات تمطـىّ فـي المضامـير | |
إني لأرقب يـومـاً لاخـفـاء لـه | عـريـان يقـلق منـه كـل مـغـرور | |
وللصـوارم ما شــاءت مضـاربها | مـن الـرقـاب شـرابٌ غـير منزور | |
أكـلُّ يـوم لآل المصـطفـى قمـرٌ | يهـوى بوقـع الـعـوالي والمبـاتيـر | |
وكل يوم لهم بـيضـاء صـافـية | يشـوبهـا الـدهر من رنق وتـكـدير | |
مغوار قـوم يـروع المـوت من يده | أمـسـى وأصـبـح نهباً للمغـاويـر | |
وأبـيض الوجـه مشهور تغطـرفه | مـضـى بـيـوم من الايـام مشـهور | |
مـالي تعـجبت من همـي ونفـرته | والحزن جرح بقلـبي غيـر مـسبـور | |
باي طـرف أرى العـلياء ان نُضبت | عينـي ولجلجـت عنهـا بـالـمعـاذير | |
القـى الزمـان بكلـمٍ غير منـدمل | عمـر الزمـان وقلـب غـير مـسرور | |
يا جد لا زال لي هـمٌّ يحـرَّضنـي | على الـدموع ووجـد غيـر مقـهـور | |
والـدمـع تخفـره عيـنٌ مؤرقـة | خفـر الحنيّـة عـن نزع وتـوتيــر | |
إن الـسلو لمحظور علـى كبـدي | وما الـسـلـو على قلـبٍ بمحـظـور |