ردا على بيان مجلس الأمن الدولي – أنصار الله: ما يجري في اليمن حاليا ثورة شعبية سلمية ونحن ماضون بنضالنا إلى جانب أبناء شعبنا في مواجهة الفساد .
اصدر المجلس السياسي لحركة “أنصار الله” في اليمن بزعامة السيد عبدالملك الحوثي بيانا رفض فيه ما صدر عن مجلس الامن الدولي وانتقد انحياز مجلس الأمن الدولي إلى حكومة فاقدة الشرعية تقف ضد إرادة الشعب اليمني نحو التغيير وقال نتمنى أن يدرك مجلس الأمن الدولي أن ما يجري في اليمن حاليا ثورة شعبية سلمية ضد حكومة فساد ، مؤكدا “أننا ماضون في نضالنا السلمي إلى جانب أبناء شعبنا اليمني في مواجهة الفساد” .
وفی ما یلی نص بیان المجلس السیاسی لحرکة “أنصار الله” فی الیمن :
بسم الله الرحمن الرحیم
مجددا یثبت مجلس الأمن الدولی ، وما تصدر عنه من بیانات و قرارات غیر واقعیة لمجریات الأحداث بعد قرابة سبعین عاما من الفشل المتواصل فی أداء مهمته المنوطة به فی الحفاظ على الأمن و السلم الدولیین وذلک على حساب مصائر البشریة التی علقت آمالها یوما ما أن تکون مؤسسة الأمم المتحدة وما یتفرع عنها من هیئات ومنظمات منبرا لصوت الشعوب لا تابعا لبعض الدول المستکبرة الطامعة فی خیرات وثروات الآخرین.
لقد أصدر مجلس الأمن فی وقت سابق قرارا رقم 2140 بشأن الیمن بتاریخ 26 فبرایر 2014 متضمنا فقرة تهیب بالجهات المانحة والمنظمات الإقلیمیة أن تدفع ما وعدت به من التبرعات لمعالجة الوضع الاقتصادی فی الیمن، والسؤال هو: هل استجابت تلک الدول لقرار مجلس الأمن..؟ وإذا لم یکن کذلک ما هو الذی منعها من الإیفاء بتعهداتها رغم مرور ستة أشهر على صدور ذلک القرار ؟
ألیس الفساد المستشری داخل المؤسسات الحکومیة الیمنیة هو وراء تلکؤ تلک الدول وامتناعها عن الوفاء بما التزمت به، والذی مثل رسالة کافیة للسلطات الیمنیة أن تسارع إلى شن حملة مکافحة للفساد داخل مؤسساتها ، و تکاشف الشعب الیمنی عن الجهات و الشخصیات المتنفذة التی تحول دون تنفیذ الإصلاحات الاقتصادیة والإداریة، ومع ذلک لم یسمع الشعب الیمنی أی شیء سوى خطابات وتمنیات لا تغنی ولا تسمن من جوع .
إن تهاون الحکومة الیمنیة فی مکافحة الفساد داخل مؤسسات الدولة جعل البلاد تنحدر إلى الهاویة، وغیر خاف على أحد أن المنظمات الدولیة المعنیة بمراقبة درجات الفساد لدى الدول أنها صنفت الیمن من بین الأکثر الدول فسادا فی العالم، ومع هکذا حال ظلت الحکومة الیمنیة غیر آبهة بما یقاسیه المواطن من مصاعب حتى ینال لقمة عیش کریمة ،
و ذهبت إلى اتخاذ إجراء أکثر قسوة من خلال قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطیة والذی أدى إلى تداعیات باهظة الکلفة على جمیع فئات المجتمع الیمنی لتجعل من ذوی الدخل المحدود تحت خط الفقر، ومن هم تحت خط الفقر ینتظرون الموت المحقق ، وأمام هذه المأساة، والغیر منظورة أمام مجلس الأمن ،
رغم إبقائه “الحالة الیمنیة” قید الاستعراض المستمر فإن السخط الشعبی لم یکن منتظرا لأحد حتى یحمل عنه همومه المعیشیة، وانفجرت الاحتجاجات الغاضبة والتی عبرت عن نفسها بمخاطبة السلطات فی الـ4 من أغسطس 2014 أی بعد أسبوعین تقریبا من اتخاذ القرار أن تتراجع عن قرارها، وهی احتجاجات لو أنها فی أی بلد آخر لکانت أکثر من کافیة لإسقاط حکومة،
والمجیء بحکومة مغایرة تستجیب للشعب، وتلبی آماله وتطلعاته، فلماذا یُمنع عن الشعب الیمنی أن یعبر عن رأیه ویمارس حقوقه المکفولة له ولکل الشعوب وفقا لما أقرت بذلک الشرائع السماویة، والقوانین الوضعیة .
وعلیه فإننا فی المجلس السیاسی لأنصار الله نؤکد على التالی :
أولا : إسقاط الحکومة وإعادة النظر فی قرار رفع الأسعار عن المشتقات النفطیة والبدء فی تنفیذ مخرجات الحوار الوطنی هی مطالب للشعب الیمنی عبر عنها بالاحتجاجات والمسیرات والاعتصامات السلمیة فی العاصمة صنعاء وبقیة المحافظات، وهو ماض فیها حتى یطمئن على مستقبله ومستقبل أجیاله .
ثانیا : أن یتم تحمیل انصار الله مسؤولیة الاحتجاجات الشعبیة الداعیة لإسقاط الحکومة شرف عظیم فنحن جزء من الشعب وقفنا إلى جانبه ومعاناته فی مواجهة حکومة فشلت فی إدارة البلاد وتحسین الوضع المعیشی وتحقیق الامن والإستقرار وبناء الشراکة السیاسیة وفق ما أقره مؤتمر الحوار الوطنی .
ثالثا : نتمنى أن یدرک مجلس الأمن الدولی أن ما یجری فی الیمن حالیا هی ثورة شعبیة سلمیة ضد حکومة فساد وفقر وإفقار، وتوصیفها بأعمال تهدد السلم والأمن والاستقرار فی الیمن توصیف غیر دقیق، ومجاف للحقیقة جملة وتفصیلا.
رابعا : استدعاء مجلس الامن “لأحداث عمران” بعد قرابة الشهرین من انتهائها، وممارسة الهیئات الحکومیة مهامها وباعتراف الرئیس هادی نفسه أثناء زیارته لعمران فی الـ23 من یولیو 2014 موقف غیر بریء ، وخلط للأوراق ، وتأزیم للوضع فی الیمن لیس أکثر.
خامسا : حدیث مجلس الأمن عن “محافظة الجوف” وأن ما یجری هناک قتال ضد الحکومة یؤکد أن “ازدواجیة المعاییر” فی مکافحة الإرهاب هی الحالة المسیطرة على مؤسسات الأمم المتحدة، فالجماعات التکفیریة الداعشیة باتت تمثل خطرا جسیما على النسیج الاجتماعی فی الیمن، ولها مراکز قوى داخل الحکومة، تسهل لها ارتکاب الجرائم الخطیرة والمنظمة بحق مؤسسات الدولة نفسها کما هو معروف ومشهور بمذبحة مجمع الدفاع فی الـ5 من دیسمبر 2013 ،
تبعها الهجوم على منشأة السجن المرکزی فی العاصمة صنعاء، وصولا إلى الجرائم بحق منتسبی الأمن والجیش کما هو معلوم مع آخر جریمة ارتکبت بحق 14 جندیا فی حضرموت فی الـ9 من أغسطس 2014،
وکل ذلک بدعم وتسهیل من قبل جهات وشخصیات داخل مؤسسات الدولة ، وغیر بعید أن تکون لدیها ارتباط بأجهزة استخبارات دولیة متورطة فی رعایة مثل تلک الجماعات التکفیریة، وتسهیل تنقلات عناصرها داخل الدول العربیة والإسلامیة بغرض نشر الفوضى، وتغییر خرائط المنطقة.
سادسا : ومزیدا من التوضیح کیف یسمح مجلس الأمن لنفسه أن یصدر فی الـ 15 من شهر أغسطس 2014 القرار رقم 2170 وبموجب الفصل السابع ضد “تنظیمی داعش والنصرة” نظرا لهول أعمالهم الوحشیة، ومحاولاتهم لمحو مجموعات بأکملها على أساس معتقداتها، والقتل العشوائی والإعدامات غیر المشروعة والهمجیة” وهی الأخطار التی واجهها ویواجهها الشعب الیمنی من مثل تلک الجماعات المشبوهة “المنشأ والارتباط” ثم یأتی مجلس الأمن لیتبنى أعمال تلک الجماعات بتوصیفه القتال فی الجوف بأنه ضد الحکومة،
بینما الحقیقة أن أبناء المحافظة فی مهمة الدفاع عن النفس أمام جماعات تکفیریة داعشیة البعض منها قدم من الخارج لا تقل خطرا عن تلک التی فی العراق وسوریا، ومع ذلک نؤکد أن أبناء الشعب الیمنی لن ینتظر الموت والتنکیل والإجرام من عناصر التکفیر المصنوعة والممولة من جهات دولیة وإقلیمیة تعمل على نقیض ثقافة وحضارة العرب والمسلمین، وتسعى لتفتیت المنطقة لصالح الهیمنة «الإسرائیلیة» ، والامبریالیة الأمریکیة.
سابعا : لمجلس الأمن أن یدرک أن انحیازه إلى جانب حکومة فاقدة الشرعیة الشعبیة إنما یقف ضدا من إرادة الشعب الیمنی نحو التغییر وتحسین معیشته .
ثامنا : تکرار مجلس الأمن حرصه على الأمن والسلم الدولیین مردود علیه بعدوان الکیان «الإسرائیلی» على قطاع غزة والذی عجز أن یوفر حمایة حتى للمؤسسات الأونروا التابعة للأمم المتحدة ، والتی تعرضت لأکثر من قصف، ومع ذلک لم تحرک الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن أی ساکن حیال مثل تلک الجرائم، الأمر الذی أفقد تلک المؤسسات الدولیة احترام وثقة الشعوب، وأفسح المجال لها لأن تتحرک هی بإرادتها لانتزاع حقوقها، وتقریر مصیرها بنفسها.
تاسعا : نؤکد أننا ماضون فی نضالنا السلمی جنبا إلى جنب مع أبناء شعبنا الیمنی فی مواجهة الفساد والفقر وتحقیق مستقبل زاهر یحقق مبدأ الشراکة السیاسیة ویعمل على بناء بلدنا واستثمار خیراته وطاقاته لیسهم فی تحقیق الأمن والسلم ولن یثنینا عن التمسک بمطالب شعبنا الیمنی العزیز أی تهدید من أی طرف .
المجلس السیاسی لأنصار الله
السبت 30 أغسطس 2014 م