الرئيسية / الاسلام والحياة / أدب الحوار في أصول الدين

أدب الحوار في أصول الدين

أمّا إذا كان الغرض من علم الكلام والاستفادة منه هو التغلّب على
الخصم – ولو بالسبّ والشتم – فلا شكّ أنّ هذا الأُسلوب فاشل ، وأنّه سيؤدّي إلى تمزّق المسلمين وتفرّق صفوفهم ، وإلى الهزيمة أمام الأعداء .
فالقول بأنّه « لقد فشل أُسلوب علم الكلام حتّى الآن » وأنّه « أحد أسباب هزائمنا » ( 1 ) على إطلاقه ليس بصحيح .
وفي الجملة ، فإنّ علم الكلام من العلوم الإسلامية الأساسية ، ولم يكن العلم في يوم من الأيّام من أسباب ضعف المسلمين وهزيمتهم ، بل كان – متى ما استخدم على حقيقته واتّبعت أساليبه الصحيحة – من أسباب وحدة المسلمين ورصّ صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم .
إنّا لا ننكر أنّ بعض المتكلّمين اتّخذوا علم الكلام وسيلةً لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلاّ أنّ هذا لا يختصّ بعلم الكلام ، فقد اتخِذ غيره من العلوم الإسلامية وسيلةً للأهداف والأغراض المخالفة للحق والدين ، وهذا لا يسوّغ اتّهام « العِلم » ، بل على الناس أن يفرّقوا بين المتكلّمين ، فيعرفوا المحقّ منهم فيتّبعوه ويعرفوا المغرض فيحذروه .
وإنّنا لنعتقد أنّ طرح المسائل الخلافية بين العلماء ، ثمّ عرضها على الكتاب والسُنّة والعقل السليم والمنطق الصحيح المقبول لدى
العقلاء ، وتحكيم الأدلّة المتينة والحجج المعتبرة ، هو من خير الطرق لتحقيق الوحدة بين المسلمين . . . .
وهذا هو الغرض الذي لأجله أُسّس علم الكلام ، فهذا العلم في الحقيقة يدعو إلى الوحدة والوئام ، ويحذّر من التفرّق والخصام ، فهو لا يتنافى مع وحدة المسلمين وحسب ، بل من أسبابها ووسائلها إن استخدم على الطريقة الصحيحة وابتُغي به الحقّ والصواب ، وباللّه التوفيق .
أثر علم الكلام في التشيّع :
وكما ذكرنا . . فإنّه إذا كان الاستدلال منطقياً والبحث سليماً ، وكانت الأدلّة مستندة إلى ما لا محيص عن قبوله والتسليم به ، فلا شكّ في تأثيره في القلوب الطالبة للحقّ ، والمحبّة للخير والفلاح . . . وهذا هو السرّ في الأمر بالجدل بالتي هي أحسن . . . .
وقد كان الجدل بالتي هي أحسن من أُولى الطرق والأساليب التي سلكها الأنبياء والأوصياء وسائر المصلحون في هداية البشرية إلى الصراط المستقيم .
وبالفعل . . فقد كان لعلم الكلام والجدل الصحيح ، المستند إلى الكتاب والسُنّة والعقل والحجج المعتبرة المقبولة ، الأثر البالغ في تقدّم مذهب الإمامية وتشيّع الأُمم . . . .
فهناك المئات من الناس في مختلف البلدان تشيّعوا ببركة كتاب المراجعات لآية اللّه السيّد عبد الحسين شرف الدين قدّس سرّه .
وتلك قصّة العلامة الحلّي وتشيّع أُمّة بكاملها على أثر مناظرة واحدة قام بها مع كبار علماء عصره من أهل السُنّة في البلاد الإيرانية .
وتشيّع بلاد جبل عامل كان على يد أبي ذرّ الغفاري رضي اللّه عنه ، كما يحدّثنا كبار علماء المنطقة ( 1 ) .
فظهر – بهذا المختصر – ما في قول القائل ، وهو يتهجّم على علم الكلام : « لم يتشيّع سُنّي إلاّ على مستوى الأفراد والقناعات » ( 2 ) .
من المسائل الخلافية في علم الكلام :
ولعلّ من أهمّ ما وقع فيه الخلاف بين الشيعة الاثني

شاهد أيضاً

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2)

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2) إقرأ المزيد الامام الخامنئي يهنئ بفوز المنتخب الايراني للمصارعة الرومانية ...