الرئيسية / كلامكم نور / مكارم الأخلاق ومعالم الاعلاق

مكارم الأخلاق ومعالم الاعلاق

وقالت عائشة : ما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،
فلما قبض صبت الدنيا علينا صبا .
ومن كتاب النبوة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما زال طعام رسول الله الشعير
حتى قبضه الله إليه .
عن أنس قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يجيب دعوة المملوك ويردفه خلفه ويضع
طعامه على الأرض ، وكان يأكل القثاء بالرطب والقثاء بالملح ، وكان يأكل الفاكهة
الرطبة ، وكان أحبها إليه البطيخ والعنب ، وكان يأكل البطيخ بالخبز وربما أكل بالسكر
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما أكل البطيخ بالرطب ، ويستعين باليدين جميعا .
ولقد جلس يوما يأكل رطبا فأكل بيمينه وأمسك النوى بيساره ولم يلقه في
الأرض فمرت به شاة قريبة منه فأشار إليها بالنوى الذي في كفه فدنت إليه وجعلت
تأكل من كفه اليسرى ويأكل هو بيمينه ويلقي إليها النوى حتى فرغ وانصرفت
الشاة حينئذ .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا كان صائما يفطر على الرطب في زمانه وكان ربما أكل العنب حبة
حبة ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما أكله خرطا حتى يرى رواله على لحيته كتحدر اللؤلؤ ( 1 ) .
والروال الماء الذي يخرج من تحت القشر .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل الحيس ( 2 ) ، وكان يأكل التمر ويشرب عليه الماء ، وكان التمر
والماء أكثر طعامه .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتمجع باللبن والتمر ( 3 ) ويسميهما الأطيبين ، وكان يأكل العصيدة من
الشعير بإهالة الشحم ( 4 ) ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل الهريسة أكثر ما يأكل ويتسحر بها ، وكان
جبرئيل قد جاءه بها من الجنة فتسحر بها ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل في بيته مما يأكل الناس ،
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل اللحم طبيخا بالخبز ويأكله مشويا بالخبز ، وكان يأكل القديد وحده
وربما أكله بالخبز ، وكان أحب الطعام إليه اللحم ويقول : هو يزيد في السمع والبصر .
وكان يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللحم سيد الطعام في الدنيا والآخرة ولو سألت ربي أن
يطعمنيه كل يوم لفعل ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل الثريد باللحم والقرع ( 1 ) ويقول : إنها
شجرة أخي يونس .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعجبه الدباء ويلتقطه من الصفحة ( 2 ) ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل الدجاج
ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد وكان لا يبتاعه ولا يصيده ويحب أن يصاد له
ويؤتى به مصنوعا فيأكله أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله .
وكان إذا أكل اللحم لم يطأطئ رأسه إليه ويرفعه إلى فيه ثم ينتهشه انتهاشا ( 3 )
وكان يأكل الخبز والسمن وكان يحب من الشاة الذراع والكتف ومن الصباغ الخل ( 4 )
ومن البقول الهندباء والباذروج ( 5 ) وبقلة الأنصار ويقال إنها الكرنب ( 6 ) وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم )
لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث ولا العسل الذي فيه المغافير وهو ما يبقى من
الشجر في بطون النحل فيلقيه في العسل فيبقى ريح في الفم .
وما ذم رسول الله طعاما قط ، كان إذا أعجبه أكله وإذا كرهه تركه ، وكان
( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا عاف شيئا فإنه لا يحرمه على غيره ولا يبغضه إليه ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلحس
الصحفة ويقول : آخر الصحفة أعظم الطعام بركة ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا فرغ من طعامه
لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها فإن بقي فيها شئ عاوده فلعقها حتى تتنظف ، ولا
يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه واحدة واحدة ويقول : إنه لا يدري في أي
الأصابع البركة .

وكان صلى الله عليه وآله يأكل البرد ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله
ويقول إنه يذهب بأكلة الأسنان ( 1 ) ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما
فلا يوجد لما أكل ريح .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا ، ثم مسح
بفضل الماء الذي في يده وجهه ، وكان لا يأكل وحده ما يمكنه وقال : ألا أنبئكم
بشراركم ؟ قالوا : بلى قال من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده ( 2 ) .
الفصل الرابع
في صفة أخلاقه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مشربه
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا شرب بدأ فسمى وحسا حسوة وحسوتين ( 3 ) ثم يقطع فيحمد
الله ثم يعود فيسمي ثم يزيد في الثالثة ، ثم يقطع فيحمد الله فكان له في شربة ثلاث
تسميات وثلاث تحميدات ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا ، ويقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الكباد
من العب ( 4 ) وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يتنفس في الاناء إذا شرب فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء
عن فيه حتى يتنفس ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم )
يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام ، ويشرب في الاقداح التي يتخذ من
الخشب ، وفي الجلود ، ويشرب في الخزف ويشرب بكفيه ، يصب فيهما الماء ويشرب
ويقول : ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والأداوي ( 5 ) ولا يختنثها
اختناثا ويقول : إن اختناثها ينتنها ( 6 ) . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب قائما وربما يشرب راكبا
وربما قام فشرب من القربة أو الجرة ( 1 ) أو الإداوة وفي كل إناء يجده وفي يديه .
وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق
وكان أحب الأشربة إليه الحلو . وفي رواية : أحب الشراب إلى رسول الله
( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحلو البارد . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب الماء على العسل . وكان يماث له الخبز فيشربه
أيضا . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت
لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث فهيأتها له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات ليلة فاحتبس النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس ، فجاء ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد العشاء بساعة
فسألت بعض من كان معه : هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد ؟ فقال : لا ،
فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا يجدها ، فيبيت جائعا
فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة . ولقد قرب إليه إناء فيه لبن وابن
عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره ، فشرب ثم قال لعبد الله بن عباس : إن
الشربة لك أفتأذن أن أعطي خالد بن الوليد – يزيد الاسن – ؟ فقال ابن عباس :
لا والله لا أوثر بفضل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحدا ، فتناول ابن عباس القدح فشربه .
ولقد جاءه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال : شربتان
في شربة وإناءان في إناء واحد ، فأبى أن يشربه ثم قال : ما أحرمه ولكني أكره
الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا وأحب التواضع ، فإن من تواضع لله رفعه الله .
الفصل الخامس
في صفة أخلاقه صلى الله عليه وآله في الطيب والدهن ولبس الثياب وغير ذلك
في غسل رأسه
وكان صلى الله عليه وآله إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر .
في دهنه صلى الله عليه وآله
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحب الدهن ويكره الشعث ويقول : إن الدهن يذهب بالبؤس ( 1 ) .
وكان يدهن بأصناف من الدهن . وكان إذا ادهن بدأ برأسه ولحيته ويقول : إن الرأس
قبل اللحية . وكان يدهن بالبنفسج ويقول : هو أفضل الادهان . وكان صلى الله عليه
وآله إذا ادهن بدأ بحاجبيه ثم بشاربيه ثم يدخله في أنفه ويشمه ثم يدهن رأسه .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدهن حاجبيه من الصداع ويدهن شاربيه بدهن سوى دهن لحيته .
في تسريحه صلى الله عليه وآله
وكان صلى الله عليه وآله يتمشط ويرجل رأسه بالمدرى ( 2 ) وترجله نساؤه
وتتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة ، فيقال : إن الشعر
الذي في أيدي الناس من تلك المشاطات ، فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن جبريل
( عليه السلام ) كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء . ولربما سرح لحيته في اليوم مرتين .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يضع المشط تحت وسادته إذا تمشط به ويقول : إن المشط يذهب بالوباء .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول : إنه يزيد
في الذهن ويقطع البلغم .
وفي رواية عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره
سبع مرات لم يقاربه داء أبدا .
في طيبه صلى الله عليه وآله
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفرقه ( 3 ) . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب
بذكور الطيب ( 1 ) وهو المسك والعنبر . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطيب بالغالية تطيبه بها نساؤه
بأيديهن . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستجمر بالعود القماري ( 2 ) . وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعرف في الليلة المظلمة
قبل أن يرى بالطيب . فيقال : هذا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

شاهد أيضاً

الجاهل القاصر والجاهل المقصر

الجاهل القاصر والجاهل المقصر الجاهل القاصر: هو الذي يعتقد جازما أن هذا الفعل الذي يفعله ...