بناء المجتمع في دولة امير المؤمنين عليه السلام –
الحلقة السابعة
السيد عبد الستار الجابري
التشريع ودوره في بناء المجتمع – القسم الثاني ب –
البعد التربوي في المساواة في العطاء
ساد في المجتمعات الانسانية قبل الاسلام تقسم المجتمع الى طبقات منها طبقة العبيد وطبقة العامة والطبقة الوسطى وطبقة الاشراف. وكان التعاطي بين هذه الطبقات يكون بنحو الفوقية من الطبقات العليا تجاه الطبقات الادنى منها مرتبة. فلما جاء الاسلام هذب الفوارق الاجتماعية واظهر قيم تتناسب مع الاطروحة الحضارية التي يتبناها فامر بالمساواة بين المسلمين في الشؤون الحياتية فكان ما تقدمه الدولة النبوية لرعاياها من اعانات مادية متساوية اذ كان النبي (صلى الله عليه واله) يساوي بين المسلمين في العطاء،
كما جعل الدين عنوان التكافؤ بين افراد المجتمع المسلم اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وابتدأ النبي (صلى الله عليه واله) باهل بيته حيث زوج ابنة عمته زينب بنت حجش من مولاه زيد بن حارثة مع ان زينب بنت جحش رضوان الله عليها سليلة الطبقات الكريمة من قريش وزيد كان عبدا للسيدة خديجة وهبته للنبي (صلى الله عليه واله) فاعتقه، وكان المسلمون سواسية امام الشرع الالهي لا يفضل احد منهم على الاخر باي نحو من انحاء التفضيل، وجعل الاسلام المائز بين الناس التقوى، ان اكرمكم عند الله اتقاكم، واما التعدد في القبائل والشعوب فلاجل التعارف لا اجل التفاضل والتفاخر.
فبالاضافة الى الجانب التشريعي فان للمساواة بين ابناء المجتمع اثار تربورية مهمة حيث ان التفاضل بالتقوى يوجد في الانسان الداعي نحو تحصيل هذا الكمال وينعكس تاثيره بوضوح على واقع المجتمع فان المجتمع الذي تسوده التقوى يكون مجتمعا منتجا بعيدا عن السلبيات ايجابيا ينتشر فيه الاحسان والعدل والصدق وكريم الخصال ومكارم الاخلاق, كما ان المساواة بين ابناء المجتمع تحول المجتمع الى مجتمع منتج وساع للتكامل والرقي ولا يعيش حالة الانكفاء والانطواء والانهزامية، وتزول عنه العصبيات والدعاوى الفارغة ويضعف فيه الجانب السلبي وتزول فيه الصراعات الطبقية والتنابز بالالقاب والهمز واللمز لان كل هذه الصفات الذميمة تتعارض مع التقوى.
فمن هذين المصداقين الذين تم ذكرهما في التشريعات الفقهية يتضح ان التشريعات تحمل في طياتها مسألة بناء الفرد والمجتمع بالنحو الذي ينهض بالواقع الاجتماعي بعد ان كان المحور في الحركة الفردية والاجتماعية العبودية تعالى التي تستبطن في واقعها الحرية المنضطبة التي تشكل ركنا اساسيا في الرقي الفردي والمجتمعي.