الوقت- إسقاط جنسية غير الموالين لكيان الاحتلال الإسرائيلي؛ قرار أقرته المحكمةُ العليا بحق من تقول إنهم يرتكبون أفعالاً تمثلُ انتهاكاً للثقةِ لدى سلطاتِ تل أبيب مثلَ الإرهابِ أو التجسسِ أو الخيانة. ويتعلق الحكم بقانون للجنسية صدر في عام ألفين وثمانية في كيان الاحتلال ويخول لسلطات الدولة إسقاط الجنسية عقاباً على أفعال تزعم أنها تشكل انتهاكاً للولاء. وصدر الحكم في أعقاب طعنين منفصلين في قضيتي فلسطينيين يحملان الجنسية الإسرائيلية أُدينا بتنفيذ هجمات أودت بحياة مستوطنين إسرائيليين. وعوقب الاثنان بأحكام سجن طويلة لكن الدولة سعت لتجريدهما من الجنسية. ورفضت المحكمة سحب الجنسية في القضيتين تأسيساً على ‘أخطاء إجرائية فادحة’ لكنها قضت بأن العملية نفسها دستورية حتى إذا صار الشخص المسحوبة جنسيته بلا وطن. وقالت إن على وزير الداخلية في مثل هذه الحالات منح الشخص إقامة دائمة.
ورحبت وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد بالقرار، لكنها وفي تغريدة عبر تويتر عبرت عن رفضها لجزئية أن تتبنى المحكمة العليا تفسيراً مخالفاً لما ينص عليه القانون، عبر إلزام الدولة منح من وصفتهم بالإرهابيين وضعاً دائماً في الكيان. فيما وصف بيان مشترك رداً على الحكم أصدرته رابطة الحقوق المدنية في الكيان الإسرائيلي ومنظمة عدالة، وهي منظمة حقوقية عربية في كيان الاحتلال، القانون بأنه يجافي المساواة، وقالت الرابطة إنه من المرجح استخدامه ضد فلسطينيي عام ثمانية وأربعين الحاصلين على جنسية الكيان الإسرائيلي حصرياً. وأضافت الرابطة إنَّ هناك الكثيرَ من القضايا ليهودٍ في الكيانِ شاركوا في عملياتٍ إرهابيةٍ لكن السلطاتِ لم تتخذْ أيَّ إجراءٍ بشأنِها ولو مرة واحدة، للادعاء عليهم لسحب جنسيتهم؛ وأن القضايا الوحيدة التي أُحيلت إلى المحكمة كانت لمواطنين عرب. ولفتت الرابطة الحقوقية إلى أن القانون يمكن أن يُطبّق سواء إذا كان الشخص مُداناً أو مجرد مشتبه بارتكابه جرائم تتصل بالأمن. وفي الحكم أقر القضاة بأن ترك شخص بلا وطن يمثل تحدياً لمعايير القانون الدولي لكن رأي الأغلبية ذهب إلى أن ‘هذه الصعوبة بحد ذاتها لا تضم الممارسة كلها بعدم الدستورية’.
كيان الاحتلال في الفترة الأخيرة حاول تكثيف قراراته العنصرية ضد الفلسطينيين سواء القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة أو الذين يعيشون في الأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين، وهؤلاء تحديداً يعتبرون من أشد انواع المقاومين ضد الكيان المغتصب، لأنه عندما احتلت الأراضي الفلسطينية عام 1948 ناضلوا وقاوموا واستشهدوا ورفضوا الخروج من أراضيهم ومنازلهم وبقيوا متمسكين بها رغم جرائم العصابات الصهيونية في ذلك الوقت، فلم تكسرهم مذبحة دير ياسين أو مجزرة كفر قاسم، وبقيوا في أراضيهم في حيفا ويافا والقدس وتل الربيع التي سميت زوراً فيما بعد تل أبيب.
العام الماضي بدأت شرارة الصراع بين الفلسطينيين الذين يقيمون في أراضي عام 48 وكيان الاحتلال تشتعل بصورة واضحة وخصوصاً في ظل معركة سيف القدس، حيث خرجوا بتظاهرات وقاموا بمواجهات مع جنود الاحتلال وشرطته في تلك المناطق ما جعل كيان الاحتلال يتشتت بشكل كبير ويرهق على جميع الصعد وبالتالي خسر المعركة في الداخل والخارج إضافة إلى المعركة الإعلامية.
أما في العام الجاري فقد كثرت عمليات الأسود المنفردة وهؤلاء هم الفلسطينيون من سُكّان أراضي عام ثمانية وأربعين وبدؤوا بانتفاضة هزت أركان كيان الاحتلال، حيث كل بطل منهم حمل سلاحه الناري وبدأ يواجه جنود الاحتلال ومستوطنيه في عقر مستوطناتهم، ما أثبت أن المنظومة الأمنية للكيان الإسرائيلي متهالكة بشكل كبير، ما دفع ضباط وقادة الإحتلال للتفكير جدياً بأن المعركة المقبلة مع الفلسطينيين ستكون غير سابقاتها، لأنها ستكون في البداية مع صواريخ المقاومة في قطاع غزة، وثانياً مع أسلحة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وثالثاً مع سلاح الشعب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين وهو ما سيرهق كيان الاحتلال بشكل كبير وقد يخسر المعركة.
المراقبون يرون أن هناك تخوّفاً آخر لدّى الساسة الإسرائيليين وهو أن الفلسطينيين الحاصلين على جنسية الاحتلال بدؤوا يشكلون جزءاً مهماً في العملية السياسية الإسرائيلية وبالتالي باتت الأحزاب الصهيونية مجبرة على التحالف معهم في ظل أي انتخابات أو حكومة مستقبلية وهو ما سيجعلهم بعد بضعة سنوات يملكون الصوت الأعلى في الحكومة والشارع والكنيست وبالتالي محاولة تمرير أي قرار ضد الفلسطينيين لن يتم عبر الكنيست وسيشكلون خنجراً كبيراً في خاصرة كيان الاحتلال.