احمد شعيتو
بعد هزيمة العدو العام الماضي في عدوان “حارس الاسوار” والذي قابلته المقاومة بمعركة “سيف القدس” التي عدّها الخبراء هزيمة استراتيجية غير مسبوقة، وبعد تصاعد العمليات في الضفة الغربية وتصدي الشعب الفلسطيني المستمر في القدس، يحاول الاحتلال عبر عدوان غادر ان يستعيد شيئا من ماء وجهه وخاصة أنه في واقع سياسي وامني مأزوم ، ولكنه سيعود خائبا دافعا ثمنا كبيرا.
ففي العام الماضي تصدى المقاومون بكافة فصائلهم في معركة سيف القدس وافشلوا اهدافها بل ارتدّت على العدو ومستوطنيه وبالاً.. فقُصفت مدن الاحتلال ومرافقه الحيوية بصواريخ ثقيلة وذات مديات ودقة فاجأت العدو ، واصبحت المستوطنات والمدن مدن اشباح خالية، وتعرضت مواقع الاحتلال لضربات موجعة، ووجد العدو نفسه خائبا فحاول الايحاء انه سيقوم بعملية برية، لكنه لم يقم بها لخوفه من نتائجها الكارثية.
كل ذلك جعل من هذه المعركة وما ظهر فيها من قدرات المقاومين وما وازاها من تصدّ شعبي ومقاوم في القدس والضفة انتصارا وردعا للاحتلال ، الذي تحاشى شن اي عدوان واسع بعدها الى ان نفذ عملية اغتيال غادرة في حي سكني للقائد الجهادي تيسير الجعبري الذي كان له باع طويل ونوعي في الانتصارات السابقة وتطوير قدرات المقاومة الفلسطينية. وقد يعتبر الاحتلال ان هذا الاغتيال وما رافقه من غارات على قطاع غزة يعيد اظهار شيء من قدرته لا سيما في واقع سياسي وداخلي مأزوم جدا فيتوهم انه بقيامه بعدوان لعدة ايام سيوحي انه حقق انجازات لكنه سيصطدم بواقع مر.
منذ الامس اعترف العدو بشكل مباشر ان ما يسمى القبة الحديدية اعترضت نصف الصواريخ الفلسطينية، وفي هذا بداية اعلان الفشل.. اما القدرات التي تظهرها وستظهرها المقاومة الفلسطينية تباعا في هذه المعركة المسماة “وحدة الساحات” وتفاعل كل ساحات فلسطين ومقاوميها، فستجعل العدو يندم على جريمة اغتياله وعدوانه، من صواريخ ومسيّرات وقدرات مقاومين تفاجئه، وهو الذي بات مردوعا مسبقا عن شكل وحجم العدوانات السابقة.. وقد اكدت سرايا القدس استمرار القتال وان معنويات مقاتليها في افضل حال.
وقد بدأت الصواريخ تدك تل ابيب ومطار بن غوريون والكثير من المستوطنات البعيدة، فيما مواقع العدو المحيطة بقطاع غزة تلتهب بقذائف المقاومين، بل استهدفوا القبة الحديدية، وقد اعترف جيش العدو باصابة العديد من جنوده ومستوطنيه وبث اعلام العدو هذه الاعترافات اضافة الى مشاهد محدودة لاضرار سقوط الصواريخ، فمن المعروف ان العدو واعلامه يحرص على التكتم وتغطية صورة وحجم الخسائر دائما.
في العدوانات السابقة مثل “الجرف الصامد” التي تحولت الى “العصف المأكول”، وفي غيرها من الحروب، كان العدو يزعم حيناً انه يهدف الى القضاء على المقاومة في غزة وحينا آخر الى وقف الصواريخ، لكن بعد ايام قتالية يتكبد فيها الخسائر والفشل كانت تظهر خيبته فلا يتوقف التصدي ولا الصواريخ وتعود القدرات كل مرة اكبر والمقاومة اقوى ووراءها شعب صامد. وتتراكم المعادلات حينا بعد حين حتى بات يخشى اي تقدم بري كما كان يفعل سابقا وتراكم خيباته وخشيته تظهر ان قدرات وفاعلية العدو الى اضمحلال رغم القوة المزعومة.
في بقعة جغرافية صغيرة وكثافة سكانية وبشعب محاصر يعجز العدو عن تحقيق اي انجاز، ويفاجئنا المقاومون قبل ان يفاجئوا العدو باستمرار وتصاعد تصديهم وبثباتهم ولا يخرج العدو بانجاز الا بجرائم ضد المدنيين ولكن المتغير ان التمادي والمزيد من الشهداء والقصف سيزيد حتما من مستوى دفعه الثمن وهو ما بات يعرفه، وقد تبدت الخشية في تصريحات قادة العدو السياسيين والعسكريين امس بأنهم لا يسعون الى معركة واسعة وطويلة… هي معركة ستنتهي بتوقيت المقاومين بعد ان يخسر الاحتلال ما تبقى من هيبة وماء وجه.
المصدر: موقع المنار