الكبائر من الذنوب
يومين مضت
طرائف الحكم
26 زيارة
أستميحكم عذرا عما صدر مني اتجاهكم، وأرجو أن تهبوني ما لكم من الحقوق علي قربة إلى الله تعالى، كما وأني وهبت وأبرأت ذمة كل من كان لي عليه من الحقوق قربة إلى الله تعالى.
والله أسأل أن يحفظكم جميعا ولا يريكم ذل المعصية، وحسرة الندامة، وإن كان ذلك مفيدا ومحبوبا عند الله تعالى التوبة بعد حصول المعصية – والعياذ بالله – فالحسرة والندم على المعاصي يعدان من العبادات.
كما أرجو أن لا تنسوا العبد المذنب المنيب الراجي عفو ربه، وشفاعة رسوله والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) من آله، من صالح دعائكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته العبد المنيب حسين بن محمد الشاكري
(٢٠)
كبائر الذنوب وقد فسرها الإمام الصادق كما روي في الكافي بقوله (عليه السلام):
” إنها ما أوعد الله عليها النار في كتابه “، وقد حث الله سبحانه على الاجتناب عنها لغرض نيل رضاه وتحقيق السعادة الأبدية بقوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) (1).
والكبائر من الذنوب عديدة، منها:
(٢١)
(1) الشرك بالله وهو من أعظم المهلكات، وقد وردت فيه آيات عديدة من القرآن الكريم المجيد، فقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (1).
وقوله تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) (2).
وقوله تعالى: (لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (3).
(٢٣)
إن اعتبار هذا الذنب من الكبائر هو أمر بديهي كما قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا…) (1).
وروي في البحار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
” يا بن مسعود إياك أن تشرك بالله طرفة عين وإن نشرت بالمنشار، أو قطعت، أو صلبت أو حرقت بالنار “.
وروي عن بعضهم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركا، قال: فقال: ” من ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض عليه “.
(2) اليأس من روح الله أي القنوط من رحمة الله تعالى، وهو من الكبائر، ويعد بمنزلة الكفر.. بقوله تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (2).
(٢٤)
وذلك أن سبب اليأس من رب العالمين هو فقدان الاعتقاد بقدرته وكرمه ورحمته غير المتناهية، قال: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) (1).
وقد اعتبر الأئمة الأطهار – (الصادق، الكاظم، الرضا، الجواد) صلوات الله وسلامه عليهم – اليأس من الذنوب الكبيرة التي يقترفها المذنب هو أكبر من كل الذنوب.
(3) الأمن من مكر الله وهو الأمن من عقوبة الله وبطشه غرورا وعجبا واعتمادا على عمل نفسه.. يقول تعالى: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) (2).
(٢٥)
مثل إبليس (لعنه الله) فقد أمن مكر الله اعتمادا على قربه وعبادته التي دامت سنين طويلة – فعصاه لحظة واحدة – فسخط الله عليه وأنزله منزلة الهالكين.
وقال الإمام علي (عليه السلام): ” من أمن مكر الله هلك “.
وقال (عليه السلام): ” لا تأمنن على خير هذه الأمة من عذاب الله، لقوله تعالى: (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) (1) ولا ييأس لشر هذه الأمة من روح الله لقوله تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) “.
(4) عقوق الوالدين وهو من أشد وأفضع أنواع قطيعة الرحم التي حث الله تعالى على برها ووصلها، وقد قرنها الله تعالى بعبادته وتوحيده .. بقوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا
(٢٦)
تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا) (1).
وقوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى…) (2).
وقوله تعالى على لسان عيسى بن مريم (عليه السلام): (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) (3).
وكذلك قوله تعالى في وصف يحيى (عليه السلام): (وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا) (4).
(إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) (5).
” وآلاف هو أدنى العقوق، ولو علم الله شيئا أهون من آلاف لنهى عنه “
(٢٧)
هكذا ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) كما ورد التصريح في كثير من الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
” إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله وعقوق الوالدين “.
وقال (عليه السلام): ” ومن العقوق أن ينظر إلى والديه فيحد النظر إليهما “.
وقد ورد التصريح في كثير من الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام): ” إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين “.
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” من أدرك والديه ولم يؤد حقهما فلا غفر الله له “.
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” ملعون ملعون من ضرب والديه، ملعون ملعون من عق والديه “.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا: ” من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة “.
فكيف إذا لم يكونا ظالمين له؟
(٢٨)
(5) قتل النفس المحترمة قتل من لم يأذن الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتله حيث يقول الله سبحانه في كتابه المجيد: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) (1).
وفي هذه الآية الشريفة خمس تهديدات للقاتل، جهنم، الخلود فيها، الغضب، اللعنة، والعذاب العظيم، استجير بالله.
ووردت في جريمة القتل آيات وروايات كثيرة فليراجع مظانها، والجدير بالذكر أن هذه الكبيرة تشمل قتل إنسان نفسه اختيارا (المعروف بالانتحار) الذي يتصور بعض الجهلة أن فيه راحة للنفس وخلاصا من المشاكل والمآزق، ولكنه عدوان وظلم على نفس محترمة لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك
(٢٩)
2024-12-16