البعد الروحي للاحرام – التتمة
عبد الستار الجابري
– الحلقة 11
وما يستفاد من الايتين الشريفتين في سورة يونس (عليه السلام) فبيان لمقارنة للفرق بين دار الدنيا ذات الزينة المحفوفة بالمكاره والدار الاخرة:
1. ان دار الدنيا دار التغير والتحول وعدم الثبات وان ما فيها من خيرات ونعم وجمال وقوة وقدرة آني لا دوام له.
2. وفي واقع الحياة الدنيا ان التقدير فيها جار على اساس تاثير العلل المادية فعند تحقق العلة التامة المركبة من وجود المقتضي وتوفر الشرط وزوال المانع فان الاثار تترتب وتظهر النتائج، ولكن قطف ثمار النتائج متوقف على عدم وجود علل اخرى تتسبب في زوال ما تحقق من نتائج نتيجة لتحقق الاجزاء الثلاث للعلة الاولى، فان التقدير الالهي ربما يقتضي تحقق علة زوال ما تحقق، وهذا ما اشارت له الاية 24 من سورة يونس (عليه السلام)، فان كل شأن دنيوي ينطبق عليه المثال القراني، فنبات ا…
البعد الروحي للاحرام – التتمة
عبد الستار الجابري
– الحلقة 12
ومن هنا فان ما يستفاد من الايات الكريمة في سورتي الانعام ويونس اللتان تحدثتا عن دار السلام :
1. ان دار السلام لا يناهلها الا الانسان الذي سلك الطريق الموصل اليها، واما من سلك طرقا اخرى فانها تشط به عن طريق الحق وتبعده عن نيل السعادة في الدر الاخرة.
2. ان الطريق الى دار السلام قد بين في ايات الكتاب العزيز وعلى الباحث عن طريق النجاة ان ياتي القران من دون اراء وافكار وعقائد مسبقة، لان من ياتي القران برأي سابق لا يطلب الهدى في القران، بل يحاول ان يطوع القران حسب هواه، فمن طلب الهدى في الكتاب العزيز عليه ان يلقي بما عنده وراء ظهره كي تبنى شخصيته على اساس معطيات ايات الذكر الحكيم كي يتمكن من استيضاح الطريق القويم والصراط المستقيم ليسلكه فيهدى بتوفيق الله الى دار الخلود والسعادة الابدية.
3. ان الذي ينكب عن الصراط المستقيم ويمضي على الانحراف عن الجادة السوية الى نهاية المطاف فانه سيخسر حياته الابدية لان تلك الدار خالصة للمذّكرين.
4. ان المذّكرين الذين يسلكون الطريق الذي رسمه الله لهم سيكون الله وليهم والمتكفل لشؤونهم والاخذ بايديهم للوصول الى دار المقامة والخلد.
5. لا يتحقق كون الانسان من المذّكرين الا بالاقتران بين العلم والعمل، فان العلم بلا عمل لا يوصل الى رضا الحق تبارك وتعالى، وكذلك فان العمل على غير هدى قد يقود الانسان الى مهاوي الضلال والردى، كالذي يسير تائها في الصحراء لا يزيده كثرة المسير الا بعدا.
6. ان التوفيق للهداية من الاطاف الالهية فالله تعالى متفضل على الانسان ايجادا وارشادا وتوفيقا للهداية، فكل شيء في هذا الكون بين يدي الله تعالى يتصرف فيه كيف يشاء بما لا ينافي عدله ورحمته.
7. من المجموع يتضح ان لا جبر في المسالة وان الله تعالى قد بين سبل الحق ووفق لسلوك ذلك السبيبل، وان الانسان قد يختار سبيل ااضلال بمحض ارادته اما لتركه العمل الموصل للحق او لسلوكه الطريق المبعد عنه.
الخلاصة
ان هذا المقطع من التلبية يتضح منه ان هناك دار سلام هي المحل الذي يسعى الانسان للوصول اليه لان الوصول اليها عنوان تحقق الكمال الانساني بتحقيقه لمقتضيات العبودية لله تبارك وتعالى فينال جزاءه بالخلود في دار السلام.
وان الله تعالى يدعو عباده لدار النعيم المقيم حبا بهم ورحمة لهم دون حاجة منه اليهم.
وهذا المقطع من التبلية تاكيد لهذه الحقيقة العظيمة، وتحقق هذه المعاني في قلب الناسك وعقله وارتكازها في وجدانه من شانها ان تبني من الناسك انسانا جديدا يعيش واقع السلوك الى رضى الرب تبارك وتعالى.