ذكرى الشهيد لا تموت.. وثورة البحرين لم تخمد
الوقت- أحيا شعب البحرين ذكرى الشيخ “عبد الأمير الجمري” بالتزامن مع استمرار مراسم إحياء ذكرى شهداء البحرين وفي هذا الصدد، نظم أهالي مناطق “الدراز” و “المرخ” و “سماهيج” في البحرين مظاهرة بمناسبة ذكرى الشهداء، وكذلك ذكرى الشهيد الجمري.
وردد المتظاهرون شعارات تطالب بإنقاذ أبناء الوطن المعتقلين، ورفعوا لافتات لرموز البحرين القابعين في السجون، محذرين من الخطر الذي يهدد الرموز الوطنية.
كما خرجت تظاهرة مماثلة في بلدة أبو صيبع غرب العاصمة المنامة وأكدت قوى المعارضة في بيان مشترك أن عيد الشهداء سيظل ذكرى وطنية خالدة، ومناسبة تجمع كل تاريخ النضال الممتد ضد الفساد والاستبداد.
كما واصل أهالي بعض مناطق البحرين اعتصامهم اليومي هذا وشهدت عدّة مناطق في البحرين حراكا شعبيا متنوعا، أكد الأهالي والثوار من خلاله تخليد ذكرى هؤلاء الشهداء والتمسك بحق الثأر لهم.
كما شهدت مدينة “السنابس” بالبحرين تجمعاً وتظاهراً لعدد من المواطنين، أحيى المشاركون فيها، بمناسبة يوم الشهيد، ذكرى الشهداء وأعلنوا التضامن مع الأسرى حاملين صور الشهداء.
هذا فيما تجمع أبناء البحرين يوم الجمعة بالتزامن مع ذكرى استشهاد أوائل شهداء الانتفاضة الشعبية 1994 التي نفذتها شرطة حكومة آل خليفة.
سميت ذكرى استشهاد الشهيدين البحرينيين هاني وسط وهاني خميس اللذين استشهدا برصاص الجيش البحريني في 26 كانون الأول (ديسمبر) بيوم الشهيد في البحرين.
يقام الاحتفال بيوم الشهيد في البحرين في 17 ديسمبر من كل عام في جميع أنحاء البحرين وحتى في الدول التي يتواجد فيها معارضو نظام آل خليفة ، ويحيي ثوار البحرين أسماء وذكريات الشهداء وتضحياتهم. لمواصلة طريقهم.
يذكر اسم نظام آل خليفة، الذي يحكم البحرين منذ عام 1975، دائمًا على أنه أحد منتهكي حقوق الإنسان الجسيم إلى جانب آل سعود، والقاسم المشترك بين هذين النظامين هو القمع الشديد للمتظاهرين في بلادهم.
احتجزت البحرين آلاف المتظاهرين والصحفيين والنشطاء منذ الانتفاضة المناهضة للحكومة عام 2011، وبعضهم احتُجز في محاكمات جماعية تدعي البحرين أنها تحاكم الجناة وفقًا للقوانين الدولية، وبالتالي لا تقبل انتقادات الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات فيما يتعلق بالمحاكمات وظروف الاحتجاز.
بعد عام 2011، كثف نظام آل خليفة قمع المتظاهرين ومنتقدي آل خليفة وسيطر على حسابات مستخدمي الفضاء الإلكتروني. قطع الإنترنت في أوقات الحاجة، والرقابة الصارمة على شبكات التواصل الاجتماعي، وفرض القيود على أنشطة وكالات الأنباء الدولية، واعتقال الناشطين الإعلاميين وحقوقيين من جرائم نظام آل خليفة بحق شعب البحرين، وهذا هو على الرغم من أنها لا تولي أي اهتمام لانتقادات منظمات حقوق الإنسان.
أظهر تقرير مشترك بين منظمة حقوق الإنسان ريبريف ومعهد البحرين للقانون والديمقراطية (BIRD) أن أحكام الإعدام في البحرين قد زادت بأكثر من 600 في المئة، حيث تم إعدام حوالي 51 شخصًا منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011.
وحسب تحليل منظمة “فريدوم هاوس” البحثية، فإن نظام آل خليفة هو من أكثر الأنظمة القمعية في المنطقة، والذي ينتهك بشكل منهجي حقوق الكثير من الناس هذا النظام أيضا يواصل قمع الشيعة.
28 عاماً على انتفاضة الكرامة.. أبرز محطاتها ومطالبها
لنعود إلى العام 1994، وبالتحديد إلى الشهر الأخير من العام.. ففي مثل هذه الأيام، انطلقت في البحرين تحركات شعبية سميت بـ “انتفاضة الكرامة”، قادها رجال دين وفكر وسياسة، أبرزهم العلامة المجاهد الشيخ عبدالأمير الجمري (التي تصادف اليوم ذكرى رحيله عام 2006) ورفاقه، والأستاذ عبدالوهاب حسين، إضافة إلى الشيخ علي سلمان (المعتقل منذ 2014) ، والأستاذ حسن مشميع (المعتقل منذ 2011).
بدأت الحكاية منذ العام 1992، بعد زيارة وفد من المعارضة الإسلامية والوطنية حاكم البلاد، وقدموا له عريضة وقعها 365 شخصية، تطالب بإعادة المجلس الوطني المنتخب الذي تم حله عام 1975م. وإضافة إلى رفض سلطات البحرين العريضة، كانت أزمة البطالة قد استفحلت في صفوف الشباب، فقاموا باعتصام حاشد أمام وزارة العمل عام1994، حيث قمع الاعتصام واعتقل العديد من الشباب.
وفي شهر أكتوبر 1994، تم الإعلان عن عريضة شعبية حملت تواقيع 25 ألف مواطن، حملت نفس مطالب العريضة النخبوية، المطالبة بعودة العمل بدستور 1973، وعودة المجلس النيابي المنتخب، وإنهاء حقبة قانون أمن الدولة، الذي كان يديره الضابط البريطاني إيان هندرسون.
لم تأبه سلطات المنامة للعريضة الشعبية، فداهمت في كانون الأول 1994 منازل قادة الحراك، ونفتهم للخارج بتهمة التحريض، لتنفجر بعدها انتفاضة كبرى بين عامي 1994م و2000م، لم تشهد البحرين مثلها منذ الخمسينات من القرن الماضي، وتصاعدت سلسلة الشهداء بدءاً من الدم الطاهر للشهيدين هاني خميس (استشهد في السنابس) وهاني الوسطي (استشهد في جد حفص)، الذين ارتقيا يوم السبت في 17 كانون الأول 1994، فكانا أول شهيدين يرتقيان برصاص الشرطة منذ 30 عاماً في وقتها، وإن كان هناك شهداء تحت التعذيب في السجون في العقدين الماضيين، وليعلن هذا اليوم “عيد شهداء البحرين”، والذي تزامنت ذكراه مع رحيل الشيخ الجمري عام 2006.
مرحلة التشويه
في سياق تشويه وطمس نضالات شعب البحرين، قرر ملك البحرين عام 2015، وبعد 19 عاماً على اندلاع “انتفاضة الكرامة” اعتبار يوم جلوسه على العرش، يوماً للشهيد، بعد أن فقد جيشه العديد من جنوده وضباطه في الحرب على اليمن، وبات يوم الشهيد بالنسبة لنظام البحرين، ذكرى للاحتفاء بقتلى الجنود في غزو بلد عربي آخر.
ليس مجرد قرار اتخذه ملك البحرين، بل يأتي في سياق محاولات حثيثة، قادتها السلطات في محاولة منها لطمس ذكرى شهيد النضال السلمي، وتشويه الحراك الشعبي، المتواصل منذ عقود. وأكد المتحدث باسم حركة حق البحرينية المعارضة عبد الغني الخنجر في مقابلة مع موقع المنار أن السلطة الحاكمة وبعد فشلها في هذا الأمر، حاولت أن تجترح يوماً آخر فأسمته يوم شهيد الواجب، من أجل حرف بوصلة الرأي العام عن أنه عيد لشهداء شعب البحرين الذين قتلهم النظام.
ورغم تلك الحملات الممنهجة، يصر البحرينيون على إحياء تلك الذكرى، تخليداً لنضالهم في سبيل انتزاع حقوقهم السياسية والإنسانية من نظام البحرين، الذي يمارس حسب ما تؤكد المعارضة، تمييزاً ممنهجاً على أسس طبقية وسياسية.
استقدام قوات أجنبية لقمع الشعب البحريني
لم يستمع نظام المنامة طوال السنوات الماضية لمطالب شعبه بل على العكس قام باستقدام الأجنبي لقمعهم سواء بقوات درع الجزيرة التي تشكلت من قوات سعودية ودول مجلس التعاون، ووصولاً إلى القوات الهندية والباكستانية التي منحت الجنسية البحرينية بهدف قمع الشعب البحريني، وعندما عجز النظام عن ذلك وبات على وشك السقوط، هرع إلى الحضن الأميركي حتى ينجده وبعد أن اخذت الولايات المتحدة ثروة الشعب البحريني ونهبته، أمرت رأس النظام بأن يقوم بالتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي لإبقائه في الحكم وتستمر واشنطن بالدفاع عنهم، ورغم ذلك استمرت التظاهرات في الشوارع البحرينية والاعتصامات من أبناء الشعب رفضاً لسياسات النظام في الداخل والخارج، وتأكيداً على أن الشعب البحريني منفصل تماماً عن من يحكم البلاد، ذلك النظام الذي يضطهد شعبه ويحكمه بالحديد والنار.
منذ عام 2011 و الشعب البحريني منتفض في وجه الظلم والطغيان الذي يتعرض له من قبل النظام الخليفي الحاكم، ومنذ ذلك الوقت استخدم النظام جميع وسائل القمع والاضطهاد بحقهم، من الاعتقال والتسفير وسحب الجنسية وصولا إلى القتل.