الرئيسية / شخصيات أسلامية / موسوعة طبقات الفقهاء

موسوعة طبقات الفقهاء

10 جابر بن عبد اللَّه

« 1 » ( . . – 78 ، 74 ه ) ابن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد اللَّه . شهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار ، وكان أصغرهم يومئذ ، وشهد المشاهد كلَّها ، إلَّا بدراً وأُحد ، حيث خلَّفه أبوه فيهما على أخواته ، وكن تسعاً أو سبعاً ، واستشهد أبوه يوم أُحد ، وقد ورد أنّه شهد بدراً .

وكان من المكثرين في الحديث الحافظين للسنن .
روى عن : النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وعليّ – عليه السّلام ، وفاطمة الزهراء « عليها السّلام » ، ومعاذ بن جبل ، وعلي بن الحسين السجاد « عليهما السلام » ، ومحمد بن علي الباقر « عليهما السلام » ، وآخرين .

روى عنه : سالم بن أبي الجعد ، وأبو حمزة الثمالي ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبو الزبير ، وسعيد بن المسيب ، وآخرون .
وقد وقع في الكتب الأَربعة في اسناد عدة من الروايات عن الرسول والأَئمّة – عليهم السلام تبلغ أكثر من تسعة وعشرين مورداً « 1 » شهد وقعة صفين مع الإمام علي – عليه السّلام وكان منقطعاً إلى أهل البيت « عليهم السلام » حيث عُدّ من أصحاب عليّ والحسن والحسين والسجاد والباقر « عليهم السلام » ، وهو الذي أخبره رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بأنّه سيبقى حتى يرى رجلًا من ولده ، اسمه محمد يبقر العلم بقراً ، وأمره أن يقرئه السلام « 2 » قال ابن الأثير : في هذه السنة ] سنة 40 ه [ بعث معاوية بُسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف ، فسار حتى قدم المدينة إلى أن قال : فأرسل إلى بني سلمة فقال : واللَّه ما لكم عندي أمان حتى تأتوني بجابر بن عبد اللَّه ! فانطلق جابر إلى أُمّ سلمة زوج النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقال لها : ما ذا ترين ؟ إنّ هذه بيعة ضلالة وقد خشيتُ أن أُقتل .

قالت : أرى أن تبايع . . فأتاه جابر فبايعه « 3 » وعن سهل الساعدي ، قال : كنّا بمنى فجعلنا نُخبر جابر بن عبد اللَّه ، ما نرى من إظهار قُطف الخزّ والوشي يعني السلطان وما يصنعون فقال : ليت سمعي قد
ذهب كما ذهب بصري حتى لا أسمع من حديثهم شيئاً ولا أبصره .
وكان جابر يفتي بالمدينة ، وله حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم ، وكان من أجلَّاء المفسرين ، وكُفّ بصره في آخر عمره .

وهو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة « 1 » أورد له الشيخ الطوسي في « الخلاف » إحدى عشرة فتوى منها : القهقهة لا تنقض الوضوء سواء كانت في الصلاة أو في غيرها .

رُوي عن جابر انّ النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم سافر في رمضان فاشتد الصوم على رجل من أصحابه فجعلت راحلته تهيم به تحت الشجرة ، فأُخبر النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بأمره ، فأمره أن يفطر ، ثم دعا النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بإناء فوضعه على يده ثم شرب والناس ينظرون « 2 » توفي جابر – سنة ثمان وسبعين ، وقيل : – أربع وسبعين ، وقيل غير ذلك ، وهو يومئذ ابن أربع وتسعين فيما قيل ، وكان آخر من شهد العقبة الثانية موتاً .

وهو أوّل من زار قبر الحسين – عليه السّلام ، فقد ورد كربلاء بصحبة التابعي عطية بن سعد العوفي ، في العشرين من صفر ، بعد مُضيّ أربعين يوماً على استشهاده ( عليه السّلام ) .

روي أنّه لما دنا من القبر ، خرّ مغشيّاً عليه ، فلما أفاق ، قال : يا حسين ، ثلاثاً ، ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه .
ثم قال : وأنّى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك على أثباجك ، وفُرّق بين بدنك ورأسك ، فأشهد أنّك ابن النبيين ، وابن سيد المؤمنين ، . . ، وخامس أصحاب الكساء « 3 »

11 جَبَلة بن عمرو الأنصاري

« 1 » ( . كان حياً 50 ه ) جبلة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة الانصاريّ « 2 » المدنيّ ، أخو أبي مسعود « 3 » البدري الأنصاري . شهد وقعة صفين مع الامام عليّ – عليه السّلام ، وسكن مصر .
روى عنه : سليمان بن يسار ، وثابت بن عبيد .
قال سليمان بن يسار : كان جبلة بن عمرو فاضلًا من فقهاء الصحابة .
روى البخاري في تاريخه وابن السكن من طريق بكير بن الاشجّ عن سليمان بن يسار أنّهم كانوا في غزوة في المغرب مع معاوية يعني ابن خديج فنفل الناس ومعه أصحاب النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فلم يردّ ذلك غير جبلة بن عمرو الأنصاري . لم نظفر بتاريخ وفاته ، إلَّا أنّه كان حياً في سنة خمسين ، وهي السنة التي غزا فيها معاوية بن خديج إفريقية .

12 أبو ذرّ الغفاري « 1 »

( . . – 32 ه ) اختلف في اسمه واسم أبيه ، والمشهور المحفوظ : جُندب بن جنادة .
كان أحد السابقين الاوّلين ، قدم على النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وهو بمكة فأسلم ، ثم رجع إلى بلاد قومه بأمر النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فكان يسخر بآلهتهم .
وكان يتألَّه في الجاهلية ويوحّد ، ولا يعبد الأصنام .
ولما هاجر النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، هاجر أبو ذر إلى المدينة ، وكان حامل راية غفار يوم حنين .
قيل : خرج إلى الشام في زمن عثمان ، وقيل : بعد وفاة أبي بكر ، وكان يقدم حاجاً ويسأل عثمان الاذن في مجاورة قبر رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فيأذن له في ذلك « 1 » .

قال ابن أبي الحديد : والذي عليه أكثر أرباب السيرة ، وعلماء الاخبار والنقل انّ عثمان نفى أبا ذر أوّلًا إلى الشام .
وأصل هذه الواقعة : انّ عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال ، واختص زيد بن ثابت بشيء منها ، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع : » بشر الكافرين بعذاب أليم « ويتلو قول اللَّه عزّ وجلّ : » * ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) * . . « .

ورُفع ذلك إلى عثمان ، ثم جرت بينهما أُمور ، فقال له عثمان : إلحق بالشام .
فأخرجه إليها .
وكان أبو ذر يقوم بالشام فيعظ الناس ويأمرهم بالتمسك بطاعة اللَّه ، ويروي عن رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ما سمعه منه في فضائل أهل بيته – عليهم السلام – ويحضهم على التمسك بعترته .

ولما بنى معاوية الخضراء بدمشق ، قال أبو ذر : يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال اللَّه فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهذا الإسراف .

وكان يقول : واللَّه لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، واللَّه ما هي في كتاب اللَّه ، ولا سنّة نبيه ،
واللَّه إنّي لَارى حقاً يُطفأ ، وباطلًا يحيى ، وصادقاً يُكذَّب ، وأثَرَة بغير تُقى ، وصالحاً مستأثَراً عليه .
وشكى منه معاوية ، فاستقدمه عثمان ، ثم نفاه من المدينة إلى الرَّبذة .

ولما أُخرج إلى الرَّبذة ، أمر عثمان ، فنودي في الناس أن لا يكلَّم أحد أبا ذر ولا يشيّعه ، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به ، فخرج به ، وتحاماه الناس إلَّا علي بن أبي طالب – عليه السّلام ، وعقيلًا أخاه ، وحسناً وحسيناً « عليهما السلام » ، وعمّاراً ، فهم خرجوا معه يشيعونه ، فقال عليّ – عليه السّلام : « يا أبا ذر انّك غضبت لله ، فارجُ مَنْ غَضبتَ له .

إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عمّا منعوك .وستعلم مَن الرابح غداً ، والأَكثر حسداً ، ولو انّ السماوات والأَرضين كانتا على عبد رتقاً ، ثم اتقى اللَّه لجعل اللَّه له منهما مخرجاً .
لا يؤنسنَّك إلَّا الحق ، ولا يوحشنّك إلَّا الباطل ، فلو قبِلت دنياهم لَاحبّوك ، ولو قرضت منها لَامَّنوك « « 1 » وكان أبو ذر رأساً في الزهد والصدق ، والقول والعمل ، قوّالًا بالحق ، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم .

قيل له : ألم ينهك أمير المؤمنين [ عثمان ] عن الفتيا ؟ قال : لو وضعتم الصمصامة على هذه وأشار إلى قفاه على أن أترك كلمة سمعتها من رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لَانفذتها قبل أن يكون ذلك .

روي عن بريدة ، قال : قال رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إنّ اللَّه عزّ وجلّ أمرني بحب أربعة ، وأخبرني أنّه يحبهم : علي وأبو ذر والمقداد وسلمان .

وعن عبد اللَّه بن عمرو : قال : قال رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ما أظلَّت الخضراء ، ولا أقلَّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر « 1 » عُدّ من المقلَّين في الفتيا من الصحابة ، ونقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » فتوى واحدة .

روي عن أبي ذر أنّه قال : أوصاني رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بسبع : أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي ، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم ، وأوصاني أن لا أسأل أحداً شيئاً ، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مُرّاً ، وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت ، وأوصاني أن لا أخاف في اللَّه لومة لائم ، وأوصاني أن أستكثر من قول لا حول ولا قوة إلَّا باللَّه العلي العظيم فانّها من كنوز الجنّة .

توفي بالربذة في – سنة اثنتين وثلاثين ، وشهد دفنه عبد اللَّه بن مسعود ، صادفه وهو مقبل من الكوفة في رهط من أهل العراق عُمّاراً ، واستهلّ ابن مسعود يبكي ويقول : صدق رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك « 2 » .

13 جرير بن عبد اللَّه « 1 »

( . . – 51 ، 54 ه ) ابن جابر البَجَلي القَسْري ، أبو عمرو ، وقيل : أبو عبد اللَّه .
قدم على رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في العام الذي توفّي فيه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فبايعه وأسلم .
روى عن النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وعن عمر بن الخطاب .
روى عنه ابناه : أيوب والمنذر ، وأنس بن مالك ، وشهر بن حوشب ، والشعبي ، وغيرهم .
عُدّ من المقلَّين من الصحابة فيما رُوي عنه من الفتيا .
شهد حرب القادسية ، ثم نزل الكوفة .
ولما قدم أمير المؤمنين علي – عليه السّلام الكوفة بعد وقعة الجمل ، كتب إلى جرير وكان عاملًا لعثمان على هَمَدان يدعوه إلى البيعة ، فكتب إليه جرير
جواب كتابه بالطاعة « 1 » ثم أقبل إلى الكوفة فبايعه .
بعثه الإمام علي – عليه السّلام رسولًا إلى معاوية يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته ، فلما قدم جرير على معاوية ماطله واستنظره « 2 » وكتب معاوية إلى علي – عليه السّلام أن يجعل له الشام ومصر جباية ، وألَّا يجعل لَاحد من بعده في عنقه بيعة .

فكتب الامام – عليه السّلام – إلى جرير : أمّا بعد : فانّما أراد معاوية ألَّا يكون لي في عنقه بيعة وأن يختار من أمره ما أحبّ وأراد أن يُريثك ويبطئك حتى يذوق أهل الشام ، وأنّ المغيرة بن شعبة قد كان أشار عليّ أن استعمل معاوية على الشام وأنا حينئذ بالمدينة فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن اللَّه ليراني اتخذ المضلَّين عَضُداً ، فإنّ بايعك الرجل ، وإلَّا فأقبل والسلام .
وكان معاوية يدافع جريراً بالبيعة حتى ذاق الشام حسب تعبير الإمام ( عليه السّلام ) .

ثمّ قدم جرير على أمير المؤمنين – عليه السّلام ، وأخبره خبر معاوية واجتماع أهل الشام على قتاله ، ويُروى أنّ مالك الأَشتر عنّف جريراً ، وأزرى عليه موقفه من معاوية ، فخرج جرير إلى قرقيسياء « 3 » فيما قيل ، ولم يشهد صفّين .
توفّي بقرقيسياء ، وقيل بالشَّراة ( السراة ) « 4 » في – سنة إحدى أو أربع وخمسين .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...