الرئيسية / شخصيات اسلامية / موسوعة طبقات الفقهاء

موسوعة طبقات الفقهاء

32 سعد بن أبي وقاص

« 1 » ( . . – 55 ه ) واسم أبي وقاص : مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزُّهري ، أبو إسحاق .
أسلم قديماً ، وهاجر إلى المدينة ، وشهد بدراً والمشاهد بعدها مع رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم .
ولَّاه عمر بن الخطاب قتال فارس ، ففتح مدائن كسرى ، والقادسية .
نزل الكوفة وجعلها خططاً لقبائل العرب ، ووليها لعمر ، فشكاه أهلها فعزله ، وأعاده عثمان فوليها يسيراً ثمّ عزله بالوليد بن عقبة ، فعاد إلى المدينة ، فأقام بها ، ثمّ فقد بصره .
وكان سعد أحد الستة الذين رشّحهم عمر للخلافة بعده .
ولما بويع أمير المؤمنين – عليه السّلام بالخلافة ، تخلَّف عن بيعته ولم يشهد الجمل وصفّين ، مع أنّه كان يعرف فضل الامام – عليه السّلام – ويروي هو بنفسه أحاديث الرسول – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في حقّه – عليه السّلام – .
ففي صحيح مسلم 7 – 119 ( باب فضائل علي بن أبي طالب ) قال سعد ابن أبي وقاص : سمعت رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يقول لعليّ : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنّه لا نبيّ بعدي .
وسمعته يقول يوم خيبر : لأُعطينَّ الراية رجلًا يحبُّ اللَّه ورسولَه ، ويحبُّه اللَّه ُ ورسولُه ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا علياً . . ولما نزلت الآية : « * ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) * » « 1 » دعا رسول اللَّه عليّا وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللَّهمّ هؤلاء أهلي .
قال ابن عبد البَرّ : سئل عليّ رضي اللَّه عنه عن الذين قعدوا عن بيعته والقيام معه فقال : أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل .
ولما قعد سعد عن بيعة الامام – عليه السّلام – ونصرته ، طمع معاوية فيه وفي عبد اللَّه ابن عمر ومحمد بن مسلمة .
قال ابن عبد البَرّ : فكتب إليهم يدعوهم إلى عونه والطلب بدم عثمان ، فأجابه كل واحد منهم ينكر عليه مقالته ويُعرِّفه أنّه ليس بأهل لما يطلبه .
ثمّ ذكر في جواب سعد أبيات منها :
معاوي داوَك الداء العَياءُ
وليس لما تجيء به دواء
أيدعوني أبو حسن عليٌّ
فلم أرددْ عليه بما يشاء
وقلتُ له أعطني سيفاً بصيراً
تميز به العداوة والولاء
أتطمع في الذي أعيا عليّا
على ما قد طمعتَ به العفاء
ليوم منه خير منك حياً
وميتاً ، أنت للمرء الفداء
قيل : أمّا قعود سعد عن القتال مع عليّ – عليه السّلام بزعم أنّها فتنة ، فليس معذوراً فيه فإنّه مخالفة لقوله تعالى : « * ( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) * . . » « 1 » ولقول النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « عليّ مع الحقّ والحق مع علي يدور معه حيثما دار « « 2 » ولذلك قاتل مع عليّ – عليه السّلام ابن أخي سعد هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وابنه عبد اللَّه بن هاشم ، وبالغا في إخلاص الولاء فقتل هاشم معه يوم صفّين .
روى سعد جملة من الأحاديث عن رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وروى عنه : ابن عباس ، وعائشة ، وابن عمر ، والسائب بن يزيد ، وغيرهم .
عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة .
عن عبد الرحمن بن المسور ، قال : خرجت مع أبي وسعد وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عام أذرح فوقع الوجع بالشام فأقمنا ب « سرغ » خمسين ليلة ، ودخل علينا رمضان فصام المسور وعبد الرحمن وأفطر سعد وأبى أن يصوم ، فقلت : يا أبا إسحاق أنت صاحب رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وشهدت بدراً وأنت تفطر وهما صائمان ؟ قال : أنا أفقه منهما .
نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » ثلاثاً وعشرين فتوى ، منها : المزارعة بالثلث والربع والنصف أو أقل أو أكثر بعد أن يكون بينهما مشاعاً جائزة .
مات سعد في قصره بالعقيق ( على عشرة أميال من المدينة ) وحُمل إليها وذلك في – سنة خمس وخمسين وقيل : – ثمان وخمسين ، وقيل غير ذلك .
قيل : والأَوّل هو الصحيح .
33 أبو سعيد الخُدْري « 1 »
( 10 ق ه – 74 ه ) سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي ، أبو سعيد الخدري .
شهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وعُدّ من الأصفياء من أصحاب أمير المؤمنين عليّ – عليه السّلام .
ورد المدائن في حياة حذيفة بن اليمان ، وبعد ذلك مع عليّ بن أبي طالب لما حارب الخوارج بالنهروان .
قال ابن الأثير في حوادث سنة ( 39 ه ) : فيها أَرسلَ معاوية يزيدَ بن شجرة الرهاوي في ثلاثة آلاف فارس إلى مكة وعامل عليّ عليها قثم بن العباس ، فخطب
قثم أهل مكة ودعاهم لحرب الشاميين فلم يجيبوه ، فعزم على مفارقة مكة ومكاتبة أمير المؤمنين ، فنهاه أبو سعيد الخدري عن مفارقة مكة ، وقال له : أقِم ، فإن رأيت منهم القتال وبك قوة ، وإلَّا فالمسير عنها أمامك ، فأقام وقدم ابن شجرة واستدعى أبا سعيد الخُدري ، وقال له : إنّي أُريد « 1 » الإلحاد في الحرم ولو شئت لفعلت لما في أميركم من الضعف فقل له يعتزل الصلاة بالناس وأعتزلها أنا ، ويختار الناس من يصلَّي بهم ، فقال أبو سعيد لقثم ذلك فاعتزل وصلَّى بالناس شيبة بن عثمان « 2 » قيل : وهذا يدل على عقل ثابت ورأي ثاقب ومكانة في الناس لَابي سعيد .
وكان الإمام الحسين – عليه السّلام يقول في معركة الطفّ بكربلاء لما احتجّ عليهم بقول رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » : فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق ، وإن كذبتموني فإنّ فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم ، وعدّ جماعة من الصحابة ، فيهم أبو سعيد الخُدري .
روى أبو سعيد عن النبيّ حديثاً كثيراً ، وروى عنه : جابر بن عبد اللَّه الأنصاري ، وزيد بن ثابت ، وعبد اللَّه بن عباس ، وسعيد بن المسيّب ، وأبو أُمامة بن سهل بن حنيف ، وآخرون .
وكان أحد الفقهاء المفتين بالمدينة .
عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة ، ونقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » ، ثماني فتاوى ، منها : إذا التقى الختانان ولم ينزل لا يجب الغسل .
توفّي بالمدينة – سنة أربع وسبعين ، وقيل غير ذلك .

شاهد أيضاً

طالوت وبنو إسرائيل

طالوت وبنو إسرائيل من سير الأطهار يوسف مزاحم قال تعالى في كتابه العزيز: ( وَلَقَدْ ...