الرئيسية / من / طرائف الحكم / الثورة الإسلامية والغزو الثقافي

الثورة الإسلامية والغزو الثقافي

العصرُ الجديد هذا ينطوي على خصائص تفترق عن ملامح العصر السابق.

 

لقد أطل هذا العصر على العالم بخصوصياته المتميِّزة، وبدءَ مشواره وما يزال يتقدم، سواء رضيت القوى المادية العالمية بذلك أم لم ترض، وسواء أرادت أمريكا ذلك أم لا. وقد بلغ من قوة انطلاقة هذا العصر، أن تأثيراته بدت واضحة على الشعوب والدول الضعيفة؛ وكذلك على الدول والكيانات القوية.

 

وفي اللحظة التي يبدأ فيها عصر جديد في تاريخ البشر، فلا أحد يستطيع أن يصون نفسه من تأثيراته ويبقى بمنأىً عنها.

 

جرت أشواط التأريخ البشرية في الماضي على هذا المنوال؛ إذ لم يكن بمقدور أحد أن يبقى بعيداً عن تأثيرات عهد أطلّ على العالم بإشراقات إلهية وإنسانية ثابتة.

 

وما نريد أن نعلنه، إنَّ العالم وإن وقع الكثيرُ من شعوبه ودوله تحت

27-حديث قائد الثورة إلى جماعة من العلماء. 22/2/1369.-

 

تأثير هذا العصر الجديد، بحيث تغيّرت حتى الخريطة السياسية للعالم، إلاّ أننا لا نتوقع من المحللين المرتبطين بقوى السياسة العالمية، أن يعترفوا ببدايته. هم لا يعترفون ببداية هذا العصر، وأن أحسّوا به ووقعوا تحت تأثيراته.

 

ينبغي أن نطلق على هذا العصر، عصر الإمام الخميني.

 

لهذا العصر عدد من الخصائص التي لا تنفك عنه، أحدها نمو المعتقدات الدينية واتساعها. فبعد أن كانت سياسة الهيمنة ونظام التسلّط العالمي يهدف إقصاء الدين وعالم المعنى من حياة الناس كلياً، بحيث تتربى المجتمعات بعيداً عن الدين والإيمان والاعتقاد بالقيم الإلهية، جاء هذا العصر ليتحرك بنهج معاكس لذلك تماماً.

 

ومسألة العودة إلى المعتقد الديني لم تقتصر على إيران أو البلدان الإسلامية، بل عمّت العالم أجمع، وأخذ الجانب المعنوي ينمو وسط مجتمعات عاشت عشرات السنين في إطار منهج حياتي معاد للدين.

 

وهذه الحركة ستمضي في المستقبل على نسق بحيث تكون قوة جذبها للشعوب أكثر في كل مكان يكون فيه الإحياء المعنوي أعمق وأكثر سلامة وخلوصاً وتطابقاً مع الفطرة.

 

لقد ولّى ذلك العهد الذي يعتبر فيه الدين والجانب المعنوي مُضاداً للقيم، وموضع هزء الآخرين وسخريتهم.

 

إنّ ما يعدّ اليوم مناقضاً للقيم، هو اللا دينية وعدم الإيمان، الالتزام بالمعتقد الديني. وقد ساد هذا المعنى بقاعاً واسعة من العالم، وستحل في الكثير من المناطق الأخرى.

 

هذا واحدة من خصوصيات العصر الجديد، الذي بسط رايته في

 

 

أرجاء الدنيا ذلك الرجل الكبير من دون أن يصدّق أحد ودعا إليه، فانجذبت إليه القلوب.

 

الخصوصية الأُخرى للعصر الجديد هو منح معنى للقيمة الإنسانية، ولحضور القاعدة المليونية من الناس مؤثر. هذا المعنى لحضور الملايين العريضة بدأ مع إمامنا الخميني ولم يقتصر على إيران وحدها. لقد تحولت جماهير الناس إلى قوة لها وزنها في مجريات الأُمور ولها دورها في القرار، وإليها يعود تحديد اتجاه الأحداث.

 

هناك ثورات كثيرة تقدمت في الماضي من خلال عواطف الناس وحماس الجمهور، بيد أنَّ الأمر يختلف اليوم. ففي عالم عاش عقوداً يخضع لهيمنة القوى العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، اعتادت الناس أن تخضع لإرادة تلك القوى من دون اعتراض؛ بل ومع سحق إرادتها الخاصة، وإذا بهذا العالم يشهد فجأة في بلدان أوروبا الشرقية، الملايين الشعبية وهي تتحرك بالطريقة نفسها التي واجه بها شعبنا المسلم نظام الشاه الظالم.

 

وإذا شئنا أن نعبّر عن هذه الصفة التي يتسم بها العصر الجديد. بكلام آخر، فيمكن القول إنها تتمثل بانتصار الدم على السيف.

 

فما حصل هناك يشبه ما حصل في إيران، حيث خرجت الجماهير من دون سلاح، ونزلت إلى الميدان بأجسادها وهي تحمل الأرواح على الأكف، فضيّقت من خلال هذا الحضور حلقة الحصار على النظام الظالم.

 

لقد أصبح هذا الأُسلوب معروفاً في عالم اليوم. وأصبح واضحا ًما

 

 

لحضور الجماهير من قوة وهي تنزل الميدان، ولو بدون سلاح. وعلى القوى الكبرى أن تعي بعد ذلك بأنَّ شعبنا جسّد خلال مقاومته شاهد صدق على صحة هذا الادّعاء.

 

إنَّ ثورتنا العظيمة تنطوي على خصوصيات ترتبط بها وقد تكرّر القول عن هذه الخصوصيات في أشكال التحليل السياسي والفكري والحضاري المنبثقة من داخل مجتمعنا ومن العارفين بالثورة فللمرة الأولى تبرز ثورة تقوم على أساس الإسلام، وتهدف إيجاد حكومة إسلامية، وإعادة النظر في المفاهيم السياسية للعالم من قبيل الحرية، الاستقلال، العدالة الاجتماعية، والمفاهيم الأُخرى، بحيث تسوق حركتها نحو عالم ومجتمع يقومان على أساس القيم الإسلامية.

 

ومؤدى هذه الخصوصية إنه لا يمكن للنظام أن يستمر بحكمه على رغم إرادة الملايين العريضة. وكلما امتدَّ هذا الموجه وانبسط في العالم كلما يكون استمرار السلطات الظالمة غير القانونية، والكيانات المعادية للبشرية أصعب.

 

هذه هي النهضة التي انطلقت في بلدنا إيران على يد الإمام العظيم، وببركة وعي الشعب وإيمانه، وأضحت مثالاً يحتذي للعالم.

 

لقد خطى شبنا بسيره وراء قائده الاستثنائي، الخطوة الأولى في طريق العصر الجديد، بحيث أضحت قواعد هذا العهد ثابتة تتسم بالاستحكام 28.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...