الرئيسية / كلامكم نور / وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

  يا عليُّ ، لَعَنَ اللّهُ ثلاثةً (106) ، آكل زادِه وحدَه ، وراكب الفلاتِ وحدَه ، والنائم في بيت وحدَه.
    يا عليُّ ، ثلاثة يُتخوَّفُ منهنَّ الجنون ، التغوُّطُ بين القبور ،

    5 ـ الإستغفارات المفصّلة التي تلاحظها في كتب الأدعية الشريفة ، كالإستغفارات السبعين لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد ركعتي الفجر الواردة في البلد الأمين (1).
    (105) النصح ، ضدّ الغشّ ، وأصل النصيحة في اللغة هو الخلوص ، وأهل البيت هم أهل آية التطهير وأولادهم الأئمّة المعصومون ( عليهم السلام ) ، وأداء النصح لهم هو مودّتهم ومعرفة أنّهم منصورون من قبل الله تعالى وأنّهم معصومون وأنّ طاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، وأنّهم أولى بنا من أنفسنا (2) والإنقياد لهم في أوامرهم ونواهيهم وآدابهم وأعمالهم وحفظ شرائعهم وإجراء أحكامهم وعدم الخروج عليهم سلام الله عليهم (3).
    (106) اللعن من الله تعالى هو الطرد والإبعاد من الرحمة .. وفعل المكروه يُبعِّد الإنسان من رحمة الله تعالى لذلك ورد اللعن في الطوائف الثلاثة الآتية لأنّها تفعل المكروه ، والزاد هو الطعام ، والفلات هي الصحراء القفر التي لا ماء فيها ، والبيت واحد البيوت وهي المساكن. 1 ـ البلد الأمين ، ص 38.
2 ـ لاحظ روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 104.
3 ـ مرآة العقول ، ج 9 ، ص 142.

والمشيُ في خُفّ واحد ، والرّجلُ ينام وحدَه (107).
    يا علي ، ثلاثٌ يحسن فيهنّ الكذب ، المكيدةُ في الحرب ، وعِدَتُك زوجتَك ، والإصلاحُ بينَ الناس (108) ،

    (107) جاء هذا الحديث في فروع الكافي (1) أيضاً في باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده وهذه الخصال منهيٌّ عنها لعلّة مخوفة وجاء في نظيره من أحاديث الباب بيان أنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات .. وأنّه يهمّ به الشيطان.

 
    (108) فإنّه وإن كان أصل الكذب من المعاصي الكبائر بل ممّا عدّ من مخرّبات الإيمان إلاّ أنّه استثنيت هذه الموارد الثلاثة لما لها من أهميّة المصلحة وأقوائية الملاك وإرتكاب أقلّ القبيحين عند التزاحم فيتغيّر حكمه وتزول حرمته ويحكم العقل بحسنه ويرفع الشارع عقوبته.
    فيكيد في الحرب لنصرة الدين ، ويُعِد زوجته ليرضيها ولا يفي بوَعده ليتخلّص من الحرام أو الإسراف ، ويكذب للإصلاح بين المؤمنين.
    وجاء في اُصول الكافي (2) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، « كلّ كذب مسؤول عنه صاحبه يوماً إلاّ في ثلاثة » ؛ وعدّ هذه الموارد وأفاد في مرآة العقول (3) ، انّ مضمون هذا الحديث متّفق عليه بين الخاصّة والعامّة .. ثمّ نقل عن بعض الإتيان بالكذب في هذه الموارد بصورة التورية مثل أن يعد زوجته بأن يفعل لها ويحسن إليها بنيّة أنّه إن 1 ـ فروع الكافي ، ج 6 ، باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده … ، ص 533.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 342 ، باب الكذب ، ح 18.
3 ـ مرآة العقول ، ج 10 ، ص 341.
وثلاثةٌ مجالستُهم تُميتُ القلب (109) ، مجالسةُ الأنذال (110) ، ومجالسةُ الأغنياء ، والحديثُ مع النساء.
    يا عليُّ ، ثلاثٌ من حقائقِ الإيمان (111) ، الإنفاقُ من الإقتار (112) ، وإنصافُك الناسَ من نفسِك (113) ، وبذلُ العلمَ للمتعلّم (114).

قدّر الله ذلك ، أو يقول لعدوّه في مكيدة الحرب ، انحلّ حزام سرجك ويريد فيما مضى. وهكذا.
    (109) فتؤثّر في الروح وتوجب زوال حيويّتها ونورانيّتها بواسطة التوجّه إلى الاُمور الدنيويّة الخسيسة والإنصراف عن الاُمور الربانيّة الخالصة.
    (110) الأنذال جمع نذل بسكون الذال وهو الخسيس المحتَقَر من الناس في جميع أحواله.
    (111) أي لهنّ مدخليّة في حقيقة الإيمان ، بحيث إنّ الإيمان الحقيقي لا يحصل إلاّ بوجود هذه الخصال.

 
    (112) الإقتار هي القلّة والتضييق على الإنسان في الرزق .. فينفق على المستحقّ مع الإقتار على نفسه ، ويؤثرِ المستحقّين على نفسه ولو كان به خصاصة.
    (113) الإنصاف هي المعاملة بالقسط والعدل .. وفي حديث عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، سيّد الأعمال ثلاثة ، وعَدَّ منها ، « إنصاف الناس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلاّ رضيت لهم مثله … » (1).
    (114) حيث إنّه قد أخذ به العهد وهو زكاة العلم ، كما في الأحاديث (2). 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 144 ، باب الإنصاف والعدل ، ح 3.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 1 ، ص 41 ، باب بذل العلم ، الأحاديث.

 
    يا عليُّ ، ثلاثٌ من لم يكنّ فيه لم يتمّ عملُه (115) ، ورعٌ يحجزُه عن معاصي اللّه ، وخُلُقٌ يداري به الناسَ ، وحِلمٌ يردُّ به جهلَ الجاهل (116).
    يا عليُّ ، ثلاثُ فرحات للمؤمن في الدنيا (117) ، لقاءُ الاخوان ، وتفطيرُ الصائم ، والتهجّدُ من آخرِ الليل (118).
    يا عليُّ ، أنهاكَ عن ثلاثِ خصال (119) ، الحسد (120) ،

    (115) أي كانت أعماله ناقصة غير كاملة ، أو غير مقبولة .. فالورع مؤثّر في قبول الطاعات ، كما وأنّ صفتي الحلم والمدارات الأخلاقية مؤثّرتان في كمال ومقبوليّة الأعمال في المعاشرات.
    (116) أي سفاهته ، وفي بعض النسخ ، « وحلم يردّ به جهل الجهّال ».
    (117) حيث يعلم المؤمن عظيم ثوابها وفوائدها فيكون مسروراً بها.
    (118) أي التيقّض فيه بالعبادة وقراءة القرآن وصلاة الليل ، وفي بعض النسخ ، « والتهجّد في آخر الليل ».

 
    (119) لعلّ تخصيصها بالذكر من بين الصفات الذميمة من حيث كونها من اُمّهات الرذائل ومن أعظم الكبائر وهي آفة الدين وقد توجب الكفر بربّ العالمين .. وقد وردت في ذمّها أحاديث كثيرة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم نشير إليها فيما يلي عند ذكرها.
    (120) الحسد هو تمنّي زوال النعمة عن صاحبها .. بينما الغبطة تمنّي النعمة لنفسه مثل ما لصاحبها مع عدم إرادة زوالها عنه وتلاحظ باب أحاديث ذمّ الحسد في اُصول الكافي (1). 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 306 ، باب الحسد.

 
والحِرص (121) ، والكِبر (122).

من ذلك الحديث الثاني من الباب عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال ، « إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ».
    (121) الحرص هو الحثّ على شيء من اُمور الدنيا وطلب الزيادة عمّا يكفيه ، وتلاحظ أحاديث ذمّه في اُصول الكافي (1).
    منها الحديث الأوّل من الباب عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، « رأس كلّ خطيئة حبُّ الدنيا ».
    (122) الكبر بكسر الكاف وسكون الباء مصدر مجرد للتكبّر والإستكبار الذي هو في اللغة بمعنى طلب الترفّع (2) ، وهي الحالة التي يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه ، ويرى نفسه أكبر من غيره .. (3).
    وأعظم التكبّر هو التكبّر على الله تعالى بالإمتناع من قبول الحقّ والإذعان له بالعبادة ..
    وبعده التكبّر على الرسل والأوصياء ( عليهم السلام ) بعدم الإيمان بهم.
    وبعده التكبّر على العباد بأن يستعظم نفسه ويستحقر غيره فتأبى نفسه عن الإنقياد لهم ، وتدعوه نفسه إلى الترفّع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويأنف عن مساواتهم ويتقدّم عليهم في مضائق الطرق ويرتفع عليهم في المحافل وينتظر أن يبدؤوه بالسلام ، وإن وُعظ أنف من القبول ، وإن وَعظَ عَنَّف في النصح ، وإن رُدّ عليه شيء غضب ، وإن عَلَّمَ لم يرفق بالمتعلّمين واستذلّهم وانتهرهم وامْتَنّ عليهم 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 315 ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها.
2 ـ مجمع البحرين ، مادّة كبر ، ص 298.
3 ـ سفينة البحار ، ج 7 ، ص 401.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...