الرئيسية / بحوث اسلامية / أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ٤١ – ٦٠

عليهم في الأعمال التي يستحق بها النعيم المقيم، وأجمعت المعتزلة ومن ذكرناه من الفرق الخارجة عن سمة الإمامية على خلاف ذلك وجوزوا أن يكون الأئمة عصاة في الباطن وممن (١) يقارف الآثام ولا يحوز الفضل ولا يكمل علوم الدين.واتفقت الإمامية على أن الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها إلا بالنص على عينه والتوقيف، وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة والمتسمون بأصحاب الحديث على خلاف ذلك، وأجازوا الإمامة في من لا معجز له ولا نص عليه ولا توقيف.

واتفقت الإمامية على أن الإمامة بعد النبي (ص)، في بني هاشم خاصة، ثم في علي والحسن والحسين ومن بعد في ولد الحسين (ع) دون ولد الحسن – عليهما السلام – إلى آخر العالم، وأجمعت المعتزلة ومن ذكرناه من الفرق على خلاف ذلك، وأجاز سائرهم إلا الزيدية خاصة الإمامة في غير بني هاشم، وأجازتها الزيدية في غير ولد الحسين عليه السلام.

واتفقت الإمامية على أن رسول الله – صلى الله عليه والله – استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في حياته ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك فقد دفع فرضا من الدين، وأجمعت المعتزلة والخوارج والمرجئة والبترية والحشوية المنتسبون إلى الحديث على خلاف ذلك، وأنكروا نص النبي (ص) على أمير المؤمنين (ع) ودفعوا أن يكون الإمام بعده بلا فصل على المسلمين.

واتفقت الإمامية على أن النبي (ص) نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين – عليه السلام -، وأن أمير المؤمنين (ع) أيضا نص عليهما كما

 

١ – وفيمن يفارق الإمام هـ. 

٤١
نص الرسول (ص)، وأجمعت المعتزلة ومن عددناه من الفرق سوى الزيدية الجارودية على خلاف ذلك، وأنكروا أن يكون للحسن والحسين – عليهما السلام – إمامة بالنص والتوقيف.واتفقت الإمامية على أن رسول الله – صلوات الله عليه وآله – نص على علي بن الحسين وأن أباه وجده نصا عليه كما نص عليه (١) الرسول (ص)، وأنه كان بذلك إماما للمؤمنين. وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة والمنتمون (٢) إلى أصحاب الحديث على خلاف ذلك، وأنكروا بأجمعهم أن يكون علي بن الحسين (ع) إماما للأمة بما توجب (٣) به الإمامة لأحد من أئمة المسلمين.

واتفقت الإمامية على أن الأئمة بعد الرسول (ص) اثنا عشر إماما، و خالفهم في ذلك كل من عداهم من أهل الملة، وحججهم في ذلك على خلاف الجمهور ظاهرة من جهة (٤) القياس العقل والسمع المرضي و (٥) البرهان الجلي الذي يفضي التمسك به إلى اليقين.

 

٤ – القول في المتقدمين على أمير المؤمنين (٦) – عليه السلام –

واتفقت الإمامية وكثير من الزيدية على أن المتقدمين على أمير المؤمنين –

 

١ – كلمة عليه ليست في ألف و هـ.٢ – والعامة المنتسبون – المنتمون ب وألف و ج ٣ – يوجب ألف ود.

٤ – حجة ألف و هـ.

٥ – في البرهان ذ.

٦ – أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ألف.

 

٤٢
عليه السلام – ضلال فاسقون، وأنهم بتأخيرهم أمير المؤمنين – عليه السلام – عن مقام رسول الله – صلوات الله عليه وآله – عصاة ظالمون، وفي النار بظلمهم مخلدون (١). وأجمعت المعتزلة والخوارج وجماعة من الزيدية والمرجئة والحشوية على خلاف ذلك ودانوا بولاية القوم، وزعموا أنهم لم يدفعوا (٢) حقا لأمير المؤمنين – عليه السلام – وأنهم من أهل النعيم إلا الخوارج والجميعة (٣) من الزيدية فإنهم تبرءوا من عثمان خاصة، وزعموا أنه مخلد في الجحيم بأحداثه في الدين لا بتقدمه (٤) على أمير المؤمنين – عليه السلام -. 

٥ – القول في محاربي أمير المؤمنين – عليه السلام –

واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين (ع)، وأنهم بذلك في النار مخلدون. وأجمعت المعتزلة سوى الغزال (٥) منهم وابن باب

 

١ – خالدون ألف.٢ – لم ينفوا ج لم يذموا هـ.

٣ – اتفقت النسخ غير نسخة د على تصغير الكلمة إما بلفظ الجميع أو الجميعة كما هو الأغلب في النسخ ثم اختلفت في الحرف التي بعدها فالأكثر ذكروا كلمة من وبعضها ذكرت إلا والصحيح الجميعة مصغر الجماعة مع من هكذا (إلا الخوارج والجميعة من الزيدية) وذلك لأنه قد ذكر أولا أن الكثير من الزيدية يكفرون الخلفاء ويفسقونهم والجماعة القليلة منهم و هم البترية لا يكفرونهم ثم أشار إلى أن هؤلاء أيضا يبرؤون من عثمان.

٤ – يتقدمه.

٥ – الغزالي ألف.

 

٤٣
والمرجئة والحشوية من أصحاب الحديث على خلاف ذلك. فزعمت المعتزلة كافة إلا من سميناه وجماعة من المرجئة وطائفة من أصحاب الحديث أنهم فساق ليسوا بكفار، وقطعت المعتزلة من بينهم على أنهم لفسقهم في النار مخلدون.وقال باقي المرجئة وأصحاب الحديث: إنهم لا يستحقون اسم الكفر والفسوق. وقال بعض هذين الفريقين إنهم كانوا مجتهدين في حربهم أمير المؤمنين (ع) ولله بذلك مطيعين وعليه مأجورين. وقال البعض الآخر بل كانوا لله تعالى عاصين إلا أنهم ليسوا بفاسقين ولا يقطع على أنهم للعذاب مستحقون. وزعم واصل الغزال وعمرو بن عبيد بن باب من بين كافة المعتزلة أن طلحة والزبير وعائشة ومن كان في حيزهم من علي بن أبي طالب (ع) والحسن والحسين (ع) ومحمد ومن كان في حيزهم كعمار بن ياسر وغيره من المهاجرين ووجوه الأنصار وبقايا أهل بيعة الرضوان كانوا في اختلافهم كالمتلاعنين وإن إحدى الطائفتين فساق ضلال مستحقون للخلود في النار إلا أنه لم يقم عليها دليل (١).

واتفقت الإمامية أو الزيدية وجماعة من أصحاب الحديث على أن الخوارج على أمير المؤمنين (ع) المارقين عن الدين كفار بخروجهم عليه وأنهم في النار بذلك مخلدون.

وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك. ومنعوا من إكفارهم واقتصروا في تسميتهم على التفسيق، وأوجبوا عليهم التخليد في الجحيم.

وزعمت المرجئة (٢) وباقي أصحاب الحديث أنهم فساق يخاف عليهم

 

١ – دليل أي الطائفتين منهما ألف.٢ – المعتزلة ز.

 

٤٤
العذاب ويرجى لهم العفو والثواب ودخول جنات النعيم. 

٦ – القول في تسمية جاحدي الإمامة
ومنكري ما أوجب الله تعالى للأئمة من فرض الطاعة

واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار. وأجمعت المعتزلة (١) على خلاف ذلك وأنكروا كفر من ذكرناه، وحكموا لبعضهم بالفسق خاصة ولبعضهم بما دون الفسق من العصيان.

 

٧ – القول في أن العقل لا ينفك عن سمع
وأن التكليف لا يصح إلا بالرسل – عليهم السلام –

واتفقت الإمامية على أن العقل محتاج (٢) في علمه ونتائجه إلى السمع و أنه غير منفك عن (٣) سمع ينبه العاقل على كيفية الاستدلال، وأنه لا بد في أول التكليف وابتدائه في العالم من رسول، ووافقهم في ذلك أصحاب الحديث.

وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية على خلاف ذلك، وزعموا أن العقول تعمل بمجردها من السمع والتوقيف إلا أن البغداديين من المعتزلة خاصة يوجبون

 

١ – المعتزلة والزيدية ألف.٢ – يحتاج ألف.

٣ – من سمع بينة العاقل ألف.

 

٤٥
الرسالة في أول التكليف ويخالفون الإمامية في علتهم لذلك ويثبتون عللا يصححها الإمامية ويضيفونها إلى علتهم فيما وصفناه. 

٨ – القول في الفرق بين الرسل والأنبياء – عليهم السلام –

واتفقت الإمامية على أن كل رسول فهو نبي وليس كل نبي فهو رسول، وقد كان من أنبياء الله – عز وجل – حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام، و إنما منع الشرع من تسمية أئمتنا بالنبوة دون أن يكون العقل مانعا من ذلك لحصولهم على المعنى الذي حصل لمن ذكرناه من الأنبياء – عليهم السلام -.

واتفقوا على جواز بعثة رسول يجدد شريعة من تقدمه وإن لم يستأنف شرعا ويؤكد نبوة من سلف وإن لم يفرض غير ذلك فرضا. وأجمعت المعتزلة على خلاف هذين القولين، ومع الإمامية في تصحيحه جماعة من المرجئة وكافة أصحاب الحديث.

 

٩ – القول في آباء رسول الله (ص) وأمه
وعمه أبي طالب – رحمة الله تعالى عليهم (١) –

واتفقت الإمامية على أن آباء رسول الله (ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله – عز وجل – موحدون له. واحتجوا في ذلك بالقرآن (٢) والأخبار، قال الله – عز وجل: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين). و

 

١ – في نسخة د عليهما وفي نسخة ب عليه وبعضهم اكتفى بالعلامة (ع) وما ذكرنا انسب.٢ – بالأخبار والقرآن ألف.

 

٤٦
قال رسول الله (ص): (لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين، إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا). وأجمعوا على أن عمه أبا طالب – رحمه الله – مات مؤمنا، وأن آمنة بنت وهب كانت على التوحيد، وأنها تحشر في جملة المؤمنين. وخالفهم على (١) هذا القول جميع الفرق ممن سميناه بدء. 

١٠ – القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيمة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف. واتفقوا على إطلاق لفظ (البداء) في وصف الله تعالى وأن ذلك (٢) من جهة السمع دون القياس. واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي (ص). وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه.

 

١١ – القول في الوعيد

واتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والاقرار بفرائضه من أهل الصلاة، ووافقهم على هذا القول كافة المرجئة سوى محمد بن شبيب و أصحاب الحديث قاطبة. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أن الوعيد

 

١ – في ذلك القول ألف.٢ – وإن كان من جهة ب و هـ وألف.

 

٤٧
بالخلود في النار عام في الكفار وجميع فساق أهل الصلاة.واتفقت الإمامية على أن من عذب بذنبه من أهل الاقرار والمعرفة والصلاة لم يخلد في العذاب وأخرج من النار إلى الجنة فينعم فيها على الدوام، ووافقهم على ذلك من عددناه. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنه لا يخرج من النار أحد دخلها للعذاب.

 

١٢ – القول في الشفاعة

واتفقت الإمامية على أن رسول الله (ص) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين (ع) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة آل محمد – عليهم السلام – يشفعون كذلك وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين ووافقهم على شفاعة الرسول (ص) المرجئة سوى ابن شبيب وجماعة (١) من أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة (٢) على خلاف ذلك وزعمت أن شفاعة رسول الله (ص) للمطيعين دون العاصين وأنه لا يشفع في مستحق العقاب (٣) من الخلق أجمعين.

 

١٣ – القول في الأسماء (٤) والأحكام

واتفقت الإمامية على أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والاقرار لا يخرج

 

١ – وجماعة أصحاب.٢ – واجتمعت على خلاف ذلك الباقين ألف.

٣ – العذاب ألف.

٤ – الاسلام ج.

 

٤٨
بذلك عن الاسلام، وأنه مسلم وإن كان فاسقا بما فعله (١) من الكبائر والآثام، و وافقهم على هذا القول المرجئة كافة وأصحاب الحديث قاطبة ونفر من الزيدية. وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك، و زعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن ولا مسلم وأن ضم (٢) إلى فسقه كل ما عد (٣) تركه من الطاعات. 

١٤ – القول في الاسلام والإيمان

واتفقت الإمامية على أن الاسلام غير الإيمان، وأن كل مؤمن فهو مسلم و ليس كل مسلم مؤمنا، وأن الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان، ووافقهم على هذا القول المرجئة وأصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك، وزعموا أن كل مسلم مؤمن وأنه لا فرق بين الاسلام والإيمان في الدين

١٥ – القول في التوبة وقبولها (٤)

واتفقت الإمامية على أن قبول التوبة تفضل من الله – عز وجل – وليس بواجب في العقول إسقاطها لما سلف من استحقاق العقاب، ولولا أن السمع ورد

 

١ – بما معه ألف.٢ – ضمن هـ.

٣ – ما عدا ألف و ب و د و ج.

٤ – كلمة قبولها غير موجودة في ألف.

 

٤٩
بإسقاطها (١) لجاز في العقول فعله في التائبين على شرط الاستحقاق، ووافقهم على ذلك أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة على خلافهم، وزعموا أن التوبة مسقطة لما سلف من العقاب على الوجوب. 

١٦ – القول في أصحاب البدع وما (٢) يستحقون عليه
من الأسماء والأحكام

واتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم، فإن (٣) تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لرددتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعموا أن كثيرا من أهل البدع فساق وليسوا بكفار، وأن فيهم من لا يفسق ببدعته ولا يخرج بها عن الاسلام كالمرجئة من أصحاب ابن شبيب والبترية من الزيدية الموافقة لهم في الأصول وإن خالفوهم في صفات الإمام.

 

١٧ – القول في المفاضلة بين الأنبياء والملائكة (٤) – عليهم السلام –

واتفقت الإمامية على أن أنبياء الله تعالى – عز وجل – ورسله من البشر

 

١ – إسقاطها د.٢ – من هنا إلى كلمة عند التمكن ساقط عن نسخة ألف و ب.

٣ – وإن ألف و هـ.

٤ – كلمة (الملائكة) سقطت عن نسخة ألف.

 

٥٠
أفضل من الملائكة، ووافقهم على ذلك أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعم الجمهور منهم أن الملائكة أفضل من الأنبياء والرسل، و قال نفر منهم سوى من ذكرناه بالوقف في تفضيل أحد الفريقين على الآخر، و كان اختلافهم في هذا الباب على ما وصفناه وإجماعهم على خلاف القطع بفضل الأنبياء على الملائكة حسب ما شرحناه. 

٥١

باب (١) وصف ما اجتبيته أنا من الأصول
نظرا ووفاقا لما جاءت به الآثار عن أئمة الهدى من آل محمد (ص)
وذكر من وافق (٢) ذلك مذهبه من أصحاب المقالات.

 

١٨ – القول في التوحيد

أقول: إن الله – عز وجل – واحد في الإلهية والأزلية لا يشبهه شئ، و لا يجوز أن يماثله شئ، وأنه فرد في المعبودية لا ثاني له فيها على الوجوه كلها والأسباب، وعلى هذا إجماع أهل التوحيد إلا من شذ من أهل التشبيه فإنهم أطلقوا ألفاظه (٣) وخالفوا في معناه.

وأحدث رجل من أهل البصرة (٤) يعرف بالأشعري قولا خالف فيه

 

١ – وإنما أتى بكلمة (باب) هاهنا دون ما قبله وما بعده لأن نوع البحث تغير عما كان وهو الفرق بين الشيعة والمعتزلة، ومن هنا بدء بالبحث وبيان خلاصة آرائه الكلامية مع الإشارة إلى مخالفيه من جميع الفرق الشيعية وغير الشيعية، فكأنه قد عدل عما بدء به لتكون فائدته أعم.٢ – وافى ألف.

٣ – ألقابه ألف و ب ود و هـ والفتيا به ج.

٤ – بآخره يعرف و.

 

٥٢
ألفاظ (١) جميع الموحدين ومعانيهم فيما وصفناه، وزعم أن لله – عز وجل – صفات قديمة وأنه لم يزل بمعان (٢) لا هي هو ولا غيره من أجلها كان مستحقا للوصف بأنه عالم حي قادر سميع بصير متكلم مريد، وزعم أن لله – عز وجل – وجها قديما وسمعا قديما وبصرا قديما ويدين قديمتين، وأن هذه كلها أزلية قدماء (٣)، وهذا قول لم يسبقه إليه أحد من منتحلي التوحيد فضلا عن أهل الاسلام. 

١٩ – القول في الصفات

وأقول: إن الله – عز وجل اسمه – حي لنفسه لا بحياة (٤)، وأنه قادر لنفسه و عالم لنفسه لا بمعنى كما ذهب إليه المشبهة من أصحاب الصفات ولا الأحوال (٥) المختلفات كما أبدعه أبو هاشم الجبائي وفارق به سائر أهل التوحيد وارتكب أشنع من مقال أهل الصفات، وهذا مذهب الإمامية كافة والمعتزلة إلا من سميناه وأكثر المرجئة وجمهور الزيدية وجماعة من أصحاب الحديث والمحكمة (٦).

وأقول: إن كلام الله تعالى محدث وبذلك جاءت الآثار عن آل محمد – عليهم السلام – وعليه إجماع الإمامية والمعتزلة بأسرها والمرجئة إلا من شذ عنها

 

١ – جميع ألفاظ ألف.٢ – بمعنى د.

٣ – قدما ألف.

٤ – لحياة ألف.

٥ – والأحوال المبتدعات د و ز وفي ألف الأفعال المبتدعات وفي حاشيته والأقوال المختلفات.

٦ – والحكمة ألف و ب و هـ.

 

٥٣
وجماعة من أصحاب الحديث وأكثر الزيدية والخوارج.وأقول: إن القرآن كلام الله ووحيه، وأنه محدث كما وصفه الله تعالى وامنع من إطلاق القول عليه بأنه مخلوق وبهذا جاءت الآثار عن الصادقين (ع)، وعليه كافة الإمامية إلا من شذ منهم وهو قول جمهور البغداديين من المعتزلة وكثير من المرجئة والزيدية وأصحاب الحديث.

وأقول: إن الله تعالى مريد من جهة السمع والاتباع والتسليم على حسب ما جاء في القرآن ولا أوجب ذلك من جهة العقول (١).

وأقول: إن إرادة الله تعالى لأفعاله هي نفس أفعاله، وإرادته لأفعال خلقه أمره بالأفعال، وبهذا جاءت الآثار عن أئمة الهدى من آل محمد – عليهم السلام – وهو مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منها عن قرب وفارق ما كان عليه الأسلاف، وإليه يذهب جمهور (٢) البغداديين من المعتزلة وأبو القاسم البلخي خاصة وجماعة من المرجئة، ويخالف فيه من المعتزلة البصريون ويوافقهم على الخلاف فيه المشبهة وأصحاب الصفات.

وأقول: إنه لا يجوز تسمية الباري تعالى إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه (ص) أو سماه به حججه (٣) من خلفاء نبيه، وكذلك أقول في الصفات وبهذا تطابقت الأخبار عن آل محمد – عليهم السلام – وهو مذهب جماعة (٤) الإمامية وكثير من الزيدية والبغداديين من المعتزلة كافة وجمهور

 

١ – في نسخة ز القول.٢ – جميع ألف و ب.

٣ – حجة ز.

٤ – جماعة من ز.

 

٥٤
المرجئة وأصحاب الحديث، إلا أن هؤلاء الفرق يجعلون بدل الإمام الحجة في ذلك الإجماع. 

٢٠ – القول في وصف الباري تعالى بأنه سميع بصير وراء ومدرك

وأقول: إن استحقاق القديم سبحانه لهذه (١) الصفات كلها من جهة السمع دون القياس ودلائل العقول، وإن المعنى (٢) في جميعها العلم خاصة دون ما زاد عليه في المعنى، إذ ما زاد عليه في معقولنا ومعنى لغتنا (٣) هو الحس وذلك مما يستحيل على القديم. وقد يقال في معنى مدرك أيضا إذا وصف به الله تعالى أنه لا يفوته شئ ولا يهرب (٤) منه شئ ولا يجوز أن يراد به معنى إدراك الأبصار وغيرها من حواسنا لأنه الحس في الحقيقة على ما بيناه. ولست أعلم من متكلمي الإمامية في هذا الباب خلافا وهو مذهب البغداديين من المعتزلة و جماعة من المرجئة ونفر من الزيدية، ويخالف فيه المشبهة وإخوانهم من أصحاب الصفات والبصريون من أهل الاعتزال.

 

٢١ – القول في علم الله تعالى بالأشياء قبل كونها

وأقول: إن الله تعالى عالم بكل ما يكون قبل كونه، وإنه لا حادث إلا وقد

 

١ – بهذه ألف.٢ – جملة (في جميعها العلم خاصة دون ما زاد عليه في المعنى) سقطت عن نسخة ب ٣ – تعينا ألف و هـ.

٤ – يعزب.

 

٥٥
كتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد (ص ٥٦ – ص ٧٤)

٥٦
يدل على ما يدل النطق عليه وينوب منا به فيه، وهذا مذهب أهل التوحيد وقد خالف فيه جماعة من أهل التشبيه (١). 

٢٣ – القول فيما انفرد به أبو هاشم من الأحوال

أقول: إن وصف الباري تعالى بأنه حق قادر عالم يفيد معاني معقولات ليست الذات ولا أشياء تقوم بها كما يذهب إليه جميع أصحاب الصفات ولا أحوال مختلفات على الذات كما ذهب إليه أبو هاشم الجبائي، وقد خالف فيه جميع الموحدين وقولي في المعنى المراد به المعقول في الخطاب دون الأعيان الموجودات، وهذا مذهب جميع الموحدين وخالف فيه المشبهة وأبو هاشم كما ذكرناه.

 

٢٤ – القول في وصف الباري تعالى بالقدرة على العدل وخلافه
وما علم كونه وما علم أنه لا يكون

وأقول: إن الله – جل جلاله – قادر على خلاف العدل كما أنه قادر على العدل، إلا أنه لا يفعل جورا ولا ظلما ولا قبيحا، وعلى هذا جماعة الإمامية والمعتزلة كافة سوى النظام وجماعة من المرجئة والزيدية وأصحاب الحديث والمحكمة، ويخالفنا فيه المجبرة بأسرها والنظام (٢) ومن وافقهم في خلاف العدل والتوحيد.

 

 

١ – أهل الشيعة ألف و و.٢ – كلمة النظام سقطت عن نسخة ب.

 

٥٧
وأقول: إنه سبحانه قادر على ما علم أنه لا يكون، مما لا يستحيل (١) كاجتماع الأضداد ونحو ذلك من المحال، وعلى هذا إجماع أهل التوحيد إلا (٢) النظام وشذاذ من أصحاب المخلوق. 

٢٥ – القول في نفي الرؤية على الله تعالى بالأبصار

وأقول: إنه لا يصح رؤية الباري سبحانه بالأبصار، وبذلك شهد العقل و نطق القرآن وتواتر الخبر عن أئمة الهدى من آل محمد (ص)، وعليه جمهور أهل الإمامة وعامة (٣) متكلميهم إلا من شذ منهم لشبهة عرضت له في تأويل الأخبار. والمعتزلة بأسرها توافق أهل الإمامة في ذلك وجمهور المرجئة وكثير من الخوارج والزيدية وطوائف من أصحاب الحديث ويخالف فيه المشبهة وإخوانهم من أصحاب الصفات.

 

٢٦ – القول في العدل والخلق (٤)

أقول: إن الله – عز وجل – عدل كريم، خلق الخلق لعبادته وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته وعمهم بهدايته، بدأهم بالنعم وتفضل عليهم بالاحسان، لم يكلف أحدا إلا دون الطاقة، ولم يأمره إلا بما جعل له عليه

 

١ – مما يستحيل ز.٢ – كلمتي (إلا النظام وشذاذ) سقطت من ب.

٣ – كلمة (عامة) غير موجود في نسخة ألف.

٤ – المخلوق ج.

 

٥٨
الاستطاعة. لا عبث في صنعه ولا تفاوت في خلقه لا قبيح في فعله، جل عن مشاركة عباده في الأفعال، وتعالى عن اضطرارهم إلى الأعمال. لا يعذب أحدا (١) إلا على ذنب فعله، ولا يلوم عبدا إلا على قبيح صنعه. لا يظلم مثقال ذرة فإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما.وعلى هذا القول جمهور أهل الإمامية وبه تواترت الآثار عن آل محمد (ص)، وإليه يذهب المعتزلة بأسرها إلا ضرارا منها وأتباعه، وهو قول كثير من المرجئة وجماعة من الزيدية والمحكمة ونفر من أصحاب الحديث، و خالف فيه جمهور العامة وبقايا ممن عددناه، وزعموا أن الله تعالى خلق أكثر خلقه لمعصيته، وخص بعض عباده بعبادته (٢)، ولم يعمهم بنعمته وكلف أكثرهم ما لا يطيقون من طاعته، وخلق أفعال جميع بريته، وعذب العصاة على ما فعله فيهم من معصيته، وأمر بما لم يرد ونهى عما أراد، وقضى بظلم العباد وأحب الفساد وكره من أكثر عباده الرشاد، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

 

٢٧ – القول في كراهة إطلاق (٣) لفظ (خالق) على أحد من العباد

وأقول: إن الخلق يفعلون ويحدثون ويخترعون ويصنعون ويكتسبون، ولا أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ولا أقول (٤) إنهم خالقون، ولا أتعدى ذكر ذلك فيما ذكر الله تعالى، ولا أتجاوز به مواضعه من القرآن، وعلى هذا القول

 

١ – كلمة أحدا ليست في نسخة ألف.٢ – بطاعته ج.

٣ – إطلاق القول لفظ ألف.

٤ – جملة (ولا أقول إنهم خالقون) سقطت عن نسخ ألف و ب و هـ.

 

٥٩
إجماع الإمامية والزيدية والبغداديين من المعتزلة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث. وخالف فيه البصريون من المعتزلة وأطلقوا على العباد أنهم خالقون، فخرجوا بذلك من إجماع المسلمين. 

٢٨ – القول في اللطف والأصلح

وأقول: إن الله تعالى لا يفعل بعباده (١) ما داموا مكلفين إلا أصلح الأشياء لهم في دينهم ودنياهم وإنه لا يدخرهم صلاحا ولا نفعا، وإن من أغناه فقد فعل به الأصلح في التدبير، وكذلك من أفقره ومن أصحه ومن أمرضه فالقول فيه كذلك.

وأقول: إن ما أوجبه أصحاب اللطف من اللطف (٢) إنما وجب من جهة الجود والكرم لا من حيث ظنوا أن العدل أوجبه وأنه لو لم يفعله لكان ظالما.

وأقول: إن من علم الله تعالى أنه إذا خلقه وكلفه لم يؤمن ولا آمن أحد من الخلق لخلقه أو بقائه أو تكليفه أو فعل من أفعاله ولا انتفع به في دينه منتفع لم يجز أن يخلقه، ومن علم أنه إن أبقاه (٣) تاب من معصيته لم يجز أن يخترمه، وإن عدل الله – جل اسمه – وجوده وكرمه يوجب ما وصفت و يقضى به، ولا يجوز منه خلافه لاستحالة تعلق وصف العبث به أو البخل والحاجة، وهذا مذهب جمهور الإمامية والبغداديين كافة من المعتزلة، وكثير

 

١ – لعباده ج.٢ – كلمة (من اللطف) سقطت من غير نسخة ألف.

٣ – كلمة (أبقاه) سقط من ألف و هـ.

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

شاهد أيضاً

قضاء حقوق المؤمنين

7 – لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث (1). 8 – من عارض ...