أئمة أهل البيت (ع) في كتب أهل السنّة / الصفحات: ٢٠١ – ٢٢٠
١١ ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ):
علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته»(١).
١٢ ـ عمرو بن بحر الجاحظ (ت: ٢٥٠هـ):
قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «وأما علي بن الحسين بن علي فلم أرَ الخارجي في أمره إلا كالشيعي ولم أرَ الشيعي إلا كالمعتزلي ولم أرَ المعتزلي إلا كالعامي ولم أرَ العامي إلا كالخاصي ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله ويشك في تقديمه»(٢). وقال في «رسائله» عند الرد على ما تفاضلت به بنو أمية على بني هاشم: «وإن عددتم النسّاك من غير الملوك فأين أنتم عن علي بن الحسين زين العابدين، الذي كان يُقال له علي الخير وعلي الأعز وعلي العابد، وما أقسم على الله بشيء إلا وأبرّ قسمه…
فأما الفقه والتفسير والتأويل فإن ذكرتموه، لم يكن لكم فيه أحد، وكان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب… وجعفر بن محمّد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه… ومَن مثلُ علي بن الحسين زين العابدين. وقال الشافعي في الرسالة في إثبات خبر الواحد: وجدتُ علي بن الحسين ـ وهو أفقه أهل المدينة ـ يُعوّل على
(١) أورده ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: ٣١٠، دار الكتب العلمية.
(٢) نقل قوله ابن عنبة في «عمدة الطالب»: ١٩٤، المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
أخبار الآحاد»(١). كما أنّه مدح عشرة من أئمة أهل البيت من ضمنهم الإمام زين العابدين في كلام واحد فقال: «ومَن الذي يُعَدُّ من قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيون عشرة في نسق، كل واحد منهم عالمٌ، زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي [زين العابدين] بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم»(٢).
١٣ ـ أبو بكر بن البرقي، أحمد بن عبد الله (ت: ٢٧٠هـ):
قال في حق الإمام زين العابدين (عليه السلام): «كان أفضل أهل زمانه»(٣).
١٤ ـ أبو حاتم، محمّد بن حبان البستي (ت: ٣٥٤هـ):
قال في «مشاهير علماء الأمصار»: «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، من فقهاء أهل البيت، وأفاضل بني هاشم، وعُـبّاد المدينة…»(٤).
١٥ ـ أبو نعيم، أحمد بن عبد الله الأصفهاني (ت: ٤٣٠ هـ):
قال في «حلية الأولياء»: «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، زين العابدين، ومنار القانتين، كان عابداً وفـيّاً، وجواداً حفـيّاً»
(١) رسائل الجاحظ: ١٠٥ ـ ١٠٦، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، طبع المطبعة الرحمانية بمصر.
(٢) المصدر نفسه: ١٠٩.
(٣) نقل قوله المزّي في «تهذيب الكمال»: ٢٠/٣٨٨، مؤسسة الرسالة، والذهبي في «سير أعلام النبلاء»: ٤/٣٩٠، مؤسسة الرسالة.
(٤) مشاهير علماء الأمصار: ٦٣، دار الكتب العلمية.
ثم ذكر طرفاً من مكارمه وفضائله ومحاسنه وبعض أقوال أهل العلم في تعظيمه والثناء عليه كما ذكر جانباً من كلماته(١)، سلام الله عليه.
١٦ ـ محمّد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):
قال في «مطالب السؤول»: «هذا زين العابدين: قدوة الزاهدين وسيد المتقين، وإمام المؤمنين شيمته تشهد له أنّه من سلالة رسول الله(ص)، وسمته تثبت مقام قربه من الله زلفى، ونفثاته(٢) تسجل بكثرة صلاته وتهجده، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيها، درّت له أخلاف التقوى فتفوقها، وأشرقت لديه أنوار التأييد فاهتدى بها، وأَلِفته أوراد العبادة فآنس بصحبتها، وخالفته وظائف الطاعة فتحلّى بحليتها، طالما اتخذ الليل مطية ركبها لقطع طريق الآخرة، وظمأ الهواجر دليلاً استرشد به في مفازة المسافرة، وله الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرة، وثبت بالآثار المتواترة، وشهد له أنّه من ملوك الآخرة»(٣).
١٧ ـ يوسف بن فرغلي سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤هـ):
قال في «تذكرة الخواص»: «وهو أبو الأئمة، وكنيته أبو الحسن، ويلقّب بزين العابدين، وسمّاه رسول الله (ص) سيد العابدين…، والسجاد، وذي الثفنات، والزكي، والأمين، والثفنات (ما يقع على الأرض من أعضاء البعير إذا استناخ وغلظ كالركبتين ونحوهما، الواحدة ثفنة فكان طول السجود أثّر في
(١) انظر «حلية الأولياء»: ٣/١٢٤ ـ ١٣٥، دار إحياء التراث العربي.
(٢) هكذا في المصدر المطبوع ولعلّ الصحيح «ثفناته».
(٣) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ٢/٨٤، مؤسسة أمّ القرى.
ثفناته…»(١). ثم ذكر طرفاً من مناقبه ومحاسنه وكلماته وبعض أقوال العلماء في تعظيمه و الثناء عليه إلى أن قال: «اختلفوا في وفاته على أقوال: أحدها: أنّه توفي سنة أربع وتسعين، والثاني سنة اثنتين وتسعين والثالث سنة خمس وتسعين، والأول أصحّ؛ لأنها تسمّى سنة الفقهاء: لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيد الفقهاء، مات في أولها وتتابع الناس بعده.
أسند عنه سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وعامة فقهاء المدينة…»(٢).
١٨ ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: ٦٥٥هـ):
نقل في «شرح نهج البلاغة» نصّ كلام الجاحظ في «رسائله» مقراً له عليه(٣)، وقد تقدم ذكره منّا عند نقل كلمات الجاحظ حول الإمام زين العابدين (عليه السلام).
١٩ ـ محيي الدين، يحيى بن شرف النووي (ت: ٦٧٦ هـ):
قال في «تهذيب الأسماء واللغات»: «… علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني التابعي المعروف بزين العابدين رضي الله عنه،… روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمان ويحيى الأنصاري والزهري وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وحكيم بن جبير، وابنه أبو جعفر محمّد بن علي وغيرهم، وأجمعوا على جلالته في كل شيء…». وذكر مجموعة من أقوال العلماء في مدحه
(١) تذكرة الخواص: ٢٩١، مؤسسة أهل البيت.
(٢) المصدر نفسه: ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٣) انظر «شرح نهج البلاغة»: ١٥/ ٢٧٤ و٢٧٨، دار الكتب العلمية المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربية.
والثناء عليه(١).
٢٠ ـ أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خلّكان (ت: ٦٨١ هـ):
قال في «وفيات الأعيان»: «أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، المعروف بزين العابدين، ويقال له علي الأصغر، وليس للحسين، رضي الله عنه عقب إلاّ من ولد زين العابدين هذا، وهو أحد الأئمة الاثني عشر، ومن سادات التابعين، قال الزهري: ما رأيتُ قرشياً أفضل منه»(٢)، إلى أنْ قال: «وفضائل زين العابدين ومناقبه أكثر من أن تحصر»(٣).
٢١ ـ شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ):
قال في «سير أعلام النبلاء» بعد أن ذكر بعض مناقبه ونبذاً من أقوال العلماء في مدحه والثناء عليه: «وكان له جلالة عجيبة، وحقّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى، لشرفه، وسؤدده وعلمه وتألهه، وكمال عقله. قد اشتهرت قصيدة الفرزدق ـ وهي سماعنا ـ أنّ هشام بن عبد الملك حجّ قُبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وإذا دنا عليّ بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالاً له، فوجم لها هشام وقال: مَن هذا؟ فما أعرفه، فأنشأ الفرزدق يقول:
هذا الذي تعرفُ البطحاء وطأته | والبيتُ يعرفه والحلّ والحرمُ |
(١) انظر «تهذيب الأسماء واللغات»: ١/٣١٤ ـ ٣١٥، دار الفكر.
(٢) وفيات الأعيان: ٣/٢٣٣، دار الكتب العلمية.
(٣) المصدر نفسه: ٣/٢٣٥.
هـذا ابـن خير عباد الله كُلّهمُ | هذا التقي النقي الطاهرُ العلمُ |
إذا رأتـه قُـريشٌ قـال قائلُها | إلى مـكارم هذا ينتهي الكرمُ |
يـكـاد يُمـسكه عرفان راحته | ركن الحطيم إذا ما جاء يستلمُ |
يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته | فـمـا يُكلّم إلاّ حيـن يَبتسمُ |
هذا ابنُ فـاطمة إنْ كنتَ جاهِلهُ | بـجدّهِ أنـبـياء الله قد ختموا |
وهي قصيدة طويلة. قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق…»(١).
وقال في «العبر»: «قلتُ: مناقبه كثيرة من صلواته وخشوعه وحجّه وفضله رضي الله عنه»(٢).
٢٢ ـ عبد الله بن أسعد اليافعي (ت: ٧٦٨ هـ):
قال في «مرآة الجنان» عند ذكر حوادث سنة (٩٤ هـ): «وفيها توفي زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، روي عن جماعة من السلف أنهم قالوا: ما رأينا أورع وبعضهم قالوا أفضل منه منهم سعيد بن المسيّب، وقال أيضاً: بلغني أنّ علي بن الحسين كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات…» وبعد أن ذكر طرفاً من مناقبه ومحاسنه قال: «ومناقبه ومحاسنه كثيرة شهيرة، اقتصرتُ منها على هذهِ النُبذ اليسيرة»(٣).
٢٣ ـ إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: ٧٧٤ هـ):
ترجم الإمام علي بن الحسين في كتابه «البداية والنهاية» ونقل فيها أقوالاً
(١) سير أعلام النبلاء: ٤/٣٩٨، مؤسسة الرسالة.
(٢) العبر في خبر من غبر: ١/١١١، مطبعة حكومة الكويت.
(٣) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: ١/١٥١ ـ ١٥٣، دار الكتب العلمية.
عدة من العلماء في مدحه والثناء عليه كمحمّد بن سعد والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم كما ذكر عدّة من محاسن الإمام ومناقبه وفضائله ونقل بعضاً من مواعظه، وقبساً من نور كلماته(١).
٢٤ ـ محمّد خواجه بارساي البخاري (ت: ٨٢٢ هـ):
قال في «فصل الخطاب»: «ولد سنة ثمان وثلاثين، وكان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً، وأجمعوا على جلالته في كل شيء، وقال حماد بن زيد: كان أفضل هاشمي أدركته»(٢).
٢٥ ـ أحمد بن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ):
قال في «تقريب التهذيب»: «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة، ثبتٌ، عابدٌ، فقيهٌ، فاضلٌ، مشهور، قال ابن عيينة عن الزهري: ما رأيتُ قرشياً أفضل منه…»(٣).
كما ترجمه في «تهذيب التهذيب» واقتصر على نقل توثيقات ومدائح العلماء للإمام (عليه السلام)(٤).
٢٦ ـ ابن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥ هـ):
قال في «الفصول المهمة»: «أما مناقبه (عليه السلام)، فكثيرة ومزاياه شهيرة منها أنّه كان إذا توضأ للصلاة يصفرّ لونه فقيل له: ما هذا نراه يعتادك عند الوضوء،
(١) انظر «البداية والنهاية»: ٩/١٢١ ـ ١٣٤، مؤسسة التاريخ العربي.
(٢) نقله القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة»: ٢/٤٥٤، منشورات الشريف الرضي.
(٣) تقريب التهذيب: ١/٤١١، دار الفكر.
(٤) انظر «تهذيب التهذيب»: ٥/٦٦٩ ـ ٦٧٢. دار الفكر.
قال في «الكواكب الدريّة»: «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، زين العابدين، إمامٌ سيد سند، اشتهرت أياديه ومكارمه وطارت في الوجود حمائمه، كان عظيم القدر، رحب الساحة والصدر، رأساً لجسد الرياسة، مؤملاً للإيالة والسياسة… وهو ثقة ثبت فاضل، قال الزهري وابن عيينة رضي الله عنه ما رأينا قط قرشياً أفضل منه، [روى] عنه بنوه محمد وزيد وعمر، والزهري وأبو الزناد وغيرهم، قال الزهري رحمه الله: ما رأيت أحداً أفقه منه، وقال ابن المسيّب: ما رأيت أورع منه وقد جاء عنه مناقب من خشوعه في وضوئه وصلاته ونسكه ما يدهش السامع وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات قال مالك رضي الله عنه: وسمّي زين العابدين لكثرة عبادته.
وكان إذا هاجت الريح سقط مغشياً عليه، ووقع حريق في بيته وهو ساجد فجعلوا يقولون له النار فما رفع رأسه حتى طُفئت، فقيل له أشعرتَ بها؟ قال ألهتني عنها النار الكبرى، وكان إذا نقصه أحد قال: اللهم إن كان صادقاً فاغفر لي وإن كان كاذباً فاغفر له، ولمّا مات وجدوه يقوت أهل مائة بيت…»(١).
٣٠ ـ ابن العماد الحنبلي (ت: ١٠٨٩ هـ):
قال في «شذرات الذهب» عند ذكره لأحداث سنة (٩٤): «وفيها [أي توفي] زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي… سُمّي زين العابدين لفرط عبادته، وكان وِرْده في اليوم والليلة ألف ركعة» ثم ذكر بعض محاسنه وأقواله ونقل مدح وثناء بعض العلماء له كالزهري وأبي حازم الأعرج وغيرهم(٢).
(١) الكواكب الدريّة: ١٣٩، مطبعة وورسة تجليد الأنوار، مصر.
(٢) انظر «شذرات الذهب»: ١/١٩٤، دار الكتب العلمية.
٣١ ـ محمّد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني (ت: ١١٢٢ هـ)
قال في شرحه على «موطأ مالك»: «علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة، ثبت، عابد، فقيه فاضل مشهور من رجال الجميع، قال الزهري، ما رأيتُ قرشيّاً أفضل منه»(١).
٣٢ ـ عبد الله بن محمّد الشبراوي (ت: ١١٧١ هـ):
قال في «الإتحاف بحب الأشراف»: «الرابع من الأئمة، علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه… كان رضي الله عنه عابداً زاهداً ورعاً متواضعاً حسن الأخلاق وكان إذا توضأ للصلاة اصفرّ لونه، فقيل له، ماهذا الذي نراه يعتريك عند الوضوء. فقال: أما تدرون بين يَدي مَنْ أُريدُ أقف، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة…» إلى آخر ما ذكره من محاسنه ومناقبه(٢).
٣٣ ـ محمد بن الصبّان الشافعي (ت: ١٢٠٦ هـ):
قال في «إسعاف الراغبين»: «أمّا السيد علي زين العابدين، فهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب… أشهر كناه أبو الحسن، وأشهر ألقابه زين العابدين» إلى أن قال: « [روى] عنه بنوه والزهري وأبو الزناد وغيرهم، قال الزهري وابن عيينة، ما رأينا قرشياً أفضل منه، وقال عنه ابن المسيّب: ما رأيتُ أورع منه.
(١) شرح الزرقاني: ١/٢٣٠، دار الكتب العلمية.
(٢) انظر «الإتحاف بحب الأشراف»: ١٣٥ ـ ١٤٣، منشورات الرضي، مصوّرة على طبعة المطبعة الأدبية بمصر.
وقد جاء عنه من خشوعه في وضوئه وصلاته ونسكه ما يدهش السامع، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات، ولقّب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها، كان شديد الخوف من الله تعالى بحيث أنّه إذا توضأ أصفرّ لونه وارتعد. فيقال له ما هذا، فيقول: أتدرون بين يدَي مَنْ أقوم…».
وذكر جملة من محاسنه ومناقبه وطرفاً من كلماته، سلام الله عليه(١).
٣٤ ـ يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت: ١٣٥٠ هـ):
قال في «جامع كرامات الأولياء»: «علي زين العابدين، أحد أفراد ساداتنا آل البيت وأعاظم أئمتهم الكبار. رضي الله عنه وعنهم أجمعين…»(٢).
٣٥ ـ خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):
قال في «الأعلام»: «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي، أبو الحسن، الملقّب بزين العابدين: رابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، وأحد مَن كان يضرب بهم المثل في الحلم والورع، يقال له: «علي الأصغر» للتمييز بينه وبين أخيه «علي الأكبر»… أُحصي بعد موته عدد من كان يقوتهم سرّاً، فكانوا نحو مائة بيت، قال بعض أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السرّ إلا بعد موت زين العابدين، وقال محمّد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم ومأكلهم فلمّا مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلاً إلى منازلهم…»(٣).
(١) إسعاف الراغبين: ٢٣٦ ـ ٢٤١، مطبوع على هامش نور الأبصار، طبعة دار الفكر المصوّرة على الطبعة المصرية لسنة ١٩٤٨م.
(٢) جامع كرامات الأولياء: ٢/٢١٠، المكتبة الشعبية، بيروت، لبنان.
(٣) الأعلام: ٤/٢٧٧، دار العلم للملايين.
هذا وقد زخرت الكتب والمؤلفات بترجمة الإمام زين العابدين (عليه السلام) وامتلأت الصحائف بذكر الأقوال في تبجيله ومدحه والثناء عليه، نكتفي بما تقدّم ذكره من الكلمات التي بيّنت وبلا شك إجماع العلماء والأعلام، وأهل الفن والمعرفة على عظم الإمام، وجلالة قدره وكونه أفضل، وأورع وأفقه أهل المدينة؛ كما أقرّ بذلك الزهري، وغيره من التابعين، وممن تلاهم.
لذا لا نرى حاجة لتتبع كلمات أكثر، وبإمكان القارئ المراجعة والاطلاع.
نافذة إلى معرفة الإمام (عليه السلام)
بحرٌ من الفضائل، وشعلة من النور، وغصن من شجرة النبوة، فأنّى لأحد أن يكتب عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، بقر العلم وشقّه، وعرف أصله وفرعه وخفيّه، جمع الفقه والديانة والسؤدد ومكارم الأخلاق، فانحنت الخلافة بين يديه تواضعاً، وقـبّلت السيادةُ يديه تَشرُّفاً.
كان كوكباً متألّقاً يفيض على الدنيا بعطائه السيّال، ويمد البشرية بعلمه الزاخر، فاستنار الوجود بوجوده، واستضاء الكون من بحر جوده؛ فصار وهجاً وضاءً ينير طريق الأجيال، ويرسو بالأمة نحو رضى الربّ المتعال؛ لذا خلّدته الصحائف، بل خَلُدت الصحائف بذكره، وتشرّفت الأقلام بمدحه والثناء عليه.
وقبل أن نسطّر بعضاً مما دوّنه علماء، وأعلام أهل السنّة في صحائفهم نتعرَّض لذكر إلمامة بسيطة بحياته (عليه السلام) فنقول:
ـ هو محمد بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب عليهم جميعاً سلام الله ورضوانه.
ـ أمُّهُ: أمّ عبد الله، فاطمة بنت الحسن (عليه السلام)(١)، كانت من سيدات النساء، يسمّيها الإمام زين العابدين «الصدّيقة»(٢)، وكان يقول عنها إمامنا الصادق (عليه السلام): «كانت صدّيقة، لم تُدرَك في آل الحسن امرأة مثلها»(٣).
(١) إعلام الورى للطبرسي: ١ / ٤٩٨، مؤسسة آل البيت.
(٢) الدر النظيم لجمال الدين الشامي: ٦٠٣، مؤسسة النشر الإسلامي.
(٣) أصول الكافي للكليني: ١ / ٥٤٢، دار التعارف للمطبوعات.
ـ ولد (عليه السلام) بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة (٥٧ هـ)(١).
ـ يكنى (عليه السلام) بأبي جعفر وأشهر ألقابه الباقر(٢).
ـ تسلّم إمامة المسلمين عند وفاة أبيه زين العابدين في سنة (٩٥ هـ)، وكان له من العمر ثمان وثلاثون سنة.
ـ عاصر في أيام إمامته خمسة من حكام بني أميّة وهم: الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك.
ـ بذر الإمام الباقر (عليه السلام) النواة الأولى لبلورة ونشر الرسالة الإسلامية الحقّة المتمثلة في مذهب أهل البيت (عليهم السلام)؛ فعقد في مسجد المدينة المنوّرة حلقات الدروس المختلفة في الفقه والتفسير والحديث وغيرها، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين.
وقد سمّي (عليه السلام) بالباقر لأنه بقر العلم أي شقّه وعرف أصله وخفيـّه.
ـ رحل إمامنا الباقر (عليه السلام) في سنة (١١٤ هـ)(٣).
ـ دفن (عليه السلام) في مقبرة البقيع في مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى جانب أبيه زين العابدين (عليه السلام) وعمّ أبيه الحسن بن علي (عليه السلام)(٤).
(١) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٥٨، مؤسسة آل البيت.
(٢) انظر «مطالب السؤول»: ٢ / ١٠٠، مؤسسة أمّ القرى.
(٣) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٥٨، مؤسسة آل البيت.
(٤) إعلام الورى للطبرسي: ١ / ٤٩٨، مؤسسة آل البيت.
الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة:
نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء، وأعلام أهل السنّة، وهي تشيد بمقام الإمام الباقر (عليه السلام)، وتبيّن جلالة قدره وعظمَ منزلته:
١ ـ محمد بن سعد الزهري (ت: ٢٣٠ هـ):
قال عن الإمام الباقر (عليه السلام): «محمّد من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة، كان عابداً عالماً ثقة»(١).
وقال أيضاً: «كان ثقة كثير الحديث»(٢).
٢ ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ):
علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته»(٣).
٣ ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: ٢٥٠ هـ):
قال عن الإمام الباقر (عليه السلام) في «رسائله» عند ذكره الرد عمّا فخرت به بنو أميّة على بني هشم ما نصّه: «… وهو سيد فقهاء الحجاز، ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه، وهو الملقّب بالباقر، باقر العلم، لقّبه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم
(١) نقله سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص»: ٣٠٢، مؤسسة أهل البيت.
(٢) نقل قوله ابن كثير في «البداية والنهاية»: ٩ / ٣٣٨، مؤسسة التاريخ العربي.
(٣) أورده ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: ٣١٠، دار الكتب العلمية.
يُخلَق بعد، وبشّر به ووعد جابر بن عبد الله برؤيته، وقال: ستراه طفلاً، فإذا رأيته فأبلغه عني السلام، فعاش جابر حتى رآه، وقال له ما وصّى به»(١)، كما أنّه مدح عشرة من أئمة أهل البيت ومن ضمنهم الإمام الباقر (عليه السلام) في كلام واحد فقال: «ومَنِ الذي يُعَدُّ مِن قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيون عشرة في نَسَق، كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مرشّحون: ابن ابن ابن ابن. هكذا إلى عشرة وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد [الباقر] بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم»(٢).
٤ ـ الحافظ أبو نعيم الأصفهاني (ت: ٤٣٠ هـ):
قال في «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء»: «ومنهم الحاضر الذاكر، الخاشع الصابر، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، كان من سلالة النبوّة وممن جمع حسب الدين والأبوّة، تكلّم في العوارض والخطرات، وسفح الدموع والعبرات، ونهى عن المراء والخصومات»(٣).
٥ ـ الفخر الرازي (ت: ٦٠٤ هـ):
قال عند تفسيره لمعنى الكوثر: «والقول الثالث الكوثر أولاده….فالمعنى أنه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت ثُم العالم
(١) رسائل الجاحظ: ١٠٨، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر.
(٢) المصدر نفسه: ١٠٩.
(٣) حلية الأولياء: ٣ / ١٦٦، دار إحياء التراث العربي.
ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)…»(١).
٦ ـ محمد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):
قال في «مطالب السؤول»: «هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، ومتفوق درّه وواضعه، ومنمّق درّه وراضعه(٢)، صفا قلبه، وزكا عمله، وطهرت نفسه، وشرفت أخلاقه، وعمرت بطاعة الله أوقاته، ورسخت في مقام التقوى قدمه، وظهرت عليه سمات الازدلاف، وطهارة الاجتباء، فالمناقب تسبق إليه، والصفات تشرف به»(٣).
٧ ـ سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤ هـ):
قال في «تذكرة الخواص»: «هو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب… وإنّما سمي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهته أي فتحها ووسّعها، وقيل لغزارة علمه.
قال الجوهري في «الصحاح» التبقّر: التوسّع في العلم، قال: وكان يُقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الباقر، لتبقّره في العلم ويسمّى الشاكر والهادي.
وقال ابن سعد: محمد من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة. كان عالماً
(١) تفسير الفخر الرازي: مجلد ١٦، ج٣٢/ ١٢٥، دار الفكر.
(٢) هكذا في المتن المطبوع ولعلّ الصحيح: ومتفوّق دَرّه وراضعه، ومنمّق دره وواضعه، لأنه يقال تفوّق الدّر أي شربه، ونمّق الدُّر أي حسّنه، والدَّر ـ بالفتح ـ هو الحليب، والدُّر ـ بالضم ـ هو اللؤلؤ.
(٣) مطالب السؤول: ٢ / ١٠٠، مؤسسة أمّ القرى.