أئمة أهل البيت (ع) في كتب أهل السنّة / الصفحات: ٢٦١ – ٢٨٠
ومرآة المنجم وهي صغرى | تريه كل عامرة وقفر |
… وفي الفصول المهمة: نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي من كلام جعفر الصادق وله فيه المنقبة السَّنيـّة والدرجة التي في مقام الفضل عليـّه و(كان) جعفر الصادق رضي الله عنه مجاب الدعوة، إذا سأل الله شيئاً لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه…»(١).
٤١ ـ شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد الحنبلي (ت: ١٠٨٩ هـ):
قال في كتابه «شذرات الذهب» في أحداث سنة (١٤٨ هـ): «وفيها توفي الإمام، سلالة النبوة، أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي… وكان سيد بني هاشم في زمانه، عاش ثمانياً وستين سنة وأشهراً.
وولد سنة ثمانين بالمدينة، ودفن بالبقيع في قبـّة أبيه وجدّه، وعمّ جدّه الحسن، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً في ألف ورقة يتضمن رسائله، وهي خمسمائة، وهو عند الإمامية من الاثني عشر بزعمهم…
وقال في «المغني» جعفر بن محمّد بن علي ثقة… وقد وثّقه ابن معين وابن عدي…»(٢).
٤٢ ـ حسين بن محمّد الديار بكري (ت: ١١١١ هـ):
قال في «تاريخ الخميس»: «وفي سنة ثمان وأربعين ومائة توفي سيّد بني
(١) نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار: ١٦٠ ـ ١٦١، دار الفكر طبعة مصوّرة على طبعة القاهرة ١٩٤٨م.
(٢) شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ١ / ٣٦٢، دار الكتب العلمية.
هاشم جعفر بن محمّد الصادق أبو عبد الله العلوي المدني»(١).
٤٣ ـ محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: ١١٢٢ هـ):
قال في «شرحه على موطأ الإمام مالك»: «جعفر بن محمّد، أبو عبد الله، فقيه صدوق إمام، مات سنة ثمان وأربعين ومائة»(٢).
٤٤ ـ الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي (ت: ١١٧١هـ):
قال في كتابه «الإتحاف بحب الأشراف»: «السادس من الأئمة جعفر الصادق، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة، روى عنه الحديث أئمة كثيرون مثل مالك بن أنس وأبي حنيفة، ويحيى بن سعيد وابن جريج والثوري وابن عيينة وشعبة وغيرهم رضي الله عنهم، ولد رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة سنة ثمانين من الهجرة وغرر فضائله وشرفه على جبهات الأيام كاملة. وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة. وتوفي رضي الله عنه سنة ثمان وأربعين ومائة في شوّال يقال إنه مات بالسم في أيام المنصور ودفن بالبقيع في القبـّة التي دفن فيها أبوه وجدّه…»(٣).
٤٥ ـ محمّد أمين السويدي (ت: ١٢٤٦ هـ):
قال في «سبائك الذهب»: «جعفر الصادق، كان من بين أخوته خليفة أبيه
(١) تاريخ الخميس: ٢ / ٣٢٥، دار صادر المصوّرة على الطبعة الوهبية بمصر لسنة ١١٨٣ هـ.
(٢) شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: ٢ / ٤٠٣، دار الكتب العلمية.
(٣) الإتحاف بحب الأشراف: ١٤٦ ـ ١٤٧، منشورات الرضي، الطبعة المصوّرة على النسخة المطبوعة بالمطبعة الأدبية بمصر.
ووصيـّه، نُقل عنه من العلوم مالم ينقل عن غيره، وكان إماماً في الحديث…»(١).
٤٦ ـ خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):
قال في كتابه «الأعلام»: «جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقّب بالصادق: سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية.
كان من أجلاّء التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقّب بالصادق لأنه لم يُعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العبـّاس وكان جريئاً عليهم صدّاعاً بالحق، له «رسائل» مجموعة في كتاب، ورد ذكرها في «كشف الظنون»، يقال أنّ جابر بن حيان قام بجمعها. مولده ووفاته بالمدينة»(٢).
٤٧ ـ محمود بن وهيب البغدادي (لم نعثر على سنة وفاته):
قال في «جوهرة الكلام»: «جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكنيته أبو عبد الله، وقيل أبو إسماعيل، وألقابه الصادق والفاضل والطاهر وأشهرها الأول، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان وروى عنه الأئمة الكبار كيحيى ومالك وأبي حنيفة»(٣).
(١) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ٧٤، المكتبة العلمية.
(٢) الأعلام: ٢ / ١٢٦، دار العلم للملايين.
(٣) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: ١ / ٥٩ عن «جوهرة الكلام»: ٥٩.
تنبيه:
قال أسد حيدر في كتابه «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» حول نسبة الزجر والفال إلى الإمام الصادق عليه السلام: «وهذا من الخطأ والاشتباه، وإنما الإمام يستشف ما وراء الحجب باستقراء الحوادث السياسية، وينظر المستقبل بحكمته وصفاء بطنه، يخبر بالحوادث قبل وقوعها، وقد أخبر بأن الخلافة للسفّاح ومن بعده للمنصور وتبقى في أولاده من بعده، وأخبر بمقتل محمّد وإبراهيم على يد المنصور.
وكان معارضاً لبيعة محمّد في المؤتمر الذي عقده الهاشميون من عباسيين وعلويين لبيعة محمّد بن عبد الله، وقال لعبد الله بن الحسن: لا تفعلوا فان الأمر لم يأتِ بعد، فقال عبد الله: لقد عملتَ خلاف ما تقول، قال الصادق: لا، ولكن هذا وأبناؤه دونك وضرب بيده على أبي العباس ثم نهض فأتبعه عبد الصمد بن علي وأبو جعفر المنصور فقالا له: أتقول ذلك؟ قال: نعم، أقوله والله وأعلمه.
وليس في وسعنا بسط القول في علمهم (عليهم السلام) وانكشاف حقائق الأشياء لهم، فقد أخبروا بكثير من الحوادث قبل وقوعها وقد صدر عن الصادق كثير من ذلك مما لا يتّسع المجال لذكره.
وأمّا نسبة الزجر والفال إليه فهو خطأ نشأ من اشتباه في الاسم وتقارب في الزمن، وذلك أن جعفر بن محمّد البلخي المعروف بأبي معشر الفلكي كان مشهوراً بالزجر والفال وأستاذ عصره في التنجيم ونقل الناس أخباره وشاع ذكره.
قال ابن كثير: والظاهر أنّ الذي نسب إلى جعفر بن محمّد الصادق من علم الفال، واختلاج الأعضاء، إنما هو منسوب إلى جعفر بن أبي معشر هذا وليس بالصادق وإنما يغلطون(١) »(٢).
تلك كانت مجموعة من كلمات علماء أهل السنّة في مدح الإمام سلام الله عليه، وثمة توثيقات للإمام من علماء آخرين لم نفرد لهم عناوين مستقلة، نشير إليهم هنا إتماماً للفائدة وهم:
١ ـ محمّد بن إدريس الشافعي(٣).
٢ ـ النّسائي(٤).
٣ ـ يحيى بن معين(٥).
٤ ـ أبو زرعة(٦).
(١) نسبه أسد حيدر إلى البداية والنهاية: ١١ / ٥١، لكنّ الذي عثرنا عليه يختلف قليلاً عمّا في المتن فقد جاء في البداية والنهاية: ١١ / ٦٠، مؤسسة التاريخ الإسلامي: والظاهر أن الذي نسب إلى جعفر بن محمّد الصادق من علم الرجز والطرف واختلاج الأعضاء… الخ» ولعلّ الرجز هنا اشتباهاً والأصحّ هو الزجر.
(٢) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ١ / ٦٣ ـ ٦٤، دار الكتاب العربي.
(٣) نقل قوله الذهبي في «سير أعلام النبلاء»: ٦ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧، مؤسسة الرسالة وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٢ / ٦٩، دار الفكر، وغيرهما.
(٤) نقل قوله ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٢ / ٦٩، دار الفكر.
(٥) نقل قوله الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ٦ / ٢٥٧، مؤسسة الرسالة، وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٢ / ٦٩، دار الفكر.
(٦) نقل قوله الرزاي في «الجرح والتعديل» ٢ / ٤٨٧، دار الفكر.
٥ ـ ابن أبي خيثمة(١).
فاتضح، إذن، إجماع العلماء على جلالة قدره وعظم منزلته، ومن يراجع، يجد مزيداً من الكلمات في مدحه والثناء عليه.
(١) نقل قوله ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٢ / ٦٩، دار الفكر.
نافذة إلى معرفة الإمام (عليه السلام)
صَفت نفسه الطاهرة، وخلُصتْ سريرته، فكان أحد كواكب البيت النبوي يُضيء طريق الأجيال ويُنوِّر ظلمات الدنيا بعطائه السيّال… تألق نجمه في عنان السماء، وارتقى إلى مشارف العُلى، علماً وحلماً، شجاعة وسماحة، فضلاً وكرماً… مضافاً إلى انقطاعه التام إلى الله سبحانه وتعالى، فصار مهوًى للقلوب والأفئدة، ولذلك تسابقت الأقلام على مختلف انتماءاتها تُشيدُ بفضله وتذكر مناقبه، وتبيّن علوَّ شأنه…
وقبل أن نغور في سرد كلمات علماء أهل السنّة في مدحه والثناء عليه، نحاول أن نقدّم بين يدي القارئ الكريم إلمامة سريعة بحياة الإمام سلام الله عليه فنقول:
ـ هو الإمام موسى بن جعفر الصادق بن محمَّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
ـ أمّه حميدة البربرية، ويقال لها حميدة المُصفّاة(١)، كانت من خيار النِّساء، وقد مدحها الإمام الصادق (عليه السلام) بكلمات تكشف عن عظمتها وسمُوّ قدرها فقال: «حميدة مُصَفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أُدّيَت إليّ كرامةً من الله لي والحُجّة من بعدي»(٢).
(١) إعلام الورى للطبرسي: ٢/ ٦، مؤسسة آل البيت.
(٢) أُصول الكافي للكليني: ١/ ٥٥٠، دار التعارف للمطبوعات.
ـ وُلِدَ (عليه السلام) بالأبواء(١) لسبعٍ خلوْن من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة(٢).
ـ كنيته أبو الحسن، وهو أبو الحسن الأول، وأبو إبراهيم، وأبو علي، ويعرف بالعبد الصالح والكاظم (عليه السلام)(٣).
ـ تسلّم إمامة المسلمين بعد وفاة أبيه الصادق (عليه السلام) في سنة ١٤٨ هـ وكان له من العمر عشرون سنة.
ـ عاصر في أيام إمامته أربعةً من الخلفاء العباسيين وهم: أبو جعفر المنصور، ثُمّ ابنه محمد المعروف بالمهدي، ثم ابنه موسى المعروف بالهادي، ثمّ أخوه هارون بن المهدي المُلقّب بالرشيد.
ـ عاش الإمام (عليه السلام) مدةً مديدةً من حياته في ظلمات السجون، فقد سجنه المهدي العباسي ثم أطلقه، ولما آلت النوبة إلى حكم هارون الرشيد عاد معتقلاً الإمام، وآخذاً ينقله من سجن إلى سجن حتى استشهد (عليه السلام) في سجن السندي بن شاهك في بغداد.
ـ كانت شهادته (عليه السلام) في الخامس والعشرين من شهر رجب لسنة مائة وثلاث وثمانين للهجرة (١٨٣ هـ)(٤).
ـ دفن (عليه السلام) في المقبرة المعروفة بمقابر قريش(٥) والمعروفة اليوم بالكاظمية.
(١) الأبواء: بلدة بين مكة والمدينة فيها توفيت ودفنت آمنة بنت وهب أمّ الرسول الكريم.
(٢) إعلام الورى للطبرسي: ٢/ ٦، مؤسسة آل البيت.
(٣) المصدر نفسه: ٢/٦.
(٤) المصدر نفسه: ٢/٦.
(٥) المصدر نفسه: ٢/٦.
الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة:
إليك قارئي الكريم جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنة وهي تشيد بمقام الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام):
١ ـ الإمام الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ):
قال في «تحفة العالم»: «قبر موسى الكاظم الترياق المجرب»(١). يريد إجابة الدعاء عنده.
٢ ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ):
علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته»(٢).
٣ ـ الحسن بن إبراهيم، أبو علي الخلال شيخ الحنابلة (من علماء القرن الثالث الهجري):
قال: «ما همّني أمرٌ، فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به، إلا سهّلَ الله تعالى لي ما أُحِبُّ»(٣).
(١) أئمتنا لمحمد علي دخيل: ٢/ ٦٥، عن «تحفة العالم»: ٢/٢٢، ونقله أحمد زيني دحلان في «الدرر السنية في الرد على الوهابية»: ٤/ ٦، مكتبة إيشيق، إسلامبول.
(٢) أورده ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: ٣١٠، دار الكتب العلمية.
(٣) نقل قوله الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: ١/١٢٠، دار الكتب العلمية، وابن الجوزي في «المنتظم»: ٩/ ٨٩، دار الكتب العلمية، بيروت.
٤ ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: ٢٥٠ هـ):
ذكر الإمام الكاظم (عليه السلام) في رسائله عند مدحه لعشرة من الأئمة في كلام واحد عند ذكره الرد على ما فخرت به بنو أمية على بني هاشم فقال «ومنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش ما يَعُدّه الطالبيون عَشَرة في نسق؛ كلّ واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن… هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ولا من بُيوت العجم»(١).
٥ ـ محمد بن إدريس بن المنذر، أبو حاتم الرازي (ت: ٢٧٧ هـ):
قال في حق الإمام أنّه: «ثقةٌ صدوق، إمامٌ مِن أئمة المسلمين»(٢).
٦ ـ الرازي ابن أبي حاتم (ت: ٣٢٧ هـ):
قال: «صدوقٌ إمام»(٣) كما نقل في كتابه «الجرح والتعديل» نص قول أبيه المتقدم مقراً به(٤).
٧ ـ الخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣ هـ):
قال في «تاريخ بغداد»: «أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا الحسن بن
(١) رسائل الجاحظ: ١٠٦، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر.
(٢) ذكر قوله ابنه الرازي في «الجرح والتعديل»: ٨/١٣٨، دار الفكر، والذهبي في «سير أعلام النبلاء»: ٦/٢٨٠، مؤسسة الرسالة، وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٨/٣٩٣، دار الفكر.
(٣) ذكر قوله الذهبي في «ميزان الاعتدال»: ٤/ ٢٠١، دار الفكر.
(٤) الجرح والتعديل: ٨/ ١٣٩.
محمد بن يحيى العلوي، حدثني جدي قال: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، فجعل يرددها حتى أصبح، وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرّة فيها ألف دينار، وكان يصرّر الصرر ثلاثمائة دينار، وأربعمائة دينار ومائتي دينار، ثم يقسّمها بالمدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرّة فقد استغنى» ثُم ذكر أخباراً في مدحه والثناء عليه(١).
٨ ـ عبد الكريم بن محمد السمعاني (ت: ٥٦٢ هـ):
قال في «الأنساب»: «وهو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب… ومشهده ببغداد مشهور يزار… زرته غير مرة مع ابنه محمد بن الرضا علي بن موسى»(٢).
٩ ـ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ):
قال في كتابه «صفة الصفوة»: «كان يُدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل وكان كريماً حليماً إذا بلغه عن رجل يؤذيه بعث إليه بمال» ثم إنّه ذكر ابن الجوزي منقبة ظاهرةً من مناقبه وفضيلة رائعة من جميل فضائله، وهو ما جرى مع شقيق البلخي في طريقه إلى الحج، وما
(١) راجع «تاريخ بغداد»: ١٣/ ٢٧، دار الكتب العلمية.
(٢) أنساب السمعاني: ٥/٤٠٥، مؤسسة الكتب الثقافية.
شاهده من الإمام (عليه السلام)، حيث إنّ الإمام نطق بما في نفسه مرتين، كما أنه شاهد كيف أن البئر قد ارتفع ماؤها بدعاء الإمام، وارتفعت على إثر ذلك ركوته التي سقطت من يده في أعماق البئر، ثم إنّ شقيقاً طلب من الإمام أن يطعمه فناوله الركوة فشرب منها وإذا سويق وسكر ما شرب قط ألذّ منه ولا أطيب ريحاً منه، فشبع ورَوي، وأقام أياماً لا يشتهي طعاماً ولا شراباً… والقصة مفصلة في الكتاب المذكور فَمَن شاء فليراجع(١).
كما أنّ ابن الجوزي ترجم الإمام في كتابه «المنتظم» ومدحه بكلمات تقرب من النص المتقدم(٢).
١٠ ـ الفخر الرازي (ت: ٦٠٤ هـ):
قال عند تفسيره لمعنى الكوثر: «والقول الثالث الكوثر أولاده….فالمعنى أنه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت ثُم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)…»(٣)
١١ ـ ابن الأثير الجزري (ت: ٦٣٠ هـ):
قال في كتابه «الكامل في التاريخ»: «وكان يلقّب بالكاظم لأنه كان يحسن إلى من يُسيء إليه، كان هذا عادته أبداً»(٤).
(١) راجع «صفة الصفوة»: ٢/١٨٤، ترجمة رقم ١٩١. دار المعرفة.
(٢) انظر «المنتظم»: ٩/ ٨٧. دار الكتب العلمية، بيروت.
(٣) تفسير الفخر الرازي: مجلد ١٦، ج٣٢/ ١٢٥، دار الفكر.
(٤) الكامل في التاريخ: ٦/١٤، دار الفكر.
١٢ ـ العارف الشيخ محيي الدين محمد بن علي المعروف بابن عربي (ت: ٦٣٨ هـ):
قال في «المناقب» المطبوع بآخر «وسيلة الخادم إلى المخدوم» للشيخ فضل الله الأصبهاني (ص٢٩٦): «وعلى شجرة الطور، والكتاب المسطور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والسر المستور، والرق المنشور، والبحر المسجور، وآية النور، كليم أيمن الإمامة، منشأ الشرف والكرامة، نور مصباح الأرواح، جلاء زجاجة الأشباح، ماء التخمير الأربعيني، غاية معارج اليقيني، إكسير فلزات العرفاء، معيار نقود الأصفياء، مركز الأئمة العلوية، محور فلك المصطفوية، الآمر للصور والأشكال بقبول الاصطبار والانتقال، النور الأنور أبي إبراهيم، موسى بن جعفر عليه صلوات الله الملك الأكبر»(١).
١٣ ـ محمد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):
قال في كتابه «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول»: «هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد الجاد في الاجتهاد، المشهور بالعبادة المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يُجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويعرف بالعراق باب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار منها العقول، وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول… وأما مناقبه
(١) أورده السيد المرعشي في «شرح إحقاق الحق»: ٢٨/٥٧٠.
فكثيرة ولو لم يكن منها إلاّ العناية الربانية لكفاه ذلك منقبة ثم ذكر بعض مناقبه ومنها قصة شقيق البلخي المتقدمة الذكر(١).
١٤ ـ سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤ هـ):
قال في كتابه «تذكرة الخواص»: «وكان موسى جواداً حليماً وإنما سمّي الكاظم لأنه كان إذا بلغه عن أحد شيء بعث إليه بمال» وذكر بإسناده إلى شقيق البلخي القصة المشار إليها فيما سبق(٢).
١٥ ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: ٦٥٥ هـ):
نقل ما تقدم من كلام الجاحظ(٣) مقرّاً له عليه بدلالة قوله في أول البحث «ونحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم ونضيف إليه من قبلنا أموراً لم يذكرها فنقول…»(٤).
كما أنه قال عن الإمام في نفس الفصل: «ومن رجالنا موسى بن جعفر بن محمد ـ وهو العبد الصالح ـ جمع من الفقه والدين والنسك والحلم والصبر»(٥).
١٦ ـ ابن الساعي (ت: ٦٧٤ هـ):
قال في «مختصر تاريخ الخلفاء»: «أما الإمام الكاظم فهو صاحب الشأن
(١) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ٢/١٢٠، مؤسسة أمّ القرى.
(٢) تذكرة الخواص: ٣١٢.
(٣) شرح نهج البلاغة: ١٥ /٢٧٨، دار الكتب العلمية، طبعة مصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربية.
(٤) المصدر نفسه: ٢٧٠.
(٥) المصدر نفسه: ٢٩١.
العظيم، والفخر الجسيم، كثير التهجد، الجاد في الاجتهاد، المشهود له بالكرامات، المشهور بالعبادات، المواظب على الطاعات، يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقطع النهار متصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه، وتجاوزه عن المعتدين عليه كان كاظماً، يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته يسمّى بالعبد الصالح، ويعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله لنجح المتوسلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بأن له قدم صدق عند الله لا تزول»(١).
١٧ ـ ابن خلّكان (ت: ٦٨١ هـ):
قال في كتابه «وفيات الأعيان»: [هو] «أحد الأئمة الاثني عشر، رضي الله عنهم أجمعين» ثم نقل ما تقدم ذكره من قول الخطيب البغدادي من دون تعليق عليه(٢).
١٨ ـ أبو الحجاج يوسف المزي (ت: ٧٤٢ هـ):
ذكر في كتابه «تهذيب الكمال» نصّ قول أبي حاتم المتقدم، كما أنّه اقتصر على ذكر أخبار عديدة في مدح الإمام والثناء عليه(٣).
١٩ ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨):
قال في «سير أعلام النبلاء»: «الإمام، القدوة، السيد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضا، مدني، نزل بغداد».
(١) حياة الإمام موسى بن جعفر لباقر شريف القرشي: ١/١٦٦ عن «مختصر أخبار الخلفاء»: ٣٩.
(٢) انظر «وفيات الأعيان»: ٤/٥٠٣. دار الكتب العلمية.
(٣) تهذيب الكمال: ٢٩/٤٣ وما بعدها، مؤسسة الرسالة.
وقال في «العبر»: «وكان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر».
وقد نقل في هذين الكتابين قول أبي حاتم المتقدم في أنّ الإمام: «ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين» من دون أي تعليق عليه(١).
وقد ترجم له أيضاً في «تاريخ الإسلام»، وقال عنه: «وكان صالحاً، عالماً عابداً، متألهاً… »(٢).
٢٠ ـ اليافعي اليمني المكّي (ت: ٧٦٨ هـ):
قال في كتابه «مرآة الجنان»: «وفيها [أي سنة ١٨٣ هـ] توفي السيد أبو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق، كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، وهو أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، وكان يُدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً كريماً. كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصُرّة فيها ألف دينار…»(٣).
٢١ ـ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: ٧٧٤ هـ):
قال في «البداية والنهاية»: «وكان كثير العبادة والمروءة، إذا بلغه عن أحد أنّه يؤذيه أرسل إليه بالذهب والتّحف… وأهدى له مرّة عبد عصيدة فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار وأعتقه ووهب المزرعة له…»(٤).
٢٢ ـ محمد خواجة البخاري (ت: ٨٢٢ هـ):
(١) راجع «سير أعلام النبلاء»: ٦/٢٧٠، مؤسسة الرسالة، و «ميزان الاعتدال»: ٤/ ٢٠١، دار الفكر، و «العبر»: ١/٢٢٢. دار الكتب العلمية.
(٢) تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (١٨١ ـ ١٩٠ هـ)، ص٤١٧، دار الكتاب العربي.
(٣) مرآة الجنان: ١/ ٣٠٥، أحداث سنة ١٨٣ هـ، دار الكتب العلمية.
(٤) البداية والنهاية: ١٠/ ١٩٧، أحداث سنة ١٨٣ هـ، مؤسسة التاريخ العربي.
قال في كتابه «فصل الخطاب»: «ومن أئمة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ـ رضي الله عنهما ـ… وكان ـ رضي الله عنه ـ صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر كثير العلم كان يُدعى بالعبد الصالح، وفي كل يوم يسجد لله سجدة طويلة بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال…»(١).
٢٣ ـ ابن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ):
نقل في كتابه «تهذيب التهذيب» نصّ قول أبي حاتم المتقدّم، كما ذكر قول يحيى بن الحسن بن جعفر النسابة: «كان موسى بن جعفر يُدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده».
وبعد أن نقل تاريخ وفاته قال: «ومناقبه كثيرة»(٢).
٢٤ ـ ابن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥):
نقل في كتابه «الفصول المهمة» قول بعض أهل العلم قائلاً: «قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، والأوحد الحجة الحبر، الساهر ليله قائماً القاطع نهاره صائماً، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين(٣) وقال في موضع آخر: «وأما مناقبه وكراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة فتشهد له بأنّه قبة الشرف وعلاها وسما إلى أوج المزايا فبلغ أعلاها وذللت له كواهل السيادة وامتطاها، وحكم في غنائم
(١) ذكر قوله القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» ص٤٥٩، منشورات الشريف الرضي.
(٢) تهذيب التهذيب: ٨/ ٣٩٣، دار الفكر.
(٣) الفصول المهمة: ٢٢١، دار الأضواء.