الأذان بين الأصالة والتحريف / الصفحات: ٢٠١ – ٢٢٠
الدلالة له وما يجدها. |
وممّا يضحك الثكلى أنّ البعض أسرف للغاية ; حيث رفض جزئية حيّ على خير العمل، مدّعياً أنّ الشيعة هم الذين أوجدوها وحشروها في كتب أهل السنة والجماعة لأنّ بقيّة الفرق الإسلاميّة لا تقول بذلك، كما أنَّ صحاحهم ومسانيدهم قد خلت من «حيّ على خير العمل».
وأمام احتمال طرح مثل هذه الشبهة، نقول: إنَّ هذه القضيّة لم تختصّ بالطالبيّين دون غيرهم على ما ضبطته لنا صفحات تاريخ السنّة والسيرة، بل أقرّها عدد من الصحابة وعملوا بها، ويكفينا أن نذكر هنا اسم ابن عمر فقط لأنّه الصحابي الذي كان مورد اعتماد أهل السنة والجماعة في فترات متعاقبة من التاريخ، حتّى أنَّ المنصور العبّاسيّ قد وجّه مالكاً حين تدوين كتاب “الموطّأ” بقوله: هل أخذت بأحاديث ابن عمر؟
قال: نعم.
قال المنصور: خذ بقوله وان خالف عليّاً وابن عباس(١).
وعلى ضوء هذا الأمر الحكومي يمكننا القول: إنّ الدولة العبّاسيّة قد اعتبرت فقه ابن عمر معياراً ومقياساً شاخصاً لتدوين السنّة، لأنّه لم يكن شخصاً عاديّاً، بل كانت شخصيته ذات أبعاد مبطّنة، وفي هذا المجال رأيناه يضفي على حياته هالة من القدسيّة في اقتفاء آثار النبيّ ومتابعته.
ويتلخص إشكال أهل السنة والجماعة في ثلاث نقاط:
إشكالهم الأوّل: ادّعاء أنَّ مصادرهم الحديثيّة المعتبرة قد خلت من الروايات التي تؤكّد ثبوت «حيّ على خير العمل» في الأذان، وأنّ السنن الكبرى للبيهقيّ،
إشكالهم الثالث: إمكان القول بأنَّ عمل رسول الله هو الحجّة علينا لا عمل الصحابة، فلا حجّيّة في التزام ابن عمر الإتيانَ بـ «حيّ على خير العمل» في أذانه، لأنّ المسلم مكلّف باتّباع رسول الله لا غيره!
هذه هي جملة إشكالاتهم
أمّا ما يخصّ إشكالهم الأوّل ـ من أنّ صحاحهم وسننهم المعتبرة لم تذكر روايات تؤيّد شرعيّة «حيّ على خير العمل» وعلى الأخصّ فيما تمّ تدوينه في كتابي الشيخين البخاريّ ومسلم ـ فقد أجاب أحد الزيديّة عليه إجابة نقضيّة بقوله:
“وقالوا إن صحّت في الأذان الأوّل فهي منسوخة بالأذان الثاني، لعدم ذكره فيها.
وردّ هذا: بأنّه لا يلزم من عدم ذكره في الصحيحين عدم صحّته، وليس كلّ السنّة الصحيحة في الصحيحين، وبأنّه لو كان منسوخاً لما خفي على عليّ بن أبي طالب وأولاده كما في مسنداتهم، وهم السفينة الناجية بقول جدّهم سيّد البريّة: “أهل بيتي فيكم كسفينة نوح: مَن رَكبها نجا ومن تخلف عنها |
غرق وهوى”.وما ذكره في كتاب (الأذان بحيّ على خير العمل) أنّها كانت ثابتة في الأذان أيّام النبيّ، وفي خلافة أبي بكر، وفي صدر من خلافة عمر ثمّ نهى عنها”(١).
|
وبعد ذكر جواب هذا الزيديّ على الإشكال الأوّل، نقول: إنّ من الثابت المعلوم أَنْ ليس باستطاعة كتبهم التسعة أن تضمّ جميع الأحاديث والروايات المرويّة على مرّ التاريخ، بل ولم يدَّعِ أصحاب تلك الكتب أنفسهم الإلمام بكلِّ ما رُوِي أو جمعهم لكل ما صح عن رسول الله.
بلى، إنّهم ادعوا أنّ أحاديثهم منتقاةٌ من الأحاديث الصحيحة، وبهذا المعنى صرح كلٌّ من النسائيّ والبخاريّ وابن ماجة وغيرهم، فهذا يقول إنَّه انتقى صحيحه من ستمائة ألف حديث صحيح، وذاك يقول إنّه أخذها من ثلاثمائة ألف حديث صحيح.. وهكذا.
وصحيح أنَّهم يصفون الأحاديث التي انتقوها بأنّها صحيحة، ولكنّهم بذات الوقت لا ينكرون صحّة بقيّة الأحاديث المتروكة عندهم ـ التي لم يشملها تدوينهم ـ فهم والحال هذه لا ينفون وجود أحاديث صحيحة عند الآخرين.
فلو لاحظت أحاديث عبدالله بن زيد الأنصاري المعتمدة عندهم في تشريع الأذان فلا تجدها في صحيحي البخاري ومسلم، ولم يأتِ بهما الحاكم في مستدركه، فما يعني هذا اذاً؟
ونحن قد بيّنّا أنّ ثمّة اتفاقاً بين الفريقين على ثبوت «حيّ على خير العمل»
وقد خدشوا في الإمام البخاري والنسائي وغيرهما.
فما المعتبر في الجرح والتعديل اذاً؟
في سياق جوابنا على إشكالهم الثاني، نقول أيضاً: لو سلّمنا فرضاً بضعف تلك الروايات، فإنّ كثرتها وتعدّد طرقها، تجعلها معتبرة، ويمكن الأخذ بها بناءً على قاعدة: (الحديث الضعيف يقوّي بعضه بعضاً)(٣). وأنّهم كثيراً ما أخذوا بروايات رجالها ضعفاء، فمثلاً أنّهم عملوا بقوله (صلى الله عليه وآله) “على اليد ما اخذت حتّى توديه”(٤) على رغم ضعف سندها وانحصارها بسمرة بن جندب.
هذا كلّه بصرف النظر عن أنّ هناك جمّاً غفيراً من علماء المسـلمين ـ من طوائف الاثني عشرية والاسماعيلية والزيدية ـ رووا بطرق صحاح وحسان ثبوت الحيعلة الثالثة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعدم نسخها، وحينئذ فنحن نرى انجبار الروايات الضعيفة بهذه الطرق الصحيحة والحسنة.
ويتأكد لك سبب ندرة الروايات الدالّة على الحيعلة الثالثة في مدرسة الخلفاء أو تضعيفهم لرواتها لو سايرت البحث معنا حتّى الفصل الرابع “حيّ على خير
٣- نصب الراية ١: ٩٣ عن البيهقي أنّه قال: والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم.
٤- مسند أحمد ٥: ٨، ١٢،١٣، سنن الدارمي ٢: ٢٦٤ باب في العارية موداة، ابن ماجة ٢: ٨٠٢ باب العارية، سنن أبي داود ٢: ١١٥ باب في الرقبى، سنن الترمذي ٢: ٣٦٨ باب ما جاء في العارية موداة، مستدرك الحاكم ٢: ٤٧، السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٩٠، ٩٥،١٠٠، السنن الكبرى للنسائي ٣: ٤١١.
فعلى الرغم من التزام الصحابة بـ «حيّ على خير العمل» في أذانهم، وعلى رغم كثرة الروايات التي تؤكّد شرعيّتها، ترى بعضهم يستثنون حكم هذه المسألة على ضوء طريقتهم فيقولون: الحجّة ـ في هذه المسألة بالذات ـ عمل النبيّ الأعظم وليس عمل الصحابة، مع أنّ مِن بينهم مَن يقول بأنَّ (فعل الصحابيّ يخصّص القرآن)(١).. وهذا تناقض واضح وصريح من جانبهم!
بينما تراهم في حين آخر يقولون بأنّ فعل الصحابيّ هو علامة أو انعكاس لفعل النبيّ الأكرم، ولمّا كان ثمّـة خـلاف بين فقه عليّ (عليه السلام) وفقه عمر، وبين ابن عمر وعمر نفسه، وبين الصحابة الآخرين فيما بينهم أيضاً، فإنّ هذا مؤشر يدلّ دلالة واضحة على وجود مذهبين مختلفين: أحدهما يتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والنصوص الواردة، والآخر يعطي لنفسه الاجتهاد، ويتعبد بسيرة الشيخين وإن خالفت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فبماذا يُفَسَّر إذاً خلاف ابن عمر مع أبيه؟ نحن لا نريد بكلامنا هذا القول بأنّ ابن عمر كان من اتباع نهج التعبد المحض، أو أنّه لا يجتهد مقابل النص، لكن الصبغة الغالبة عليه هي شـهرته بتحري أثار رسـول الله واتّـباع سـننه لا الاجتـهاد والرأي.
ولمّا كان عمر هو الذي أمر بـ «الصلاة خير من النوم»، وهو الذي نهى عن «حيّ على خير العمل»، كان فعل الصحابة في هذا المورد هو الحاكم وهو الحجّة عندهم بخلاف ما يدّعون من أنَّ فعل النبيّ الأكرم هو الحجة لا غير.
وبهذا، فقد عرفنا شرعية الأذان بحيّ على خير العمل، وانه لم ينسخ من قِبَلِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يقولون، وما ذُكِر من إشكالات كلّها كانت واهية لا تناهض الأدلة، بل وقفتَ ـ عزيزي القارئ الكريم ـ على بعض تحريفات الأمويين ومن اتبعوهم من المتزلفين المتزلفين وكيف حرّفوا قول أبي محذورة (فلما انتهيت إلى حيّ على الفلاح قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): ألحِق فيها حيّ على خير العمل)، وأبدلوها بـ (اجعل في آخر أذانك حيّ على خير العمل) فان هذا الكلام باطل وتحريف صريح للنصوص. لأنّ “ألحِق فيها حيّ على خير العمل” يؤكد على أن مكان الحيعلة الثالثة هو بعد الحيعلتين لا كما تقول الرواية المفتعلة بأنّها في آخر الأذان، فـ «الصلاة خير من النوم» تتفق مع كونها آخر الأذان لتأخر تشريعها، أما الحيعلة
القسم الثاني
تأذين الصحابة وأهل البيت
إنّ المطالع في كتب السير والتار يخ والحديث عند المذاهب الإسلاميّة يقف على أسماء عدة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانوا يؤذّنون بـ «حيّ على خير العمل» وإن كانت بعض تلك النصوص تشير إلى تأذينهم بها في الفجر خاصة، لكنّ هناك نصوصاً أخرى تدل على شموليتها لجميع الاوقات.
وإليك الآن أسماء بعض مَن أذّن بها للرسول الأكرم، وأسماء بعض كبار الصحابة وأهل بيت النبوة، جئنا بها من طرق الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وطرق الزيدية، والإسماعيلية وأهل السنة والجماعة، اعتقاداً منا بضرورة الوقوف على جميع الطرق عند جميع المذاهب الإسلامية، كي لا تكون رؤيتنا ضيقة منحصرة بمذهب دون آخر، بل لتكون شموليّة موسّعة تكشف عن وجهات نظر الجميع.
١ ـ بلال بن رباح الحبشي (ت ٢٠ هـ)
أخرج الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه، بسندهما عن عمّار وعمر ابنَي حفص بن عمر، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن بلال أنّه كان يؤذّن بالصبح فيقول:
وعن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ خير أعمالكم الصلاة، وأمر بلالاً أن يوذّن بحيّ على خير العمل ; حكاه في الشفاء(٣).
وفي كنز العمّال: كان بلال يؤذن بالصبح فيقول «حيّ على خير العمل»(٤).
٢ ـ علي بن أبي طالب (ت ٤٠ هـ)
روى الإمام المؤيد بالله الزيدي في كتابه شرح التجريد، من طريق عباد بن يعقوب، عن عيسى بن عبدالله، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: سمعت رسول الله يقول: “إن خير أعمالكم الصلاة” وأمر بلالاً أن يؤذّن بحيّ على خير العمل(٥).
وروى الحافظ العلوي بسنده عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ
٣- البحر الزخار ٢: ١٩١، وانظر: الشفاء ١: ٢٦٠.
٤- كنز العمّال ٨: ٣٤٢، ح ٢٣١٧٤.
٥- جواهر الأخبار والآثار ٢: ١٩١، الاعتصام بحبل الله المتين ١: ٣٠٩.
حدّثنا محمّد بن الحسين التيملي قراءة، حدّثنا(٢) عليّ بن العبّاس البجلي، حدّثنا بكّار بن أحمد، حدّثنا حسن بن حسين، عن عمرو بن ثابت، عن محمّد ابن عبدالرحمن، قال: كان ابن النباح يجيء إلى عليّ (عليه السلام) حين يطلع الفجر فيقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، فيقول عليّ (عليه السلام): مرحباً بالقائلين عدلاً، وبالصلاة مرحباً وأهلاً، يا ابن النباح: أقم.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا محمّد بن محمّد بن الحسين(٣) في لقائه(٤)، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا، حدّثنا عبّاد بن يعقوب، أخبرنا عمرو بن ثابت، عن ابن أبي ليلى: بنحوه.
حدّثنا محمّد، أخبرنا محمّد بن عمّار العجلي، حدّثنا عليّ بن محمّد بن حنينة(٥)، حدّثنا عباد بن يعقوب، أخبرنا عمرو، عن ابن أبي ليلى: بنحوه.
حدّثنا أحمد بن زيد بن بشّار، وعليّ بن محمّد [ بن بنان ] الشيباني، قالا: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الرفّاء المقري، حدّثنا محمّد بن الحسن بن
٣- في تحقيق عزّان: بن كنانة وليس فيها (في لقائه).
٤- في الاعتصام: في كتابه.
٥- أثبت عزّان في المتن: نُجية، وقال في الهامش: في ج: حنية وفي طـ: علي بن محمد بن حتينة، والصواب ما اثبته، انظر: ترجمته في المعجم [ الذي أعدّه في آخر الكتاب ]. أما في الاعتصام: حبية.
حدّثنا(٥) جعفر بن محمّد الجعفري ومحمّد بن عبدالله بن الحسين، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حدّثنا يعقوب بن يوسف الضبي، حدّثنا أبو جبارة حصـين بن المخارق، عن يعقوب بن عدي، عن يحيى بن زيد، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام): أنه كان يأمر مؤذنه أن ينادي في أذانه بحيَّ على خـير العمل.
٣- في الاعتصام: عبدالله بن محمد.
٤- في نسخة عزّان: ولا الإقامة. وهو الموجود في الاعتصام ١: ٢٩٢ كذلك.
٥- في الاعتصام: أخبرنا.
طريق الإمام الصادق (عليه السلام)
أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن زيد بن بشّار، وعليّ بن محمّد الشيباني، قالا: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد بن مسلم، حدّثنا عليّ بن العبّاس وعليّ بن سلامة، حدّثنا بكار بن أحمد، حدّثنا نصر بن مزاحم، عن الثقة إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام): أن عليّاً (عليه السلام) كان يقول لكل صلاة: حيَّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل.
٣- في الاعتصام: الهلقان.
٤- الزيادة من الاعتصام.
طريق إبراهيم بن محمد
أخبرنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم قراءة، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الورّاق في كتابه، حدّثنا محمّد بن القاسم، حدّثنا الحسن بن محمّد المزني، حدّثنا هارون بن أبي بروة، حدّثني حسين أخي، عن إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى: أن عليّاً (عليه السلام) كان يقول لكل صلاة: حيَّ على الصلاة حي على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل، حيَّ على خير العمل(١).
طريق الإمام الباقر (عليه السلام)
أخبرنا محمّد قراءةً، حدّثنا محمّد [قراءة](٢)، حدّثنا حسن، حدّثنا حسين ابن نصر، حدّثنا خالد بن عيسى، عن عاصم بن جميل(٣)، عن جعفر، عن أبيه: أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول في الأذان لكل صلاة: حيَّ على الصلاة حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل حيّ على خير العمل.
أخبرنا محمّد [بن أحمد](٤)، أخبرنا محمّد [بن أبي العباس](٥)، أخبرنا محمّد [بن القاسم](٦)، حدّثنا حسن [بن محمّد المزني ](٧)، حدّثني هارون ابن أبي بردة،
٣- في تحقيق عزّان: بن حميد الخياط.
٤- الزيادة من عزّان.
٥- الزيادة من عزّان.
٦- الزيادة من عزّان.
٧- الزيادة من عزّان.
.. حدّثنا ابن النحّاس، حدّثنا عليّ، حدّثنا بكار بهذا… وقال: كان في الأذان حيّ على خير العمل.
حدّثنا عبدالله بن مخالد(٥) البجلي، أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حدّثني أحمد بن يحيى بن المنذر الحجري، حدّثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى، حدّثني الحسن بن عليّ الينبعي عن أبيه، قال: سمعت محمّد بن عليّ (عليه السلام) يؤذن حيّ على خير العمل، فقلت له: أيش هذا الأذان؟ قال: هذا أذان خير البرية بعد النبيّ (عليه السلام) جدِّك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (٦).
وجاء في حاشية الدسوقي ما نصه: “كان عليّ (عليه السلام) يزيد “حيَّ على خير
٣- الزيادة من تحقيق عزّان والاعتصام.
٤- في الاعتصام: حسين.
٥- في الاعتصام ١: ٢٩٤: مجالد.
٦- الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي: ٤٨ ـ ٥٣، وبتحقيق عزّان من ص ٩٢ ـ ٩٨. والاعتصام ١: ٢٩٤.
طرق أخرى
وفي الاعتصام بحبل الله: وقد ذكر الفقيه صالح بن الصديق النمازي في شرحه (الانهار على اثمار الازهار) قال ابن الرفعة من أصحاب الشافعي في مطلبه: قال القاضي حسين في التعليق: روي عن عليّ (عليه السلام) أنّه كان يقول “حيَّ على خير العمل” وبه أخذت الشيعة(٢).
وروى الحافظ العلوي من طريق ابن عبّاس، عن عليّ بن أبي طالب، قال: سمعت رسول الله يقول: لمّا انتهي بي إلى سدرة المنتهى، فرأيت من جلال الله ما رأيت، قال لي: يا محمّد “حيَّ على خير العمل”، قلت: يا رب وما خير العمل؟ قال: الصلاة قربان أمّتك…(٣)
وعن يحيى بن زيد، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) أنّه كان يأمر مؤذّنه أن ينادي في أذانه بحيّ على خير العمل(٤).
وعن حسين بن عبدالله بن ضميرة، عن جدّه ضميرة، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه كان يقول في أذان الصبح “حيَّ على خير العمل حي على خير
٣- الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي: ٦١ بتحقيق عزّان. والاعتصام بحبل الله ١: ٢٩٠.
٤- كتاب الأذان بحيَّ علي خير العمل: ٩٢ / الحديث ٦٩، بتحقيق عزّان.
وعنه أيضاً، قال: إنّ علياً (عليه السلام) كان يقول لكل صلاة “حيّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل”(٢).
وفي من لا يحضره الفقيه: وكان ابن النبّاح يقول في أذانه: “حيَّ على خير العمل حيَّ على خير العمل” فاذا رآه عليّ قال: مرحباً بالقائلين عدلاً، وبالصلاة مرحباً وأهلاً(٣).
٣ ـ أبو رافع (كان حيّاً في عهد الإمام الحسن)
قال الحافظ العلوي: أخبرنا عليّ بن محمّد [إسحاق](٤) الخزّاز، أخبرنا الحسن بن محمّد بن سعيد المُقرئ، حدّثنا الحسن بن حيّاس(٥)، حدّثنا محمّد بن سليمان [لُوَين]، حدّثنا شريك، عن عاصم بن(٦) عبيدالله، عن عليّ ابن الحسين، عن أبي رافع، قال: كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا سمع الأذان قال كما يقول، فإذا بلغ حيّ على خير العمل قال: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله(٧).
٣- من لا يحضره الفقيه ١: ٢٨٨ ح / ٨٩٠ وانظر: كتاب الأذان بحيّ على خير العمل: ٩٤ الحديث ٧٥.
٤- الزيادة من الاعتصام ١: ٢٨٩.
٥- تحقيق عزّان: حباش. وفي الاعتصام ١: ٢٨٩: حياش.
٦- في الاعتصام ١: ٢٨٩: عن.
٧- الأذان بحيّ على خير العمل، للحافظ العلوي: ٢٨، وبتحقيق عزّان: ٥٥. الاعتصام ١:٢٨٩، وفيما يلي عن الاعتصام ١: ٢٩٤ مثله.
٤ ـ عقيل بن أبي طالب (ت في خلافة معاوية)
روى الحافظ العلوي بسنده عن عبيدة السلماني: أنّ عقيل بن أبي طالب كان يؤذن بـ «حيّ على خير العمل» إلى أن فارق الدنيا(١).
٥ ـ الحسن بن عليّ بن أبي طالب (ت ٥٠ هـ)
قال القاسم بن محمّد ـ وهو من أعلام الزيديّة ـ: ذكر في كتاب السنام ما لفظه: الصحيح أنّ الأذان شرع بحيّ على خير العمل ; لأنّه اتفق على الأذان به يوم الخندق، ولأنّه دعاء إلى الصلاة ; وقد قال (صلى الله عليه وآله): خير أعمالكم الصلاة، وقد اتّفق أيضاً على أنّ ابن عمر والحسن والحسين (عليهما السلام) وبلالاً وجماعة من الصحابة أذّنوا به، حكاه في شرح الموطأ وغيره من كتبهم(٢).
وقد روى الحافظ العلوي عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الوراق بحرانة، حدّثنا محمّد بن القاسم، حدّثنا حسن بن محمّد، حدّثنا محمّد بن عليّ الكندي، عن زكريّا بن يحيى، عن عبدالرحمن بن أبي حمّاد، عن يوسف بن يعقوب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أذاني وأذان آبائي النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين.. حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل(٣).
٣- الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي: ٥٤، وبتحقيق عزّان: ١٣٦ الحديث ١٧١. والاعتصام ١: ٢٩٤.
٦ ـ أبو محذورة (ت ٥٩ وقيل ٧٩ هـ)
روى محمّد بن منصور في كتابه الجامع، بإسناده عن رجال مرضيين، عن أبي محذورة ـ أحد موذّني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ أنّه قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أقول في الأذان ” حيَّ على خير العمل “(١).
وروى محمّد بن منصور: أنّ [أبا] القاسم (عليه السلام) أمره أن يؤذّن ويذكر ذلك [يعني حيّ على خير العمل] في أذانه، قال: إنّ رسول الله أمره به ; هكذا في الشفاء(٢).
وأخرج الحافظ العلوي من عدّة طرق خبر الحيعلة الثالثة، منها طريق الحمّاني آنف الذكر، والأخرى:
١ ـ حدّثنا أبو الطيب محمّد بن الحسين بن النحّاس(٣) قراءة، حدّثنا عليّ ابن
٣- في تحقيق عزّان: النخّاس.
٣ ـ حدّثنا أحمد بن زيد بن يسار، أخبرنا الحسن بن محمّد بن سعيد بن مسلم [الرفّاء]، حدّثنا محمّد بن الحسن الأريسي(٤)، حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدّثنا مخول بن إبراهيم، حدّثني محمّد بن بكر الأرحبي، عن أبي الجارود، قال: حدّثني يحيى ـ شيخ من أصحابنا ـ عن رجل حدّثه عن أبي محذورة قال: أمرني رسول الله أن أقول في الأذان: حيَّ على خير العمل(٥).
٤ ـ حدّثنا محمّد بن الحسين بن النحّاس قراءة، حدّثنا عليّ بن العبّاس البجلي، حدّثنا بكّار بن أحمد، حدّثنا عثمان بن سعيد الأحول، حدّثني هُذيل ابن بلال المدائني، قال: سمعت [ابن](٦) أبي محذورة يقول: حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، حيّ على خير العمل..
٣- علق عزّان: ٥١ ح ٣ اخرجه محمد بن منصور في الامالي ١: ١٩٦ (٢٣٤ راب الصدع) وفيه: امرني رسول الله ان اقول في الأذان حيّ على خير العمل… وانظر: الاعتصام بحبل الله ١: ٢٨٤.
٤- في تحقيق عزّان: الاويسي انظر:: ٥٢ ح ٤.
٥- الاعتصام بحبل الله ١: ٢٨٤.
٦- من تحقيق عزّان: ٥٤ ح ٧. والاعتصام بحبل الله ١: ٢٨٤ ـ ٢٩٠.