النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب – (ج 1) / الصفحات: ٨١ – ١٠٠
أقوال العلماء فيه
ويحسن بنا ونحن نستعرض الجوانب العلمية في شخصية النوري قدس سره ان نسجل أقوال العلماء فيه لاجل أن نحيط بها من جميع الجوانب، ولأن اقوال العلماء تثبت شهادة علمية لموقعه العلمي.
١ ـ العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله تعالى في مقدمة قصيدته التي ردّ بها على القصيدة التي انكر صاحبها وجود الامام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقد قدّم قصيدته تلك هدية الى صاحب رسالة كشف الأستار حيث قال:
” انه وردت الينا في هذه الايام قصيدة من بعض جماعة دار السلام ولكنها يتيمة وان كانت في سوق الشعراء ما لها قيمة، يسأل فيها عن امور الحجة المنتظر والامام الثاني عشر وتصدى شعراء العصر للجواب عنها ولكنهم لم يبلغوا حقيقته وان اجادوا، وما أصابوا الغرض وان احسنوا بما جاؤا به وأفادوا ; فقلت في نفسي أعط القوس باريها، فلا يخطي مراسيها، فعرضتها على علامة الفقهاء والمحدثين، جامع اخبار الائمة الطاهرين، حائز علوم الاولين والاخرين، حجة الله على اليقين، من عقمت النساء من ان تلد مثله، وتقاعست اساطين الفضلاء فلا يداني احدٌ فضله
ونبله، التقي الأواه، المعجب ملائكة السماء بتقواه، من لو تجلى الله لخلقه لقال هذا نوري، مولانا ثقة الاسلام الحاج ميرزا حسين النوري ادام الله تعالى وجوده الشريف، وحفظ سورة بقائه المبارك من التنقيص والتحريف ; فكتب أيده الله تعالى رسالة أبهرت العقول والالباب، ولم يأت احدٌ بمثلها في هذا الباب ; وحيث ان السؤال كان نظماً احببت ان يكون الجواب طبق السؤال، فنظمتها على الوزن والقافية على تشتت البال وجعلتها خدمة لامامنا الحجة ولنوابه الاعلام خصوصاً صاحب الرسالة فان له على جميع المؤمنين منة لايقوم بواجبها الشكر ولو مدى العمر “(١).
٢ ـ وقال الشيخ حرز الدين قدس سره في وصفه:
” العالم الفاضل الجامع الثقة الجليل… وكان شيخاً عالماً محيطاً بعلم الحديث والرجال “(٢).
٣ ـ الشيخ عباس القمي صاحب كتاب مفاتيح الجنان:
” وكان رحمه الله تعالى حسن المحاضرة، سريع الكتابة، كثير الحافظة، مقبلا على شانه، مستوحشاً عن اوثق اخوانه، وكان شديد العبادة، كثير الزهادة، لم يفته صلاة الليل والقيام في طاعة ربه في آناء الليل، وكان جامعاً أعلى كل مكرمة وشرافة، وأسنى كل خصلة وفضيلة، وبلغ من كل خير ذروته، واخذ من كل علم شريف جوهره وحقيقته ; اما علمه فأحسن فنه الحديث، ومعرفة الرجال، والاحاطة بالاقوال، والاطلاع بدقائق الايات ونكات الاخبار بحيث تتحير العقول عن كيفية استخراجه جواهر الاخبار عن كنوزها، وترجع الابصار حاسرة عن ادراك طريقتهفي استنباط اشاراتها ورموزها، فسبحان الله المتعال من كثرة اطلاعه، وطول باعه، وشدة تبحره في العلوم والاخبار والسنن والاثار ; كان بحراً مواجاً وسراجاً وهاجاً،
١- كشف الاستار: ص ٢٤٥ – ٢٤٦.
٢- معارف الرجال: ج ١، ص ٢٧١.
وكان ضنيناً بعمره بحيث لم يدع دقيقة من دقائق عمره، ونفيس جوهر حياته يمضي بلا فائدة، ويفنى بلا عائدة، بل اخذ منه حظه ونصيبه اما بجمع شتات الاخبار، وتأليف متفرقات ماورد عن الائمة الاطهار ; وأما بالذكر وتلاوة الآيات، او بالصلاة والنوافل المندوبات ; مواضباً لكل سُنة سنية، ومؤدّ لميسور دقائق الآداب الدينية ; كان واعظاً لغيره بافعاله والقواله، وداعياً الى الله بمحاسن احواله ; تذكر الله تعالى رؤيتهُ، ويزيد في العلم منطقه، ويُرَغِّبْ في الآخرةِ عمله ; ما قام أحدٌ من مجلسه إلا بخير مُستفاد جديد، وشوق الى الثواب، وخوف من الوعيد ; لايختار من الاعمال المندوبة الاّ أحمزها واتعبها، ولايأخذ من السنن الاّ احسنها.
أفعاله كانت منطبقة على كلامه، وكلامه مقصور على ما خرج عن أمامه ; لازمت خدمته برهة من الدهر في السفر والحضر والليل والنهار، وكنت استفيد من جنابه في البين الى أن نعب بيننا غراب البين “(١).
وقال في مكان آخر: ” شيخنا الاجل الاعظم، وعمادنا الارفع الاقوم، صفوة المتقدمين والمتأخرين، خاتم الفقهاء والمحدثين، سحاب الفضل الهاطل، وبحر العلم الذي ليس له ساحل، مستخرج كنوز الاخبار، ومحي ما اندرس من الاثار، كنز الفضائل ونهرها الجاري، شيخنا ومولانا العلامة المحدث الثقة النوري أنار الله تعالى برهانه واسكنه بحبوحة جنانه “(٢).
وقال في كتاب آخر له بعبارة تقرب من هذه العبارة(٣).
٤ ـ وقال تلميذهُ الشيخ آغا بزرگ الطهراني:
” وهو سندٌ من اجل الاسناد الثابتة ليوم المعاد، وكيف لا وهو خرِّيت هذه
١- الفوائد الرضوية (القمي): ص ١٥١ – ١٥٢.
٢- الفوائد الرضوية (القمي): ص ١٤٩.
٣- راجع هدية الاحباب (القمي): ص ١٨٠.
الصناعة، وإمام هذا الفن فقد سبر غور علم الحديث حتى وصل الى الاعماق فعرف الحابل من النابل، وماز الغث من السمين، وهو خاتمة المجتهدين فيه، اخذه عنه كل من تأخر من أعلام الدين وحجج الاسلام، وقلما كتبت اجازة منذ نصف قرن الى اليوم ولم تصدر بأسمه الشريف، وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتبعة من رسم، وهو اول من اجازني والحقني بطبقة الشيوخ في سن الشباب وقد صدرت عنه إجازات كثيرة بين كبيرة ومتوسطة ومختصرة وشفاهية “(١).
وقال في مكان آخر: ” كان الشيخ النوري احد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر، فقد امتاز بعبقرية فذة، وكان آية من آيات الله العجيبة، كمنت فيه مواهب غريبة، وملكات شريفة اهلته لان يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال اعمارهم لخدمة الدين والمذهب، وحياته صفحة مشرقة من الاعمال الصالحة، وهو في مجموع آثاره ومآثره إنسان فرض لشخصه الخلود على مرّ العصور، والزم المؤلفين والمؤرخين بالعناية به والاشادة بغزارة فضله، فقد نذر نفسه لخدمة العلم، ولم يكن يهمه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبع وجمع شتات الاخبار، وشذرات الحديث، ونظم متفرقات الآثار وتأليف شوارد السير، وقد رافقه التوفيق، واعانته المشيئة الالهية، حتى ليظن الناظر في تصانيفه ان الله شمله بخاصة الطافه، ومخصوص عنايته، وادخّر له كنوزاً قيمة لم يظفر بها اعاظم السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفنّ، بل يخيل للواقف على امره ان الله خلقهلحفظ البقية الباقية من تراث آل محمد عليه وعليهم السلام {وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}.. “(٢).
١- نقباء البشر: ج ٢، ص ٥٥٥.
٢- نقباء البشر: ج ٢، ص ٥٤٥.
وقد شحنت كتب الشيخ الطهراني بمدحه لاُستاذه النوري وقد تقدم منّا نقل بعضها في مواضع متعددة من هذه الرسالة، وخوفاً من التكرار والاطالة اكتفينا بهذا المقدار محيلين الى اماكنها للموارد الاخرى التي ذكرها العلامة الطهراني قدس سره، والطف ما قاله في احدى اجازاته (شيخي العلامة خاتمة المحدثين والمجتهدين المبرّء على رغم غدوه من كل شين التقي النقي الحاج الميرزا حسين نوري الطبرسي…) راجع ضياء الدراية: ص ١٠٢.
٥ ـ وقال المؤرخ الايراني اعتماد السلطنة ـ وكان يشغل منصب وزير المطبوعات (الاعلام) في اواخر عصر ناصر الدين شاه ـ ما تعريبه:
” الحاج الميرزا حسين الطبرسي: من عظماء العلماء، وقد امتاز بجلالة قدره وعلو شأنه عن اقرانه، وبترويج امور المذهب الجعفري، وتشييد بنيان الطريقة الاثني عشرية، ونشر اخبار وآثار اهل بيت العصمة عليهم السلام، وقلما وفق احد من معاصريه لمثل ما وفق اليه في علمي الحديث والتفسير ومعرفة احوال الرواة وطبقات رجال الاسناد، وتراجم علماء الاسلام، وانه حالياً في مقدمة العلماء الايرانيين.
وكان والده الجليل الميرزا محمد تقي المازندراني من فحول المجتهدين ومشاهير رؤساء عهد الخاقان المبرور فتح علي شاه رحمه الله تعالى “(١).
وبعد ان ذكر كلاماً له حول شخصية الشيخ النوري قدس سره وتسجيل بعض مؤلفاته والتي ختمها بذكر كتابه المستدرك على الوسائل وقال عنه: ” ويعدّ من اجلّآثار هذا العصر “(٢).
عاد بالحديث عن الشيخ النوري حيث قال ما تعريبه: ” وفي الحقيقة انه بجمعه واستخراجه وتتبعه واستقصائه لكل الأحاديث والاصول أحيى سنة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم. وبرهن بالبرهان القاطع على درجة احاطته وتبحره.
وان هذا العالم العامل والفقيه الفاضل والمحدث الكامل محل الثقة والاعتماد والمؤتمن جداً عند حضرة حجة الاسلام ثقة الانام مجدد الاحكام نائب الامام عليه
١ و ٢- المآثر والآثار (اعتماد السلطنة): ص ١٥٥.
السلام الحاج الميرزا محمد حسن ادام الله ايام افاضاته “(١).
٦ ـ وقال المؤرخ الرجالي الشيخ الميرزا محمد علي المدرس ما تعريبه:
” العالم الرباني القدوسي، صاحب الفيض القدسي، صفوة خاتم الفقهاء والمحدثين المتقدمين والمتأخرين، ناشر آثار الأئمة الطاهرين، الحاج الميرزا حسين بن محمد تقي بن ميرزا محمد علي النوري الطبرسي، من ثقات الاعيان، ومن اكابر علماء الامامية الاثني عشرية في اوائل القرن الرابع عشر الهجري ; فقيه، محدث، متتبع، مفسر، رجالي، عابد، زاهد، ورع، تقي، معروف بمقامه القدسي، والورع، والتقوى، والعبادة، والكمالات النفسانية، وليس له نظير في علم الحديث، والتفسير ومعرفة احوال وطبقات المحدثين والرواة، وتراجم احوال علماء الاسلام، وكان مهتماً بترويج احوال المذهب الجعفري، وتشييد مباني الطريقة الحقة الاثنى عشرية، ونشر آثار الائمة الاطهار عليهم السلام. وقلما وفق احد الى رتبته في الخدمات الدينية، وفي الحقيقة فانه كان تالي المحمدين الثلاثة، وثالث المجلسيين، بل كان بعض اعاظم اساتذة عصره يرجحونه على المجلسي ايضاً… الخ “(٢).
٧ ـ وقد عبّر عنه الامام السيد الخميني قدس سره الشريف:
” المولى العالم الزاهد العابد الفقيه المحدث الاميرزا حسين النوري نوّر الله مرقده الشريف “(٣).
٨ ـ وقال صاحب الأعيان:
” كان عالماً فاضلا محدثاً متبحراً في علمي الحديث والرجال، عارفاً بالسير
١- المآثر والآثار (اعتماد السلطنة): ص ١٥٦، الطبعة الحجرية.
٢- ريحانة الادب: ج ٣، ص ٣٨٩.
٣- الاربعين: مقدمة شرح الحديث الاول.
والتاريخ، منقّباً، فاحصاً، ناقماً على اهل عصره عدم اعتنائهم بعلمي الحديث والرجال، زاهداً، عابداً، لم تفته صلاة الليل، وكان وحيد عصره في الاحاطة والاطلاع على الاخبار والآثار والكتب الغريبة “(١).
٩ ـ وقال العلامة المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره وقد نقل عن العلامة النوري قدس سره قصة امر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ابا بكر وعمر بقتل ذي الثدية للمرة الثانية فكان حالهما الامتناع عن تنفيذ امر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كما كانت حالهما في المرة الاولى:
” وذلك فيما حدثني من اثق به في فضله وورعه وتتبعه ان ابا بكر مرّ بهذا المارق بعد ان امر بقتله فكره قتله، فوجده يصلي في بعض الاودية حيث لايطلع عليه سوى الله تعالى فراقه خشوعه وتضرعه فحمد الله تعالى على عدم قتله… ” الى آخر القصة، ثم قال السيد شرف الدين قدس سره: ” هذا ما حدثني به من اعرفه بالتقصي فيالبحث والتنقيب يرسله لي ارسال المسلّمات، وقد فاتني سؤاله عن مصدر حديثه هذا ” ثم ذكر انه بعد البحث عنه بنفسه وجد الحديث ومصدره.
ثم ذكر بالهامش ان هذا الذي يعرفه بالبحث والتنقيب (هو شيخ المحدثين في عصره، وصدوق حملة الآثار، شيخنا ومولانا الاورع الميرزا حسين النوري صاحب المستدركات على الوسائل)(٢).
وعلى هذا المنوال كانت كلمات جميع من ذكره حتى اولئك الذين لم يرتضوه فانهم ذكروه بالتتبع والاستقصاء والفقاهة وانه كان وحيد عصره بالاحاطة والاطلاع على الاخبار وما الى ذلك.
١- اعيان الشيعة: ج ٦، ص ١٤٣.
٢- النص والاجتهاد: ص ٩٥ – ٩٦.
منهجه العلمي
من يتتبع مؤلفات الشيخ النوري قدس سره وتلميذيه الشيخ عباس القمي قدس سره والشيخ آغا بزرگ الطهراني قدس سره يجد هناك وحدة منهج في اعمالهم، وانهم ينتمونالى منهج علمي واحد ولو ان بعض معالم المنهج قد تختلف شدة وضعفاً فيما بينهم.
ويمكن ايعاز التأثر الطبيعي بين الاستاذ وتلامذته، كما بينّا سابقاً فان قوة شخصية الاستاذ، اثرت بالعمق في الفكر والحياة العلمية لتلاميذه، حيث صور تلميذه الطهراني بان هناك وحدة بين تلاميذ النوري قدس سره حتى بعد وفاته وكأن دور الاستاذ قدس سره استمر بالعطاء بعد وفاته ايضاً، وقد انقضت على وفاته سنون طويلة، فالطهراني عندما يريد ان يكتب عن حياة احد زملائه الاجلاء وهو العلامة الشيخ عباس القمي قدس سره فانه ومن البداية يحدد علاقة القمي بالنوري ويعتبرها مسألة مهمة يلزم ابتداء الحديث بها، فيقول:
” هاجر الى النجف الاشرف فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء الاّ انه لازم شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري، وكان يصرف معه اكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتاباته، وكنت سبقته في الهجرة الى النجف بثلاث سنين، وفي الصلة بالمحدث النوري بسنتين حيث هاجر النوري الى النجف في سنة ١٣١٤ هـ…
ولا ازال اتذكر جيداً يوم تعرف المترجم له على شيخنا النوري واول زيارته له، كما اتذكر ان واسطة التعارف كان العلامة الشيخ علي القمي لأنه من اصحابه الاوائل ومساعديه الافاضل….
بقي المترجم له مع شيخنا النوري يقضي معظم اوقاته في خدمته واستنساخ مؤلفاته ومقابلة مسوداته، وقد استنسخ من كتبه خاتمة مستدرك الوسائل عندما ارسله الى ايران ليطبع، وكذا غيره من آثاره، وفي سنة ١٣١٨ هـ تشرف للحج وزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم… ثم رجع الى النجف وعاد الى ملازمة الشيخ النوري وحصل على الاجازة منه حتى توفي الاستاذ في سنة ١٣٢٠ هـ.
بقيت الصلة بيننا نحن تلاميذ النوري فقد كانت حلقات دروس العلماء والمشاهير تجمعنا في الغالب… وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا ايضاً ونحن نواصلالقراءة على مشايخنا الاجلاء الآخرين… “(١).
ومع ان الفترة الزمنية التي لازموا بها شيخهم النوري قدس سره كانت قليلة بالنسبة الى السنين الكثيرة التي حضروا بها دروس العلماء والمشاهير، فانهم اصروا على ان يبقوا مفتخرين بانتمائهم الى النوري ومدرسته، وتجد الشيخ القمي يبقي انتمائه حتى بعد وفاته حيث يدفن (في الصحن الشريف في الايوان الذي دفن فيه شيخنا النوري وبالقرب منه)(٢).
وكان طبيعياً ان يدرس الباحث لمدرسة النوري قدس سره العلمية من خلال تلاميذه الذين ينتمون اليه، والذين يعتبرون الامتداد الطبيعي لشخصيته العلمية وربما الاخلاقية، كما يفرض السير البحثي العلمي ان يدرس النوري بمنهجه العلمي من خلال مؤلفاته.
١- نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٨ – ٩٩٩.
٢- نقباء البشر: ج ٣، ص ١٠٠٠.
وهذا ما فعلناه سابقاً عند دراستنا منهج القمي قدس سره العلمي عندما كتبنا في حياته(١) وقد قلنا هناك: ” ان تأثر هؤلاء الافذاذ به وبهذا المقدار الكبير من التأثر لم يكن عن عاطفة جوفاء وصداقة عابرة، بل لهم الحق في ذلك لانه اعطاهم كل وقته، ولم يترك شيئاً لنفسه دونهم بل فضلهم على نفسه وقدمهم على شخصه مع مقامه العلمي ووجاهته الاجتماعية “(٢).
وقلنا هناك ايضاً:
” ان شخصية الاستاذ القوية، ومنهجه الايماني القويم، وجاذبيته الشخصية والمدرسية جذبت اولئك التلاميذ الافذاذ، وخرّجت علماءاً يبقى الزمن يفتخر بهم، ويبقى اتباع مذهب الحق يتباهون بوجود امثالهم كالشيخ القمي والشيخ الطهراني صاحب موسوعة الذريعة وغيرها “(٣).
وخلاصة الكلام ان هناك ثلاثة مراجع يستفيد منها الباحث ليشخص معالم مدرسة الشيخ النوري:
١ ـ المرجع الاول مؤلفاته.
٢ ـ المرجع الثاني تلاميذه الذين تخرجوا على يديه واعتزوا بانتمائهم اليه.
٣ ـ المرجع الثالث اقوال العلماء في حقه.
وعند مراجعتنا لهذه المراجع الثلاث شخصنا هذه المعالم الاساسية لمدرسة النوري قدس سره، والتي ترجع الى عنصر واحد مشترك وهو اهتمامه بعلم الحديث وعلم الرجال. فكان (ناقماً على اهل عصره عدم اعتنائهم بعلمي الحديث والرجال)(٤)، ولذلك اشتهر بلقب (خاتمة المحدثين)، مع حصوله على ملكة الاستنباط
١- لمحة من حياة العلامة الشيخ عباس القمي قدس سره (المؤلف) مخطوط.
٢- راجع: لمحة من حياة العلامة الشيخ عباس القمي قدس سره (المؤلف): ص ٢٣، مخطوط.
٣- راجع: لمحة من حياة العلامة الشيخ عباس القمي قدس سره (المؤلف): ص ١٩، مخطوط.
٤- راجع اعيان الشيعة: ج ٦، ص ١٤٣.
ورجوع البعض اليه برأيه ببعض القضايا التي تحتاج الى فتوى ورأي مستقل وقد عرفت عنه مميزات اختص بها دون علماء عصره اهمها:.
١ ـ تتبعه واستقصائه واحاطته بالاحاديث، وقد علمت مما تقدم من كلمات العلماء حقيقة ذلك، ولو راجعت اي كتاب من مؤلفاته. وبين يديك كتابه الرائع النجمالثاقب. تجده كالجالس على البحر يأخذ منه مايشاء ويترك مايشاء، وكانه يعمل بجهاز كمبيوتري احاط بجميع الاخبار في جميع مصادرها، وينقلب من روايات في باب الى رواية اخرى في باب اخر لايمت الى الباب الاول بصلة، وهذه الميزة قلما تجدها في غيره، وهذه الميزة بالخصوص جعلت بعض الاعاظم يصفهُ تالي المحمدين وثالث المجلسيين بل يقدمه على العلامة المجلسي قدس سره(١).
٢ ـ كثرة تأليفاته، وقلما وفق احد الى ما وفق النوري قدس سره اليه بكثرة التأليف بعد العلامة المجلسي قدس سره صاحب البحار(٢).
٣ ـ احاطته بعلم الرجال، (وقد كان باعتراف جميع معاصريه رجالي عصره والوحيد بفنّه)(٣).
ويشهد لذلك كتابه الجليل خاتمة المستدرك، فانه لايمكن لباحث في علم الرجال ان يغفل ما ورد فيه من آثار ومناقشات علمية سواءاً وافقه او خالفه فيها.
وقد جمع فيه احوال المتأخرين ومعاصريه وعزّ ان تجدها في غير كتبه، لذلك امست كتبه المصادر الاساسية في دراسة حياة العلماء المعاصرين له والمتقدمين عليه بفترات وجيزة.
١ و ٢- راجع ريحانة الادب: ج ٣، ص ٣٨٩.
٣- راجع نقباء البشر: ج ٢، ص ٥٥١.
٤ ـ حفظه تراث اهل البيت عليهم السلام.
فان لتقادم الزمن، وبعد التاريخ عن مصادر الشريعة المقدسة سبب اختفاء، وضياع كثير من تلك الآثار الشريفة خصوصاً مالحق اتباع هذه المدرسة من المحنوالخطوب والمصائب الكثيرة التي سجلها المؤرخون لتلك الفترات الحرجة والمظلمة التي مرّ بها شيعة اهل البيت عليهم السلام. وبمراجعة دقيقة الى فهارس مؤلفات اصحابنا رضي الله تعالى عنهم تجد المقدار الكبير الذي فقدناه من تلك المؤلفات المهمة.
ومن جملة تلك الكتب الثمينة كتاب (مدينة العلم) للشيخ الصدوق رحمه الله تعالى الذي يعدّ من الكتب الخمسة التي يرجع اليها في استنباط الاحكام الشرعية وهو بكبر كتاب (التهذيب) للشيخ الطوسي(١)، وقد اختفى بالكلية ولم يعد له اثر مع انه كان عند السيد ابن طاووس، وقد نقل منه في كتبه.
وقد احسّ المتأخرون في زمان العلامة المجلسي قدس سره بضرورة جمع ذلك التراث العظيم الذي هو الثقل الثاني (الاصغر)، فسعوا سعيهم وشكلوا اللجان من العلماء والفضلاء، واول واكبر عمل انجز على يد العلامة المجلسي قدس سره فخرج كتاب (بحار الانوار) وكتب السيد عبد الله شبر (جامع المعارف والاحكام) والشيخ عبد الله البحراني (عوالم العلوم والمعارف والاحوال من الآيات والاخبار والاقوال)، والحر العاملي جمع (وسائل الشيعة) والفيض الكاشاني (الوافي) والسيد هاشم البحراني في تفسيره الكبير (البرهان) وغيره ; ومع كل هذه الجهود العظيمة التي بذلها اولئك الافذاذ فقد فاتهم بعض تلك الاخبار لعدم حصولهم على بعض الكتب والتي اوصلها الله عزوجل الى العلامة النوري قدس سره، فشمّر عن ساعديه والّف موسوعاته التي
١- في معالم العلماء (لابن شهرآشوب): ص ١١٢، عندما عدّ مؤلفات الشيخ الصدوق قال: ” مدينة العلم عشرة اجزاء ” ـ وفي الفهرست (للشيخ الطوسي): ص ١٥٧: ” وكتاب مدينة العلم أكبر مِنْ مَنْ لايحضره الفقيه “.
ضمنها تلك الاخبار الشريفة. حتى قال تلميذه الطهراني قدس سره: ” وقد رافقه التوفيق واعانته المشيئة الالهية حتى ليظن الناظر في تصانيفه ان الله شمله بخاصة الطافه ومخصوص عنايته، وادخر له كنوزاً قيمة لم يظفر بها اعاظم السلف من هواة الاثارورجال هذا الفن، بل يخيّل للواقف على امره ان الله خلقه لحفظ البقية الباقية من تراث آل محمد عليه وعليهم السلام “(١).
وبطبيعي الحال فان جمع تلك الشاردات، وشتات الاخبار، وشذرات الحديث ونظم متفرقات الآثار، وتأليف شوارد السير، يلزم الجامع ان يتغافل عن اجتهاده ورأيه في الحديث ـ كما فعل ذلك من قبله ـ ويتركه الى الاخرين ليبدوا ارائهم فيه، وكما هي سنة السلف الصالح والسيرة الصالحة فان الجامع للاخبار عليه ان يبذل جهده بجمع تلك الروايات الشريفة ويقدمها للاجيال فلرب حديث ضعيف عند مجتهد صحيح عند غيره، ولرب حديث صحيح عند مجتهد ضعيف عند غيره خصوصاً في الاداب والاخلاق والسيرة والتاريخ.
وقد اتخذ البعض هذه المسألة نقطة ضعف في مؤلفات الشيخ النوري قدس سره وقال: ” ان الغالب على تصانيفه كونها مؤلفة على نزعة اهل الحديث “(٢).
ولسنا بصدد الدفاع عن الشيخ النوري قدس سره او انتقاده، فان المؤاخذة التي سجلت ليست ببعيدة، ولكنها ليست بهذا الشكل الواسع ايضاً ويكفي مراجعة اقوال العلماء التي نقلها تلميذه الطهراني وغيره عن كتبه وبالخصوص كتاب المستدرك، ويكفي كلمة العلامة المجدد الشيرازي قدس سره حول كتابه النجم الثاقب، فان كتبه وان حوت بعض الروايات الغريبة او الضعيفة والضعيفة جداً فان فيها من قوة التتبع والاحاطة والبرهان العلمي ما جعل باقي العلماء يمجدونها ويعدونها في مصادرهم
١- راجع نقباء البشر: ج ٢، ص ٥٤٥.
٢- حاشية الانوار النعمانية: ج ٢، ص ٦٥.
جميع طوائف المسلمين للحفاظ على الاخبار الشريفة من الوضع والتدليس، واهتمّالمسلمون بها اهتماماً كبيراً، فلابد للرواية المروية عن المعصومين عليهم السلام ان تكون قد وصلت باسانيد معروفة تناقلها رجال السند بعضهم عن البعض الاخر، وكذلك الكتب التى جمعت فيها الاقوال والاخبار، ثم تطورت فكرة الاجازة، فكان لايسمح نقل الخبر من كتاب الاّ باجازة مؤلفه او مِمّن لديه الاجازة منه. فان الاجازة وحدها لاتكفي لصحة الخبر لاحتمال ان يكون ذلك الخبر قد وضع اشتباهاً او من غير المؤلف أو لأسباب اُخرى، فلذلك اشترطوا في الرواية ان تكون منقولة عن الراوي مباشرة، وشددوا على الرواية عندما اشترطوا اخذ الاجازة من الراوي حتى تضبط الرواية من التدليس والتحريف وعدم الضبط وغير ذلك، وذلك لانهم اشترطوا في المجيز ان تكون فيه اهليّة الاجازة، فان من شروطه فضلا عن ان لديه الاجازة، فلابد ان يكون قادراً على التشخيص لمن هو اهل للرواية حيث توفرت فيه شروط الضبط والعدالة والعلم والصدق وغير ذلك مما ذكرت مفصلا في مجالاتها الخاصة بهذا الموضوع.
وكانت للاجازة اهميتها في العصور التي لم تثبت الرواية في الكتب التي صنفت فيها جميع الاخبار التي نقلت عن المعصومين عليهم السلام وحفظها الرواة في صدورهم ومن ثمّ سجلها بعض منهم في سجلات سميت عند الشيعة الامامية بالاصول وكانت اربعمائة اصل او ما يقاربها بالعدد، وسميت بالاصول الاربعمائة ثم جاء المحمدون الثلاثة (الكليني والصدوق والطوسي) فجمعوها في المجاميع الاربعة فسميت بالكتب الأربعة (الكافي، من لايحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار)، وبمرور الزمن اصبحت تلك الكتب متواترة مقطوعة الصدور عن اصحابها ومؤلفيها، وبقيت حاجة الفقيه منحصرة بمعرفة الفقيه بالسند الخاص بكل رواية فهو يبحث عن رجال السند الخاص بكل حديث. ولهذا السبب اقتصرت الفائدة العملية للاجازة على هذا الجانب ولذلك قلّ الاهتمام بها، وقد قال الشهيد الثاني قدس سره في حديثه عن الفائدة من
الاجازة بعد تدوين الأحاديث الشريفة في كتب ” لان فائدة الرواية حينئذ انما هياتصال سلسلة الاسناد بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تبركاً وتيمّناً، والاّ فالحجة تقوم بما في الكتب، ويعرف القوي منها والضعيف من كتب الجرح والتعديل، وهذا قويّ متين “(١).
ولم يرتض الشيخ النوري قدس سره هذا المنهج بالتعامل مع الاجازة في الرواية، وسعى جاهداً في اثبات ان السيرة الصحيحة، والموقف الشرعي يحتم سلوك الطريق القديم باخذ الاجازة بنفسها ففيها فائدة اخرى غير التيمن والتبرك. وذكر ان اول الاصحاب الذين نهجوا منهج التبرك هو الشهيد الثاني حيث قال: ” انه قد شاع بين اهل العلم، ويذكر في بعض الاجازات، وصرح به جماعة اولهم فيما اعلم الشهيد الثاني ان اتصال السلسلة الى الائمة المعصومين عليهم السلام، وتحمل الروايات باحدى الطرق الثمانية التي اسهلها واكثرها الاجازة لمجرد التبرك والتيمن، وانه لا حاجة اليه في العمل بالروايات لتواتر الكتب عن مؤلفيها، او قيام القرائن القطعية على صحتها وثبوتها وانتسابها اليهم “(٢).
ومع ان هذا المنهج هو الشائع بين عصر الشهيد الثاني المتوفى سنة ٩٦٥ هـ، وبين عصر الشيخ النوري المتوفي سنة ١٣٢٠ هـ، لكن النوري قدس سره سعى جاهداً الى اثبات ان المنهج الاصوب هو منهج تحمل الاجازة الذي يقابل المنهج الاول فانه سبب هذا المنهج الى بعض الاصحاب المعاصرين له بل اساتذته وشيوخه حيث قال: ” والظاهر من بعض الاصحاب توقف العمل بها عليها، وذهب اليه شيخنا الجليل المبرور الحاج المولى علي بن الحاج ميرزا خليل الرازي الطهراني قدس الله روحه “(٣).
وقد فصل ادلته على هذا الرأي في كتابه الخاتمة وناقش اصحاب المنهج الاول
١- راجع: الرعاية في علم الدراية (الشهيد الثاني): ص ٢٦٣ – ٢٦٤، الطبعة المحققة.
٢- راجع المستدرك: ج ٣، ص ٣٧٣، ٣٧٤ ـ الطبعة الحجرية.
٣- المستدرك: ج ٣، ص ٣٧٤ ـ الطبعة الحجرية.
بما لا مزيد عليه بوجوه ثلاثة نوكلها الى المصدر(١).
ومع انه رحمه الله تعالى لم يتمكن من تغيير السيرة الجديدة عند الفقهاء اعلى الله تعالى كلمتهم ولم يستطع ان يقنعهم بتوقف العمل بالروايات على الاجازة، ولكنه استطاع ان يعيد للاجازة رونقها والاهتمام بها الى حدّ كبير، واصبحت الاجازة منذ عصره ومازالت مورد اهتمام الفقهاء والاعتناء بها اشدّ كثيراً مما كانت عليه قبل تصدّيه للدفاع عنها.
وقد اعطت هذه الحركة صفحة خاصة للنوري قدس سره فقد عرف اهتمامه بعلم الرجال وتخصصه فيه بحيث كان وحيد عصره في هذا الفنّ ولذلك صار ـ بتعبير تلميذه المحقق المتتبع الموسوعي الشيخ الطهراني قدس سره ـ: ” سند من اجلّ الاسناد الثابتة ليوم المعاد، وكيف لا وهو خريّت هذه الصناعة، وإمام هذا الفنّ، فقد سبر غور علم الحديث حتى وصل الى الاعماق، فعرف الحابل من النابل، وماز الغث من السمين، وهو خاتمة المجتهدين فيه ; اخذه عنه كل مَنْ تأخر من اعلام الدين، وحجج الاسلام ; وقلما كتبت اجازة منذ نصف قرن الى اليوم ولم تصدر باسمه الشريف وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتبعة من رسم “(٢)..
وبالفعل فاننا لو اردنا استقراء جميع الاجازات التي صدرت من بعده وليومنا الحاضر فاننا لم نجد الاّ نادراً اجازة لم تنتهِ الى الشيخ النوري قدس سره مع كثرة الاجازات والمجيزين.
فقد اصبح الانتساب بالاجازة اليه فضيلة علمية يسعى اليه المجيزون والمجازون ; وقد عبّر المرحوم آية الله العظمى السيد حسين البروجردي (١٢٩٢ ـ ١٣٨٠)، عن هذه الحقيقة، فمع انه كان مرجعاً عاماً للشيعة ويتمنى العلماء الافاضل
١- راجع المستدرك: ج ٣، ص ٣٧٤ – ٣٨٢.
٢- نقباء البشر: ج ٢، ص ٥٥٥.
ان يوفقوا للحصول على اجازة منه، ولكنه عندما التقى بالشيخ الطهراني ـ صاحب الذريعة ـ في سنة ١٣٦٥ هـ عندما دخل بلدة قم في طريقه لزيارة الامام الرضا عليه السلام عيّن وقتاً لملاقاته، وعطل درسه الليلي من اجله واستغرقت مواجهته قرب ثلاث ساعات اطلعه خلالها على مؤلفاته الجليلة.
قال الطهراني قدس سره:
” وله اجازة الرواية عني حيث لم تحصل له من شيخنا العلامة المحدث النوري اعلى الله مقامه، وقد استجازني لمزيد اختصاصي بالمرحوم ووثيق صلتي به، ولم يزل يتحدث بذلك، ويذكره لمن يستجيزه.. “(١).
١- نقباء البشر: ج ٢، ص ٦٠٧.
القدوة في حياة الشيخ النوري قدس سره
مهمة الأنبياء والأوصياء سلام الله عليهم ايصال الانسان الى اعلى مراحل الكمال، وما خلق الله تعالى الانسان الاّ من اجل ان يكون كاملا ويجلس في منصب الخلافة الالهية قال تعالى: { يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحاً فملاقيه }(١) وقال تعالى: { واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة.. }(٢)..
وتحصيل الكمال اما عطائي او كسبي، والاول منحة إلهية للمخلصين من عباده، والثاني يأتي من عمل الانسان بتوفيق الله عزوجل وهم عباده المخلصون، وجعل الكُمّل من عباده قوة لغيرهم من طالبي الكمال، والكلّ مراتب ودرجات واعلى مراتب القدوة والكمال يكون في اعلى مراتب الكمال تتنزل في قوى النزول من المطلق الحق بصفاته الجمالية والجلالية كما في الحديث ” تخلّقوا باخلاق الله “، فالعقل الاول والنور المحمدي والحجاب الاقرب محمد وآله المعصومين سلام الله عليهم. وقد انحصرتفيهم حقيقة الكمال في كليات قوى النزول فلا يرتقي اليهم احد من الموجودات، ولاينال مصابيحهم احدٌ من كمّل العارفين.
١- الآية ٦ من سورة الانشقاق.
٢- الآية ٣٠ من سورة البقرة.