أعاجيب الأكاذيب / الصفحات: ٦١ – ٨٠
(٢٤)
[الردّ على مزعمة الأناجيل أنّ المسيح أنكر
كونه ابن داود]
جاء في الأصحاح الأول من إنجيل لوقا، في العدد الحادي والثلاثين والثاني والثلاثين، عن قول جبرئيل لمريم أُمّ المسيح:
” وها أنت ستسحبلين وتلدين ابناً وتسمّينه يسوع(١) هكذا يكون عظيماً، وابن العليّ يدعى، ويعطيه الله الإله كرسيّ داود أبيـه “..
وذكر إنجيل متّى نسب المسيح في الأصحاح الأول وقال: ” كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ” ثم ذكر داود في سلسلة النسب!!..
وجاء في الأصحاح الثاني من كتاب أعمال الرسل، في العدد التاسع والعشرين والثلاثين، عن قول بطرس ما حاصله: أن الله حلف بقسم لداود أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح ليجلس على كرسيّه…
وفي الأصحاح الثالث عشر، في العدد الثاني والعشرين والثالـث والعشرين، عن قول بولس ما حاصله: أنه من نسل
وجاء في الأصحاح الثاني من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، في العدد الثامن، عن قول بولس: ” أُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود “.
هذا، وقد تقدّم في الكذب الثاني والعشرين(٢) عن ثلاثة من أناجيلهم أنها تذكر أن المسيح أنكر كونه ابن داود وقال: كيف يكون ابنه؟! وذكرنا لك هنا عن أربعة من كبار أنبيائهم ورسلهم، وخمسة من كتب وحيهم، صراحتها بأنّ المسيح عيسى هو ابن داود، فانظر وقل: من هو الكاذب؟! وأين يكون الكذب في هذه المتناقضات؟!! وكم كذبة كبيرة صدرت؟!!
(٢٥)
[الردّ على مزعمة الأناجيل أنّ المسيح
يكذب على تلاميذه]
في الأصحاح السابع من إنجيل يوحنّا، من العدد الثاني إلى الحادي عشر، ما حاصله:
إن المسيح كان في الجليل، وكان الوقت قريباً من عيد المظالّ، فقال له إخوته أن يذهب إلى اليهوديّة(١) لكي يرى تلاميذه أعماله، فقال لهم المسيح: اصعدوا أنتم إلى هذا العيد، أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد، قال لهم هذا ومكث في الجليل، ولما كان إخوته قد صعدوا صعد هو أيضاً إلى العيد.
فكيف يكون الكذب مع قول القائل: لا أصعد بعد إلى هذا العيد، ثم يصعد؟!!
(٢٦)
[الردّ على نسبة الأناجيل الكذب إلى المسيح ويحيى]
وفي الأصحاح الحادي عشر من إنجيل متّى، في العدد الرابع عشر، عن المسيح في شأن يوحنّا المعـمدان(١) ما هـذا نصـه:
” وإن أردتم أن تقبلوا فهذا إيليّا المزمع أن يأتي “.
وفي الأصحاح الأوّل من إنجيل يوحنا، في العدد الحادي والعشرين، أن رؤساء اليهود سألوا من يوحنّا وقالو له: ” إيليّا أنت؟ فقال: لست أنا “.
وينتج من هذين الإنجيلين: إما نسبة الكذب إلى المسيح ـ وحاشاه ـ بقوله: إنّ يوحنّا(٢) هو إيليّا المزمع أن يأتي ; وإما نسبة الكذب إلى يحيى ـ وحاشاه ـ بقوله: لست أنا إيليّا.
ولنكتف بهذا المقدار من نسبة الكذب إلى الأنبياء في العهد الجديد ونتقل إلى العهد القديم.
(٢٧)
[الردّ علي نسبة الكذب إلى اليشع النبيّ]
جاء في سفر الملوك الثاني، في الأصحاح الثامن، في العدد السابع إلى آخر العاشر ما حاصله:
إنّ بنهدد ملك آرام(١) كان مريضاً فأمر حزائيل أن يسأل من اليشع النبيّ عن شفائه فسأله.. ونصّ العدد العاشر هكذا: ” فقال له أليشع: اذهب وقل له شفاء تشفى، وقد أراني الله أنه موتاً يموت “.
فنسبت كتبهم إلى أليشع النبيّ أنه كذب على خلاف ما أخبره الله به!
(٢٨)
[ الردّ على نسبة الكذب إلى يعقوب
على أبيه إسحاق]
وجاء في التوراة الرائجة، في الإصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين [ما حاصله]:
إنّ إسحاق لمّا شاخ وذهب بصره قال لابنه عيسو: أخرج وتصيّد صيداً، واصنع لي أطعمة كما أحبّ لكي آكل، حتى تباركك نفسي ; فذهب عيسو إلى الصيد.
وكانت رفقة أمّ عيسو ويعقوب سمعت كلام إسحاق مع عيسو، وكانت تحب يعقوب، فأرادت أن تسرق ليعقوب بركة الله من إسحاق، فقالت ليعقوب: خذ من الغنم جديين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب، لكي يباركك ; فقال يعقوب: كيف ينخدع أبي وعيسو رجل أشعر وأنا أملس؟!
فأخذت رفقة ثياب عيسو وألبستها ليعقوب، وألبست يديه وملاسة عنقه من جلود الجديين، وأعطته الأطعمة، فدخل يعقوب إلى أبيه وقال: أنا عيسو، بكرك! قد فعلت كما كلّمتني! كُل من صيدي!
فتقدّم يعقوب لإسحاق، وجسّه إسحاق، فقال: الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو! وقال له: هل
فقل: كم كذبة تدوّي في هذا الكلام بالخديعة والغشّ!! ويا للعجب أن بركة الله كيف تؤخذ من نبيّ الله بهذا الكذب والخداع! يأخذها بذلك من يكون بهذه البركة نبيّ الله وإسرائيل الله، عجباً عجباً للرشد والعقول!!
(٢٩)
[الكشف عن الكفر في كتاب “أرميا”]
تعالوا واسمعوا الداهية الكبرى، والخرافة الشنعاء، والكفر العظيم، وانظروا في كتاب ” إرميا ” الذي يعدّونه من كتب الوحي إلى الأنبياء الكبار، فقد جاء في الأصحاح الرابع، في العدد العاشر، ما نصّه:
” فقلت: أه يا سيّدي الله، حقّاً إنّك خداعاً خادعت هذا الشعب وأورشليم قائلا: يكون سلام ; وقد بلغ السيف النفس ” انتهى.
فأعجب واندهش يا من له رشد، وقل: كيف يكون الكفر؟!!
(٣٠)
[الكشف عن كذب التوراة بنسبة الكذب إلى الله
تعالى على آدم]
وأدهى وأشنع من ذلك أنه جاء في سفر التكوين من التوراة، في ابتداء كتب وحيهم، في الأصحاح الثاني، في العدد السادس عشر والسابع عشر، ما هذا نصّه:
” وأوصى الله الآلهـة(١) آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الحسن والقبيح فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً وتموت ” انتهى.
ثم جاء في الاصحاح الثالث، من أوله إلى العدد الثامن، ما حاصله:
إن الحيّة (وفي الأصحاح العشرين من رؤيا يوحنّا، في العدد الثاني، أن الحيّة القديمة هو الذي يسمّى إبليس والشيطان) فهذه الحية أو ابليس جاءت فقالت لحواء امرأة آدم: أحقّاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنّة؟!
فقالت حـواء: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة
فأكل آدم وحواء من الشجرة فانفتحت أعينهما بمعرفة الحسن والقبيح، وعلما أنّهما عريانان.
وفي العدد الثاني والعشرين من هذا الأصحاح ما نصّه:
” وقال الله الآلهة(١): هو ذا آدم صار كواحد منّا، عارفاً للحسن والقبيح، والآن يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الله الآلهة(٢) من الجنة وأقام على شجرة الحياة حراسة ومحافظة ” انتهى.
فانظر إلى هذه التوراة التي تقول: إن الشيطان أو الحية قد صدقت ونصحت في قولها، ووقع الأمر على ما قلت، فلم يمت آدم يوم أكله من الشجرة، بل فاز بمعرفة الحسن والقبيح، وصار كالله وكواحد من الآلهة، وظهر من ذلك أن قول الله لآدم: ” يوم تأكل من الشجرة موتاً تموت ” لم يكن صدقاً، بل كان
(٣١)
[الردّ على مزعمة العهد القديم أن الله جل
وتقدّس شأنه يعلّم بالكذب]
وأيضاً تكرّر في العهد القديم أنّ الله جل وتقدّس شأنه يعلّم بالكذب ليكون وسيلة لما يريده.
فقد جاء في سفر الملوك الأول، في الأصحاح الثاني والعشرين، من العدد الرابع عشر إلى الثالث والعشرين ; وفي سفر الأيام الثاني، في الأصحاح الثامن عشر، من العدد الثالث عشر إلى الثاني والعشرين ما حاصله:
إن ميخا بن يملة نبي الله، أرسل إليه يهوشافاط ملك يهوذا وأخاب ملك إسرائيل لكي يسألاه عمّا يقول الله في حربهما لملك دمشق؟ وأنهما هل يغلبانه كما قال أنبياء أخاب؟
فحلف ميخا وقال: حيّ هو الله، إنّ كل ما يقوله لي الله به أتكلّـم.
فسأله الملك قائلا: يا ميخا، هل نصعد للقتال؟
فقال ميخا له: اصعد وافلح، فيدفع الله بلاد الأعـداء ليدك.
فتحقـق منه الملك ; فقال ميخا: اسمع إذن كلام الله، قد
دع ميخا، فإن كذبه يهون بالنسبة لما بعده! ولكن تعال وانظر في حكاية مجلس الله وما حاصله، واستغفر الله أن الله عقد مجلس المشورة العامّ لأجل الاهتداء إلى الحيلة في إغواء أخاب، ولكن أهل المجلس لم يهتدوا للحيلة حتى جاء الروح وتعهّد بإغوائه بالكذب بلسان الأنبياء، فاستحسن الله هذا الرأي ورضي بهذه الكرامة لقدسه وقدرته، وللروح وللأنبياء! ووجّه الروح إلى هذه الوظيفة، فعمل الروح ونجح في إغوائه!
ولكن ميخـا النبي أراد أن يبطل الفائدة لهذه المشورة، حيث شهر هذا المجلس السرّي وإرسال الروح في مأموريته الخفيّة ; ومع ذلك فقد نجح الروح، وحصل ما هو
(٣٢)
[الكشف عن مزعمة التوراة بنسبة الكذب
إلى موسى وهارون]
جاء في سفر الخروج من التوراة، في الأصحاح الثالث، من العدد الثالث إلى آخر السابع عشر ما حاصله:
إن الله كلّم موسى في جبل حوريب حينما كان موسى يرعى الغنم وحده، فقال الله له: قد رأيت مذلّة بني إسرائيل فنزلت لأنقذهم من أيدي المصرّيين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيّدة وواسعة تفيض لبناً وعسلا، إلى مكان الكنعانيّين والحثيّين والأموريّين والفرزّيين والحويّين واليبوسيّين، وأعطى موسى علامة على أنه أرسله، وهو أنه حينما يخرجون من مصر يعبدون الله على جبل حوريب الذي هو جزء من جبل سينا.
ولا يخفى أن الأمكنة المذكورة إذا قسناها إلى منازل بني إسرائيل في رعمسيس من أرض مصر، فإن أقربها إليهم يبعد عنهم نحو طريق سبعة أيام أو ثمانية بالسير الحثيث، سيّما إذا كان السائرون مشاة مع عيالاتهم وأطفالهم وغنمهم ; وإن المسافة إلى أواسط الأمكنة المذكورة تبلغ طريق اثني عشر يوماً ; وإلى أطرافها تبلغ طريق خمسة عشر يوماً!
وأيضاً أن حوريـب يبعـد عن منازل بـني إسـرائيل فـي مصـر
وإذا عرفت أنّ الله قد كلّم هذا الكلام موسى وحده في حوريب ولم يلق شيوخ بني إسرائيل فكيف يقول لموسى: ” تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: إله العبرانيّين التقانا “.. متى التقى الله شيوخ بني إسرائيل؟!
وإذا عرفت أن وعد الله لموسى هو إدخال العبارانيّين إلى أرض فلسطين، وعرفت المسافات المذكورة، فكيف يأمر الله موسى وبني إسرائيل أن يكذبوا ويقولوا: ” نمضـي طـريق ثـلاثة أيـام “؟!
وتقول التوراة في الأصحاح الخامس من سفر الخروج، في العدد الثالث: إن موسى وهارون قالا لفرعون: إنّ إله العبرانيّين التقانا، فنذهب طريق ثلاثة أيام في البرّية، ونذبح للربّ إلهنا لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف “.
فتقول التوراة: إن موسى عمل بالتعليم بالكذب بطريق الثلاثة أيام وزاد من عنده قوله: لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف ; وكذا هارون، مع أن الله لم يلتقه حينما أمر موسى بالذهاب إلى فرعون!!
( ملحق من بعض ما تركناه )
قال عبد الله الهاشمي(١) في صحيفة ١٢، في ذكر إبراهيم النبي عليه السلام: ” ملّة أبينا إبراهيم، فإنه كان حنيفاً مسلماً ” وذكر في صحيفة ٦ قول الله تعالى في سورة آل عمران: ( مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ )(٢).
فقال عبد المسيح، صحيفة ٣٠: إن إبراهيم إنما كان نازلا بحرّان مع آبائه تسعين سنة، لم يعبد إلاّ الصنم المسمّى بالعزّى.
ثم قـال: فكان إبراهـيم يعبد الصنم حنيفاً مع آبائه وأجداده وأهـل بلده، كما أقررت به أنت أيها الحنيف وشـهدت به، إلى أن
٢- سورة آل عمران ٣: ٦٧. (م).
فليت شعري من أين ينسب عبادة الأصنام لإبراهيم ولم يجئ لهذا ذكر في توراته ولا كتب وحيه؟!
وأما قوله: ” إن إبراهيم إنما كان نازلا بحرّان مع آبائه تسعين سنة، لم يعبد إلاّ الصنم المسمّى بالعزّى “.. فإنه قد اشتمل على أكاذيب عديدة:
[١] إنّ توراتهم تكذّب قوله هذا، فإنها تذكر في أواخر الأصحاح الحادي عشر من سفر التكوين أن إبراهيم كان ساكناً في أرض ميلاده، أور الكلدانيّين فيما بين النهرين(١) وبقي فيها إلى أن تزوّج وهو أخوه الأصغر منه هاران، وولد لهاران ولده لوط، ثم خرج من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان فأتى إلى حاران.. فأين نزوله تسعين سنة مع آبائه في حاران؟!
وأيضاً في الأصحاح الثاني عشر من التكوين، في العدد الرابع: أن إبراهيم لما خرج من حاران وأتى إلى أرض كنعان كان عمره خمساً وسبعين سنة.. فأين تكون التسعين سنة في حاران؟!
[٣] إن عبد الله الهاشمي لم يعترف ولم يشهد بأن إبراهيم كان عابد وثن، وإنما ذكر من القرآن الكريم أنه كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين، فما هذه الأكاذيب المتتابعة؟!
وأيضاً، أين عبد المسيح عن مقدّسه كتاب العهد الجديد؟ فإنه يذكر في أعمال الرسل، في الأصحاح السابع، في العدد الثاني: أنّ الله ظهر لإبراهيم وهو فيما بين النهرين قبلما سكن في حاران، وأمره بالخروج إلى الأرض التي يريه الله إيّاها وهي أرض كنعان، فخرج بأمر الله ووحيه.
فإبراهيم دخل حاران وسكن فيها وهو نبي موحى إليه.. فأين تكون عبادته للأصنام في حاران؟!
هب أن في الكذب للكاذب شرفاً وديناً، ولكن ما ذنب إبراهيم مع عبد المسيح ـ الشخصي أو النوعي ـ حتى يرمي قُدسه بعبادة الأصنام، ويكذب عليه بهتاناً وزوراً؟!