الرئيسية / الاسلام والحياة / إرشاد القلوب (ج 1) / للديلمي

إرشاد القلوب (ج 1) / للديلمي

إرشاد القلوب (ج 1) / الصفحات: ٤١ – ٦٠

* من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب}(١).

فلم يقنط أحداً من فضله ورحمته، وبسط العفو والرحمة، ووعد وتوّعد ليكون العبد مترجّحاً بين الخوف والرجاء، كما روي أنّه لو وُزن خوف العبد ورجاؤه لم يرجح أحدهما على الآخر.

فإذا عظم الخوف كان ادعى إلى السلامة، فانه روي أنّ الله تعالى أنزل في بعض كتبه: وعزّتي وجلالي لا أجمع لعبدي المؤمن بين خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته في الآخرة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة.(٢)

والدليل على ذلك من القرآن المجيد كثير، منه قوله تعالى: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}(٣).

وقوله تعالى: {وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى}(٤).

وقوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}(٥).

وقوله تعالى: {انّما يخشى الله من عباده العلماء}(٦).

وقوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (يعني عن وجه السلامة) * قالوا انّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين (يعني خائفين) * فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم}(٧).

وقوله تعالى: {قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم

١- ق: ٣١-٣٣.

٢- الخصال: ٧٩ ح ١٢٧; عنه البحار ٧٠:٣٧٩ ح ٢٨.

٣- ابراهيم: ١٤.

٤- النازعات: ٤٠-٤١.

٥- الرحمن: ٤٦.

٦- الفاطر: ٢٨.

٧- الطور: ٢٥-٢٧.

٤١

الباب فإذا دخلتموه فانّكم غالبون}(١)، يعني مدحهم بذلك.

وقال سبحانه: {ويدعوننا رغباً ورهباً}(٢).

وقال سبحانه عن هابيل يروي قوله لأخيه: {اني أخاف الله ربّ العالمين}(٣).

وقال: {وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوي}(٤).

وقال: {واتقون يا اُولي الألباب}(٥).

والآيات في ذلك كثيرة، يعتبر بها ويتفكر فيها من أسعده الله تعالى بالذكر، وأيقظه بالتبصرة، ولم يخلد إلى الأماني والكلام به، فإنّ قوماً غرّتهم أماني المغفرة والعفو خرجوا من الدنيا بغير زاد مبلغ، ولا عمل نافع، فخسرت تجارتهم، وبارت صفقتهم، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، فلنسأل من الله توفيقاً وتسديداً يوقظنا به من الغفلة، ويرشدنا إلى طريق الهدى والرشاد.

يقول العبد الفقير إلى رحمة ربّه ورضوانه، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي، جامع هذه الآيات من الذكر الحكيم:

انّما بدأت بالموعظة من كتاب الله تعالى لأنّه أحسن الذكر، وأبلغ الموعظة، وساُتبعه ان شاءالله بكلام عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله المؤيد بالوحي، المسدد بالعصمة، الجامع من الايجاز والبلاغة ما لم يبلغه أحد من العالمين، فقد قال صلى الله عليه وآله: اُوتيت جوامع الكلم.

١- المائدة: ٢٣.

٢- الأنبياء: ٩٠.

٣- المائدة: ٢٨.

٤- النازعات: ٤٠ و٤١.

٥- البقرة: ١٩٧.

٤٢

وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، فانه إذا فكر العبد في قوله صلى الله عليه وآله: “أكثروا من ذكر هادم اللذّات” علم انه قد أتى بهذه اللفظة على جوامع العظة، وبلاغة التذكرة، دلّ على ذلك قول الله تعالى في امتنانه على ابراهيم وذرّيّته عليه وعليهم السلام: {انّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار}(١).

وفي قوله عليه السلام: “إيّاك وما يُعتذر منه” فقد دخل في هذه اللفظة جميع آداب الدنيا، وفي قوله صلى الله عليه وآله: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” زجر(٢)عن كلّ الشبهات، وقوله: “الاُمور ثلاثة: أمر استبان رشده فاتبعوه، وأمر استبان غيّه فاجتنبوه، وأمر اشتبه عليكم فردّوه إلى الله”، وفي قوله: “ايّاك وما يسوء الأدب” فقد استوفى بهذا كلّ مكروه ومذموم.

وفي أحاديثه صلى الله عليه وآله من المواعظ والزواجر ما هو أبلغ من كلّ كلام مخلوق، وأنا أذكر ان شاءالله من ذلك ما تيسّر ايراده بحذف الأسانيد لشهرتها في كتب أسانيدها، واُتبع ذلك بكلام أهل بيته عليهم السلام ومن تابعهم من الصالحين.

قال أنس بن مالك: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أشكو إليك قسوة قلبي، فقال له: اطلع إلى القبور، واعتبر بيوم النشور.

وقال صلى الله عليه وآله: عودوا المرضى، واتبعوا الجنائز، يذكركم الآخرة(٣).وقد حثّ الله تعالى في الموعظة وندب إليها وأمر نبيّه بها، فقال:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}(٤).

١- ص: ٤٦.

٢- في “ج”: زجر نفسه.

٣- راجع البحار ٨١:٢٦٦ ح ٢٤.

٤- النحل: ١٢٥.

٤٣

وقال سبحانه: {وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً}(١).

وقال: {وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين}(٢).

وقال: {وذكرهم بأيّام الله}(٣)، يعني يوم القيامة، ويوم الموت، ويوم الحساب، ويوم مساءلة القبر، ويوم النشور، وسلامة هذه الأيّام سأل الله عيسى عليه السلام بقوله: “والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم اُبعث حيّاً”، وإذا كان قوله: يوم ولدت وقد سأل [أنواع الشكر على](٤) سلامته منه يدلّ على شدّة المشقّة فيه أيضاً.

قال مصنف هذا الكتاب: وقد رتبت هذا الكتاب على خمسة وخمسون باباً.

١- النساء: ٦٣.

٢- الذاريات: ٥٥.

٣- ابراهيم: ٥.

٤- أثبتناه من “ج” و”ب”.

٤٤

الباب الأوّل
في ثواب الموعظة والمصلحة(١) بها

قال النبي صلى الله عليه وآله: ما أهدى المسلم لأخيه هديّة أفضل من كلمة حكمة، تزيده هدى أوترّده عن ردى(٢).

وقال: نعم العطية، ونعم الهديّة الموعظة.وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: تعلّم الخير وعلّمه من لا يعلمه، فانّي منّور لمعلّمي الخير ومتعلّميه قبورهم حتّى لا يستوحشوا بمكانهم(٣).

وروي انّه ذكر عند النبي صلى الله عليه وآله رجلان، أحدهما يصلّي المكتوبة ويجلس ويعلّم الناس الخير، وكان الآخر يصوم النهار ويقوم الليل، فقال صلى الله عليه وآله: فضل الأول على الثاني كفضلي على أدناكم(٤).وقد أثنى الله تعالى على اسماعيل بقوله: {انه كان صادق الوعد وكان رسولاً

١- في”ج”: النصيحة بها.

٢- البحار ٢:٢٥ ح ٨٨ ; معالم الزلفى: ١٣.

٣- مجموعة ورام ٢:٢١٢ ; معالم الزلفى: ١٣.

٤- مجموعة ورام ٢:٢١٢.

٤٥

نبيّاً * وكان يأمر أهله بالصلوة والزكوة وكان عند ربّه مرضيّاً}(١).

وقال عليه السلام: ما تصدّق مؤمن بصدقة أحبّ إلى الله من موعظة يعظ بها قوماً متفرقين، وقد نفعهم الله بها، وهي أفضل من عبادة سنه(٢)

فاستمع أيّها الغافل(٣) إلى الموعظة، ولا تضرب عن الذكر صفحاً، وغالب هواك، وجاهد نفسك، وفرّغ قلبك، فانّما جعل لك السمع لتعي به الحكمة، والبصر لتعتبر ما ترى من خلق السماوات والأرض وما بينهما من الخلق، واللسان لتشكر به نعم الله، وتديم ذكره به وحمده وتلاوة كتابه، والقلب لتتفكر به.

فاجعل شغلك في آخرتك وما تصير إليه، واصرف إليه همّتك، فإنّ نصيبك من الدنيا يأتي من غير فكر ولا حركة، فقد قال أميرالمؤمنين عليه السلام: قد سبق إلى جنان(٤) عدن أقوام كانوا أكثر الناس عملاً(٥)، فإذا وصلوا إلى الباب ردوهم عن الدخول، فقيل: بماذا ردّوا؟ ألم يكونوا في دار الدنيا صلّوا وصاموا وحجّوا؟! فإذا النداء من قبل الملك الأعلى جلّوعلا: بلى قد كانوا، ليس أحد أكثر منهم صياماً ولا صلاةً ولاحجّاً ولا اعتماراً، ولكنّهم غفلوا عن الله ومواعظه(٦).

وعن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحبّ المؤمنين إلى الله من نصب نفسه في طاعة الله تعالى، ونصح لاُمّة نبيّه، وتفكر في عيوبه فأصلحها، وعلم فعمل(٧).

وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا اُخبركم بأجود

١- مريم: ٥٤-٥٥.

٢- مجموعة ورام ٢:٢١٢.

٣- في”ج”: العاقل.

٤- في”ب” و”ج”: جنّات.

٥- في”ج”: صلاة وصياماً.

٦- مجموعة ورام ٢:٢١٣.

٧- الفردوس ١: ٣٦٦ ح ١٤٧٦.

٤٦

الأجواد؟ قالوا: بلى يا رسول الله صلّى الله عليك وآلك، فقال: أجود الأجواد الله، وأنا أجود بني آدم، وأجودهم بعدي رجل علم بعدي علماً فنشره، ويبعث يوم القيامة اُمّة واحدة(١)، ورجل جاد بنفسه في سبيل الله حتّى قُتل(٢).

وعنه صلى الله عليه وآله قال: من علّم علماً فله أجر من عمل به إلى يوم القيامة(٣).

وقال صلى الله عليه وآله: إذا مات الرجل انقطع عمله الاّ من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح [يدعو له](٤)(٥).

وقال عيسى عليه السلام: من علم وعمل عُدّ في الملكوت عظيماً(٦).

وروي انّه يؤتى بالرجل فيوضع عمله في الميزان، ثم يؤتى بشيء مثل الغمام فيوضع فيه، ثم يقال: أتدري ما هذا؟ فيقول: لا، فيقال له: هذا العلم الذي علّمته الناس فعملوا به بعدك(٧).

وقال النبي صلى الله عليه وآله: الدنيا ملعونة وملعون من فيها، الاّ عالماً أو متعلّماً أو ذاكراً لله تعالى فيها(٨).

وروي في قوله: {انّ ابراهيم كان اُمّة قانتاً حنيفاً ولم يك من المشركين}(٩)، انّه كان يعلّم الخير.

وقيل: الموعظة حرز من الخطأ، وأمان من الأذى، وجلاء القلوب من الصدآء.

١- في”ب”: وحده.

٢- الترغيب و الترهيب ١:١١٩ ح ٥; كنزالعمال ١٠:١٥١ ح ٢٨٧٧١; ومعالم الزلفى: ١٣.

٣- الجامع الصغير ٢: ٦٢٤ ح ٨٨٦٣ نحوه.

٤- أثبتناه من “ج”.

٥- الترغيب والترهيب ١:٩٩ ح ٢٥; روضة الواعظين ١: ١١.

٦- مجموعة ورام ١:٨٢; معالم الزلفى: ١٣.

٧- عنه معالم الزلفى: ١٣.

٨- كنزالعمال ٣:١٨٦ ح ٦٠٨٤; معالم الزلفى: ١٣.

٩- النحل: ١٢٠.

٤٧

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: الزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتعظوا، وخوفوا فحذروا، وعلموا فعملوا، ان أصابهم يسر شكروا، وان أصابهم عسر صبروا(١).

قالوا:(٢) يا رسول الله لا نأمر بالمعروف حتّى نعمل به كلّه، ولا ننهى عن المنكر حتّى ننتهي عنه كلّه، فقال: لا بل مروا بالمعروف وان لم تعملوا به كلّه، وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه كلّه(٣).

وقال عليه السلام: أشدّالناس عذاباً يوم القيامة من علم علماً فلم ينتفع به(٤).

وقال عليه السلام: تعلّموا ما شئتم أن تعملوا، فانّكم لن تنتفعوا به حتّى تعملوا به، وانّ العلماء همّتهم الوعاية(٥)، وانّ السفهاء همّتهم الرواية(٦).

وقال صلى الله عليه وآله: انّ الله أوحى إلى بعض أنبيائه في بعض كتبه قال: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، ويتعلّمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون للناس مفتول الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب، وألسنتهم أحلى من العسل، وأعمالهم أمرّ من الصبر، إيّاي يخادعون؟ وبي يغترون؟ وبديني يستهزؤون؟ لاُبيحنّ لهم فتنة تدع الحكيم منكم حيراناً(٧).

و قال عليه السلام: مثل من يعلم ويعلّم ولا يعمل كمثل السراج يضيء لغيره ويحرق نفسه(٨).

١- مجموعة ورام ٢:٢١٣; مستدرك الوسائل ١٢:٤٤ ح ١٣٤٧٤.

٢- في “ج”: قالوا: يا وصي رسول الله.

٣- مجموعة ورام ٢:٢١٣.

٤- الترغيب والترهيب ١:١٢٧ ح ١٥; مجموعة ورام ٢:٢١٣; مكارم الأخلاق: ٤٦٠; روضة الواعظين: ١٠.

٥- في “ب” و”ج”: الرعاية.

٦- مجموعة ورام ٢:٢١٣; عدة الداعي:٧٦.

٧- مجموعة ورام ٢:٢١٣; عدة الداعي:٧٩; كنزالعمال ١٠:٢٠٠ ح ٢٩٠٥٤.

٨- مجموعة ورام ٢:٢١٤; عدة الداعي:٨٠.

٤٨

والعالم هو الهارب من الدنيا لا الراغب فيها، لأنّ علمه دلّ على انّه سمٌّ قاتل فحمله على الهرب من الهلكة، فإذا التقم السمّ عرف الناس انّه كاذب فيما يقوله.

وقال النبيّ صلى الله عليه وآله: انّ لله تعالى خواصاً من خلقه يسكنهم الرفيق الأعلى من جنانه، لأنّهم كانوا أعقل أهل الدنيا، قيل: يا رسول الله كيف كانوا أعقل أهل الدنيا؟ قال: كانت همّتهم المسارعة إلى ربّهم فيما يرضيه فهانت الدنيا عليهم، ولم يرغبوا في فضولها، صبروا قليلاً فاستراحوا طويلاً(١).

وقال صلى الله عليه وآله: لكلّ شيء معدن ومعدن التقوى قلوب العارفين(٢).

وقال صلى الله عليه وآله: لا تزلّ قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن خمس خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيما علم(٣).

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: انّما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلّة انتفاع من علم بلا عمل(٤).

وقال النبي صلى الله عليه وآله: علم لا ينتفع به ككنز لا ينفق منه(٥).

وقال عليه السلام: العلم علمان، علم باللسان وهو الحجة على صاحبه، وعلم بالقلب وهو النافع لمن عمل به، وليس الايمان بالتمنّي، ولكنّه ما ثبت في القلوب وعملت به الجوارح(٦).

وكان نقش خاتم الحسين بن عليّ عليهما السلام: علمت فاعمل، وقال

١- مجموعة ورام ٢:٢١٤.

٢- روضه الواعظين: ٤، في ماهية العقول وفضلها.

٣- الترغيب والترهيب ١:١٢٥ ح ٦.

٤- مجموعة ورام ٢:٢١٥.

٥- كنزالعمال ١٠:١٩٠ ح ٢٨٩٩٤.

٦- مجموعة ورام ٢:٢١٤.

٤٩

بعضهم: أوّل العلم الانصات، ثم الاستماع، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم نشره.

وقيل في قوله تعالى: {فنبذوه ورآء ظهورهم}(١) قال: تركوا العمل به والنشر له(٢).

وقال صلى الله عليه وآله: مثل ما بعثت به من الهدى والرحمة، كمثل غيثأصاب الأرض منها، فمنها ما أنبت العشب والكلأ(٣)، وكانت منها أخاديد(٤)حقنت الماء، فانتفع به الناس فشربوا وسقوا زروعهم، وأرض سبخة(٥) لم تمسك الماء ولم تنبت الزرع، كذلك قلوب العالمين العاملين، وقلوب العالمين التاركين(٦).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لايكون الرجل مسلماً حتّى يسلم الناس من يده ولسانه، ولا يكون مؤمناً حتّى يأمن أخوه بوائقه، وجاره بوادره(٧)، ولا يكون عالماً حتّى يكون عاملاً بما علم، ولا يكون عابداً حتّى يكون ورعاً، ولا يكون ورعاً حتّى يكون زاهداً فيما في أيدي الناس، يا أخي أطل الصمت، وأكثر الفكر، واعمل بالموعظة، وأقلّ الضحك، واندم على خطيئتك، تكن عندالله وجيهاً مقبولاً(٨).

وقال صلى الله عليه وآله: رأيت ليلة اُسري بي إلى السماء قوماً تُقرض شفاهم بمقاريض من نار ثم ترمى، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ فقال: خطباء

١- آل عمران: ١٨٧.

٢- مجموعة ورام ٢:٢١٤.

٣- العشب:الكلأ الرطب، والكلأ عند العرب يقع على العشب وغيره، والعشب: الرطب من البقول البريّة، ينبت في الربيع. (لسان العرب)٤- الخد: الحفرة.

٥- السبخة: أرض ذات ملح ونزّ، وجمعها سباخ. (لسان العرب)٦- مجموعة ورام ٢:٢١٤.

٧- البادرة: الحدّة والغضب والخطأ.

٨- مجموعة ورام ٢:٢١٤ نحوه.

٥٠

اُمّتك، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون(١).

وقال بعضهم: العالم طبيب الاُمّة، والدنيا الداء، فإذا رأيت الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتهمه في علمه، واعلم انّه الذي لا يوثق به فيما يقول.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاتطلبوا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا لتراؤوا به في المجالس، ولا لتصرفوا به وجوه الناس اليكم للتراؤس، فمن فعل ذلك كان في النار، وكان علمه حجّة عليه يوم القيامة، لكن تعلّموه واعملوا به(٢).

١- مجموعة ورام ٢:٢١٥; ومثله كنزالعمال ١٠:٢٠٩ ح ٢٩١٠٦.

٢- مجموعة ورام ٢:٢١٥; معاني الأخبار: ١٨٠; المواعظ: ٢٦ نحوه.

٥١

الباب الثاني
في الزهد في الدنيا وذكر الآيات المنزلة فيه

قال الله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربّكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً انّ وعد الله حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدنيا ولا يغرّنّكم بالله الغرور}(١).

وقال سبحانه: {يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتقوا الله انّ الله خبير بما تعملون}(٢).

وقال تعالى: {وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة الاّ متاع}(٣)يعني جيفة.

وقال: {انّ الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنّوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون}(٤).

١- لقمان: ٣٣.

٢- الحشر: ١٨.

٣- الرعد: ٢٦.

٤- يونس: ٨.

٥٢

وقال: {انّما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل الناس و الأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون}(١).

وقال سبحانه: {من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمّ جعلنا له جهنّم يصلاها مذموماً مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها و هو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكوراً}(٢).

وقال تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم وهم فيها لا يبخسون * اولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا وباطل ما كانوا يعملون}(٣).

وقال سبحانه: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}(٤).

وقال سبحانه ذامّاً لقوم: {كلاّ بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة}(٥).

وقال سبحانه: {انّ هؤلاء يحبّون العاجلة و يذرون وراءهم يوماً ثقيلاً}(٦).

وقال: {وما اوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى}(٧).

وقال: {وما هذه الحياة الدنيا الاّ لهو ولعب وانّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو

١- يونس: ٢٤.

٢- الأسراء: ١٩.

٣- هود: ١٥-١٦.

٤- الشورى: ٢٠.

٥- القيامة: ٢٠ و٢١.

٦- الدهر: ٢٧.

٧- القصص: ٦٠.

٥٣

كانوا يعلمون}(١).

وقال: {واعلموا انّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرّاً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الاّ متاع الغرور}(٢).

وقال سبحانه: {لا يغرّنّك تقلّب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنّم وبئس المهاد * لكن الذين اتقوا ربّهم لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عندالله وما عندالله خير للأبرار}(٣).

وقال سبحانه: {ولا تمدنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خير وأبقى}(٤).

وقال تعالى: {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً}(٥).

وقال النبي صلى الله عليه وآله لأبي ذر رضي الله عنه: كن في الدنيا كأنّك غريب، واعدد نفسك من الموتى، فإذا أصبحت لا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت لا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحّتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، و من حياتك لوفاتك، فانّك لا تدري ما اسمك غداً(٦).

وقال صلى الله عليه وآله: أكثروا من ذكر هادم اللذات، فانّكم ان كنتم في

١- العنكبوت: ٦٤.

٢- الحديد: ٢٠.

٣- آل عمران: ١٩٦-١٩٨.

٤- طه: ١٣١.

٥- النساء: ٧٧.

٦- مكارم الأخلاق: ٤٥٨; روضة الواعظين: ٤٤٨; مشكاة الأنوار: ٣٠٤.

٥٤

٥٥

أهون ما يكون عليكم، فانّه ما أهان قوم الدنيا الاّ هنّأهم الله العيش، وما أعزّها قوم الاّ ذلّوا وتعبوا وكانت عاقبتهم الندامة(١)

وقال صلى الله عليه وآله لأبي ذر: يا أباذر انّ الدنيا سجن المؤمن والقبر أمنهوالجنّة مأواه، وانّ الدنيا جنّة الكافر والقبر عذابه والنار مثواه(٢).

وقال: الزاهد في الدنيا يريح قلبه وبدنه، والراغب فيها يُتعب قلبه وبدنه(٣).

وقال: المؤمن يتزوّد، والكافر يتمتّع، يا ابن آدم عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسّم الله لك تكن غنيّاً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بما تحب أن يصحبوك تكن منصفاً، انّه قد كان قبلكم قوم جمعوا كثيراً، وبنوا مشيّداً، وأملوا بعيداً، فأصبح جمعهم بوراً، ومساكنهم قبوراً.

ياابن آدم انّك مرتهن بعملك، متعرّض على ربّك، فجد بما في يديك لما بين يديك، وطأ الأرض بقدمك، فانّها عن قليل مسكنك، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت على الأرض من بطن اُمّك(٤).

وقال: من استغنى بالله أحوج الله الناس إليه(٥).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الدنيا منتهى بصر الأعمى، لا يبصر ممّا ورآها شيئاً، والبصير ينفذها بصره، ويعلم انّ الدار(٦) وراءها، فالبصير منها شاخص، والأعمى إليها شاخص، والبصير منها يتزوّد، والأعمى إليها يتزوّد(٧).

وقال: الزهد قصر الأمل، والشكر على النعم، والورع عن المحارم، فان عزب

١- أورد نحوه في أعلام الدين: ٢٨٠.

٢- راجع البحار ٦: ١٦٩ ح ٤١.

٣- روضة الواعظين: ٤٤١ نحوه.

٤- مجموعة ورام ٢:٢١٦.

٥- البحار ٧٨:٧٩ ح ٦٢ نحوه.

٦- في “ب”: النار، وفي “ج”: البوار.

٧- نهج البلاغة: الخطبة ١٣٣.

٥٦

ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم، ولا تنسوا عند النعم شكركم، فإنّ الله تعالى قد أعذر اليكم بحجج ظاهرة مستقرّة، وكتب بارزة(١) ظاهرة(٢).

وقال عليه السلام: أيّها الناس انّ الدنيا دار ممرّ والآخرة دار مستقرّ، فخذوا من ممرّكم لمستقرّكم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، فللآخرة خلقتم وفي الدنيا حبستم.

وإنّ المرء إذا مات قالت الملائكة: ما قدّم، وقال الناس: ما خلّف، فلله اياكم، قدّموا كلّما(٣) يكون لكم، ولا تخافوا(٤) كلّما يكون عليكم، فانّما مثل الدنيا مثل السمّ يأكله من لا يعرفه(٥).

وقال عليه السلام: انّ السعداء بالدنيا الهاربون منها اليوم(٦).

وقال: ما يصنع بالمال والولد من يخرج منها ويحاسب عليها، عراة دخلتم الدنيا وعراة تخرجون منها، وانّما هي قنطرة فاعبروا عليها وانتظروها.

وقال في دعائه: “اللهم توفّني فقيراً، ولا توفّني غنيّاً، واحشرني في زمرة المساكين”، وقال: أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة(٧).

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: الرغبة فيما عندالله تورث الروح والراحة، والرغبة في الدنيا تورث الهم والحزن(٨).

وقال: انّ من صفات أولياء الله: الثقة به في كل شيء، والغنى به عن كل شيء،

١- في “الف”: مستقرة.

٢- نهج البلاغة: الخطبة ٨١ في الزهد.

٣- في”ج”: كيلا.

٤- في “ب” و”ج”: ولا تقدموا.

٥- روضة الواعظين: ٤٤٢ في ذكر الدنيا; ومشكاة الأنوار: ٢٦٩.

٦- نهج البلاغة: الخطبة ٢٢٣; عنه البحار ٧١:١٩٣ ح ٥٩.

٧- كنز الفوائد: ٢٨٩; عنه البحار ١٠٣:٢٠ ح ٣ نحوه.

٨- مشكاة الأنوار: ٢٦٩.

٥٧

والافتقار إليه في كل شيء(١).

وقال: ادفع الدنيا بما يحضرك من الزاد وتبلغ به.

وكان عليه السلام ينشد ويقول:

ادفع الدنيا بما اندفعت واقطع الدنيا بما انقطعت
يطلب المرء الغنى عبثاً والغنى في النفس لو قنعت(٢)

وقال عليه السلام: والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها، وقال لي قائل: ألا تنبذها؟ فقلت: أعزب(٣) عنّي فعند الصباح يحمد القوم السُّرى(٤).

وقال: الزاهدون في الدنيا ملوك الدنيا والآخرة، والراغبون فيها فقراء الدنيا والآخرة، ومن زهد في الدنيا ملكها، ومن رغب فيها ملكته.

وقال نوف البكالي: كنت عند أميرالمؤمنين عليه السلام ذات ليلة، فقام من فراشه ونظر في النجوم، ثمّ قرأ آيات آل عمران: {انّ في خلق السموات والأرض…}(٥).

ثم قال: يا نوف أراقد أنت أم رامق؟ فقلت: بل رامق يا أميرالمؤمنين، فقال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، اولئك قوم اتخذوا الأرض بساطاً، وترابها فراشاً، وماءها طيباً، والقرآن شعاراً، والدعاء دثاراً(٦)، ثم قرضوا

١- كنز الفوائد: ٢٨٨; عنه البحار ١٠٣:٢٠ح٢٢- كنز الفوائد: ٢٨٩; عنه البحار١٠٣:٢١ح١٣.

٣- أعزب: بَعُد وأَبعَد. (القاموس)٤- نهج البلاغة: الخطبة ١٦٠; عنه البحار٤١:١٦٠ح٥٦.

٥- آل عمران: ١٨٨.

٦- الشعار: ما ولي شعر جسد الإنسان دون ما سواه من الثياب، والدثار: الثوب الذي فوق الشعار. (لسان العرب)

٥٨

الدنيا قرضاً(١) على منهاج المسيح.

يا نوف انّ الله تعالى أوحى إلى المسيح أن: قل لبني اسرائيل لا يدخلوا بيتاً من بيوتي الاّ بقلوب طاهرة، ونيّات(٢) نقيّة، وألسن ناطقة صادقة، وأعلمهم انّي لا أستجيب لأحد منهم دعاءً ولأحد من خلقي قبله تبعة، يعني مظلمة.

يا نوف انّ رسول الله صلى الله عليه وآله قام في مثل هذه الساعة فقال: انّ هذه ساعة لا تردّ لأحد فيها دعوة الاّ أن يكون عريفاً، أوعشّاراً، أوشرطيّاً، أوشاعراً، أوصاحب عرطبة(٣). والعرطبة الطبل الكبير والكبر(٤) الصغير، وروي بالعكس.

وقال: ما عاقبت أحداً عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت منه شرّاً وأنت تجد لها في الخير محملاً، ومن كتم سرّه ملك أمره وكانت الخيرة بيده، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن(٥).

وعليكم باخوان الصدق تعيشوا في أكنافهم، ولا تهاونوا بالحلف(٦) فيهينكم الله، ولا تتعرّضوا لما لا يعنيكم، وعليكم بالصدق فهو النجاة والمنجاة، واحذروا من عدوّكم من الجن والانس، ولا تصحبوا الفجّار، واستشيروا ذوي الدين والنصيحة ترشدوا، وواخوا الاخوان بالله، ولا تعيبون شيئاً تأتون بمثله.

وقال سويد بن غفلة: دخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام في داره، فلم أر

١- في “ج”: رفضوا الدنيا رفضاً.

٢- في “ج”: ثياب.

٣- الخصال: ٣٣٧ح٤٠باب٦; عنه البحار٧٧:٤٠١ح٢٢.

٤- كذا في الأصل.

٥- في”ج”: فلا يلومنّ الاّ نفسه.

٦- في”ب”: في الخلق.

٥٩

في البيت شيئاً فقلت: فأين الأثاث يا اميرالمؤمنين؟ فقال: يا ابن غفلة نحن أهل بيت لا نتأثّث في الدنيا نقلنا جلّ متاعنا إلى الآخرة، انّما مثلنا في الدنيا كراكب ظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها(١).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انّ أشد ما أتخوّف عليكم منه اتباع الهوى وطول الأمل، فإنّ اتباع الهوى يصدّ عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة، وانّ الله تعالى يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض، ولا يعطي الآخرة الاّ لمن يحب.

وانّ للدنيا أبناءً وللآخرة أبناء، فكونوا من أبناء الآخرة [ولا تكونوا من أبناء الدنيا](٢) فإنّ كلّ ولد يتبع بامّه، ألا وإنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، والآخرة قد تجمّلت مقبلة، وانّكم في يوم عمل ليس فيه حساب، ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل(٣).

وقال صلى الله عليه وآله: يا أيها الناس لا تغترّوا، فإنّ الله تعالى لو أهمل شيئاً لأهمل الذرّة والخردلة والبعوضة(٤).

وقال ابن مسعود: انّما أنتم في الدنيا مع آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيراً يحصد زرعه رغبة، ومن يزرع شرّاً يحصد زرعه رهبة، ومن اُعطي خيراً فالله أعطاه، ومن وقي شرّاً فالله وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة، ولو لم يكن فينا الاّ حبّاً لمن أبغض الله ـ وهي الدنيا ـ لكفى به ذنباً.

وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، ومفتاح كلّ

١- مجموعة ورام: ٢:٢٢ نحوه.

٢- اثبتناه من “ب” و”ج”.

٣- مجموعة ورام: ١:٢٧١ نحوه.

٤- مجموعة ورام: ٢:٢١٨

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

شاهد أيضاً

مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية

مصباح    26 إعلم، أيها الخليل الروحاني، وفقك الله لمرضاته وجعلك وإيانا من أصحاب شهود ...