أسباب السرقة عند الأطفال
إن السرقة عمل غير مقبول عرفاً وشرعاً ، ولذا فالجميع يبغضونه وينكرونه وينظرون إلى فاعلِهِ بازدِرَاءٍ وحَقَارة .
والآباء الذين يبتلون بأولاد يمارسون هذا الفعل القبيح عليهم التمييز بين الطفل الصغير ذي الثلاث سنوات وآخر يتجاوز الخمس سنوات .
فالأول لا يُميِّز بين الخير والشر ، ولذا نجده لا ينكر ما أخذه من الآخرين مقابل الثاني الذي يُخفِيهِ وينكر فعلَه .
وينبغي عدم توجيه اللَّومِ والعتابِ للطفل ذي الثلاث سنوات ما دام لا يفهم معنى السرقة وأنه عمل قبيح ، والاكتفاء بالقول له : إن صديقك الذي أخذت لعبته قد يحتاج إليها .
أو : ليس من الصحيح أن نأخذ شيئاً من الآخرين دون إذن منهم ، كما أننا لا نرضى أن يأخذ أشياءَنا أحدٌ من الناس .
أما الطفل الذي يتجاوز عمره الخمس سنوات والذي يمارس السرقة ، فلا يعني أنه لم يَتَلَقَّ التربيةَ الحسنةَ أو أن والديه يبخلان عليه بالأموال .
وإن كان هذان العاملان يدفعان بالأولاد إلى السرقة ، ولكن ليس دوماً ، فما هي يا تُرى أسباب السرقة عند الأولاد إذن ؟
1 ـ العلاقة مع الوالدين :
إن العلاقة الجافة بين الطفل ووالديه نتيجة عدم إشباع حاجته من الحُبِّ والحنان ، أو لتعرضه للعقوبة القاسية ، أو لشدتهما في التعامل معه في المرحلة الأولى من عمره ، أو لعدم تعزيز شعـوره بالاستقلال في المرحلة الثانية من عمره ، تدفع بالطفل إلى السرقة .
وذلك خصوصاً في السابعة من عمره ، لأجل أن يغدق عليه ويكسب منهم ما فقده في الأسرة من الحنان من جهة ، وأخرى للإنتقام من والديه بفعل يقدر عليه لشفاء غَيظِهِ من قساوة تعرَّضَ لها في مرحلة طفولته الأولى .
ثانياً ـ الشعور بالعُزلة :
إن شعور الطفل بالعزلة في المرحلة الثانية من عمره – وهو الوقت الذي يُؤَهِّلُهُ لاتخاذ موقعه في المجتمع وبين أقرانه – تُعتَبَرُ جزءٌ من تعاستِهِ .
لذا يندفع إلى السرقة لإغراق أصدقائه بالشراء والهدايا في محاولة لكسب وِدِّهِم نحوه بعد أن فشل في كسبهم لضعف شخصيته .
أو أنه يريد أن يَتَبَاهى أمام أقرانه بفعله البطولي في السرقة لينجذبوا نحو شخصيته القوية ، كما يتصور .
كيف نتعامل مع السارق :
إن الطفل الذي يمارس السرقة في المرحلة الثانية من عمره بالرغم من عيشه بين أبويه – اللذين لا يبخلان عليه بما أمكن من الألعاب والأمور الخاصة به – تَسهُلُ معالجتَهُ وتقويمَهُ من خلال الوقاية من أسباب السرقة المتقدمة .
إضافة إلى إشباع حاجته للحنان ، والتأكيد على استقلاليته ، ومساعدته على اختيار الأصدقاء .
إن الوالدين يجب أن يتعاملوا مع أبنائهم بعد بلوغهم الخامسة من العمر – حين يمارسون السرقة – بِحَزمٍ وقُوَّةٍ .
ولا نقصد بها القَسوَةَ والشدَّةَ ، بل يكفي أن يفهم الطفل أن هذا العمل غير صحيح وغير مسموح به ، ولا بُدّ من إرجاع ما أخذه إلى أصحابه والاعتذار منهم .
ويجب الالتفات إلى نقطة مهمة ، وهي :
من الخطأ إشعار الطفل بالذُّل والعار ، لأن هذا النمط من التصرف يدفع الطفل إلى السرقة ، وذلك اندفاعاً للانتقام ممن احتقره وامتهنه .