الرئيسية / المرأة في الإسلام / آداب الإسرة في الإسلام

آداب الإسرة في الإسلام

حقوق المجتمع في رسالة الحقوق

وضع الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق منهجاً متكاملاً ، في خصوص الحقوق الاجتماعية المترتبة على الفرد ، باعتباره جزءً من الأُسرة ومن المجتمع ، وممّا ورد في قوله ( عليه السلام ) : ( وأمّا حق أهل ملّتك عامة : فإضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرِّفق بمسيئهم ، وتألّفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه واليك ، فإنّ إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك ، إذا كفّ عنك أذاه وكفاك مؤونته ، وحبس عنك نفسه ، فعمّهم جميعاً بدعوتك ، وانصرهم جميعاً بنصرتك  .
وأنزلهم جميعاً منك منازلهم ؛ كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمَن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه .
وأمّا حق أهل الذمّة ، فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قِبل الله ، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأُجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك ، فيما جرى بينك وبينهم من معاملة ، وليكن بينك وبين ظلمهم ، من رعاية ذمة الله ، والوفاء بعهده ، وعهد رسوله ، حائل ، فإنّه بلغنا أنّه قال : مَن ظلم معاهداً كنت خصمه ) (1) .
ـــــــــــــــ
(1) تحف العقول : 195 ـ 196 .

 

حقوق المجتمع في الأحاديث الشريفة

أكدّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، على التآزر والتعاون والتواصل والتحابب ؛ ليكون الود والوئام والسلام ، هو الحاكم في العلاقات الاجتماعية ، بين الفرد والمجتمع ، وبين الأفراد أنفسهم ، فلا يطغى حق الفرد على حق المجتمع ، ولا حق المجتمع على حق الفرد ، ونهوا عن تبادل النظرة السلبية كحد أدنى في الحقوق المترتبة على الفرد اتجاه المجتمع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظرة تؤذيه ) (1) .
وعدم جواز النظرة السلبية ، يعني عدم جواز سائر مظاهر الأذى ومصاديقه ، في القول ، وفي الممارسة العملية ، فلا تجوز الغيبة ، ولا البهتان ، ولا الاعتداء على أموال الآخرين ، وأعراضهم ، وأرواحهم ، بل يجب صيانة حرماتهم بجميع مظاهرها .
وحثّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على مداراة الآخرين والرِفق بهم ، والالتزام بهذه التوصيات من شأنه أن يؤدي إلى مراعاة جميع الحقوق الاجتماعية ؛ لانبثاقها منها وتفرّعها عليها ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( مداراة الناس نصف الإيمان ، والرِّفق بهم نصف العيش ) (2) .
ومن أحب الأعمال إلى الله تعالى ، والواقعة في أُفق مراعاة الحقوق الاجتماعية ، هي إدخال السرور على المؤمنين ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمنين ) (3) .
وإدخال السرور يتحقّق بإسماعهم الكلمة الطيبة ، والقول الجميل ، واحترامهم ، والتعاون في حلِّ مشاكلهم ، ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، وأفراحهم وأحزانهم ، والدفاع عن أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، ورفع الأذى عنهم ، ونصرتهم للقيام بمواجهة أعباء الحياة .
وحدّد الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) سبعةً من الحقوق ، تكون مصداقاً لإدخال السرور على المؤمنين من أفراد المجتمع الكبير ، عن معلّى بن خنيس ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت له : ما حقّ المسلم على المسلم ؟ قال له : ( سبع حقوق واجبات ما منهنَّ حقّ إلاّ وهو عليه واجب ، إن ضيّع منها شيئاً خرج من ولاية الله وطاعته ، ولم يكن لله فيه من نصيب …
أيسر حقّ منها : أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك .
ومنها : أن تجتنب سخطه ، وتتّبع مرضاته ، وتطيع أمره .
ومنها : أن لا تشبع ويجوع ، ولا تروى ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى .
ومنها : أن تبرّ قسمه ، وتجيب دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته ، وإذا علمت أنَّ له حاجةً تبادره إلى قضائها ، ولا تلجئه أن يسألكها، ولكن تبادره مبادرةً ، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ، وولايته بولايتك ) (4) .
وفي رواية أُخرى ذَكر ( عليه السلام ) جملةً من الحقوق فقال : ( إنَّ من حقّ المؤمن على المؤمن : المودّة له في صدره ، والمواساة له في ماله ، والخَلف له في أهله ، والنُصرة له على مَن ظلمه ، وإن كان نافلةً في المسلمين وكان غائباً أخذ له بنصيبه ، وإذا مات الزيارة في قبره ، وأن لا يظلمه ، وأن لا يغشّه ، وأن لا يخونه ، وأن لا يخذله ، وأن لا يكذب عليه ، وأن لا يقول له أفّ .. ) (5) .
ومن الحقوق أن يناصح المؤمن غيره من المؤمنين ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه ) (6) .
ومن الحقوق : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء بالعهد ، وحُسن الخُلق ، والقُرب من الناس ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أقربكم مني غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقاً ، وأقربكم من الناس ) (7) .
ومن الحقوق تحكيم الأواصر المشتركة في العلاقات ، والتعامل من خلال الأُفق الواسع الذي يجمع الجميع في أُطر ونقاط مشتركة ، ونبذ جميع الأواصر الضيّقة ، فحرّم الإسلام التعصّب للعشيرة أو القومية ، ودعا إلى إزالة جميع المظاهر التي تؤدّي إلى التعصّب المقيت ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ليس منّا مَن دعا إلى عصبية ، وليس منّا مَن قاتل على عصبية ، وليس منّا مَن مات على عصبية ) (8) .
ومن أهم الحقوق إصلاح ذات البين ؛ لأنّه يؤدي إلى علاج كثير من الممارسات السلبية ، التي تفكّك أواصر الإخاء ، وتستأصل الوِئام في أجوائه ، لذا قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ) (9) .
ـــــــــــــــــ
(1) المحجّة البيضاء 3 : 359 .
(2) الكافي 2 : 117 .
(3) الكافي 2 : 189 .
(4) الكافي 2 : 169 .
(5) الكافي 2 : 171 .
(6) الكافي 2 : 208 .
(7) تحف العقول : 32 .
(8) كنز العمال 3 : 510 / 7657 .
(9) ثواب الأعمال : 178 .

شاهد أيضاً

قراءة القرآن وآداب تلاوته ومقاصده

الدرس السابع عشر: تفسير سورة الجمعة     أهداف الدرس على المتعلّم مع نهاية هذا ...