الرئيسية / من / الشعر والادب / أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام

الشيخ قاسم المُلا

المتوفى ١٣٧٤ ه‍

هل العيش بالدهناء يا مي راجع
وهل بقيت للشوق فيك مطامع
ربوع عفت من ساكنيها فأصبحت
برغم أهيل الحي وهي بلاقع
وقفت بها والقلب يقطر عندما
من الجفن اذ عزت عليه المدامع
اسائلها والوجد يذكي أواره
وقد حنيت مني عليه الاضالع
عراص الغضا أقوت ربوعك بعدما
بهن لارباب الغرام المجامع
كأن لم يجدك الغيث بعدي بدره
ولا روضت منك الربى والاجارع
ولا رفرف النسم الشمالي موهنا
ولا أو مضت فيك البروق اللوامع
ولا خطرت فيك الظباء سوانحا
وغنت على البانات منك السواجع
ولآئمة قد صارعتني بلومها
غداة رأتني للهموم أصارع
وقالت أتبكي أرسما بان أهلها
وطوح فيها السير والسير شاسع
اميم فما أبكي لحي ترحلوا
ولا أنا للدارات والجزع جازع
ولكن بكائي للحسين ورهطه
ومن لهم بالطف جلت مصارع
بيوم به هبت الى الضرب غلمة
عزائمهم والماضيات قواطع
بكل فتى ما بارح الطعن رمحه
ولا بارحت منه النزال الوقايع
* * *

اذا ما دعاه صارخ بعد هجعة
فقبل انقطاع الصوت منه يسارع
تغذى بثدي الحرب إذ هي امه
وكلهم من ذلك الثدي راضع
يروعون اما اقدموا في نزالهم
وما راعهم في حومة الموت رائع
كأن الردينيات بين اكفهم
صلال ذعاف الموت فيهن ناقع
لقد رفعت من عثير النقع خيلهم
سماء بها نجم الاسنة طالع
٧١
الى أن هووا صرعى وما لغليلهم
بهاجرة الرمضا سوى الدم ناقع
فعاد ابن طه لم يجد من مدافع
فديتك يا من بان عنك المدافع
فأيقضت الاعداء منه ابن نجدة
على الضيم منه الطرف ما قط هاجع
تراه الاعادي دارعا في مضافة
ولكنه بالصبر في الروع دارع
اذا رن طبل الحرب غنى حسامه
قفا نبك من رقص الطلى يا قواطع
وان أظلم الميدان من نقع طرفه
فأحسابه والماضيات نواصع
وان غيمت يوما سحائب عزمه
بماء الطلى تنهل فهي هوامع
الى أن هوى فوق الثرى وجبينه
بلألائه للشمس والبدر صادع
وغودر في عفر الرغام رمية
ورضت بقب الخيل منه الاضالع
فضجت له السبع الطباق وأعولت
وعجت على الآفاق سود زعازع
يعلى على الخطي جهرا كريمه
فيبصر بدر منه في الافق طالع
عجبت له رأسا بأبرجة القنا
ترائى خطيبا فهو بالذكر صادع
وعادت نساه للمغاوير مغنما
تجاذب ابراد لها وبراقع
يعز على الندب الغيور سباؤها
يجاب بها فج الفلا والاجارع
وهاك استمع ما يعقب القلب لوعة
وتسكب فيه للعيون المدامع
يفاوضها شتما يزيد بمجلس
وما هي الا للنبي ودائع
ويوضع راس السبط تحت سريره
فيا شل اذ يغدو له وهو قارع
بني الوحي لا أحصي جميل ثنائكم
وقد خرست فيه الرجال والمصاقع
عليكم سلام الله ما بعزاكم
من العين تهمي فيه سحب هوامع
الشيخ قاسم من خطباء الحلة ناظما وناثرا وخطيبا محققا له شهرته الخطابية ، واذكر أني راسلته مرة مستوضحا منه عن قائل القصيدة الهائية التي تنسب لاحد أشراف مكة فأجابني بأنها تنسب لاكثر من واحد منهم ولا شك أنها لهم ومنهم خرجت. ولد سنة ١٢٩٠ ه‍ وقد تقدمت ترجمة والده المرحوم الشيخ محمد الملا وقد سار هذا الولد على ضوء الوالد وتأدب على يده ومنه تلقى فن الخطابة ورواية الشعر ، ويقول اليعقوبي في البابليات : وكان جل تحصيله الادبي من الشاعر المجيد الحاج حسن القيم فكان يعرض عليه كثيرا من قصائده ورأيت في هذه السنة وهي سنة ١٣٩٨ ه‍ وأنا في الحلة في منزل ولد المترجم له ، الملا عبد الوهاب ابن الشيخ قاسم الملا أقول رأيت من آثاره الادبية والشعرية مخطوطات كثيرة

٧٢
تدل على أدب واسع وتضلع في الاخبار والعقائد والمناظرات كما حدثني ابن اخته السيد حبيب الاعرجي ـ احد خطباء النجف ـ بكثير من روائعه ومواقفه الخطابية.

عاش ٨٤ سنة حيث ودع الحياة ليلة الاربعاء رابع ربيع الثاني ١٣٧٤ ه‍ وحمل الى النجف بموكب من الحليين ودفن بوادي السلام واقيمت له الفواتح ورثي بكثير من القصائد ، وقد استعرت ديوانه من الاخ البحاثة السيد جودت القزويني وتصفحته ونقلت عنه بعض ما اردت اذ أن الديوان يضم كثيرا من الشعر وهو وثيقة تأريخية مفيدة والجدير بالذكر أن أكثر ما في الديوان هو في الاسرة القزوينية المشهورة بعلمها وأدبها وشرفها في الحلة الفيحاء.

ومن شعره في علي الاكبر بن الحسين شهيد الطف :

وحق الهوى العذري لست ارى عذرا
لصب يواتي بعد بعدكم الصبرا
ولست أرى يحلو لعيني منامها
وما عاشق من لم تكن عينه سهرى
يقولون لي بالعرف صابر هواهم
واني أرى صبري بشرع الهوى نكرا
أجيرتنا بالجزع جار غرامكم
وجرعتموني يوم ودعتم مرا
سلوا الليل عني هل أذوق رقاده
وهل انا قد سامرت الا به الزهرا
ولم يشجني ركب أجد مسيره
كركب حسين حين جد به المسرى
سروا عن مغاني طيبة وحدت بهم
نجائب تطوي في مناسمها القفرا
الى ان اناخوا بالطفوف قلاصهم
وحادي نواهم بعد شقشقة قرا
فما عشقوا فيها سوى البيض رونقا
ولا سامروا الا المثقفة السمرا
فواثكل خيرالرسل اكرم فتية
بهم عرقت للفخر فاطمة الزهرا
فيا راكب الوجناء تسبق طرفه
اذا ما فلت اخفافها السهل والوعرا
تجوب الفيافي لا تمل من السرى
اذا غرد الحادي وحنت الى المسرى
أقم صدرها ان جئت اكناف طيبة
ومن طيبها تستنشق الند والعطرا
هنالك فاخضع واخلع النعل والتثم
ثراها وقل والعين باكية عبرى
اليك رسول الله جئت معزيا
بقاصمة للدين قد قصمت ظهرا
شبيهك في الاخلاق والخلق أودعت
محاسنه في كربلا بثرى الغبرا
ذوى غصنه من بعدما كان يانعا
وبالرغم ريح الحتف تقصمه قسرا
فيا ليل طل حزنا فليلى بنوحها
وأجفانها ان جنها ليلها سهرى
٧٣
تعط الحشا لا البرد حزنا على ابنها
وأدمت اديم الخد من خدشها الظفرا
فما أم خشف أدركته على ظما
وخوف حبالات نأت في الفلا ذعرا
بأوجد منها حين للسبط عاينت
ومنه صقيل الوجه حزنا قد اصفرا
أعيدي دعاء الام يا ليل انني
أرى ابنك في اعداه يغتنم النصرا
فأرخت على الوجه المصون اثيثها
وطرف أبيه السبط من طرفها أجرى
ولم أنسه لما عليه قد انحنى
واحشاؤه حزنا مسعرة حرى
ينادي على الدنيا العفا ونداؤه
عليه عظيم شجوه يصدع الصخرا
بني جرحت القلب مني فلم أجد
لجرحك طول الدهر غورا ولا سبرا
بني تركت العين غرقى بدمعها
وجذوة قلبي حرها يضرم الجمرا
اذا رمت أن اسلو مصابك برهة
تهيجني فيه الكئابة بالذكرى
ومن شعره في أهل البيت يذكر مصائبهم :

أغار الاسى بين الضلوع وأنجدا
فصوب طرفي الدمع حزنا وصعدا
ولي كبد رفت لفقد احبتي
غداة نأوا والعيس طار بها الحدا
وقد كنت رغد العيش في قرب دارهم
فمذ بعدوا عني غدا العيش أنكدا
اسرح طرفي في ملاعب حورهم
فلم أر لا خودا هناك وخردا
وما كان يعشو الطرف قبل فراقهم
لانهم كانوا لطرفيه اثمدا
وبالتلعات الحمر من بطن حاجر
غرام أقام القلب مني وأقعدا
ظللت أنادي والركائب طوحت
بصبري وماري الندا بسوى الصدى
أأحبابنا هل أوبة لاجتماعنا
أم الشمل بعد الظاعنين تبددا
ولم يشجني ربع خلا مثل ماشجى
فؤادي ربع قد خلا من بني الهدى
نوى العترة الهادين أضرم مهجتي
وبين حنايا أضلعي قد توقدا
خلت منهم تلك العراص فأقفرت
وقد عصفت فيهن عاصفة الردى
وكانوا مصابيحا لخابطة الدجى
اذا قطعت في الليل فجا وفدفدا
تنير به أحسابهم ووجوههم
فبعدهم ياليت أطبق سرمدا
ونار قراهم قد رآها كليمه
فعاد بها في أهله واجدا هدى
وسحب أياديهم يسح ركامها
ومنهلهم للوفد قد ساغ موردا
قضوا بين من أرداه سيف ابن ملجم
فأبكى أسى عين البتول واحمدا
ومابين من أحشاه بالسم قطعت
وقد نقضوا منه عهودا وموعدا
وصدوه عن دفن بتربة جده
وأدنوا اليه من له كان أبعدا
٧٤
ولم تخب نيران الضغائن منهم
ولا قلب رجس من لظى الغيظ ابردا
الى أن تقاضوا من حسين ديونهم
فروت دماه المشرفي المهندا
أتته بجند ليس يحصى عديده
ولكنه من يوم بدر تجندا
وساموه ذلا أن يسالم طائعا
يزيد وأن يعطي لبيعته يدا
فهيهات ان يستسلم الليث ضارعا
ويسلس منه لابن ميسون مقودا
فجرد بأسا من حسام كانما
بشفرته الموت الزؤام تجردا
اذا ركع الهندي يوما بكفه
تخر له الهامات للارض سجدا
وأعظم ما أدمى مآقيه فقده
أخاه ابا الفضل الذي عز مفقدا
رآه وبيض الهند وزع جسمه
وكفيه ثاو في الرغام مجردا
فنادى كسرت الآن ظهري فلم اطق
نهوضا وجيش الصبر عاد مبددا
وعاد الى حرب الطغاة مبادرا
عديم نصير فاقد الصحب مفردا
ومازال يردي الشوس في حملاته
الى أن رمي بالقلب قلبي له الفدا
فمال على الرمضا لهيف جوانح
بعينيه يرنو النهر يطفح مزبدا
مصاب له طاشت عقول ذوي الحجى
اذا ما تعفى كل رزء تجددا
وما بعده الا مصاب ابي الرضا
كسا الدين حزنا سرمديا مخلدا
أتهدأ عين الدين بعد ابن جعفر
وقد مات مظلوما غريبا مشردا
فعن رشده تاه الرشيد غواية
وفارق نهج الحق بغيا وأبعدا
سعى بابن خير الرسل يا خاب سعيه
فغادره رهن الحبوس مصفدا
ودس له سما فأورى فؤاده
فكل فؤاد منه حزنا توقدا
وهاك استمع ما يعقب القلب لوعة
وينضحه دمعا على الخد خددا
غداة المنادي اعلن الشتم شامتا
على النعش يا للناس ما أفضع الندا
أيحمل موسى والحديد برجله
كما حمل السجاد عان مقيدا
وللشيخ جاسم الملة خطيب الفيحاء يهنئ الشيخ شمعون في عرسه ويهنئ به السيد ابراهيم السيد محمد رحمه‌الله.

اسفرت تخجل ضوء القمر
بنت حسن بين أقمار الكلل
طاف قلبي في هواها وسعى
حين الفاه طريقا مهيعا
ولها لبى فؤادي مسرعا
فأظلته بليل الشعر
فاهتدى التشبيب فيها والغزل

٧٥
نشأت بين سجوف وستور
ونمت انسية في زي حور
أكؤس السحر بعينيها تدور
فحبتني من لماها المسكر
قرقفا صرفا بعل ونهل

ان رنت في لحظها قلت الحسام
أوبدت قلت هي البدر التمام
اسقمتني فعلى جسمي السلام
ورمت عيني بداء مسهر
اي وما في الرأس شيبي اشتعل

يا خليلي انشرا ذكر الدمى
واطويا عني تذكار الحمى
وارحما صبا بليلى مغرما
ودعاني اليوم اقضي وطري
ولام العاذل اليوم الهبل

اقول ويستمر في التشبيب والغزل الى أن يقول :

همت في ذكر المعالي شغفا
وزلال الوصل لي منها صفا
حيث في عرس ابن حمون الصفا
تنثني العليا كغصن نضر
قد كساها حسنها أبهى الحلل

نال بالتقوى وبالزهد المرام
واليه العلم قد القى الزمام
فارتقى من غارب المجد السنام
وزكا فيه زكي العنصر
وسما فيه الى اسمى محل

منطق التصريح فيه أعلنا
حيث قد كان اللبيب الفطنا
قمع الغي وأحيا السننا
وبه جاء صحيح الخبر
انه في العلم فرد والعمل

وقال وقد اهدى نبقا الى أحد اخوانه :

مكارمك البيض التي لا أطيقها
بعد وقد جازت بك الغرب والشرقا
فأهديت نبقا نحوكم متفائلا
به اننا في لطفكم ابدا نبقى
٧٦
رثاؤه للامام الحسين في مطلع قصيدة حسينية :

أهاجك برق كاظمة لموعا
فزدت به على شغف ولوعا
وقال في مطلع هلال محرم الحرام قصيدة مطلعها :

غب يا هلال محرم بحداد
حزنا على آل النبي الهادي
وأخرى في الامام الحسن الزكي السبط الاكبر وأولها :

هجرت الكرى ولذيذ الوسن
لما ناب سبط النبي الحسن
وله رائعة في عقيلة الوحي زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين أولها :

تجنى علي الحب وهو محبب
وأمرضني وهو الطبيب المجرب
ومنها في تعيين قبرها في ضيعة ( راوية ) بالشام :

لمرقدها بالشام تروي ثقاتها
وقيل بمصر ، ان هذا لاعجب
لمرقدها بالشام دلت خوارق
بها ينجلي من ظلمة الشك غيهب
وفي آخرها :

واني ارجو أن أزورك قاصدا
فمنك ومن آبائك الخير يطلب
عليكم سلام الله ما دام ذكركم
أفوه به بين الانام واخطب
للشيخ قاسم الملا لما زار مرقد الامام الحسين عليه‌السلام في العشرين من صفر سنة ١٣١١.

زرت ابن خير الورى جميعا
والنفس قد ادركت مناها
شممت روح الجنان لما
شممت ريحانة ابن طاها

شاهد أيضاً

قضاء حقوق المؤمنين

فما جاء من الاخبار في الحث على القيام بحقوق المؤمنين لبعضهم بعضا: 1 – قول ...