استشهد الإمام الحسن (عليه السلام) في ربيع الأول عام تسعة وأربعين، وحمل الإمام الحسين (عليه السلام) عب ء مواجهة الأمويين طوال هذه المرحلة حتى استشهاده (عليه السلام) في واقعة كربلاء. وكما أسلفنا كانت هذه المرحلة مرحلة مواجهة ” غير مسلحة “، وهي كلمة غير دقيقة وإلا فبماذا نصف حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما ومئات غيرهم ممن لم تشتهر أسماؤهم على يد شرطة معاوية وزياد وابن زياد وسمرة بن جندب وغيرهم، وإذا قلنا غير مسلحة فإننا نعني عدم حدوث معارك كبرى فقط.
كانت هذه المرحلة التي امتدت، من عام تسع وأربعين حتى هلاك الطاغية، مرحلة تسابق. إن الطاغية يحاول تكريس نهج الدولة الأموية وتحويله إلى قدر أبدي ” وهو ما نجح في بعضه “، والإمام الحسين يحاول إحياء موات هذه الأمة، وردهم إلى الدين الصحيح، دين محمد وعلي.
4 – محاولة تحويل ” النهج الأموي ” إلى قدر أبدي نفذ معاوية سياسة واضحة المعالم، من أبرز معالمها:
أ – لعن آل البيت (عليهم السلام)، وخاصة إمام الأئمة علي بن أبي طالب (عليهما السلام) على منابر الأمة، صباح مساء.
ب – العمل على رفع مكانة مناوئي أهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبة إلى رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم).
ج – القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعة واغتيالهم، مثل
كانت هذه المرحلة التي امتدت، من عام تسع وأربعين حتى هلاك الطاغية، مرحلة تسابق. إن الطاغية يحاول تكريس نهج الدولة الأموية وتحويله إلى قدر أبدي ” وهو ما نجح في بعضه “، والإمام الحسين يحاول إحياء موات هذه الأمة، وردهم إلى الدين الصحيح، دين محمد وعلي.
4 – محاولة تحويل ” النهج الأموي ” إلى قدر أبدي نفذ معاوية سياسة واضحة المعالم، من أبرز معالمها:
أ – لعن آل البيت (عليهم السلام)، وخاصة إمام الأئمة علي بن أبي طالب (عليهما السلام) على منابر الأمة، صباح مساء.
ب – العمل على رفع مكانة مناوئي أهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبة إلى رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم).
ج – القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعة واغتيالهم، مثل
(٥١)
حجر وعمرو بن الحمق، كما أسلفنا بل وحتى قتل أي معارض آخر له وزن وإن لم يكن من شيعة أهل البيت، ومثال ذلك سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
د – استعمال سياسة الرشوة وإفساد الذمم لاستمالة من تبقى.
وهذه السياسات نفسها هي التي بدأ بها تمدده السرطاني في جسد الأمة.
5 – امتداد الملك: يزيد ولي عهد أراد ابن آكلة الأكباد أن يمهد الأمر ليزيد ابنه ليمتد الملك في عقبه حتى قيام الساعة. ومن يتتبع أخباره الرواة، في هذا الصدد، يجد تباينا، فمن قائل يقول: إن هذا الأمر كان بمبادرة من المغيرة بن شعبة ليمد له معاوية في ولايته على الكوفة، ومن قائل يقول: إن هذا كان بأمر من معاوية، واتفاق مع الضحاك بن قيس. وما أعتقده أن هذه أمور واحدة.. كل المنافقين يعلمون رغبة سيدهم والكل يتبارى في اختيار الأسلوب الملائم للتنفيذ، ولا بأس بإيراد بعض النماذج التي توضح طبيعة الملك الأموي وسياسته:
” أوفد المغيرة بن شعبة عشرة من شيعة بني أمية إلى معاوية، ليطالبوا ببيعة يزيد، وعليهم موسى بن المغيرة، فقال معاوية: لا تعجلوا بإظهار هذا، وكونوا على رأيكم، ثم قال لموسى: بكم اشترى أبوك هؤلاء من دينهم، قال: بثلاثين ألفا: لقد هان عليهم دينهم “.
لما اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق، بإحضار منه،
د – استعمال سياسة الرشوة وإفساد الذمم لاستمالة من تبقى.
وهذه السياسات نفسها هي التي بدأ بها تمدده السرطاني في جسد الأمة.
5 – امتداد الملك: يزيد ولي عهد أراد ابن آكلة الأكباد أن يمهد الأمر ليزيد ابنه ليمتد الملك في عقبه حتى قيام الساعة. ومن يتتبع أخباره الرواة، في هذا الصدد، يجد تباينا، فمن قائل يقول: إن هذا الأمر كان بمبادرة من المغيرة بن شعبة ليمد له معاوية في ولايته على الكوفة، ومن قائل يقول: إن هذا كان بأمر من معاوية، واتفاق مع الضحاك بن قيس. وما أعتقده أن هذه أمور واحدة.. كل المنافقين يعلمون رغبة سيدهم والكل يتبارى في اختيار الأسلوب الملائم للتنفيذ، ولا بأس بإيراد بعض النماذج التي توضح طبيعة الملك الأموي وسياسته:
” أوفد المغيرة بن شعبة عشرة من شيعة بني أمية إلى معاوية، ليطالبوا ببيعة يزيد، وعليهم موسى بن المغيرة، فقال معاوية: لا تعجلوا بإظهار هذا، وكونوا على رأيكم، ثم قال لموسى: بكم اشترى أبوك هؤلاء من دينهم، قال: بثلاثين ألفا: لقد هان عليهم دينهم “.
لما اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق، بإحضار منه،
(٥٢)
دعا الضحاك بن قيس، فقال له: إذا جلست على المنبر، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي، فستأذني للقيام، فإذا أذنت لك، فأحمد الله تعالى، واذكر يزيد، وقل فيه الذي يحق له عليك، من حسن الثناء عليه، ثم ادعني إلى توليته من بعدي، فإني قد رأيت وأجمعت على توليته، فاسأل الله في ذلك، وفي غيره الخيرة وحسن القضاء. ثم دعا عدة رجال فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحاك، وأن يصدقوا قوله، ويدعوا إلى يزيد. ثم خطب معاوية فتكلم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد فقال معاوية: أين الأحنف؟ فأجابه، قال: ألا تتكلم؟
فقام الأحنف، فحمد الله وأثني عليه وقال بعد مقدمة: إن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا.
فغضب الضحاك ورد غاضبا: ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم، وكاتب نبيكم وصهره، يسلم لكم العاجل، وتربحوا من الآجل. ثم قام الأحنف بن قيس فحمد الله وأثني عليه فقال: قد علمت أنك لن تفتح العراق عنوة، ولم تظهر عليها قصعا، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت، ليكون له الأمر بعدك (1).
أما عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان من خواص أصحاب
فقام الأحنف، فحمد الله وأثني عليه وقال بعد مقدمة: إن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا.
فغضب الضحاك ورد غاضبا: ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم، وكاتب نبيكم وصهره، يسلم لكم العاجل، وتربحوا من الآجل. ثم قام الأحنف بن قيس فحمد الله وأثني عليه فقال: قد علمت أنك لن تفتح العراق عنوة، ولم تظهر عليها قصعا، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت، ليكون له الأمر بعدك (1).
أما عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان من خواص أصحاب
(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري، تحقيق علي شيري 1 / 188 و 191 – 292.
(٥٣)
الولاية الاخبارية موقع اخباري وثقافي لمن يسلك الطريق الی الله