عناصر القوة
* الإرتباط بالله تعالى
* قوّة النهج
* الشعور الثوري
* الإلتزام بالولاية
* روحية أداء التكليف
* الطاقات الكامنة
* الإكتفاء الذاتي
* الحفاظ على المعنويات
إنّ كلّ عمل استراتيجيّ يحتاج لدراسة عناصر القوّة فيه؛ لأنّ النصر يتحقّق من خلال تراكم هذه العناصر وتفعيلها ووضعها في المكان المناسب. ومن لم يعرف نقاط القوّة فلن يركّز عليها ولن يفعّلها وبالتالي ستكون محبطة وغير فعّالة، وسيصل في نهاية الأمر إلى الفشل. من هنا كان لا بُدّ من الإشارة إلى عناصر القوّة في الجهاد، لتحصيلها والمحافظة عليها وتفعيلها، هذه العناصر الّتي تتلخّص بحسب كلمات الإمام الخامنئيّ دام ظله بالعناوين التالية:
الارتباط بالله تعالى
العنصر الأوّل والأساس الّذي يجب توفُّره، والّذي يُعتبر الركيزة الأساس الّتي لا يُعوِّضها شيء إن فُقدت، هو مسألة الارتباط بالله سبحانه وتعالى.
يقول تعالى:
﴿وكان حقّاً عليْنا نصْرُ الْمُؤْمِنِين﴾1.
فالنصر الإلهيُّ تابع للإيمان. وهذا ما يُشير إليه الإمام الخامنئيّ في كلماته حيث يقول دام ظله:
“إنّ جميع سنن وقوانين الطبيعة وجميع الإمكانات والقدرات الّتي تتمتّع بها الصفوة الخيِّرة ستكون معكم ما دمتم متسلّحين بالإيمان والتقوى والعمل الصالح”.
“اهتمُّوا بالمعنويّات والمناجاة مع الله، وبالتعلُّق القلبيِّ بالله، واجعلوا الله
1- سورة البقرة، الآية: 229.
هدفكم، ولا تنخدعوا بالمظاهر ولا تتعلّقوا بزينة الدنيا وزخارفها، وبذلك تتحقّق الفئة المؤمنة الّتي تكون مثالاً لقوله تعالى: ﴿كمْ مِنْ فِئةٍ قلِيلةٍ غلبتْ فِئةً كثِيرةً بِإِذْنِ اللهِ واللهُ مع الصّابِرِين﴾2 .
“إذا أردنا أن نحفظ الثورة في المواجهة مع الأعداء، نحتاج إلى قوّة إلهيّة لا تزول، تنبع من الإخلاص التامِّ، ويجب أن يكون هذا مفهوماً ثابتاً في القوّات المسلّحة”.
“في الوقت الّذي تُصبح فيه قضيّة الإنسانيّة والإيمان والقيم والخصال الحميدة والحسابات المعنويّة حاضرة، سيكون لها تأثير غير عاديٍّ، بل ومصيريٌّ في تحديد مجرى الأحداث”.
و نراه ينقل عن الإمام الخمينيّ قدس سره أنّ الإيمان هو العمود الفقري للقوّات المؤمنة كالحرس.
يقول :
“كان الإمام يقول لي: إنّ العمود الفقريّ للحرس هو الشعور الثوريُّ والإيمان الّذي يحمله هؤلاء الشباب الغيارى. ويجب صياغة هذا الإيمان وتعزيزه بالوعي والعمق الفكريِّ في المجالات العقائديّة والسياسيّة”.
بل المطلوب أن يتطوّر الإنسان ويتقدّم في مجال الارتباط بالله سبحانه وتعالى، يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“ذكرت مراراً هذا الأمر، وقد لُذعنا منه، فكلّما ارتفع مستوى العمل والمسؤوليّة وجب أن يكون الإيمان أعمق، ولا أقصد من الإيمان تلك المظاهر الإيمانيّة للإسلام والنظام، بل ذلك الاعتقاد الحقيقيّ”.
2- سورة الأنفال، الآية: 60.
ولازدياد الارتباط بالله تعالى، لا بُدّ من تحويل جبهات القتال إلى أمكنة عبادة لله سبحانه وتعالى، يزداد فيها ارتباط المجاهد بالله سبحانه وتعالى يوماً بعد يوم.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“ميدان الجبهة هو ميدان التعبُّد، وفيه لا يوجد دخالة لأيِّ عامل آخر حتّى العقل. وإذا كُنّا ملتفتين إلى هذه المسألة وجعلنا التقوى هدفنا والتحرُّك لمرضاة الربِّ غايتنا، ستتحقّق عندها كلُّ غاياتنا”.
وهذا لا يعني المظاهر فقط، بل يجب أن ينفذ الارتباط بالله تعالى إلى القلب ويُصبح نابعاً من الوجدان.
يقول دام ظله:
“في مجال التربية يجب أن لا تغلب الأعمال الظاهريّة المحتوى واللبّ الّذي يُشكِّل عملنا الأساس، لهذا يجب الاهتمام بالتزكية وتغيير القلوب… اجعلوا سعيكم الحثيث لأجل حفظ واستمرار الصفاء والتهذيب داخلكم، وبهذه الطريقة فقط سيقلع العدوُّ عن التفكير في النفوذ واختراق هذه المؤسّسة الثوريّة”.
قوّة النهج
العنصر الثاني من عناصر القوّة، هو المنهج الّذي يسير عليه المجاهدون، فهذا المنهج هو سراج الطريق، فكلّما كان أقوى في نورانيّته وأوضح في تمييزه كان العمل أدقّ وأكثر ثماراً.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إنّ الأعداء يحسبون لكم ألف حساب. ولم يتحقّق هذا لكم إلّا بفضل
الإسلام، لهذا يجب معرفة قدر الإسلام، كما يجب عليكم أن لا تتصوّروا أنّ ما قمنا به وأنهيناه سيبقى خالداً بذاته، لهذا يجب أن نبقى حافظين له”.
الشعور الثوريّ
الإسلام الحقيقيّ هو إسلام ثوريّ لا يقبل الخنوع أو التسليم بالظلم، أو الاستسلام له. الإسلام الحقيقيّ هو إسلام أبي عبد الله الحسين عليه السلام الّذي يرفض الظلم ويواجه التحدِّي مهما كلّفه ذلك من ثمن ما دام في مرضاة الله وما دام يؤدِّي من خلاله تكليفه الشرعيّ بما يحمل من مصلحة إسلاميّة كبرى ستظهر ولو بعد حين.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“كان الإمام يقول لي: إنّ العمود الفقريّ للحرس هو الشعور الثوريّ والإيمان الّذي يحمله هؤلاء الشباب الغيارى”.
وهذا الإسلام الأصيل هو سبب الانتصارات الّتي تحقّقت في هذا الزمن وفي غيره من الأزمان.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“ما هو سبب هذه الانتصارات وهذا التقدُّم؟ الجواب بكلمة واحدة هو التضحية النابعة من التديُّن الثوري، لا ذلك التديُّن الفاقد للروحيّة الثوريّة… التديُّن الثوريُّ هو نفس التديُّن القرآنيِّ الأصيل الخالص الّذي تُلازمه التضحية والإيثار والابتكار واستصغار العوائق…
وهذه الروحيّة هي الّتي تُؤدِّي إلى تفوُّقكم: ﴿كمْ مِنْ فِئةٍ قلِيلةٍ غلبتْ فِئةً كثِيرةً﴾”3 .
3- نهج البلاغة، ج2، ص180.
الالتزام بالولاية
إنّ ولاية الفقيه هي نعمة إلهيّة كبرى في زمن الغيبة، وهي المحور الأساس لكلِّ الحركة الإسلاميّة في عصر الغيبة؛ لأنّه من خلال الولاية تُدفع الأخطار وتُشخّص المصالح وتسير الأمّة كلُّها باتجاه واحد. وهذا ما أثبتته التجربة بشكل واضح لا غبار عليه.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إذا لم يهتدِ الحرس بهدي الوليِّ الفقيه، ولم يكن تحت رقابته الدائمة، فسيكون معرّضاً بدرجة كبيرة لخطر الأعداء وينشأ القلق من احتمال النفوذ إليه وحرفه عن خطِّه ونهجه”.
ومن هنا فلا بُدّ من أن يكون للمجاهدين ارتباط مميّز بالوليِّ الفقيه على المستوى العمليِّ؛ لأنّه هو الضمان في استمرار المسيرة وعدم انحرافها أو تشتُّتها.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“يجب أن يحفظ الحرس ارتباطه بالوليِّ الفقيه وأن يدقِّق في نصائح الإمام”.
وكذلك يجب أن يكون الارتباط على المستوى المعنويِّ، مع ولاية الفقيه.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“مسألة ولاية الفقيه يجب أن تكون الدم الّذي يجري في عروق الحرس لتهبه الحياة، ويجب أن يظهر هذا الأمر ويتجلّى في الواقع العمليِّ للأفراد”.
روحيّة أداء التكليف
إنّ روحيّة أداء التكليف الشرعيِّ والانطلاق من خلال هذا التكليف إلى ساحات العمل سيضمن النصر بالتأكيد، وسيمنع الوهن والتردُّد والشكّ، فننجز تكليفنا ولا نبالي ما دمنا سننال إحدى الحسنيين!
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إذا جعل الإنسان الشريعة أمامه، وسار في كلِّ خطواته طبق التكليف الشرعيِّ الإسلاميِّ، فيقيناً سينتصر”.
فالالتزام بالتكليف الشرعيِّ والسير على ضوء الشرع الإسلاميِّ المقدّس هو أمر أساس يُعطي الهويّة الحقيقيّة للجهاد من جهة ويُحقِّق النصر من جهة أخرى.
وهذه وصيّة الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“النصيحة الّتي أودُّ أن أوجِّهها لنفسي أوّلاً ثمّ إليكم أيُّها الأعزاء في كلِّ المواقع هي أنّه بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى، يجب معرفة أحكام الله والحفاظ عليها وعدم تجاوزها ﴿ومنْ يتعدّ حُدُود اللهِ فأُولئِك هُمُ الظّالِمُون﴾4 . فلا يجوز لأحد أن يتعدّى هذه الحدود الّتي بيّنها لنا الإسلام بوضوح، والّذي يتّبع هذه الحدود الإلهيّة الجليلة يبقى دوماً منتصراً مرفوع الرأس، هذه وصيّتي: تحرّكوا ضمن الحدود الإلهيّة ولا تتجاوزوها”.
الطاقات الكامنة
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إنّ من الأمور المهمّة في أيّة مؤسّسة عسكريّة، العمل لأجل الاستفادة
4- سورة البقرة، الآية: 229.
القصوى من القابليّات والطاقات المادِّيّة والإنسانيّة الموجودة فيها… يجب عليكم أن تبحثوا عن هذه القابليّات وتنمّوها وتُخرجوها إلى حيّز التحقُّق، يجب عليكم أن تستفيدوا من الأيادي الماهرة والعقول الفذّة والخلّاقة لأجل تطوير العمل وتحمّل هذه المسؤوليّة الكبرى”.
إنّ في الإنسان طاقات عظيمة أودعها الله سبحانه وتعالى فيه، ويجب العمل على نبشها واستثارتها لتتحرّك وتُبدع في كلِّ ساحات الحاجة، وعلى الإنسان أن يبذل ما في وسعه لأجل ذلك.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“ابذلوا ما في وسعكم من أجل الإبداع والاختراع”.
وهذا الأمر موجود في كلِّ الميادين بما فيها ميدان العمل الجهاديِّ والقوّات المسلّحة.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“في القوّات المسلّحة توجد استعدادات وقابليّات لامعة وملفتة في مختلف الأبعاد، لهذا يجب التعرُّف إليها وتنميتها، وتفعيل هذه الجواهر الإنسانيّة في سبيل الأهداف السامية للثورة”.
الاكتفاء الذاتيّ
لا شكّ أنّ الحاجة للآخرين هي جهة نقص وضعف. وقد يكون رفع الحاجة والانقطاع عن العالم الآخر أمر غير عمليٍّ وغير مفيد بل غير ممكن من الأساس، ولكن على الأقلِّ في الأمور الاستراتيجيّة ينبغي السعي نحو الاكتفاء الذاتيّ بهدف الاستغناء عن الآخرين، خصوصاً في موضوع الجهاد والحاجات الأساس للقوّات المسلّحة، فالقوّات المسلّحة يجب أن تسعى لتأمين كلِّ ما تحتاجه في الجهاد بأعلى مستوى ممكن من الاكتفاء الذاتيّ.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“أكبر مصيبة هي أن تكون المؤسّسة العسكريّة بحاجة للآخرين لتأمين مُعدّاتها، والعزّة الحقيقيّة تكون لمن يعتمد على نفسه”.
قد يكون الأمر بحاجة لمجهود جبّار لتحقُّقه، لكن لا بُدّ من السعي نحو الاكتفاء الذاتيّ.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“حافظوا على المسار في خططكم من أجل الاكتفاء الذاتيّ والاعتماد على النفس. وإنّني أتّهم كلّ من يقول باستحالة هذا الأمر، فلا يوجد شيء اسمه مستحيل. إنّ الإنسان ينطوي على قابليّات جبّارة تجعل المستحيل ممكناً”.
الحفاظ على المعنويّات
إنّ الإنسان هو روح وجسد. وكما ينبغي أن يستعدّ على المستوى الجسديّ والمادِّيِّ فعليه أن يستعدّ أيضاً على المستوى النفسيِّ والمعنويِّ، فيثير عناصر القوّة في نفسه ويدفن كلّ عناصر الضعف والوهن. وقوّة الإنسان تنشأ من معنويّاته العالية، لذلك يجب مراقبة هذه المعنويّات والمحافظة عليها في أعلى مستوياتها.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“الإنسان موجود قابل للتغيُّر والانفعال. ومن خلال معاملاته واحتكاكه بالمسائل اليوميّة قد تتغيّر معنويّاته وتتأثّر، لهذا يجب مراقبتها بصورة دائمة لكي لا تتّجه نحو الضعف والخراب”.
واليأس والشكّ من أصعب الأمراض المعنويّة الّتي تأكل كلّ شيء وتجعل
القوّات المسلّحة بدون تأثير، لذلك يؤكِّد الإمام الخامنئيّ دام ظله على منع تسلُّلها إلى القوّات العسكريّة:
“اسعوا داخل أجهزة قوّات الحرس إلى أن لا يتسلّل اليأس والشكُّ وحاربوا هذا الأمر بشدّة”.