الرئيسية / الاسلام والحياة / رسائل ومقالات – الشيخ جعفر السبحاني

رسائل ومقالات – الشيخ جعفر السبحاني

لما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الباذر الأول للتشيع في عصره، فقد التف حول الإمام علي عليه السلام مجموعة من المهاجرين والأنصار في عصره صلوات الله عليه وبعد رحيله، وناصروه في مواقف عديدة وعرفوا بشيعة علي، ولأجل مرافقة المدعى بالدليل نذكر هنا أسماء رواد التشيع من الصحابة في صدر الإسلام:
1 – عبد الله بن عباس. 2 – الفضل بن العباس.
3 – قثم بن العباس. 4 – عبد الرحمان بن العباس.
5 – تمام بن العباس. 6 – عقيل بن أبي طالب.
7 – أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب. 8 – نوفل بن الحرث.
9 – عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. 10 – عون بن جعفر.
11 – محمد بن جعفر. 12 – ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب.
13 – الطفيل بن الحرث. 14 – المغيرة بن نوفل بن الحارث.
15 – عبد الله بن الحرث بن نوفل. 16 – عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث.
17 – العباس بن ربيعة بن الحرث. 18 – العباس بن عتبة بن أبي لهب.
19 – عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث. 20 – جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.
هؤلاء من مشاهير بني هاشم، وأما غيرهم فإليك أسماء لفيف منهم:
21 – سلمان المحمدي. 22 – المقداد بن الأسود الكندي.
23 – أبو ذر الغفاري. 24 – عمار بن ياسر.
25 – حذيفة بن اليمان. 26 – خزيمة بن ثابت.
27 – أبو أيوب الأنصاري (مضيف النبي صلى الله عليه وآله وسلم).
28 – أبو الهيثم مالك بن التيهان.
(١٢)
29 – أبي بن كعب. 30 – قيس بن سعد بن عبادة.
31 – عدي بن حاتم. 32 – عبادة بن الصامت.
33 – بلال بن رباح الحبشي. 34 – أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
35 – هاشم بن عتبة. 36 – عثمان بن حنيف.
37 – سهل بن حنيف. 38 – حكيم بن جبلة العبدي.
39 – خالد بن سعيد بن العاص. 40 – بريدة بن الحصيب الأسلمي.
41 – هند بن أبي هالة التميمي. 42 – جعدة بن هبيرة.
43 – حجر بن عدي الكندي. 44 – عمرو بن الحمق الخزاعي.
45 – جابر بن عبد الله الأنصاري. 46 – محمد بن الخليفة أبي بكر.
47 – أبان بن سعيد بن العاص. 48 – أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
49 – أم هاني بنت أبي طالب. 50 – أسماء بنت عميس.
هؤلاء خمسون صحابيا من رواد الشيعة، فمن أراد التفصيل والوقوف على حياتهم وتشيعهم فليرجع إلى الكتب المؤلفة في الرجال.
قال محمد كرد علي في كتابه ” خطط الشام “: عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل: سلمان الفارسي القائل: بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له، ومثل: أبي سعيد الخدري الذي يقول: أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة، ولما سئل عن الأربع، قال: الصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج، فقيل: فما الواحدة التي تركوها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب، قيل له: وإنها لمفروضة معهن؟ قال: نعم هي مفروضة معهن، ومثل: أبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت، وأبي أيوب الأنصاري،
(١٣)
وخالد بن سعيد، وقيس بن سعد بن عبادة (1).
وبذلك يستغني القارئ عن الافتراضات الوهمية التي أبداها لفيف من المستشرقين تبعا لما ورد على لسان بعض الباحثين من أسطورة عبد الله بن سبأ التي حاكها سيف بن عمر الكذاب الوضاع (2).
* * * هذا هو معنى الشيعة لغة واصطلاحا وتاريخا ذكرناه بصورة موجزة والتفصيل يطلب من الكتب المعدة لهذا الغرض.
وأما دراسة عقائد الشيعة ومنهجهم الفقهي فتتم ضمن فصول سبعة:
الأول: الشيعة والتوحيد.
الثاني: الشيعة والعدل.
الثالث: الشيعة والنبوة.
الرابع: الشيعة والمعاد.
الخامس: الشيعة والإمامة والخلافة.
السادس: الشيعة والمنهج الفقهي.
السابع: الشيعة والتراث الفكري.

(1) خطط الشام: 5 / 251.
(2) لاحظ ميزان الاعتدال: للذهبي: 1 / 438، تهذيب التهذيب: لابن حجر: 4 / 285، اللئالي المصنوعة: 1 / 157 و 199.
(١٤)
الفصل الأول:
الشيعة والتوحيد الشيعة تصف الله سبحانه كما وصف به نفسه ويقول: * (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) *.
وتصفه بأنه سبحانه قديم لم يزل ولا يزال، عالم قادر، حي قيوم، سميع بصير، متعال عن جميع صفات خلقه، خارج عن الحدين: حد التعطيل، وحد التشبيه، لا يجوز تعطيل ذاته عن صفاته كما لا يجوز تشبيه ذاته بمخلوقاته.
تعتقد الشيعة في توحيده ما كتبه الإمام الرضا عليه السلام للمأمون العباسي، حيث سأله المأمون أن يكتب له محض الإسلام على سبيل الإيجاز والاختصار.
فكتب عليه السلام له: ” إن محض الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا فردا، صمدا، قيوما، سميعا بصيرا، قديرا قديما قائما، باقيا، عالما لا يجهل، قادرا لا يعجز، غنيا لا يحتاج، عدلا لا يجور وأنه خالق كل شئ، وليس كمثله شئ، لا شبه له، ولا ضد له، ولا ند له، ولا كفو له، وأنه المقصود بالعبادة والدعاء، والرغبة والرهبة ” (1).
وقد عرض عبد العظيم الحسني عقيدته على الإمام الهادي علي بن محمد النقي عليهما السلام فقال له: يا بن رسول الله، إني أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل.

(1) الصدوقعيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 121.
(١٥)
فقال عليه السلام: هاتها.
فقلت: إني أقول إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شئ، خارج عن الحدين: حد الإبطال، وحد التشبيه، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور، وخالق الأعراض والجواهر، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه (1).
هذه عقيدة الشيعة في توحيده وتنزيهه، والقارئ إذا رجع إلى الكتب الكلامية والعقائدية التي ألفت بيد علماء الشيعة منذ أوائل القرن الثالث إلى العصر الحاضر يرى اتفاقهم على ما ذكرنا، وقد اخترنا لك نصين:
أحدهما: للرضا عليه السلام الإمام الثامن للشيعة الإمامية (148 – 203 ه‍).
وثانيهما: للإمام الهادي الإمام العاشر (232 – 254 ه‍) فقد أمضى ما ذكره عبد العظيم الحسني عليه.
اخترنا هذين النصين ليعلم أن الشيعة أهل التنزيه منذ عهد مبكر، ومع ذلك كله فقد قسم علماء الشيعة التوحيد إلى مراتب ودرجات نذكرها على وجه الإيجاز.
1 – التوحيد الذاتي: واحد لا نظير له.
2 – التوحيد الذاتي أيضا: بسيط ليس بمركب.
3 – التوحيد الأفعالي: إنه لا خالق في الكون إلا هو.
4 – التوحيد التدبيري: إنه لا مدبر للكون إلا هو.
5 – التوحيد العبادي: لا معبود سواه.

(1) الصدوق: التوحيد، باب التوحيد والتشبيه: 81 برقم 37.
(١٦)
ثم إن هناك مراتب للتوحيد ذكرها علماء الشيعة في كتبهم الكلامية واستنبطوها من القرآن الكريم وأحاديث العترة الطاهرة، وهي:
6 – التوحيد في التقنين والتشريع: إنه لا مقنن ولا مشرع إلا هو، وليس لأحد حق التشريع.
7 – التوحيد في الطاعة: إنه لا مطاع بالذات إلا هو، ولو وجبت إطاعة النبي والإمام فإنما هي بأمره سبحانه.
8 – التوحيد في الحاكمية: لا حاكم إلا هو، وأنه ليس لأحد أن يحكم إلا بإذنه سبحانه.
9 – التوحيد في الشفاعة: والمراد أن الشفاعة حق لله سبحانه، ولا يشفع لأحد إلا بإذنه * (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) * (1).
10 – التوحيد في الاستعانة: وإنه لا يستعان إلا به، ولو استعان بغيره بزعم أنه يقوم بالإعانة مستقلا فهو مشرك، ولو استعان بغيره معتقدا بأنه معين بحول وقوة منه سبحانه فهو عين التوحيد.
11 – التوحيد في المغفرة: وإنه لا يغفر الذنوب إلا هو.
12 – التوحيد في الرازقية: وإنه لا رازق إلا هو.
هذه مراتب التوحيد الاثنا عشر التي يتفقون فيها مع إخوانهم أهل السنة لا سيما الأشاعرة.
نعم هناك مرتبة من التوحيد تختص بالشيعة الإمامية يختلفون فيها عن سائر الفرق والطوائف الإسلامية وهي:

(١) الأنبياء: ٢٨.
(١٧)
التوحيد في الصفات: والمراد به أن صفاته الثبوتية كالعلم والقدرة والحياة عين ذاته لا زائدة على الذات وإلا يلزم تعدد القدماء الثمانية – وهي مسألة كلامية خاض فيها عباقرة علم الكلام – خلافا للأشاعرة القائلين بزيادة الصفات على الذات.
وهناك مصطلح كلامي وهو الصفات الخبرية والمقصود منها هي الصفات التي أخبر بها القرآن الكريم وأثبتها الوحي لله سبحانه كعين الله، ويد الله، واستوائه على العرش، وما ماثلها، والمسلمون فيها على أقوال: فمن معطل يفوض تفسير هذه الآيات والصفات إلى الله تبارك وتعالى، إلى مجسم يفسرها بالمعاني اللغوية من دون أن يجعلها ذريعة إلى المعاني المجازية، إلى مؤول يؤولها إلى معاني تجتمع مع تنزيهه.
والشيعة الإمامية تحملها على المعاني اللغوية ولكن تجعلها كناية عن المفاهيم العالية، ولا ترى ذلك تأويلا، فإن كلام العرب مشحون بالمجاز فاليد في قوله سبحانه: * (يد الله فوق أيديهم) * (1) مستعملة في نفس المعنى اللغوي لكن كناية عن سعة قدرته، وهو أمر رائج بين البلغاء ولا يعد تأويلا.
ثم إن توحيده سبحانه بكونه الخالق والمدبر لا يعني سلب التأثير عن العوامل الطبيعية والجنود الغيبية للرب، فإن سلب التأثير الظلي والتبعي عن كل موجود سوى الله، يرده الذكر الحكيم بقوله سبحانه: * (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) * (2).
وعلى ضوء ذلك فالماء يروي العطشان، كما أن الخبز يشبع الجائع، والماء ينبت النبت والزرع، لكن بأثر مودع فيه من جانب خالقه، فالقول بتأثيره في ظل

(١) الفتح: ١٠ (2) البقرة: 22.
(١٨)
إرادته سبحانه وأمره عين التوحيد الذي دعا إليه الذكر الحكيم.
ومن أراد أن يفسر التوحيد في الخالقية والتدبير، بسلب الأثر عن كل موجود سواه، فقد خالف القرآن والوجدان الصريح ووقع في متاهات الجبر الذي سيوافيك بطلانه في الفصل الثاني.

شاهد أيضاً

الصلاة على محمد وآله في الميزان – البغدادي 2

الإهداء إليكم يا هداة العباد إليكم يا من جاهدتم في الله حق الجهاد إليك يا ...