الرئيسية / الاسلام والحياة / خطبة السيدة زينب بنت الإمام علي (عليهما السلام) في مجلس يزيد بن معاوية في الشام

خطبة السيدة زينب بنت الإمام علي (عليهما السلام) في مجلس يزيد بن معاوية في الشام

الحمد لله رب العالیمن ، وصلى الله على محمد (١٤٣) وآله أجمعین ، صدق الله کذلک یقول : ( ثم کان عاقبة الذین أساؤا السؤى أن کذبوا بآیات الله وکانوا بها یستهزؤون ) (١٤٤) ، أظننت یا یزید ـ حیث أخذت علینا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق کما تساق الإماء (١٤٥) ـ أن بنا على الله هواناً ، وبک علیه کرامة!! وأن ذلک لعظیم خطرک عنده!! فشمخت بأنفک ونظرت فی عطفک (١٤٦) ، جذلاً (١٤٧) مسروراً ، حین رأیت الدنیا لک مستوسقة ، والأمور متسقة ، وحین صفا لک ملکنا وسلطاننا ، فمهلاً مهلاً ، أنسیت قول الله عزوجل : ( ولا یحسبن الذین کفروا أنما نملی لهم خیر لأنفسهم إنما نملی لهم لیزدادوا إثماً ولهم عذاب مهین ) (١٤٨).

أمن العدل یا بن الطلقاء تخدیرک إماءک ونساءک وسوقک (١٤٩) بنات رسول
الله سبایا؟‍‍‍‍‍‍‍‍! ، قد هتکت ستورهن ، وأبدیت وجوههن ، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ، ویستشرفهن (١٥٠) أهل المنازل والمناهل (١٥١) ، ویتصفح وجوههن القریب والبعید ، والدنی والشریف ، لیس معهن من رجالهن ولی ، ولا من حماتهن حمی.

وکیف ترتجى مراقبة من (١٥٢) لفظ فوه أکباد الأزکیاء ، ونبت لحمه بدماء الشهداء؟!

وکیف یستظل فی ظلمنا (١٥٣) أهل البیت من نظر إلینا بالشنف والشنآن والإحن والأضغان؟!

ثم تقول غیر متأثم ولا مستعظم :

فأهلوا (١٥٤) واستهلوا فرحاً

ثم قالوا : یا یزید لا تشل

منتحیاً (١٥٥) على ثنایا أبی عبد الله علیه‌السلام سید شباب أهل الجنة تنکتها بمخصرتک.

وکیف لا تقول ذلک ، وقد نکأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتک دماء ذریة محمد صلى‌الله‌علیه‌وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب؟! وتهتف بأشیاخک ، زعمت أنک تنادیهم!

فلتردن وشیکاً موردهم ، ولتودن أنک شللت وبکمت ولم تکن قلت ما قلت

وفعلت ما فعلت.

اللهم خذ بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل غضبک بمن (١٥٦) سفک دماءنا وقتل حماتنا.

فوالله ما فریت إلا جلدک ، ولاحززت (١٥٧) إلا لحمک ، ولتردن على رسول الله صلى‌الله‌علیه‌وآله بما تحملت من سفک دماء ذریته ، وانتهکت من حرمته فی عترته ولحمته ، وحیث یجمع الله شملهم ویلم شعثهم ، ویأخذ بحقهم ( ولا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتاً بل أحیاء عند ربهم یرزقون ).

وحسبک بالله حاکماً ، وبمحمد صلى‌الله‌علیه‌وآله خصیماً ، وبجبرئیل ظهیراً ، وسیعلم من سول لک ومکنک من رقاب المسلمین ، بئس للظالمین بدلاً وأیکم شر مکاناً وأضعف جنداً.

ولئن جرت علی الدواهی مخاطبتک ، أنی لأستصغر قدرک ، وأستعظم تقریعک ، واستکثر توبیخک ، لکن العیون عبرى ، والصدور حرى.

ألا فالعجب کل العجب لقتل حزب الله النجباءبحزب الشیطان الطلقاء ، فهذه الأیدی تنضح (١٥٨) من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا ، وتلک الجثث الطواهر الزواکی تتناهبها (١٥٩) العواسل وتعفوها أمهات الفراعل ، ولئن أتخذتنا مغنماً لتجدنا وشیکاً مغرماً ، حین لا تجد إلا ما قدمت یداک ،* وما ربک بظلام للعبید ، فإلى الله المشتکى ، وعلیه المعول.

فکد کیدک ، واسع سعیک ، وناصب (١٦٠) جهدک ، فوالله لا تمحو ذکرنا ، ولا تمیت وحینا ، ولا تدرک أمدنا ، ولا ترحض عنک عارها.

وهل رأیک إلا فندا ، وأیامک إلا عددا ، وجمعک إلا بددا ، یوم ینادی المناد : ألا لعنة الله على الظالمین.

فالحمد لله الذی ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة.

ونسأل الله أن یکمل لهم الثواب ، ویوجب لهم المزید ، ویحسن علینا الخلافة ، إنه رحیم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوکیل.

____________

(١٤٠) البیتین الأخیرین لم یردا فی ر ، ووردا فی ع.
(١٤١) الراوی ، من ع.
(١٤٢) ب. ع : بنت علی بن أبی طالب علیه‌السلام. فقالت.
(١٤٣) ب. ع : رسوله.
(١٤٤) الروم ٣٠ / ١٠.
(١٤٥) ب : الأسارى. ع : الأسراء. والمثبت من ر.
(١٤٦) ر : ونظرت إلى فیء عطفک.
(١٤٧) ب. ع : جذلان.
(١٤٨) آل عمران ٣ / ١٧٨.
(١٤٩) ب. ع : تحدیرک حرائرک وإماءک وسوقک.
(١٥٠) ر : ویتشرفهن.
(١٥١) ب. ر : المناهل والمناقل.
(١٥٢) ر : وکیف ترجو مراقبة ابن من.
(١٥٣) ب : وکیف یستبطأ فی بغضنا. ع : وکیف ویستبطأ فی بغضاء.
(١٥٤) ب : وأهلوا.ع : لا هلوا.
(١٥٥) ر : متخنیا.
(١٥٦) ر : واحلل غضبنا على من.
(١٥٧) ب : ولا جززت.
(١٥٨) ب. ع : تنطف.
(١٥٩) ب. ع : تنتابها.
(١٦٠) ر : واجهد.

شاهد أيضاً

شهداء وجرحى بتفجيرات إرهابية في منطقة السيد زينب (ع) بسوريا

استـشهد 6 أشخاص على الأقل وأصيب 23 آخرون الخميس جراء انفجارات في منطقة السيدة زينب ...