الرئيسية / من / طرائف الحكم / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 12

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 12

في نبذة من حقوقه علينا ومراحمه إلينا (عليه السلام) الباب الثالث في نبذة من حقوقه علينا ومراحمه إلينا وهي كثيرة، جليلة، لا أكاد أحصيها، ولا أستطيع الغوص فيها. فمثلها البحر الزاخر واليم المائر، غير أني أغترف منه غرفة، وأبتغي بذلك القربة، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
فمنها حق الوجود فإنه السبب في وجودك وكل موجود، ولولاه ما خلقت أنت ولا غيرك، بل لولاه ما خلقت أرض ولا فلك، لولاه لم يقترن بالأول الثاني.
– ويدل على ذلك قوله في التوقيع الشريف المروي في الاحتجاج (1): ونحن صنائع ربنا، والخلق بعد صنائعنا، الخ، ومعنى هذا الكلام يجري على وجهين: أحدهما ما ذكر صلوات الله عليه في توقيع آخر.
– روى في الاحتجاج (2) أنه اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم هذا محال لا يجوز على الله لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل، وقال آخرون: بل الله عز وجل أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا، ورزقوا، وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا فقال قائل ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك، ليوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر،
فرضيت الجماعة بأبي جعفر، وسلمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة، وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته: إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام، وقسم الأرزاق، لأنه ليس بجسم، ولا حال في جسم، ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، فأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق، إيجابا لمسألتهم

1 – الإحتجاج: 2 / 278 توقيعات الناحية المقدسة.
2 – الإحتجاج: 2 / 284 توقيعات الناحية المقدسة.
(٣٥)
وإعظاما لحقهم. انتهى.
وحاصل هذا الوجه أنه وآبائه عليهم السلام هم الوسائط في إيصال الفيوضات الإلهية إلى سائر المخلوقات وإليه أشير في دعاء الندبة: ” أين السبب المتصل بين أهل الأرض والسماء ” ونسبة الفعل إلى السبب والواسطة كثيرة جدا في العرف واللغة.
والوجه الثاني: أنه المقصود الأصلي والغرض الحقيقي من خلق جميع ما أنشأه الباري تعالى شأنه، وكذا آباؤه الطاهرون عليهم السلام فهم العلة الغائية وخلق ما سواهم لأجلهم.
ويؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائع لنا. والأحاديث الدالة عليه متظافرة.
– منها ما رواه الصدوق في الإكمال (1) مسندا عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني، ولا أكرم عليه مني.
قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل؟ فقال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك. فإن الملائكة لخدامنا، وخدام محبينا، يا علي:
* (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا) * بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوا ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله! لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا، استعظموا أمورنا، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة أن لا إله إلا الله. فلما شاهدوا كبر محلنا، كبرنا الله، لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال، وأنه عظيم المحل فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من القدرة والقوة، قلنا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله.

1 – إكمال الدين: 1 / 254 باب 23 ذيل 4.
(٣٦)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...