أصول (في التعريفات والتقسيمات والاصطلاحات) (في الالقاب) (اصل) موضوع هذا العلم في الاصل المقصود بالذات السنة المطهرة، وهي طريقة النبي صلى الله عليه وآله أو الامام المحكية عنه، فالنبى بالاصالة والامام بالنيابة. وهي: قول، وفعل، وتقرير. ويتبع تلك البحث عن الاثار، وهي أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم. واكثر أهل الحديث يطلقون على الكل اسم (الحديث)، ولهذا يقسمونه الى مرفوع وموقوف. وقد نشير هنا الى طريقهم في ذلك. ثم ان البحث في السنة القولية اما: في المتن، أو في السند.
[ 89 ]
أما البحث في المتن: وهو في الاصل ما اكتنف الصلب من الحيوان. ومتن الشئ: قوي، ومنه حبل متين. ومتن الشئ: ما به يتقوم ويتقوى، كما أن الحيوان يتقوى بالظهر. وفي الاصطلاح هو: ألفاظ الحديث المقصوة بالذات التي تتقوم بها المعاني. فانه ينقسم باعتبار وضوح الدلالة على المراد منه وخفائها الى (نص) و (مجمل) و (ظاهر) و (مؤل)، لان اللفظ ان كان له معنى واحد لا يحتمل غيره فهو (النص)، وان احتمل فان تساوى الاحتمالان فهو (المجمل)، وان ترجح أحدهما فان أريد المرجوح لدليل فهو (المؤل)، وان أريد الراجح فهو (الظاهر). ورجحانه اما بحسب الحقيقة الشرعية كدلالة الصوم على الامساك (1) عن المفطرات، أو بحسب العرف كدلالة الغائط على الفضلة (2). وهذان وان كانا نصين باعتبار الشرع والعرف الا أن ارادة الموضوع له الاول لم تنتف انتفاءا ” يقينا “. ومن الراجح (المطلق)، وهو اللفظ الدال على تعلق الحكم بالمهية لا بقيد منضم دلالة ظاهرة. ومنه (العالم)، وهو اللفظ الدال على اثنين فصاعدا ” من غير حصر، فان دلالته على استيعاب الافراد ظاهر لا قاطع. وقد ينقسم باعتبار آخر الى (حقيقة) و (مجاز) و (مشترك) و (منقول) أي يأتي في ألفاظه هذه الامور (3)، و (مطلق) و (مقيد) و (عام) و (خاص)
- لان (الصوم) في اللغة موضوع لمطلق الامساك عن أي شئ كان (منه). 2. و (الغائط) في اللغة موضوع لموضع منخفض من الارض (منه). 3. يعنى يأتي في القابه وتسميته هذه الامور، أي هذه الالفاظ (منه).
[ 90 ]
و (مبين) في نفسه وما لحقه البيان وهو (المبين) اسم فاعل و (ناسخ) و (منسوخ). وتحقيق ذلك ونحوه من وظائف الاصولي، وانما الواجب على المحدث معرفتها من الاصول ليضع الاحاديث على مواضعها منها، فيعطي كل حديث حقه إذا أراد العمل بالاحاديث وذلك من وظائف الفقيه، فإذا عرفها وأعطى الحديث حقه من ذلك عمل به بعد صحة السند. وانما نبهنا على ذلك لئلا يجترئ بعض القاصرين عن درجة الاستنباط على العمل بما يجده من الاحدايث صحيحا “، فان دون العمل به بعد صحة سند بيداء لا تكاد تبيد. (اصل) وأما البحث في السند: وهو المقصود من هذا الباب، فاعلم: ان (السند) هو طرق المتن، أعني مجموع من رووه واحدا ” عن واحد حتى يصل الى صاحبه، مأخوذ من قولهم (فلان سند) أي يستند إليه في الامور أي يعتمد عليه، فسمي الطريق سندا ” لاعتماد المحديثين والفقهاء في صحة الحديث وضعفه على ذلك، والاسناد هو ذكر طريقه حتى يرتفع الى صاحبه. وقد يطلق (الاسناد) على (السند)، فيقال: اسناد هذا الحديث صحيح أو ضعيف، وذلك لان المتن إذا ورد فلابد له من طريق موصل الى قائلة، فهذا الطريق باعتبار كونه معتمدا ” للعلماء في الصحة والضعف يسمى (سندا “)، وباعتبار تضمنه رفع الحديث الى القائل يسمى (اسنادا “).
[ 91 ]
ثم ان أسماء متن الحديث تختلف باعتبار اختلاف سنده في القوة والضعف والاتصال والقطع ونحو ذلك، ويترتب على ذلك فوائد: جواز العمل به وعدمه وأنواع الترجيحات المقررة في الاصول. وأما السنة الفعلية: فان فعلهم (ع) إذا وقع بيانا ” تبع المبين في وجوبه وندبه واباحته، وان فعلوه ابتداءا ” فلاحجة فيه على الاقوى (1) الا أن يعلم الوجه الذي وقع عليه. وأما فعلهم المجرد فانه يدل على الجواز ان كان في الافعال العرفية وعلى الرجحان ان كان في العبادات. وأما السنة التقريرية: فان النبي صلى الله عليه وآله لا يقر على منكر وكذلك الائمة المعصومون بعده صلوات الله عليهم الالتقية، فما فعل بحضرتهم أو غيرها مما علموا به ولم ينكروه من غير تقية فانه يدل على جوازه. وأما البحث في سند السنة الفعلية والتقريرية ففيه ما في سند القوالية من الاقسام والكلام، كما نبينه انشاء الله تعالى. (اصل) الخبر اما صدق قطعا ” كخبر الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وآله، أو كذب قطعا ” كخبر مسيلمة بأنه أوحي إليه، أو مظنون الصدق كخبر العدل،
- أي لا بيانا “، فلا حجة في كونه واجبا ” أو ندبا ” أو مباحا ” (منه).
[ 92 ]
أو الكذب كبعض أخبار الفساق، أو مشكوك كبعض أخبار المجهولين. ثم الاخبار منها (متواتر) وهو ما رواه جماعة يحصل العلم بقولهم للقطع بعدم امكان توطئهم على الكذب عادة. ويشترط ذلك في كل طبقاته صحيحا ” كان أولا، وهو مقبول لوجوب العمل بالعلم. وهذا لا يكاد يعرفه المحدثون في الاحاديث لقلته، وهو كالقرآن وظهور النبي والقبلة والصلوات وأعداد الركعات والحج ومقادير نصب الزكوات. نعم المتواتر بالمعنى كثير كشجاعة علي وكرم حاتم. ويشترط كونه: ضروريا ” لا مظنونا “، مستندا ” الى محسوس لا مثل حدوث العالم وصدق الانبياء، وان لا يسبق الى السامع شبهة أو تقليد ينافي موجب الخبر كما حققه السيد المرتضى (ره) وتبعه المحققون، لان حصول الشبهة والتقليد مانعان عن حصول العلم العادي من الخبر المتواتر، ولهذا أنكر الكفار ما تواتر من معاجز نبينا صلى الله عليه وآله، وأنكر المخالفون ما تواتر من النص على علي عليه السلام بالامامة. والقدر الذي يحصل به التواتر غير معلوم لنا، لكنا بحصول العلم نستدل على كمال العدد، وذلك يختلف باختلاف الاخبار والمخبرين، ويعسر تجربة ذلك. وان تكلفناه فسبيله أن نراقب أنفسنا، فإذا أخبرنا بوجود شئ خبرا ” متوليا ” فان قول الاول يحرك الظن وقول الثاني والثالث يؤكده، وهلم جرا ” الى أن يصير ضروريا “. وحديث الغدير متواتر عندنا، وحديث (من كذب علي فليتبوأ مقعده من
الولاية الاخبارية موقع اخباري وثقافي لمن يسلك الطريق الی الله