الرئيسية / الاسلام والحياة / الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء

بسم الله الرحمن الرحيم

مقولة مشهورة ومتداولة عند المؤمنين ، وكون الإسلام محمدي الوجود ممّا لاشك ولا ريب فيه ، ومن البديهيات المتّفق عليها عند كافة أهل الإسلام ، وغيرهم من بقيّة الأديان السماوية وغير السماوية ، أمّا القول ببقاء الإسلام واستمراريته بسبب الحسين (عليه السّلام) وتضحيته فهذا ممّا يحتاج إلى دليل وبرهان .
فيا ترى هل ما يعتقده المؤمنون من أنّه لولا الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ولولا مواقفه وشهادته في كربلاء لما بقي من الإسلام إلاّ اسمه ومن الدين إلاّ رسمه ، ولكان الإسلام اليوم كبقية الأديان السماوية الأخرى ـ اليهودية والمسيحية ـ ليس لها تطابق مع دين الكليم موسى والمسيح عيسى (عليهما السّلام) إلاّ في الاسم ودعوى الانتساب إليهما ؟

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء – صفحة 3

فهل هذه الكلمة ( الإسلام محمدي الوجود ، وحسيني البقاء ) كلمة حبّ وعاطفة أطلقها عشّاق ومحبّي الإمام الحسين (عليه السّلام) ، أم أنّها كلمة لها واقع حقيقي ؟
إذ لعلّ إنسان يتساءل ويقول : كثير من المذاهب الإسلامية لا تنظر إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) على أنّه إمام مفترض الطاعة ، كما ينظر إليه المؤمنون ، ومع ذلك فإنّها متمسّكة ظاهراً بالدين وبدستور الإسلام الخالد ( القرآن الكريم ) ، فالإسلام مستمر وباق حتى لو لم يُقتل الإمام الحسين في كربلاء ، بل حتى لو لم يولد الإمام الحسين (عليه السّلام) .
إلاّ إنّا نصرّ ونقول :
إنّه لو لم يكن الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ولو لم تكن واقعة كربلاء لكان الإسلام اسمه موجود وحقيقته مفقودة ، ولأصبح كبقيّة الأديان السماوية الموجودة الآن ليس له من الحق إلاّ الاسم ، وأنّ مقولة ( الإسلام حسيني البقاء ) لها واقع حقيقي ملموس ممتدّ من قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( حسين منّي وأنا من حسين ))(1) .

ــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في الأدب من صحيحه ، ورواه في التاريخ الكبير 4 / 415 ، مسند الإمام أحمد 4 / 172 ، سنن ابن ماجه ، سنن الترمذي ، المستدرك على الصحيحين 3 / 177 ، ولمعرفة دلالة الحديث راجع ما ألقيناه تحت عنوان ( علي منّي وأنا منه ) .

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء – صفحة 4

ولتوضيح ذلك نقول : هناك طائفة من البشر يعتنقون المسيحية ، وطائفة أخرى يعتنقون اليهودية ، ويزعمون أنّها المسيحية التي جاء بها عيسى ، واليهودية التي أنزلت على موسى (عليهما السّلام) ، ولكنّ الواقع يشهد على أنّ المسيحية واليهودية الموجودة الآن لا تشكّل أكثر من 5% ممّا كانت عليه عند موسى وعيسى (عليهما السّلام) ، بل لعلّه أقل من هذه النسبة .
وليس الكلام ـ في مقامنا هذا ـ في اسم المسيحية واليهودية وبعض الأمور الاعتقادية الضئيلة والقليلة والأحكام المتفرّعة على ذلك ، وإنّما الكلام في الطابع العام لهذا الدين أو ذاك ، فالطابع العام لليهودية والمسيحية الموجودتان الآن لا يمتّ بصلة إلى المسيحية واليهودية التي جاء بها عيسى وموسى (عليهما السّلام) ، لا في الاعتقاد ، ولا في الطقوس العبادية .
أمّا الإسلام الآن ـ الموجود لدى المذاهب الإسلامية ـ طابعه العام ينطبق مع الإسلام الذي جاء به الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) .
نعم ، لا ينطبق عليه بحذافيره ، ولكنّه في الأعم الأغلب وفي أكثر الأحكام يتطابق معه ، فما عند المسلمين اليوم بكافّة فرقهم كثير منه مؤسس من قبل الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) .
وهذه حقيقة واضحة لا يمكن التغافل والغفلة عنها وهو سرّ خلود الإسلام

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء – صفحة 5

إلى يوم القيامة ، فهو خالد بهذه الفرق الإسلامية التي تشكّل بمجوعها 50% إلى 70% تقريباً(1) من الدين الذي جاء به النبي الأُمّي (صلّى الله عليه وآله) ، وخالد على نحو الحقيقة والواقعية بتلك الطائفة التي لا تزال على الحق ، وظاهرة به إلى يوم القيامة(2) ، والتي تشكّل الإسلام والإيمان صورة وقالباً .

ـــــــــــــــــــــــ
(1) وهذا بفضل الحسين (عليه السّلام) ولولاه ـ كما سيأتي ذكره ـ لكان شأن هذه المذاهب شأن المذاهب المسيحية لا تشكّل من دين المسيح (عليه السّلام) إلاّ الاسم ودعوى الانتساب .
(2) ففي الحديث المستفيض (( لا تزال طائفة من أُمّتي يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )) ، راجع : صحيح البخاري 4 /253 كتاب المناقب باب 28 ، صحيح مسلم 1 / 137 كتاب الإيمان باب نزول عيسى (عليه السّلام) ، صحيح سنن أبي داود ـ للألباني 2 / 471 ، صحيح سنن ابن ماجه ـ للألباني 1 / 6 ، سنن الترمذي 4 / 485 ، صحيح سنن النسائي ـ للألباني 2 / 756 ، سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ للألباني 4 / 571 .
وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند عن جابر ، وأبي أُمامة ، وثوبان ، وزيد بن أرقم ، ومعاوية بن قرّة ، وجابر بن سمرة ، وأبي هريرة ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومسلمة ، والمغيرة ، وعمران بن الحصين ، راجع المسند 2 / 321 ، 340 ، 379 ، 5 / 345 ، 384 ، 4 / 93 ، 97 ، 99 ، 101 ، 104 ، 244 ، 248 ، 252 ، 369 ، 429 ، 434 ، 437 ، 5 / 34 ، 35 ، 92 ، 94 ، 98 ، 103 ، 105 ، 106 ، 108 ، 269 ، 278 ، 279 .
وفي بعض الروايات : (( ناس من أُمّتي )) ، وبعضها الآخر كما في صحيح البخاري : (( أُمّة قائمة بأمر الله لا يضرّهم مَنْ خذلهم ، ولا مَنْ خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك )) ، وفي بعضها الثالث : (( لن يبرح الدين قائماً ، يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة )) ، ( والطائفة ، والعصابة ، والأُمّة ، وناس ) فيها دلالة على أنّ الدين لا يزال قائماً بفئة قليلة من الناس لا بالأغلبية من المسلمين .

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء – صفحة 6

إذا عرفت ذلك نقول : لولا الإمام الحسين (عليه السّلام) لكان إسلام بقيّة المذاهب والفرق إسلاماً طابعه العام لا يتلاءم مع الإسلام الواقعي والحقيقي الذي جاء به الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، بل ليس له من الإسلام الواقعي إلاّ الاسم وزعم الانتساب ، كما هو شأن اليهودية والمسيحية .

الإسلام محمدي الوجود … حسيني البقاء – صفحة 7

شاهد أيضاً

ما بعد تطبيق AppCloud : العدو “الإسرائيلي” والسيادة الرقمية المفقودة في العالم العربي

2025-10-25  القضية ليست في تطبيق واحد مخفي داخل هواتفنا بل في منظومة كاملة من النفوذ ...