الوقت – عشية الذكرى الخامسة والثلاثين لوفاة الإمام الخميني (رحمه الله)، المؤسس العظيم للثورة الإسلامية في إيران، تستعد إيران الإسلامية لإقامة أكبر حفل لتکريم ذلك الإمام.
ولهذا الغرض، ذهبت العديد من الشرائح المختلفة من الشعب من جميع أنحاء البلاد إلى مرقد الإمام، لتجديد عهدهم مرةً أخرى مع المُثُل السامية لإمام الأمة.
إن العلم الذي رفعه الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني (رحمه الله) منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية، أصبح بصيص أمل للعديد من الشعوب المضطهدة من النظام الظالم الواقع تحت سيطرة القوى العظمى من الشرق والغرب.
وأصبح النظام الإسلامي المنبثق من أفكار الإمام الإلهية والدينية، مع الجو النقي الذي نشره على الساحة الإقليمية والدولية، مصدراً للعديد من الحركات والتطورات الجديدة. والآن، وبعد مرور 35 عاماً على وفاة المهندس العظيم للثورة الإسلامية، وصلت إيران إلى مستوى من القوة والصلابة بحيث أصبحت ثقلاً حاسماً في عملية المعادلات العالمية المعقدة.
من أروع الساحات لظهور العقيدة الدينية والقومية لسحق الظلم التاريخي ضد المسلمين، والتي كانت في الوقت نفسه محور آراء وأفكار الإمام الخميني فيما يتعلق بمواجهة المجتمعات الإسلامية مع نظام الهيمنة والغطرسة العالمية، كانت قضية فلسطين.
ومن المؤكد أن ذكرى رحيل الإمام الخميني(رحمه الله) هذا العام، بعد أحداث طوفان الأقصى والانتصارات الكبيرة التي حققها الشعب الفلسطيني على الکيان الصهيوني، لها أجواء مختلفة لدى محبي مُثُل الإمام الخميني (رحمه الله). حيث يمكن للمرء أن يشهد مرةً أخرى تحقيق الوعود الإلهية للإمام فيما يتعلق بالتحرير النهائي لفلسطين، وتدمير الورم السرطاني المتمثل في “إسرائيل”، وانتصار الحق نهائياً على الظلام.
وكان الإمام الخميني خلال صراعه مع نظام الطاغوت وقبل سنوات من انتصار الثورة الإسلامية، يتحدث دائماً عن ضرورة أن تهتم الدول الإسلامية بمعاناة وآلام الشعب الفلسطيني، ووحدة هذه الحكومات للقضاء على الكيان الصهيوني.
وخلال العقود الأربعة الماضية، وصلت الجماعات الفلسطينية المسلحة من الأسلحة البدائية وانتفاضة الحجارة، إلى مرحلة اكتساب المعرفة بصناعة الصواريخ والمعدات العسكرية المتطورة، والتي تستهدف أيضًا، بالإضافة إلى الدبابات وناقلات الجند، عمق مدن الأراضي المحتلة.
إن قوة الإيمان والثقة بالنفس التي غرسها الإمام الخميني في الشباب الإيراني، للاعتماد على أنفسهم للانتصار في 8 سنوات من الحرب غير المتكافئة مع النظام البعثي والوقوف شامخين في مواجهة القوة العظمى في العالم وتنفيذ “الوعد الصادق”، كان لها نفس الأثر والبصمة لدى الشباب الفلسطيني.
کما أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران لم يضخ دماءً جديدةً في عروق النضال التاريخي للشعب الفلسطيني فحسب، بل جعل المسلمين يستيقظون من سباتهم، وعودة القضية الفلسطينية إلى سياق التطورات الإقليمية والعربية، وانفضاح الصهاينة وتشويه الرواية الصهيونية السائدة للتطورات في فلسطين على مستوى الرأي العام العالمي، فضلاً عن بداية التدرج التدريجي لعملية انهيار الکيان الإسرائيلي.
ومن الإجراءات التاريخية، بل والتحفة الاستراتيجية للإمام الخميني، في دعم فلسطين، کانت تسمية الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بـ “يوم القدس”، والذي يعتبر الآن حدثاً معروفاً ليس فقط في الجغرافيا العربية والإسلامية، بل في جميع أنحاء العالم.
وفي الواقع، إن طوفان الأقصى ومن ثم حرب السبعة أشهر في غزة، بالإضافة إلى إلحاق هزيمة عسكرية وأمنية فادحة بالکيان الصهيوني، قلبت الأجواء العالمية لصالح الشعب الفلسطيني على الساحة السياسية والدعائية. والآن، باستثناء حفنة من القوى الغربية المتغطرسة والمكروهة في العالم، لا يجد الصهاينة أي دعم حولهم، وهم غارقون في عزلة تاريخية غير مسبوقة.
إن الأصوات الحاسمة في محافل مثل محكمة لاهاي والجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الشعب الفلسطيني، تشير إلى بزوغ حقبة جديدة في مجال التطورات الفلسطينية.
فمن كان يظن أنه في يوم من الأيام سوف تمتلئ شوارع وجامعات الدول الغربية بالمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، والذين سيهتفون بشعار التحرير الكامل لفلسطين والتدمير الكامل للکيان الصهيوني.
ولذلك، ونظراً لإنجازات وثمار عملية طوفان الأقصى الكبيرة في طريق تحرير القدس الشريف من الاحتلال الصهيوني، ينبغي اعتبار هذا الحدث نقطةً مفصليةً في النهج السياسي والنضالي للمقاومة الفلسطينية المبنية على نهج وأفكار الإمام الخميني.
وكما قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في نيسان/أبريل من هذا العام: “في هذا اليوم العظيم، نستذكر الإمام الخميني (رحمه الله) الذي جعل من القدس عماداً للثورة والمقاومة. إنه هدف سام وجديد للأمة الإسلامية الأبية. فقد أسّس يوم القدس”.